الاثنين، 25 فبراير 2013

ولاية الوادي تحلّ ضيفة على ولاية النعامة


ولاية الوادي تحلّ ضيفة على ولاية النعامة
بقلم: بشير خلف
          ولاية النعامة إحدى ولايات الجزائر، تقع في الشّمال الغربي من الجزائر على الحدود مع المغرب. تشكل النعامة مدخلاًً للجنوب الغربي الجزائري، وهذا يمنحها تنوعًا جغرافيًا استثنائيًا. ولاية النعامة تمر عليها سلسلة الأطلس الصحراوي مع أقصى قمة في جبل المكفر بارتفاع (2200 متر).
         ولاية رعوية بالدرجة الأولى غير أن مساحات كبيرة من أراضيها خصبة وتتوفر على المياه بدون زراعة، يراها الناظر ممتدة مكسوة بالاخضرار، لكن لا حركة فيها للإنسان..تتعجب مثلا، وأنت تقطع المسافة ذات السبعين كلم بين مدينتي العين الصفراء، ومدينة النعامة (عاصمة الولاية) ..مساحة خضراء منبسطة على جانبي الطريق تنادي الإنسان كي يتماهى بها كي تنتج الخير..قد تلتقط عيناك رقعة صغيرة محدودة زُرعت قمحا أو شعيرا..بإمكان هذه الولاية أن تصبح منطقة فلاحية متميزة.
       تعتبر النعامة منطقة ثرية بالمآثر التاريخية، والكنوز التراثية سيّما منطقتي العين الصفراء والمشرية..منطقة جزائرية مهمة تزخر بالعديد من الشخصيات التاريخية المقاومة  منذ الغزو الفرنسي للجزائر، منطقة سجّلت بطولاتها بأحرف من ذهب سواء أثناء المقاومات الشعبية، وتتصدرها ثورة الشيخ بوعمامة في المنطقة، أم خلال الثورة التحريرية المباركة؛ كما تزخر الولاية وبخاصة في مدينتي المشرية والعين الصفراء بالكتاب والمفكرين الجزائريين النشطين وباللغتين..ولاية سياحية بالدرجة الأولى لِما تحوزه من كنوز تاريخية وتراثية .
 
 
عاصمة الولاية " النعّامة"
          بلدة صغيرة حديثة العهد بالنشوء، حاليا في طريق التوسّع أنشئت بفعل التقسيم الإداري 1984 مدينة إدارية أكثر ممّا هي مدينة تحمل تيمات عبْــق التاريخ وبصمات الإنسان ..بنايات حديثة ذات أشكال تكعيبية يقطعها شارع رئيسي واحد من الشمال إلى الجنوب. يتناسل منه الطريق الوطني العابر لجنوب الصحراء في اتجاه ولاية بشار..قد تكون مدينة استراتيجية ذات أهمية اقتصادية إذا ما أُعطيت أهمية للفلاحة، والصناعات الغذائية التحويلية.
 
 
الأسبوع الثقافي لولاية الوادي
         حلّت ولاية الوادي بوادييْها وادي سُوفْ، ووادي ريغ من خلال أسبوعها الثقافي ضيفة على ولاية  النعامة في الفترة الممتدة ما بين يومي السبت والخميس الموافقين لـ :11/ 05 إلى 17 /05 / 2012، كان استقبال الوفد الثقافي لولاية الوادي يوم السبت 11/05 /2012 استقبالا مميّزا من طرف القطاع الثقافي وبخاصة من طرف الأستاذ عبد الجبار بلحسن مدير الثقافة والأستاذ محافظ المهرجان الثقافي المحلي للفنون والثقافات الشعبية عبد الواحد..عبد الواحد بمدينة النعامة، كما كانت الإقامة للوفـــــــــد جيّدة في الفندق السياحي" المكثر" المعروف بمدينة العين الصفراء التاريخية السياحية.
         كان الافتتاح مساء يوم الأحد 12 ماي بدار الثقافة بعاصمة الولاية بحضور السيد والي ولاية النعامة والوفد الرسمي المرافق له بحضور العديد من الوجوه الثقافية والفنية والأدبية من الولايتين، وقد طاف الجميع بما عرضته ولاية الوادي من :
ـ معرض الصناعات التقليدية.
ـ معرض اللباس التقليدي.
ـ معرض الصور الفوتوغرافية.
ـ معرض الأكلات الشعبية.
ـ معرض الفنون التشكيلية.
ـ معرض اللوحات الكبيرة  التعريفية التي انتصبت في مدخل دار الثقافة تعرّف بالموروث الغنائي لمنطقة سُوفْ كـ " الزرنة" و" النخ" و" إيقاع الأغنية السوفية" وبربوع ولاية الوادي تاريخيا، وثقافيا، وحضاريا، واقتصاديا.
ـ معرض الإصدارات ، والذي كان ثريا وتكوّن من جناحيْن:
1 ـ إصدارات مديرية الثقافة بولاية الوادي
2 ـ إصدارات دار الثقافة بالوادي
 
