الاثنين، 26 أغسطس 2013

الإسلاموفوبيا عندما تتحول إلى إيديولوجيا

الإسلاموفوبيا عندما تتحول إلى إيديولوجيا
د. أسماء بن قادة
       في أحد الشوارع المتفرعة عن ساحة بروغلي في مدينة ستراسبورغ الجميلة وعلى إثر اختتام أعمال المجلس الأوروبي، استوقفني بالأمس، مشهد لافت وغير بريئ في واجهة مكتبة “بروغلي”، حيث تم اختيار مؤلف تحت عنوان “الكتاب الأسود للإسلام” ليكون في مركز الواجهة، ومن حوله مجموعة من الكتب الدينية المسيحية واليهودية والكونفوشية ذات عناوين توحي بالحكمة والتسامح، وغيرها من المعاني الدالة على قيم مفعمة بالعمق الإنساني، في حين نجد العنوان الفرعي للكتاب الأسود ذو الغلاف الأسود الذي ينزف دما عبارات (المجازر، العبودية، الإرهاب، البربرية،الخ) أما الكتب المحيطة فأحدها يحمل عنوان أنا، كونفوشيوس طريق الرضا عن الذات، هنا أمامك وفي متناولك، وغير بعيد عنه كتابا آخر عنوانه الأب بيدرو رسول الأحياء القزديرية وآخر على اليسار، البابا فرانسوا الحب وحده سينقذنا .. الخ.
         دخلت المكتبة فضولا دون استغراب، فقد تعودت على  مثل هذه العروض التي باتت مواسم في أوروبا، ولذلك توجهت مباشرة نحو تلك الطاولات التي عادة ما تعرض عليها في مدخل المكتبة الكتب الأكثر مبيعا في الموسم، متوقعة أن يكون الكتاب من بينها، ولكني لم أجده، فسألت البائعة التي راحت تبحث عن العنوان في الكومبيوتر، لتؤكد لي بأن جميع النسخ قد نفدت، ولم يبق إلا تلك التي في الواجهة إذا كنت أرغب في ابتياعها فأخذتها وبدأت أتصفحها، لأجد الكتاب كله أفكارا سوداء كغلافه وعنوانه تماما، حيث أشارت مقدمته إلى أن الهدف منه يكمن في تسليط الضوء على المناطق المظلمة من الإسلام عبر التاريخ، ثم يمضي الكاتب في محاولة لتثبيت مغالطاته، معتبرا الإسلام مسؤولا عن التطهير العرقي للهندوس والأرمن واليونانيين والصينيين من الشيوعيين في أندونيسيا وكذا التيموريين والبنغاليين في بنغلاديش والأكراد. مؤكدا على أن الهند التي قطع فيها نهرو وأنديرا العلاقات مع إسرائيل على مدار 47 عاما، بلغ فيها عدد الهندوس الذين وقعوا ضحايا للتطهير العرقي الإسلامي 80 مليون ضحية خلال 500عام، ثم يأتي إلى جرائم الشرف والتمييز الجنسي والختان والقصور في العلم والبحث والترجمة والثقافة وتحالفات الإسلام مع الأنظمة الشمولية والكراهية للغرب. معتبرا أن ضحايا دموع الجهاد على مدار 1400 سنة بلغوا 270 مليون، ثم يختم الكتاب بجدول يصنّف فيه الدول التي تدين بالإسلام وطبيعة الأنظمة فيها وعلاقتها بالشريعة؟! 
