الخميس، 24 يوليو 2014

 قاموس الشهيد  لمنطقة سوف ..ولاية الوادي


                   قاموس الشهيد
             لمنطقة سوف ..ولاية الوادي
بقلم: بشير خلف
       صدر في هذه الأيام للكاتب، والباحث في التاريخ الوطني الثوري المعاصر الأستاذ سعد بن البشير العمامرة كتابٌ متميّز في شكله، وإخراجه، وتصميم غلافه، ومضمونه أطلق عليه " قاموس الشهيد لمنطقة سُوفْ ولاية الوادي" ..الكتاب من طباعة دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع بالجزائر العاصمة.. يقع في 1070 صفحة.
        توشّحت الصفحات الأولى من الكتاب ببيان أول نوفمبر 1954 م ، النشيد الوطني الجزائري، أبيات من إلياذة الوادي للشاعر السوفي  السعيد المثردي، بعنوان " هم الشهداء "، الإهداء ، ثم التقديم للدكتور حسان الجيلاني الذي قسّمه إلى موضوعين أساسيين : الأول يعرّف بالكاتب الباحث سعد لعمامرة، والثاني يتناول موضوع الكتاب.. وممّا قاله عنه أنه كان إضافة إلى عمله في التدريس الذي انضمّ إليه في سنة 1968 م إلى تاريخ تقاعده في عام 1990 م أنه كان يناضل سياسيا، ويؤسس الجمعيات المدنية، ومنها الجمعية الثقافية محمد الأمين العمودي التي كان من أبرز مؤسسيها، حيث انتُخب رئيسًا لها سنة 1990 م، وحوّلها إلى جمعية ثقافية وطنية سنة 1994 م ، وهي الجمعية التي ومنذ ذلك التاريخ تنضم ندوتها الفكرية السنوية ، كما كرّمت العديد من الوجوه التاريخية الثورية، والقامات الفكرية، وتواصل رسالتها الفكرية إلى يوم الناس هذا، كما انخرط  مع مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني حتى أصبح عضوًا في محافظة الوادي، وفي تاريخ مبكّرٍ اهتمّ بالبحث، والتنقيب، والتدوين لكتابة تاريخ وثقافة المجتمع السوفي؛ كما أنه الوحيد حتى يومنا هذا منْ تصدّى للبحث والتنقيب والتدوين لتاريخ الثورة التحريرية المباركة بالمنطقة.
       سعد العمامرة عرّف أيضا بشهداء المنطقة، وكتب كتابا قيّمًا في ذلك، وأسهم في التعريف بمثقفي المنطقة وأعلامها، وألّف كتابًا في ذلك، كما أنه ألّف كتابا عن معارك حرب التحرير بوادي سُوف ، طبع سنة 1988 م، وكتابًا عن الرئيس الراحل هواري بومدين ، وكتاب آخر حول شهداء الجزائر بعنوان: شهداء من بلادي صدر سنة 2006 م ، وكتابا آخر حول الإنتاج الفكري السوفي من 1886 م إلى 2008 م تعرّض فيه إلى التعريف بـ 250 كاتبا، وباحثا من وادي سُوفْ في مختلف المجالات الفكرية، صدر سنة 2010 م ...سعد العمامرة لم يكتف بنضاله السياسي الذي أهّله كي يكون عضوا في البرلمان الجزائري سنة 1983 م لمدة خمس سنوات، بل هو من النخبة المثقفة الفاعلة في ربوع سُوفْ.
       في الجزء الثاني من التقديم نوّه الدكتور حسّان الجيلاني بهذا الجهد الفكري المضني، وثمّن هذا القاموس ليس بسبب ذكره للكثير من المعلومات، والإحصائيات، والمعارف فحسب، وإنما لأنه جمع كل تلك المعارف المشتة والمبعثرة في ثنايا الوثائق، والمراجع، ومن ذاكرة المجاهدين الأحياء، ودوّنها، وأخرجها في هذا العمل الأكاديمي الجميل كي تكون مصدرا هامًّا للأجيال الحاضرة، والقادمة.
       في مقدمة الكتاب يؤكد الكاتب والباحث سعد العمامرة على أنه باعتباره من عائلة ثورية، وابن شهيد ، ومرافقته للأسرة في هروبها من الاستعمار الفرنسي سنة 1957 م إلى تونس بدأ اهتمامه بتدوين التاريخ الوطني إذ كتب بعد هذه السنة كرّاسًا كاملاً بخطّ يده يتعلق بتاريخ الجزائر من بداية الاستعمار الفرنسي إلى غاية الاستقلال سنة 1962 م.
        ثم كان الكتاب الأول في سنة 1988 م يتعلق بالمعارك التي جرت بالمنطقة أثناء حرب التحرير، فالكتاب الثاني  في سنة 1991 م يتعلق بالتعريف بعدد من شهداء منطقة وادي سُوفْ ، يليه الكتاب الثالث الذي صدر في سنة 2006 م يُعرّف بعدد كبير من شهداء الجزائر في عدة ولايات، يلي ذلك هذا القاموس .