 
فقرة الافتتاح
      حملت وقائع افتتاح هذه التظاهرة الثقافية في ساحة دار الثقافة بالنعامة طبوعا غنائية متنوعة تعكس تراث مدينة الألف قبة بإبداعات فرقها الفولكلورية التي تفننت بلباسها التقليدي المميز في عزف آلاتها المحلية، وأداء حركاتها الراقصة.
      وشاركت في هذا الحفل فرقة "المزود" التي حملت لجمهور النعامة طابعا غنائيا تمتاز به منطقة وادي ريغ تستعمل فيه آلة عزف إيقاعية تقليدية تعرف ب"الشكوة" الى جانب عروض فلكلورية ورقصات شعبية منها "الزقايري" و"الزندال" أدتها فرقتا سيدي عون و الرداسي بأنغام الزرنة و القرقابو من منطقة سوفْ التي امتزجت بطلقات البارود وزغاريد النساء.
       حــفْل الافتتاح  الذي كان بدار الثقافة بالنعّامة تميّز بكلمات الترحيب،وتثمين مثل هذه اللقاءات الثقافية ما بين ولايات الوطن للتعريف بالموروث الثقافي، وكذا اتصال الأجيال ببعضها، والحرص على انصهار الموروث الثقافي خدمة للثقافة الجزائرية الواحدة وترسيخا لهُويّتها..كلمات كانت من الأستاذ محمد حمدي محافظ المهرجان الثقافي المحلي للفنون والثقافات الشعبية بدار الثقافة بالوادي، والأستاذ عبد الواحد..عبد الواحد محافظ المهرجان الثقافي المحلي للفنون والثقافات الشعبية  بدار الثقافة بالنعامة..والي ولاية النعامة في كلمته أشاد بولاية الوادي وبموروثها الثقافي وبزخمها المعرفي،حيث  ثمّن مثل هذه اللقاءات قبل أن يعلن عن افتتاح الأسبوع الثقافي..
          إثرها أمتع الحضورَ شبابُ فرقة الأمل بوصلات موسيقية ذات إيقاع سوفي ..كما أمتع الفنان تابعي خالد الجميع ببعض أغانيه الجميلة رفقة الفرقة..كان افتتاحا جميلا تميّز بالتنظيم.
       كما تمتع الحضور في هذه الجلسة بسماع الكلم الجميل من الشعر الفصيح للشاعرين فريد مخلوفي، والبشير المثردي ، ومن الشعر الملحون للشاعر فوتح المولدي والشاعرة دهنون مباركة.
 