      لم يأخذ الكتاب مني الكثير من الوقت، فقد قرأته في ليلة واحدة، وتذكرت ذلك الكتاب الذي ألّفه المؤرخ الفرنسي سيلفان غوغنهايم، تحت عنوان “أرسطو في جبل القديس ميشال: الجذور اليونانية لأوروبا المسيحية”، والذي يقضي فيه بأن الإرث اليوناني لم يصل إلى أوروبا عن طريق المسلمين كما روّج المؤرخون، بل انتقل بشكل مباشر دون أن يكون للفلاسفة العرب دور فاصل، فأوروبا بالنسبة للكاتب كانت دائمة التواصل مع العالم اليوناني بمعزل عن الوسيط العربي، الذي كان عاجزا بنيويا عن هضم التراث اليوناني، وأن الفضل في تواصل أوروبا مع جذورها اليونانية يعود إلى دور العرب النصارى من أمثال إسحاق بن حنين، وإلى ترجمات جاك البندقي ورهبان دير القديس ميشال، لتلك النصوص مباشرة من اليونانية إلى اللاتينية، وأي ادعاء في ذلك للفلاسفة العرب محض نسيج من الأكاذيب، من منطلق أن ارتباط العالم اللاتيني بالامبراطورية البيزنطية كان أقوى مما تتصوره المصادر المتاحة، وهو ما يصدقه وجود عدد كبير من اليونانيين والسريان في روما خلال العصر الوسيط، بالإضافة إلى عدد من الأديرة الشرقية فيها، يصدق ذلك حسب الكاتب ما توافر من كتب في مكتبة لاتران في روما التي عمل البابوات المتعاقبون على إثرائها بالمخطوطات التي يعترف الكاتب بضياع جلها! ثم ينتهي إلى أن أوروبا قد تماهت إلى الأبد مع المسيحية التي يعتبرها محرك امتلاك المعارف اليونانية.
      إن هذه الجهود تندرج في إطار العمل المنظم القائم على استغلال ظاهرة الإسلاموفوبيا والانتقال بها من حالة سيكولوجية عابرة عبور الأحداث والأزمات التي تسببت فيها إلى موقف إيديولوجي وعلمي من الإسلام ذاته كدين، وهو موقف نتاج لاستراتيجية قائمة على استعادة هوية أوروبا المسيحية والمحافظة عليها.
        وفي هذا السياق يندرج أيضا ذلك الخطاب البابوي الذي ألقاه في جامعة ريستنبورغ، حيث تم اختيار وسط علمي وأكاديمي على أعلى مستوى، كما تم تحديد موضوع فلسفي علمي يدور حول علاقة الدين بالعقل واللاهوت بالعلم، لتأكيد علاقة الإسلام بالسيف بدل العقل، إنه الخطاب الذي اعتبره كرادلة الفاتيكان مرجعا لكل من يريد أن يعمل على تجديد الهوية الأوروبية.
        يبدو جليا أن هذه المغالطات تنتمي إلى مشروع إيديولوجي محاوره الأساسية تقوم على تكريس هوية أوروبا المسيحية، مما يتطلب إفراغ الحضارة الغربية من أي مشاركة عربية إسلامية، ولتحقيق ذلك لابد أن يعود أرسطو إلى جبل القديس ميشال، بدل أن يمر عبر قرطبة. أما المحور الثاني، فإنه يخص فكرة تمجيد الاستعمار وإبراز دوره في تحضير البرابرة، مما يتطلب تجريد الحضارة الإسلامية من امتيازاتها العلمية لتتحول إلى كتاب أسود ينزف دما عبر نجمة وهلال أخضرين؟! 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر، يومية الخبر: الأحد 30 جوان 2013

