الثلاثاء، 5 مارس 2013

رسالة الشيخ محمد الطاهر تليلي عمُرها أكثر من ربْع قرْن


رسالة الشيخ محمد الطاهر تليلي
عمُرها أكثر من ربْع قرْن
رسالة من الراحل الشيخ محمد الطاهر تليلي إلى هيئة تحرير مجلة " المنبر الثقافي " التي كانت تصدرها الجمعية الثقافية بقمار خلال الثمانينات من القرن الماضي.نسجّلها هنا كما جاءت بخطّ يده:
بسم الله الرحمن الرحيم وسلامٌ على عباده الذين اصطفى
أيّها السادة الأعزّاء القائمون بتنشيط الثقافة في بلدنا ( قمار) سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد فقد طلبتم منّي أن أشارك في التنشيط بكتابة شيءٍ وتسويد مجلّتكم الثقافية، أو على أصحّ تعبيرٍ بتسويد ورقةٍ أو ورقتيْن كمها بما يرشح به قلمي، وتسمح به براعتي ظنًّا منكم أني ما زلتُ في قيْد الحياة الأدبية، وفي ميْعة شبابها؛ وفي الحقّ أنّ ظـنّكم مخطئٌ، فأنا اليوم في عِداد الأموات، بل أنا الآن في جملة المقبورين الرّفات، فأرجوكم سادتي أن تعلموا الحقيقة منّي،لا كما قِيل عنّي، فما آفة الأخبار إلاّ رُوّاتُها.
وتصديقًا لظنكم ونزولاً عند رغبتكم أرجع إلى أيّامي الغابرة فأبحث في طيّاتها عن بعض المقطوعات التي قلتُها في زمنٍ كانت شمس الحرية فيه آفلة وحنادس الظلم في حُللها رافلة، سجّلتُها ترويحًا للنفس، وتفريجًا عن القلب ممّا تراكم عليه من سُحُب الهموم، وتفاقم عليه من كرب الأحداث.
وفعْلاً فقد رجعتُ إلى مجموعة قديمة كنت جمعتها في سالف الأيام فاخترتُ لكم منها هذه المقطوعات الشعرية، فإنْ طاب لكم أيها السادة أن تثبّتوها في مجلتكم الثقافية، كان لكم ذلك وإنْ رأيتم أنها لا تستحقّ الذكر، ولا أن تشغل بعض صفحات مجلّتكم، فأنتم وذاك؛ أمّا أنا فقد أنجزتُ ما لم أعرف ممّا توسّمتم في هذا العاجز الضعيف من مشاركة إيجابية في مجلتكم الثقافية.
والسلام، ودمتم في رعاية الله وعوْنه.
وكُتب في غرّة جوان من سنة 1984 م.
أخوكم محمد الطاهر تليلي.
قمار 
هذه مختارات من قطع شعرية أرسل بها المرحوم رفقة رسالته بغية نشرها في مجلة " المنبر الثقافي "
ورفــــعْتُ أطرفي رائدا               تلك الصباحة في الشموس
متأمّـــــلاً مـــتلــــــذّذا                مـستنشقًا عطرَ العـــروس
وذكرت في نفسي الطمــ               وح لنيْل غايات النفـوس
وزعمتُ أنّ جهـــادنـا                  بالنصر كُلّل والجهـــود
لكن لـمّا لمـــحْـــــــــــ                 تُ على محيّاك الســواد
عفتُ الشموس بأسرهــا                ولستُ إذْ ذاك الحـــداد
وأمرْتُ نفسي أن تنــــــ                  ام على الكآبة والنكــاد
                        الدين والفلسفة
بحْرُ التفلسف لا قـــرار له            يا ويح منْ سبحتْ فيه عقائده
الشرك والشكّ والتشكيك لؤلؤه        والكفر والزيغ والإلحاد مورده
وعلّة الكون سرّ الغيب مبحثه          تحليل ربك والأملاك مـقصده
                         فــتى الصحراء
فتى الصحراء يا بن بني هلال           وليدُ العُرْب في أرض الرمال
إليكَ أسوق مرْحــمة حـــــديثًا            يشير إلى الحقيقة في المقال
يذكّركَ الأوائل من جـــــــــدود            فتذكر سادة في كل حــال
أتوْا كالشمس يتبعها ضيـاء               وتعقبه البشارة بالنـــوال
          ويختم الشيخ محمد الطاهر تليلي رسالته بما يلي:
« هذه هي المقطوعات الثلاث التي اخترتُها لكم من مجموعتي الشعرية ظنًّا منّي أنها مناسبة لمجلتكم الثقافية، ولاعتقادي أنّ لكل واحدة منها موقفها الخاص في المجتمع الثقافي الجديد في بلادنا، ولستُ ادري هل أصبتُ في هذا الاعتقاد أو أخطأتُ، ولذلك فأنا أرجو المعذرة منكم.
والسلام
محمد الطاهر تليلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

                  السمعُ أبو الملكات اللِّسانية؟ كتب: بشير خلف العلّامة المرحوم ابن خلدون في مقدّمته: «إن أركان اللسان العربي 4، هي: ...