 
الخيمة الأدبية
        أعدّ الوفد الثقافي لولاية الوادي خيمة كبيرة في ساحة دار الثقافة بمدينة النعامة منذ اليوم الأول..خيمة جميلة جلّلتها أباريق الشاي الأخضر المنعنع والمعد باحترافية ..إلاّ أن مرتادي الخيمة ما كانوا إلاّ من أعضاء الوفد، وكأن مواطني بل ( متساكني) مدينة النعامة وكأنهم مقاطعون للثقافة وأهلها..حتى الأمسية الأدبية التي كانت مبرمجة ليوم الثلاثاء 15 ماي أُلغيت لغياب الجمهور ومثقفي ولاية النعامة ، لا لقلة المثقفين والمبدعين، ولكن الإشكالية في أن هؤلاء يقطنون بعيدا عن مقر الولاية..مدينة المشرية تزخر بقامات إبداعية شعرية وباحثين وتشكيليين ،كما أن مدينة العين الصفراء تزخر بقامات إبداعية في السرد وباحثين وتشكيليين، فالولاية حظيت بالشعر والبحث التاريخي والتشكيل في المشرية، كما حظيت بالسرد والبحث والتشكيل في العين الصفراء، إضافة لهذا فئة مثقفة بالفرنسية منتجة ومبدعة، وفئة أخرى تكتب باللغة الفرنسية والعربية ..هذه القامات الفكرية مجتمعة تصنع المشهد الثقافي في ولاية النعامة بكل امتياز ..لكن وبتأثير بعد المسافة بين مدينة المشرية والعين الصفراء (100 كلم) وبين عاصمة الولاية التي تبعد عن المشرية ب 30 كلم، والعين الصفراء ب 70 كلم صعُب على الجميع تفعيل المشهد الثقافي بمدينة النعامة..وما يجمع هؤلاء ليس الأسابيع الثقافية إنما ما تنظمه الجمعيات الثقافية في المنطقة كالجمعية الثقافية الولائية " صافية كتو" على سبيل المثال.
 
 
العروض المسرحية والموسيقية
         أبدعت فرقة الأستاذ راشدي محمد السعيد بجامعة في تقديم مسرحيتين إحداهما للأطفال بعنوان" الشاب المحظوظ" بدار الثقافة يوم الثلاثاء 15 ماي والثاني للكبار قدمت بمدينة المشرية يوم 16 ماي ..مسرحيتان تحملان من القيم والأخلقة، والأنسنة  الكثير ..هذه الفرقة التي شاركت في العديد من المناسبات وخارجها أثبتت كفاءة أعضائها..إنها فرقة واعدة.
      بالمركز الثقافي بمدينة العين الصفراء نظم وفد الوادي حفلة موسيقية غنائية سبقتها أمام المركز رقصات فلكلورية، وطلقات للبارود لفرقة " الزقايري" تجمهر حولها عدد كبير من سكان المدينة.
.الحفلة الموسيقية تضمنت وصلات موسيقية في البداية ثم بمجموعة من الأغاني السوفية تجاوب معها الحضور الذين غصّت بهم قاعة المركز أداها كل من الفنانين : مقدود، خالد تابعي، شواكري عبد الحميد لتكون الحلقة الأخيرة للفنان الشاعر المطرب فريد مخلوفي الذي أطرب الجميع بصوته الشجي، وبألحانه الطربية التي أرفقها بالعزف على عوده.
 
 
السمر الموسيقي
        في فندق " المكثر " السياحي بمدينة العين الصفراء الذي يتكئ على جبل المكثر الشامخ والمتشح اخضرارا، والذي تنبع من سفوحه  مياه عذبة رقراقة ذات مفعول شفائي لداء الكلا ..هذه المياه التي يأتي السكان منذ الصباح الباكر بدلاهم يقتنونها ..مياه تتسرب من تحت الرمال الذهبية التي تشكلت عبر السنوات،، وفصلت بين الجبل والفندق مشكلة بحيرات جميلة ومناظر تخلب الألباب ..جبل شامخ مجلل بالاخضرار وأمامه جبل رملي ذهبي وتحته بحيرات تعجّ بالمائيات وعلى جانبيها أشجار شامخة  تجذّرت في الرمال الذهبية
 
..في هذا الفندق الجميل الذي تحيط به مكونات الطبيعة الجميلة ،وبمحاذاة مسبحها المليء ماء لازورديا يحلو السهر..يصدح بالكلم الطيب الشاعر البشير المثردي، ويتغنى باللحن الجميل شواكر عبد الحفيظ، وخالد تابعي، ويطرب الأسماع بالصوت الشجي الشاعر الفنان والعازف فريد مخلوفي..يطول السمر ويُطرب السمّار ويأبوا إلاّ أن يستمروا في سمرهم ، وكأنهم في تماهٍ ووفاق مع الشاعر الملهم عمر الخيام:
فما أطال النوم عمرا ** ولا قصّر في الليالي طولُ السهر
 