الإسلاميون في الجزائر وأزمة القيادة

الإسلاميون في الجزائر وأزمة القيادة
البحث عن ”المهدي المنتظر”!
عبد القادر جمعة
      يطرح مشكل القيادة لدى الإسلاميين ابتداء على مستوى التصور، حيث إن النمط السائد والمطلوب داخل الجماعات والتنظيمات الإسلامية هو النمط السائد في عموم المجتمعات العربية والإسلامية، نمط القائد العظيم، القائد الملهم ”المهدي المنتظر”، وهذا النمط من القيادة يعدّ تعبيرا عن تراكمات تاريخية وثقافية معقّدة، ليس هذا مجال التطرق لها، لكن هيمنة هذا التصور للقيادة يطرح مشاكل متعددة.
     ففي حال وجود القائد العظيم (في تصور أتباعه على الأقل) تتجه الجماعة أو الحزب إلى الفردية وغياب المؤسسية، وربما تجنح الأمور إلى نوع من عبادة الشخصية (نموذج الراحل محفوظ نحناح)، وفي حال غيابه يجد القائد العادي (في نظر أتباعه دائما) نفسه محل احتجاج وانتقاد دائمين، ويواجه التمرد والعصيان وأحيانا انفضاض الناس من حول الحركة أو الجماعة (نموذج أبو جرة سلطاني).
      ويمكننا القول إنه عندما تكون درجات الذاتية والفردية مرتفعة، في أي مجتمع أو منظمة وبخاصة في جانبهما السلبي، تزداد درجة اللامؤسسية والاستعداد لانتظار القائد العظيم، ومن جهة أخرى كلما زادت درجة المؤسسية أصبحت الذاتية والفردية مقيدتين، وقلّت الحاجة لظهور الرجل العظيم، لأن العظمة تصبح للجماعة والمؤسسات والقوانين والعمليات السياسية الاجتماعية.
      المشكلة الثانية، هي في كون معظم القيادات الحالية للحركة الإسلامية تعاني عدة أزمات متقاربة، منها ما يتعلق بشرعية وصولها للقيادة، ومن ثمّ بأحقية وجدارة استمراريتها فيها، ومنها ما يتعلّق بطغيان الشعور بـ«الندّية” بين هذه القيادات، خاصة من الجيل الثاني (نموذج الشيخ عبد اللّه جاب اللّه، والانقلابات المتكررة عليه داخل الأحزاب التي أسسها وقادها، وكذلك الأزمة التي عصفت بـ«حمس” عقب وفاة الشيخ نحناح، والتي انتهت بانشقاق عبد المجيد مناصرة وتأسيسه لجبهة التغيير، قبل أن ينشق عنه رفاقه مجددا ويؤسسوا حركة البناء الوطني. دون أن ننسى الصراعات التي مزقت حركة الإصلاح، رغم أن نظامها الأساسي ينصّ صراحة على مبدأ التداول على القيادة وعلى تحديد مدة توليها!).
      ومن ناحية ثالثة: تطرح القيادة في الحركات الإسلامية معضلة أخرى تتعلق بشرعية الإنجاز الذي تحققه، وكفاءة الأداء في الأدوار التي تقوم بها، فمنذ إقرار التعددية، قبل ربع قرن، لم يحدث أن قدّمت قيادة حزب ما (من الإسلاميين أو من غيرهم!) استقالتها عقب هزيمة انتخابية أو فشل سياسي، وبطبيعة الحال تجد هذه القيادات في المحيط السياسي المغلق الذي تسيره إرادة السلطة وأجهزتها، والمواعيد الانتخابية التي طغى عليها التزوير والرشوة والعزوف الشعبي، مبررات لعجزها وقلّة حيلتها، وهو وضع يجعل من الصعب جدا إجراء تقييم موضوعي لأداء القيادات الحزبية. فتصبح الأقدمية والتواجد (La disponibilité)، وحتى القدرات الخطابية معايير للترقية القيادية في غياب الكاريزما الحقيقية.
       يضاف لكل ذلك مشكل غياب القيادات الفكرية المرجعية، وهذا مشكل مزمن وتاريخي يواجه عموم التيار الإسلامي في الجزائر، لكنه أصبح أكثـر بروزا وحدّة في السنوات الأخيرة، خاصة منذ دخول الإسلاميين زمن التعددية والمشاركة السياسية، لنجد أننا اليوم في مواجهة وضع ”قاحل” على مستوى الإنتاج الفكري والنظري مقارنة بالسبعينيات والثمانينيات (ومن الإنصاف القول هنا أيضا إنه وضع يشترك فيه الإسلاميون مع غيرهم، وربما كان حال الآخرين أكثـر سوءا في هذا المجال!)، وهو الأمر الذي عبّر عنه بعضهم، بأن الحركة الإسلامية في الجزائر جيش يضمّ جنودا وضباط صغار، لكنه بلا جنرالات! أو أنها أضحت جسدا كبيرا ليس له رأس، وبالأصح ليس له عقل فكري قائد ناضج. ونحن وإن كنا نرى أن زمن المرجعيات الفردية الفذة المجتهدة قد تراجع وتقلّص، فإن طبيعة العصر ومقتضياته تقول إنه من الممكن التصدي للعمل في هذا المجال، من خلال مؤسسات ومراكز متخصصة للبحث والتفكير والدراسات.
       تمثّل معضلة القيادة قضية محورية في رسم حاضر ومستقبل الحركة الإسلامية، وهذا ما يضعنا أمام عدد من التساؤلات تفرض نفسها، بصدد قدرة الإسلاميين على التحوّل مستقبلا من نمط ”المشيخة” إلى نمط ”الرئاسة” بأسلوب الإدارة، وعلى التحرر من سلطة الشرعية المستندة إلى ”الخبرة التاريخية”، وسبق التأسيس، والقدرة على الخطابة وحتى مجرد التواجد!! إلى الشرعية المرتبطة بـ«الإنجاز الفعلي” في مجالات العمل الفكري والتنظيمي والسياسي، والالتزام ببناء مؤسسات حقيقية، وليست شكلية وورقية على النمط الذي تقيمه الأنظمة الحاكمة في العالم العربي والإسلامي وبلدان العالم المتخلف ككل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: يومية الخبر ليوم الجمعة 23 أوت 2013