هذا القاموس
     يضمّ هذا القاموس الثمين ثلاثة أجزاء :

الجزء الأوّل ، يتضمن  :
 1) وادي سوف: جغرافيا، إداريا، موقعا وحدودا، مناخًا، نباتا، مياها، حيوانات، وادي سوف  عبر التاريخ. 2 ) الاحتلال الفرنسي للمنطقة. 3 ) الحركة الإصلاحية بسوف .4 ) الحركة الوطنية بسوف. 5) الثورة التحريرية بمنطقة الحدود والصحراء في عهد المجاهد الشهيد حم لخضر، في عهد المجاهد الشهيد ابن عمر الجيلاني ، في عهد المجاهد الشهيد قمودي الطالب العربي .
6 ) التنظيم المدني بسوف ومجزرة رمضان 1957 م . 7 ) قيادة الثورة بتونس في عهد الشهيد سعيد عبد الحي. 8) منطقة الحدود ووادي سوف بعد استشهاد الطالب العربي.

الجزء الثاني، يتضمن :
1 ) ـ معارك وحوادث حرب التحرير بمنطقة وادي سوف، والحدود والصحراء : المعارك والحوادث القريبة من العمران ، معارك وحوادث الحدود الجزائرية التونسية الجنوبية ، حوادث الحدود الجزائرية الليبية . 2 ) معارك الحدود الشرقية داخل العمران .

الجزء الثالث :
       يشتمل هذا الجزء على الحصّة الكبيرة من الكتاب، ويتعلق بقاموس الشهيد ؛ فهذا القاموس الذي يحمل في مجمله عنوان الكتاب يحتوي على حيوات وسيرة 583 شهيدا من شهداء وادي سوف، حيث الباحث بذل جهودا مضنية في ضبط وتدوين سيرهم وفق الإمكانات التي تحصّل عليها من المصالح الرسمية كالبلديات، وقسمات المجاهدين بالبلديات، أو لدى العائلات المعنية، والمجاهدين الأحياء رفقاء السلاح، الوثائق، المراجع  ..فالقارئ للكتاب سيجد نبذة تاريخية عن كل شهيد من شهداء وادي سوف إن كان مدنيا، أو عسكريا ولو كان ميلاده خارجها.
      وممّا يساعد القارئ والباحث أن هؤلاء الشهداء مسجلون وفق الحروف الأبجدية العربية، إذ يتيسر البحث عن أي شهيد في هذا الجزء الثالث من الكتاب الذي يتجاوز عدد صفحاته 650 صفحة من صفحات الكتاب الكلية 1070 صفحة.. كما أن تسجيلهم داخل الحرف الواحد خضع للتسلسل الزمني لتاريخ استشهادهم، وكذا تثبيت كل شهداء أيّ بلدية على حدة في جدول شامل يتضمن اسم ولقب الشهيد، تاريخ ومكان الازدياد، تاريخ الالتحاق بالثورة، صفة العضوية (جيش التحرير، المنظمة المدنية)، تاريخ الاستشهاد.
        في آخر الكتاب يجد القارئ مجموعة من الملحقات منها مقتطفات من قانون المجاهد والشهيد الصادر سنة 1991 م والذي في مادته الرابعة تعريف للمجاهد، الشهيد، أعضاء جيش التحرير، أعضاء المنظمة المدنية، الفدائي، المسبّل، المعتقل أثناء الثورة، السجين. كما يجد القارئ في الملحق الموالي تعريفا للمجاهد، المناضل، الفدائي ، عضو اتصال، المسبل، الحركي، اشتباك.
       في الملحق الأخير من الكتاب نجد الكتب التي صدرت للمؤلف؛ إضافة إلى العناوين التي ذكرناها آنفًا ..صدر له كتاب من اعلام سُوف 2007 م ن كتاب معجم شعراء وادي سُوفْ سنة2007م ، كتاب الصحراء الغربية والمجتمع الدولي سنة 2008 م،كتاب المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء 2009 م ،كتاب عائلة العمامرة سنة 2011 م .كما له عدة أعمال أخرى جاهزة للطبع.
        المؤلف في آخر  الجزء الأول من الكتاب ثبّت عناوين الهوامش، وفي آخر الجزء الثالث ثبّت المراجع لهذا الجزء : 39 مجاهدا، أو أسرة مجاهد أو شهيد، كتب، مؤسسات رسمية، مؤسسات تربوية، بلديات، قسمات مجاهدين.
       إن هذا العمل الفكري الثقافي التاريخي ليس من السّهل إنجازه من طرف شخص واحد ..إنما الروح الوطنية المتأصّلة، والغيرة على تاريخ المنطقة، وذاكرتها الثورية، وهي جزْء من الجزائر الحبيبة ألهمت الباحث والكاتب ابن الشهيد سعد بن البشير لعمامرة كي ينجز هذا العمل الذي يعجز عن إنجازه الكثيرون.. إنه لعمري عملٌ فكري لا ريب أن كلّ منْ يقرأه سيستفيد منه أكبر استفادة.