إذاعة النعامة ..واحة الإبداع
       استضافة إذاعة النعامة نخبة من المبدعين والفنانين طوال نصف يوم الأربعاء 16 ماي في لقاء بثٍّ مباشر ما بين إذاعتي النعامة وإذاعة الوادي ..كان لقاء جميلا جدا تم التعرض فيه إلى الحراك الثقافي والإبداعي والمسرحي والفني بولاية الوادي ، حيث تعرّف سكان ولاية النعامة عبْر الأثير عن المشهد الثقافي لولاية الوادي.
      كما استضاف المنشطة المبدعة السيدة وهيبة مباركي في برنامجها " نادي الإبداع الأدبي والفني " لمدة ساعة كاملة الشاعر الفنان الموسيقي فريد مخلوفي، والكاتب القاص بشير خلف ..وأبدعت المنشطة في إدارة الحصة وطرح الأسئلة حول المسار الأدبي والفني لكلا الكاتبين ..ثم خصصت لقاء ثانيا ولمدة ساعة للشاعر المبدع البشير المثردي والشاعرة دهنون مباركة.
      ما لفت نظرنا أن إذاعة النعامة ذات تجهيزات تقنية رقمية متطورة، وطاقم إذاعي شاب، ومنه عناصر مثقفة، وذات ذوق فني وإبداعي راقٍ جدا يُحسن تسيير الحصص الثقافية والإبداعية بتلقائية تدفع الضيف إلى التحدث بحميمية ، بل يبدع ..وهذا هو الإعلام الثقافي الحق.
 