الإسلاميون والسلطة بين الحدث والظاهرة

الإسلاميون والسلطة بين الحدث والظاهرة
أسماء بن قادة
      بتأثير من الإعلام الجديد، ومضمون حزم تدفق الفضائيات ذات الاستراتيجيات متجاذبة المصالح، والتي تعتمد على توظيف الصورة التي تتعامل مع كل ما هو عاطفي وانفعالي ودرامي، وتبتعد عن كل ما هو عقلاني وموضوعي. ومع الإيقاع فائق التسارع للأحداث، يتناول بعض المحللين قضية وصول الإسلاميين للسلطة، ومغادرتهم لها عبر الحراك الانفعالي بشكل أقرب إلى الحدث، وليس نتاجا لظاهرة ونسق ومصفوفة فكرية بخلفياتها المعرفية، ومزالقها المنهجية، ومغالطاتها الفقهية والتأويلية، وما تضمنه مسارها الفكري من التباسات، وخطابها من تشنج وارتباك، وخطها البياني من تعرجات ونقاط انعطاف. فالأمر يتطلب التعامل مع ما يجري اليوم في الدول التي اقترب فيها الإسلاميون من عملية صنع القرار، من خلال استيعاب ديناميكية ومسار السيرورة في كلانيتها على المستوى النظري وكذلك على مستوى الواقع.
     إن تتبع المسار الخطي لظاهرة الإسلام السياسي وما انتهت إليه اليوم من تراجع فعلي وانهيار حتمي، يؤكد أن المنزلق المنهجي الذي وقعت فيه الحركات الإسلامية منذ قيامها وانطلاقها، يتمثل في خضوعها لآليات الصراع الفكري مع الحضارة الغربية، ومن تعتقد أنه من أتباعها في الداخل، حيث أصابها ذلك بنوع من العمى المعرفي، الذي حال دون استفادتها من ثورتين معرفيتين غيرتا العالم منذ ديكارت إلى ما بعد آينشتاين، الأمر الذي ركب أبعادا إيديولوجية صراعية وتصادمية لأي نشاط إسلاموي، وغيب عنه أبعادا رسالية نورانية، ومن ثم انتهى النموذج الإسلاموي إلى نموذج تبسيطي واختزالي وإقصائي، لا يعرف التعدد والاحتمال، فاقد لمهارات الحوار وخصائص المرونة، فاستلزم ذلك تصلبا في التعامل مع معارضة الداخل واسترضاء لقوى الخارج على اعتبار أن الخلفية الغرائزية القائمة على البدائية، تجعل من مصلحة حب البقاء دافعا لاعتماد الحذر الشديد في التعامل مع العدو الأقوى.
     كل ذلك جعل الحركة الإسلامية عاجزة عن فتح أي فضاء للإبداع، يسمح بالاستفهام العقلاني النقدي المفعم بروح الحداثة، والذي من شأنه أن يبلور أفكارا ناظمة واستكشافية جديدة، تسهل استيعاب التعقيد الشديد الذي يتميز به الواقع، الذي يستعين عليه الكبار بمؤسسات سياسية علمية كبرى للتفكير، تدعم صانع القرار كي يحد من أدنى احتمال للخطأ فيما يصنعه من قرارات.
      وفي ظل هذه المعطيات يبدو جليا أن المسلّمات التي قام عليها النموذج المعرفي لحركة الإخوان هي التي جعلت الرئيس المصري السابق، وفي ذروة تفاعلات الأزمة يركز على تغيير النائب العام، ويصدر إعلانا دستوريا يكسبه صلاحيات مطلقة ويستعجل الاستفتاء على دستور لم يحصل على توافق واسع على بنوده ومواده. والنموذج ذاته أيضا هو من كان وراء استفزاز المؤسسة القضائية. وكلها قضايا كانت بديهية من حيث مآلاتها للضالعين في ممارسة الفعل السياسي والمفهوم الحديث للدولة، بعيدا عن عقول وقعت منذ عقود ضحية للوصاية، وقد جاء في كتاب إيمانويل كانط نقد العقل الخالص عندما سئل عن الأنوار أنها: الخروج من حالة القصور إلى حالة الرشد، وهي تعكس قدرة المرء على استخدام عقله دون إشراف الغير عليه، ولكن الرئيس السابق خضع لوصاية المرشد، لكون حالة القصور باتت بمثابة مرض مزمن، يفتقد لآليات الانعتاق من أجل النمو.

