الخميس، 28 فبراير 2013

فن الفسيفساء يتألق في الجزائر


 فن الفسيفساء يتألق في الجزائر 
بقلم : بشير خلف
فن قديم ثمّنته الحضارة الإسلامية ..
من جديد يأخذ مكانته في حياتنا المعاصرة
الفسيفساء هي أحد أقدم الفنون التصويرية .هي كلمة قديمة، وهي المعروفة الآن بالموزاييك أو الجداريات، ولها مسميات عدة، وهي عبارة عن سيراميك، أو بلاط صغير جدا يوضع على الرسوم لتكون تحفة جمالية رائعة.ويتم تشكيل اللوحة الفسيفسائية عادة من انتظام عدد كبير من القطع الصغيرة.

وعادة ما تكون ملونة كي تُـكوّن بمجملها صورة تمثل مناظر طبيعية، أو أشكالا هندسية، أو لوحات بشرية، أو حيوانية من الرخام أو الزجاج أو القرميد أو البلور أو الصدف .. هو باختصار حجر ناطق يروي حكايات الماضي العتيق..أو في شكل لوحات جمالية رائعة في تدخل في المباني، وحتى أدوات الطبخ، والأثاث المنزلي، وغيرها.
تألق  أثناء الحضارة الإسلامية
اما العصر الذهبي للفسيفساء فكان العصر البيزنطي لأنهم ادخلوا في صناعته الزجاج والمعادن. ثم أبدع فيه المسلمون وهم أخذوه من حضارات سبقتهم لكنهم طوروا هذا الفن، وتفننوا فيه و صنعوا منه أشكالاً رائعة جداً في المساجد من خلال المآذن والقباب، وكذا في القصور والنوافير والأحواض المائية ؛ حيث هذا الفن الراقي يعطينا خلفية واضحة عن تجليات الحضارة الإسلامية في عصورها المزدهرة.

جماليته وروعته جعلاه  يظهر من جديد
….لكن هذا الفن العريق عاد للظهور من جديد بصورة حديثة تواكب العصر، ولعل أبرز ما دفع الناس للعودة إليه هو روعة هذا الفن فضلاً عن البحث دائماً عن التجديد في مناجم التراث القديم والحضارات القديمة … و التي مهما تطورنا وتقدمنا نحب بل نجبر أحياناً للعودة إليها …. إذ ظهر ويظهر فن الفسيفساء في المنازل، والقصور، والأسواق الحديثة، في أحواض السباحة، في الحمامات، وفي أشكال رائعة من اللوحات الجدارية الضخمة.
 الفنانون التشكيليون الجزائريون يُعيدون
له الاعتبار في الجزائر
   وحتى يُعاد الاعتبار لهذا الفن الراقي بالجزائر يُقام معرض خاص به يشارك فيه 55 فنانا جزائريا ، وتُعرض فيه 450 لوحة فنية فسيفسائية ؛ حيث يتواصل المعرض برواق المركز النجاري " زمزم" بسيدي يحيى بحيدرة، المعرض الوطني الأول ”فسيفساء” لبيع وعرض اللوحات التشكيلية، الذي تنظمه وكالة ”فوروم تور”، إلى غاية 19 سبتمبر، وهذا لإعطاء فرصة أكثـر للجمهور للتعرّف عن الفن التشكيلي الجزائري في سهرات رمضانية ترسم جمالها ريشة أهم المبدعين التشكيليين الجزائريين.

يتواصل برواق المركز التجاري ”زمزم” بسيدي وسط العشرات من المحلات التي تبيع كل ما يشتهي الإنسان من مقتنيات مادية، ارتأت السيدة لوبار نوارة رئيسة وكالة ”فوروم للسياحة والأسفار”، أن تضيف لمسة فنية على الديكور العام لحي سيدي يحيى بحيدرة، وتكسر الجمود الثقافي وتضيف مسحة من الذوق الفني، عن طريق المبادرة ولأول مرة بعرض وبيع حوالي 400 لوحة تشكيلية، لأكثر من 50 فنانا جزائريا، جاؤوا من مختلف مناطق الوطن، القليل منهم يعرفهم الجمهور الجزائري، رغم ما يتمتعون به من ذوق عال وتقنيات عالمية في الرسم التشكيلي والنحت.

فن متغلغل في حياتنا المعاصرة..الجهل
به جعل الإقبال على المعرض محدودا
وبالرغم من أهمية الحدث الأول من نوعه في مجال الفن التشكيلي، إلا أن الإقبال عليه بقي محدودا واقتصر على النخبة من المجتمع، سواء فنانين أو مثقفين وإعلاميين ورجال الأعمال الأجانب وسفراء وزوجات السفراء، بينما غاب المواطن الجزائري، حتى ذلك الذي يملك المال لشراء كل المعرض، رغم القيمة الفنية العالية للأعمال المعروضة، التي تنوعت بين المنمنمات والتجريد والألوان المائية وكذلك المجسمات وفن الخزف والمنحوتات، بريشة أسماء غير معروفة وأخرى شهيرة، على غرار هاشمي أعمار وموسى بوردين وصلاح هيون ونور الدين شقران ونور الدين بلهاشمي وغيرهم. ورغم أن المعرض لم يغطّ حتى 30 بالمائة من تكاليفه ولم يتم بيع إلا 20 بالمائة من المعروضات،.
لم يحبط ذلك السيدة نورة، بل زادها عزما على مواصلة هذا النشاط، وسط تنامي النزعة المادية للفرد الجزائري وابتعاده عن الجماليات، كما أبدت رغبتها في تعميمه على باقي ولايات الجزائر، بل تتطلّع إلى نقله خارج الوطن، للتعريف أكثر بالفن الجزائري، خاصة إذا لقيت الدعم الكامل من السلطات والتمويل الضروري سواء من المؤسسات الرسمية للدولة أو حتى من الخواص.

تقول نورة التي موّلت المشروع بمالها الخاص، بأنها تسعى إلى 
”تكريس ثقافة الفن والجمال خاصة لدى الأطفال، والاطلاع على ما تبدعه أنامل الجزائريين، بالإضافة إلى تشجيع واكتشاف الإبداعات الشابة في هذا المجال”، كما أن المعرض فرصة لهواة وعشاق الفن التشكيلي للتشبع به في ليالي رمضان.
من أهداف المعرض تعارف الفنانين الجزائريين
في هذا الفن وتدعيم التواصل بينهم

كما يهدف المعرض إلى التعريف بالفنانين الجزائريين وخلق فضاء للتواصل فيما بينهم، وتبادل الأفكار والخبرات، ونشر ثقافة اقتناء العمل الفني الإبداعي وتقريب المواطن من الإبداع الجزائري المحلي، بالإضافة إلى الدفع بالأعمال الجديدة إلى الواجهة وتقييمها فنيا وماديا. وقد عبّرت لوبار نوارة عن ارتياحها لأنها حققت احد أحلامها، متمنية أن يصبح تقليدا دائما في الجزائر، حتى تكون للفنان فرصة للربح المادي وتقييم عمله، كما عبر الفنانون المشاركون عن أهمية تعميم المبادرة، لأنه حان الوقت حسب رأيهم للارتقاء بالحسّ الجمالي والفني للمواطن الجزائري.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...