 الرحلة السياحية
 
         ولاية النعامة ولاية سياحية بامتياز..حيث صارت محل اهتمام السياح الوطنيين ، والأجانب ، إذْ تتميز بمناظر رائعة من جبال صخرية ،وكثبان رملية لها عدة صبغات تتغير بالتغيرات القوية للضوء على امتداد طول النهار ،كما تتزين السهول العليا بكثرة نقاط الماء من بحيرات، وسبخات، وكذا بجبال صخرية ذات ألوان سحرية سيّما في منطقة " تيوت" وفي أقصى جنوبها  توجد جبال القصور الشامخة التي ترتدي قممُها ثوبا ناصع البياض من الثلج لعدة أشهر، وهو ما أثار انتباه ذوي الاختصاص لجعلها قطبا سياحيا هاما.
          ويتنوع المنتوج السياحي بولاية النعامة من نقوش صخرية، وقصور ومتحجرات ووعدات، حمام عين ورقة المعدني بالإضافة إلى الصناعات التقليدية، والأكلات الشعبية، يعود تاريخ اكتشاف النقوش الصخرية والتي تعتبر من روائع الفن البدائي العالمي إلى 25 أفريل 1847 من طرف المستعمر الفرنسي وكان أول هذه الاكتشافات هي جدارية منقوشة موجودة بتيوت، وفي نفس السنة اكتشفت النقوش الصخرية في الأطلس الصحراوي.
       خُصّص يوم الخميس لجولة سياحية استفاد منها وفدنا..الوفد الثقافي لولاية الوادي، وكانت المفاجأة أن الجزء الأول والهامّ منها كان لمنطقة " مغرار" حيث يوجد متحف بطل  المقاومة الشعبية والفارس المغوار الذي قاوم الاستعمار، وأذاقه الويل الشيخ بوعمامة..منطقة تحكي البطولات والأمجاد، كل شبر منها مضمخ بدماء البطولة ..بطولة لم تهدأ إلاّ برحيل المستعمر سنة 1962 .
     يمثل قصر مغرار، وقلعة الشيخ بوعمامة المنتصبان بولاية النعامة ذاكرة المقاومة الشعبية في بلد واجه أبناؤه على مدار أكثر من قرن ونيف الاستعمار الفرنسي، وتمّ تحويل هذين الموقعين المتجاورين إلى متحف أثري ،وفضاء مفتوح للاستراحة والاستكشاف بجانب دار للضيافة حتى يتسنى استقطاب السياح، وإتاحة الفرصة للزوار من أجل الغوص في تاريخ المنطقة ،والتعريف بالهندسة المعمارية القديمة، والحرف التقليدية المميزة لنمط حياة السكان القدامى بقصور جبال الأطلس الصحراوي الغربي.
       وتتسم القلعة التي تحمل اسم "الشيخ بوعمامة" (1838 - 1908) وهو أحد أكبر أبطال المقاومة الشعبية في الجزائر، بنظامها الدفاعي، وأبراجها الحربية المصممة للرصد والشامخة في وجه قساوة المناخ وتغيرات الطبيعة، وتتميز القلعة أيضا بطابعها الهندسي الهرمي المستوحى من الطراز المعماري المحلي، ما يجعلها تجذب إليها أنظار آلاف الزوار كل عام، وتتوفر القلعة على نحو 34 برجا للمراقبة وأطلال سور كبير وثلاثة مداخل رئيسية، ومنارة لمسجد عتيق شيد بالمنطقة قبل ستة قرون خلت، إضافة إلى بقايا ورشة لصناعة أدوات حربية وذخيرة، ومطمورات لتخزين المؤونة.
       ويقول الخبير "زكي شتوح" أنّه جرى الاعتماد في بناء قلعة بوعمامة في بنائها على مادة الجبس التقليدية نظرا لتوفرها في المنطقة، مع العلم أن قبة القلعة المبنية من الجبس وسط المدخل الرئيس للمتحف الحالي، وهي أيضا تحفة معمارية في غاية من الدقة والجمال، ويلحظ الزائر للمكان قوة تماسك جزئيات القلعة خاصة في جدرانها الخارجية التي يبلغ عرض القطعة بها حوالى المترين.
       هذه القلعة الشامخة ببيوتها، وردهاتها، ورواقاتها ، ومكوناتها الكثيرة التي منها بعض الأسلحة التي كانت بين أيدي البطل بوعمامة، ورفاقه، وهكذا مخطوطات تاريخية نادرة تتعلق بمراسلات البطل مع السلطات الاستعمارية، أو مع رفاقه، أو مع رؤساء القبائل حظينا برؤيتها، والاطلاع عليها، وممّا ساعدنا على الاطلاع على الكبيرة والصغيرة أحد الشيوخ العارفين من المنطقة..
      الجزء الثاني من الرحلة السياحية كان لمنطقة" تيوت" فكانت  الزيارة للقصور التي سكنها الإنسان ولا يزال في البعض منها تنبئ عن مدى ارتباط الإنسان التيوتي بأرضه، وتراث منْ سبقوه ..
عمارة صحراوية أصيلة تتميز بخصوصية المنطقة من حيث مراعاة الظروف المناخية، والتحكم في برودة المنزل، وتدفئته، وتنوع الغرف، وتقنية الإضاءة، كما أن هذه القصور المنجزة بمواد البناء المحلية المطلة على بساتين النخيل والأشجار المثمرة، والمساحات الخضراء جعلتها غير مهجورة
كما هو الحال في بعض المناطق الشبيهة.. منطقة غنية بالصخور التي حُفرت على أديمها العديد من الرسوم والخطوط التي دوّن بها الإنسان القديم ما قبل الألفي سنة وما ينيف قبل الميلاد يومياته، ومكونات حياته، ونشاطه..كما توجد بالمنطقة هياكل عظمية لهذا الإنسان لا تزال على حاله..ثروة من التراث التاريخي والثقافي إنْ لم يُلتفتْ لها بجدٍّ ستندثر وتخسر بلادنا كنزا من تاريخها، وهُويّتها.
 