      فالعقل الإسلاموي لا يمكن أن يعيش دون إشراف مرشد حركة أو شيخ جماعة مع كل ما يرافق ذلك من طقوس تبجيل وتقديس، تجعل الشيوخ ومرافقيهم أشبه بالكهنة وسدنة المعابد، وهم ينتمون إلى دين بدأت رسالته للإنسانية بكلمة اقرأ، التي تؤذن برفع الوصايات كل الوصايات على العقل، وبما يوفر ويحفظ كل أسباب التفكير الحر والمستقل. فتقديس الأشخاص، سواء كانوا شيوخ دين أو جماعات أو “علماء”، أمر فائق الخطورة، على اعتبار أن هؤلاء أنفسهم قد يعانون من قصور معرفي كبير، بحكم المناهج التقليدية التي تلقوا تعليمهم من خلالها، والتي تحتاج هي الأخرى إلى مراجعة كبرى. ومن ثم يصبح جهلهم مقدّسا لدى البعض، وحتى عند متخذ القرار الذي ينتمي إلى جماعتهم، الأمر الذي يتطلب تسليط الضوء على هذا الجانب من الظاهرة من أجل اتخاذ الخطوات المناسبة، لفك ذلك التقديس المؤدي إلى التقليد والانقياد الأعمى، والحيلولة دون تمكينه من لعب دور محوري في الفتاوى السياسية. إحدى أبعاد الظاهرة التي تحولت إلى أداة خطيرة تستخدم بشكل منحط ودنيء، يصل حد المتاجرة بأرواح باتت تدفع ثمنا لحسابات جيوسياسية واقتصادية محلية وإقليمية ودولية. لذلك لابد من تشخيص علمي للأبعاد المتعددة لظاهرة الإسلام السياسي، ودراسة مسارها من أجل تحصين الشباب الناشئ، ضد أي محاولات للتأثير والاختطاف، حتى لا تتحوّل فئات من المجتمع حشودا احتياطية، وعروض أعداد خاوية وأوعية فارغة جاهزة لأن تملئ بأي شيء وكل شيء. من أجل ذلك كله، الأولى بالباحثين تناول المصفوفة الفكرية للحركات الإسلامية كظاهرة وليس حدث السقوط، من أجل الوقوف على الخلفيات المعرفية لأمراض التقديس ومنطق الإقصاء والعصبية المؤدية للتوظيف السياسي للنصوص، لأن ما ينفع الناس أولى بالبقاء أما الزبد فيذهب جفاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : يومية الخبر ليوم الأحد 25/08/2013