الاثنين، 21 يوليو 2014

غزة الجريحة

غزة الجريحة
غزّة الجريحة قطعة ثمينة من العالم الإسلامي الشاسع ..الدفاع عنها لا يختلف عن أيّ دفاع عن باقي العالم الإسلامي.. الفصائل الجهادية التي تدّعي الجهاد، والدفاع عن الإسلام ..لماذا لم تلتحق بالمقاومة في غزّة ؟

الجمعة، 18 يوليو 2014

نزار قباني.. الفيلسوف والحكيم

نزار قباني.. الفيلسوف والحكيم
      شاعر سوري عرفه كثيرون بكلامه عن العشق، والحب، والحروب التي يخوضها الإنسان خلاله ، لكن لهذا الرجل فكر في السياسة، وعلم الاجتماع، وله فلسفة جميلة منها:
- الحب ليس رواية شرقية بختامها يتزوج الأبطال.
- جمعت الطبيعة عبقريتها.. فكان الجمال
- كلماتنا في الحب تقتل حبنا ... إن الحروف تموت حين تُــقال
- اللغة ليست أداة ترفيه، أو فرفشة وطرب، وإنما هي كتيبة مسلحة لمقاتلة التخلف والغيبوبة والأفيون الفكري.
- الكاتبُ الكبيرْ هو الذي تَنْخُرُ في عظامِهِ جُرْثُومَةُ الشَجَاعة.
- إذا لم تستطعْ أن تكونَ مُدْهِشاً فإيَّاك أن تتحرَّشَ بورقة الكتابَةْ.
- لو خرج المارد من قمقمه ... وقال لي : لبيك ... دقيقة واحدة لديك  .... تختار فيها كل ما تريده ... من قطع الياقوت والزمرد ... لاخترت عينَيْكِ .. بلا تردد.
- ويسعدني.. أن امزق نفسي لأجلك أيتها الغالية  ولو.. ولو خيروني لكررت حبك للمرة الثانية..
- أتحدّاهُم جميعاً.. أن يخطّوا لكِ مكتوبَ هوىً  كمكاتيبِ غرامي.. أو يجيؤوكِ – على كثرتهم - بحروفٍ كحروفي، وكلامٍ ككلامي..
- فقاقيع من الصابون والوحل.. مازالت بداخلنا رواسب من " أبي جهل" .. ومازلنا.. نعيش بمنطق المفتاح والقفل.
- فأنت كالأطفال يا حبيبي ...نحبهم.. مهما أساؤوا لنا.. اغضبْ! ... فأنت رائعٌ حقاً متى تثور ...اغضبْ!
- لن تجعلوا من شعبنا شعب هنودٍ حمر.. فنحن باقون هنا.. في هذه الأرض التي تلبس في معصمها اسوارةً من زهر ..فهذه بلادنا.
- لن تستريحوا معنا.. كل قتيلٍ عندنا يموت آلافاً من المرات…"
- أجمل الورود ما ينبت في حديقة الأحزان
- أشهد أن لا امرأة ً أتقنت اللعبة إلا أنت ... واحتملت حماقتي عشرة أعوام كما احتملت ... واصطبرت على جنوني مثلما صبرت وقلمت أظافري ورتبت دفاتري وأدخلتني روضة الأطفال إلا أنت ..
- كيف يا سادتي، يغني المغني بعدما خيطوا له شفتيه؟
- لا أحد بسيف سواه ينتصر ..
- هل تعرفون من أنا ... مواطن يسكن في دولة (قمعستان) ... وهذه الدولة ليست نكتة مصرية ... أو صورة منقولة عن كتب البديع والبيان ... فأرض (قمعستان) جاء ذكرها في معجم البلدان ... وأن من أهم صادراتها حقائبا جلدية مصنوعة من جسد الانسان... الله ... يا زمان ..
- انا مع الإرهاب ... ما دام هذا العالم الجديد ... يريد أن يذبح أطفالي ... ويرميهم إلى الكلاب !!