 
مع المثقفين
         تزخر ولاية النعامة بنخبة متميزة من المثقفين ذوي المستوى المعرفي الراقي، وتواجدا في الساحة الثقافية الوطنية إنْ في الإبداع الشعري، أو في الإبداع السردي، وإنْ في الفن التشكيلي، والترجمة، والبحوث التاريخية في المدينتيْن الرئيستيْن بالولاية: المشرية والعين الصفراء..حظي وفد الوادي الثقافي بعدة جلسات مع هذه النخبة في الهواء الطلق بمدينة العين الصفراء،
ومن خلال استضافة الوفد من طرف الجمعية الثقافية الولائية " صافية كتو" التي يرأسها الكاتب القاص ضيف الله عبد القادر في جلسة سمر جميلة بمنزله العائلي..وممّا لفت نظرنا وجود كوكبة من المثقفين الباحثين والكُتّاب باللغة الفرنسية ، وممّن يكتبون باللغتيْن وبامتياز ..كل هذه النخبة التي تكتب بالسياقات الثلاث تتواجد شبه يوم في جلسات فكرية وأدبية، وتحرص على تحريك المشهد الثقافي دون حساسية.
 
 
إيزابيل إبراهاردت
     أغلب أعضاء الوفد زاروا قبر الرحّالة الكاتبة الإعلامية إيزابيل إبراهاردت التي قضت جزءا من عمرها في مدينة الوادي، وتزوجت من سليمان هني من بلدة حساني عبد الكريم بالوادي..وصلت إلى الوادي لأول مرة يوم 04 أوت 1899 ، وكانت تتحرك تحت اسم مستعار هو " محمود السعدي" برغبة الإقامة الدائمة لانبهارها بطبيعة المنطقة السوفية، وجمال عمرانها، وحسن أخلاق أهلها، وهي التي أطلقت على مدينة الوادي " مدينة ألف قبة وقبة".
 
وفي سبتمبر 1903 توجهت إيزابيل نحو عاصمة الجنوب الغربي الجزائري الأوسط " العين الصفراء" كمراسلة صحفية، مرتدية بدلة الفارس العربي، وباسم مستعار هو " سي محمود" ..توفيت سنة 1904 بفعل الفيضان العنيف الذي اجتاح المدينة..تركت العديد من المؤلفات الفكرية والأدبية، تواجدها في مدينتي الوادي، والعين الصفراء أدّى بأن يهتم مثقفو المدينتين بآثارها من هؤلاء الأستاذ بوداوود عُمير في مدينة العين الصفراء، والأستاذ ميهي عبد القادر من مدينة الوادي.
 
 
اختتام الأسبوع الثقافي
          مساء الخميس 17/05/2012 حيث كان حفل الاختتام بفندق " المكثر" بالعين الصفراء حيث كانت الجلسة ثقافية بامتياز حضرها أعضاء الوفد الثقافي لولاية الوادي، ومسؤولو القطاع الثقافي بولاية النعامة ويتصدرهم مدير الثقافي الأستاذ بلحسن عبد الجبار، ومحافظ المهرجان الثقافي المحلي للفنون الشعبية الأستاذ عبد الواحد عبد الواحد، وممّا أضفى على الجلسة الختامية بهاء حضور النخبة المثقفة والمبدعة لمدينة عين الصفراء.
      الزائر لولاية النعامة يتفاجأ بالكثير من الأشياء الجميلة، والسلوكات الإنسانية الراقية ..الإنسان في هذه الربوع طيب وحميمي، يحييك باحترام يعرفك أو لا يعرفك، يسأل عن أحوالك، وإذا ما عرف أنك ضيف يقترب منك أكثر.يمتاز بالهدوء ..شوارع واسعة ..لا تشكو حركة المرور ازدحامًا، ولا سرعة، ولا سباقًا في السرعة..كل يحترم غيره، بهدوء يتوقف ويشير إليه بالمرور..
إنه الإنسان الصحراوي الطيب القنوع ..ما لاحظناه في هذا السلوك الراقي وجدناه سابقا في ولاية أدرار.
     ..إنها الجزائر العظيمة المتنوعة والثرية، والتي كل منطقة بها تشكل لوحة فنية غاية في الجمال والثراء الفكري والتاريخي..ما أجملك يا بلدي !!ليحفظْكِ الله من كيد الكائدين، وحسد الحاسدين..!
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...