الاثنين، 12 أغسطس 2013

علي عبود يقدم رؤية للفكر العربي في خطابات الـ”الما بعد”

علي عبود يقدم رؤية للفكر العربي في خطابات الـ”الما بعد”
      صدر حديثا عن منشورات الاختلاف الجزائرية ومنشورات ضفاف اللبنانية مؤلف جديد يحمل عنوان
  خطابات " الما بعد "، في استنفاد أو تعديل المشروعات الفلسفية”، كتبه مجموعة من المؤلفين الذين ينتمون إلى مختلف بلدان العالم العربي منهم الكاتب علي عبود المحمداوي الذي أشرف عليه وقدّمه.
     العمل الذي جاء من الحجم المتوسط عبارة عن دراسة معمقة في الفكر العربي من خلال بعض المفاهيم التي لا تزال غامضة وتحتاج إلى شرح وتفسير كبيرين انطلاقا من العنوان ”خطابات مابعد” الموصوف بالتجاوز، حسب ما طرحه علي عبود في المقدمة، حيث قال متسائلا هل يحق لنا الكلام في الـ ”مابعد” بوصفه تجاوزاً، في وضع فكري عربي لا يزال يراوح في إمكانية تجاوزه للـ ”ماقبل” والقدامة؟! هذا إشكالٌ قد يضع الإصبع على الجرح النرجسي، الذي لا يريد أن يندمل في تمسكنا بالبالي من تراثنا / قدامتنا، فهاجس التقدم الحداثي المنشأ هو الذي دفع الحداثة لان تتجاوز مشروعيتها، بويلاتها المشخصة، ثم لتُجهز عليها.
        بينما لا يزال الحنين يقتلنا ويغض أبصارنا إن بقي رمق من حياتنا عن تلك المقولة لاستهلاكها. حيث يحاول الكتاب وفق ما تطرق إلى إليه عبود أن يشير إلى الدراسات والبحوث التي تطرقت الحداثة من خلال مفاهيم الـ”ما بعد” والى المكان الإنساني والإبداع الحر فيه، البعيد كل البعد عن التقليدية والتنميق. كما يشير البعض إلى أنّ مثل هذه المصطلحات تعني الانفصال عن الواقع والتطلع الهمومي والنضالي للمجتمعات العربية لكن شريطة تأسيس قاعدة يمكنها أن تلحق بها بأداء الما بعدية التجاوزية، التي تحتاج حسب الكثير من الخبراء والمختصين إلى ضرورة استيعابها وفهمها بشكل كبير حتى تحقق الشرعية بخصوص الحديث عنها.

        وفي السياق ذاته يطرح كاتب المقدمة رأيا آخر حول وجود مختلف مطالب هذه الخطابات التي تلح على السيرورة الضرورية لفهم واقعنا وإنجاز مشاريعنا في العالم العربي، فما بعد الميتافيزيقا وما بعد العلمانية يجب إعادة النظر في البناء انطلاقا من إعادة وزن المشاكل العربية المختلفة، حيث استقرا النتائج المترتبة على ما بعد الحداثة من قبول المختلفات والإيمان بالتعدد وإعادة المعنى للهامش بعد الإقصاء، مع مراجعة الإمكانيات من حيث الحضور في عالم يعاني من المركزيات وسيطرة الفكر الإيديولوجي الغربية وهيمنة الغرب كذلك على الجغرافيا والعرقية.

وفاة الشاعر السوري الكبير سليمان العيسى (

         وفاة الشاعر السوري الكبير سليمان العيسى ( شاعر الطفولة العربية) و( شاعر الثورة الجزائرية)
        توفى الشاعر السوري سليمان العيسى، صباح اليوم الجمعة، عن عمر ناهز الـ92 عاما فى العاصمة دمشق بعد صراع طويل مع المرض.
      وسيشيع جثمان الراحل العيسى من مستشفى الأسد الجامعي بعد غد الأحد، على أن يوارى الثرى في مقبرة الشيخ رسلان بدمشق
     وفى تصريح لوكالة الأنباء السورية سانا، أعربت زوجة الشاعر ملكة أبيض عن بالغ حزنها وألمها الشديد بفقدان زوجها، مؤكدة أن الشاعر "لم يفقد وعيه على الإطلاق خلال الفترة الأخيرة رغم أنه لم يستطع النطق بشكل جيد."
     وقالت "بقي الراحل يشعر بكل ما حوله حتى آخر لحظات حياته حيث كنا نتحدث عن عيد الفطر السعيد وكيف سنقضيه.
       وكان الشاعر الراحل متزوجا وله ثلاثة أبناء، وهم معن، وغيلان، وبادية، وتتزامن وفاة الشاعر الراحل مع ذكرى رحيل الشاعر الفلسطيني محمود درويش، والذي كان صديقه المقرب
ويعتبر الشاعر الراحل من أهم الشعراء السوريين، وقام بكتابة كافة النصوص الشعرية في كتب التعليم الابتدائي في سوريا فهو شاعر الطفولة دون منازع فله في مجال أدب الأطفال كثير من الأعمال الإبداعية.
      وبدأ العيسى بكتابة الشعر في الـسنة التاسعة  من العمر، وكتب أول ديوان شعري له في القرية التي ولد فيها، قرية النُّعيرية، وتحدث فيه عن هموم الفلاحين وبؤسهم.
      شارك سليمان العيسى لاحقا ومن خلال قصائده القومية في المظاهرات والنضال القومي الذي خاضه أبناء لواء إسكندرونة ضد الاحتلال التركي، وكان حينها في الصف الخامس والسادس الابتدائي، أي في السن الـ11 و12 عاما.

      وغادر لواء إسكندرونة بعد سلخه عن سوريا عاما 1939، ليتابع مع رفاقه الكفاح ضد الانتداب الفرنسي، وواصل دراسته الثانوية في ثانويات حماة واللاذقية ودمشق، ويعتبر العيساوى من مؤسسي " اتحاد الكتاب العرب " في سوريا عام 1969 م

الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

”مزاج مراهقة”

”مزاج مراهقة”
      صدر حديثا عن منشورات دار التنوير للكاتبة الجزائرية فضيلة الفاروق مؤلف جديد وسمته بـ”مزاج مراهقة”، العمل الذي جاء في 264 صفحة من الحجم المتوسط، وبغلاف ثاني مكتوب باللون الوردي، عبارة عن رواية جميلة تصور قصة حب نسجتها فضيلة على طريقتها الخاصة بلمسة جزائرية خالصة في عالم الإبداع.

        الروائية الفاروق، المنطلقة دون قيود والمعروفة بالتمرد، اختارت الرواية لتبكي المرأة وواقعها، حكت عن التسلط الذكوري وقمع المجتمع للأنوثة، تناولت الجسد ورفضت اعتبار الإناث وعاء للمتعة، عبرت عن مواقفها بروايات ومجموعات قصصية منها ”لحظة لاختلاس الحب”، ”تاء الخجل”، و”مزاج مراهقة” الصادرة سنة 2007، تحدثت فيها عن الحجاب، الحب، الحرية،اليوم تصدر رواية لاقت استحسان عديد القراء من مختلف دول الوطن العربي، تعالج في أطوارها قصة حب غريبة الأطوار، إذ تنشأ هذه العلاقة بين مراهقة أحبت ابن عمها في البداية، ثم أتضح لها أنّه كان ينصب لها فخا، لتحب الكاتب الذي تحب جميع أعماله بالرغم من أنّه يكبرها بعدة سنوات وهو في سن أبيها، وفي الوقت ذاته يحبها ابنه توفيق غير أنّها تختار الأب عليه هو، والسبب يعود حسبما يفهم من الرواية إلى حرمانها من حنان الأبوة، وبين هذا وذاك تخسر الاثنين معا بعد أن يسافر توفيق إلى فرنسا ويتعرض الكاتب ”يوسف” إلى إطلاق نار، حيث يقرر السفر إلى القاهرة بعد هذه الحادثة.

الاثنين، 5 أغسطس 2013

الكتابة والسياسة

الكتابة والسياسة
بشير خلف
      يرى العديد من الكّتّاب والأدباء أن عدم التفاعل الحماسي مع الأحداث الآنية والكتابة عنها ، أو المشاركة في حركيتها شخصيا سلوك يتوافق تمامًا مع قناعاتهم المستندة إلى أن هذه الأحداث، وتلكم القضايا هي من اهتمامات السياسيين والإعلاميين ..فالكاتب هو مواطن عادي كسائر المواطنين الذين منهم من يتفاعل مع ما يجري، ومنهم من يعيش يومياته ويرى أن أغلب هذه القضايا التي تتحول إلى صراعات بين أطراف سياسية، وبين نخب سياسية همّها الوحيد الوصول إلى " السلطة " ولا فرْق بين هذا الفريق أو ذاك..
      من هؤلاء من يرى أن الكاتب يقول رأيه عندما تهدأ الأمور، وتتوقف الشحنات الانفعالية يعلن موقفه كمفكر، والفكر المتميز لا يتأتّى من إملاءات خارجية لا يقتنع بها الكاتب المفكر، كما أن الفكر الصائب لا يتأتى من نتيجة حماس لهذه الجهة أو تلك ..فالأحداث والقضايا المعاصرة لمرحلة ما مهما طالت بمرور الأيام يخفت أوارها ، ويبرز واقع جديد يزحزها إلى الخلف كي تحلّ قضايا أخرى ..
        وبالتالي موقف الكاتب من الأحداث محسوبٌ عليه شخصيا ، فينبغي أن يكون مبنيا على حقائق ثابتة دون الانحياز لهذا الطرف أو ذاك ..ومن الكُتّاب من يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يرجح " مواطنته " كفرْدٍ في المجتمع على غرار المواطنين الآخرين، وليس ملزمًا أن تُثقل ظهره " بردعة الكاتب " فيحاسب من خلالها على أنه كاتب ملتزم ، أو غير ملتزم .
       نحن لا مع الفئة الأولى ولا مع الفئة الثانية ..الكاتب ذو رسالة سامية مواقفه تنسجم مع حقوق الإنسان والدفاع عنها في حينها أينما انتهكت ..حقوق الإنسان كثيرة والكاتب الصادق أينما ولّى وجهه يجد العديد من هذه الحقوق مسلوبة أصْلاً ..منتهكة إنْ وُجدت ...........
       كما لا نتفق مع ما يقوله الأديب الألماني الحاصل على جائزة نوبل للأدب عندما ينفي عن الكاتب أن يتفاعل مع ما يجري  ككاتب ومثقف في بلده، وخارجه على أساس انه مواطن قبل أن يكون كاتبا ...

« أنا أعيش السياسة " كمواطن "، وموقفي " السياسي " تحدده علاقة المواطنة ، وليس كوني كاتبا ..أي أنني مواطن مهنته الكتابة ؛ ورسالة أدبي لا تأتي على طريقة توقيع البيانات و " المانيفستو "..فقد نزلت إلى وادي الحياة اليومية واشتغلت بيدي قبل أن أكون كاتبا .»

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...