- أنا مع الإرهاب ... ما دام هذا العالم الجديد ... يكره في أعماقه رائحة الأعراب !!

الخميس، 10 يوليو 2014

قمار البهية

قمار البهيّة
   قمار هي تلك المدينة التاريخية والعاصمة الدينية ، وهي بقدر ما أضفى الخالق جلّت قدرته على ربوع سوف من جمال في الطبيعة إلاّ أنّ قمار مُنِحتْ انبساط الأرض وسهولتها ، وقرب الماء من السطح .
  هاته المدينة تحمل مواصفات المدن العربية ، لها أبواب: ( الباب الغربي ، والشرقي ، والبويبة ، والباب الظهراوي ...) ، والأزقّة المغطّاة ، وتراصّ المنازل المبنيّة أساسا بالمواد المحليّة : الجبس والحجارة ( اللّوس أو زهرة الرمال ) . هاته المنازل رغم تراصّها، وقِلّة الأزقّة فيها إلاّ أنّه في كلّ بيت تُراعى الطبيعة الصحراويّة، والمناخ، وتقلّبات الجوّ في الفصول ، وظروف تخزين الطعام ، وراحة الإنسان بعد العناء والكدح، ومقاومة الرمال، وعاديات الطبيعة .

     فاعتُمِد تسقيف البيت على القبّة لانكسار أشعّة الشمس عليها ، ورفضها لتكدس الرمال ، وانزلاق مياه الأمطار عليها ، ومنْحِها هواءً إضافيّا لطيفا داخل الحجرات ، والغُرَف في البيت توزَّع لاستقبال أشعّة الشمس والسماح بدوران الهواء في المساكن ، وتخصَّص في كلّ بيت غرفة للصيف تتميّز بانحسار الشمس عنها بعد الزوال ،  وأخرى يُبنى بها موقد بمدخنته تسمّى ( المقعد ) ، ولا يخلو بيت من غرفة لاستقبال الضيوف ، وأخرى لتخزين المؤن . وفي تراصّ البيوت دلالات واضحة للتماسك الاجتماعي في هاته المدينة .

الأحد، 6 يوليو 2014

 ثقافة الطفل قِــــوامها الأدب


          ثقافة الطفل قِــــوامها الأدب
بقلم : بشير خلف
      عندما نتكلم عن ثقافة الطفل فإننا نتكلم عن مكوناتها ووسائطها ومصادرها و  من بين هذه المكونات الأساسية :
الأدب: الأدب الذي هو ركيزة ثقافية أساسية، و هو تشكيل أو تصوير تخيلي للحياة والفكر والوجدان من خلال أنساق لغوية، وهو فرع من فروع المعرفة الإنسانية العامة، ويُعني بالتعبير والتصوير فنيا و وجدانيا عن العادات و التقاليد و السلوكات الحياتية للناس وكذا الأفكار و القيم والآمال و المشاعر و غيرها من عناصر الثقافة … أي أنه تجسيد فني تخيلي للثقافة.
ويشمل هذا المفهوم الأدب عموما بما ذلك أدب الأطفال، بيد أن أدب الأطفال يتميز عن أدب الكبار بمراعاته لحاجات الطفل وقدراته وخضوعه لفلسفة الكبار في تثقيف أطفالهم وإعدادهم للحياة المستقبلية.… وهذا يعني أن لأدب الأطفال من الناحية الفنية مقومات الأدب العامة نفسها غير أن اختيار الموضوع وتكوين الشخصيات، وخلْق الأجواء والاستخدامات اللغوية، والأسلوب التي تُبلغ به الفكر أو الأفكار في أدب الطفل تخضع لضوابط خاصة تناسب قدرات الطفل.
ذلكم أن أدب الطفل يُسهم في نقل جزء من الثقافة الهامة إلى الأطفال بصورة فنية متميزة قوامها الإمتاع و التثقيف والتنشئة الاجتماعية المنشود في المجتمع.
يـمكن القول واستنادا إلى ما سبق إن المقصود بأدب الطفل ذاك الإنتاج ذو الطابع  الأدبي الذي يُـكتب خصيصا لجمهور الأطفال من سن ما قبل المدرسة إلى سن الثامنة عشر.
     وبالطبع تُـقسم هذه السنوات إلى مراحل متدرجة حددها علماء النفس والتربية بدقة من حيث النمو العقلي والبدني والوجداني ... وهي أقرب ما تكون إلى مراحل التعليم المعروفة، حيث لكل فئة ما يناسبها.
وقوام أدب الأطفال يتمثل في الكلمة الجميلة وعماده الخيال، وغرضه إمتاع و تهذيب وتعليم هذا الطفل وذاك الفتى؛ ويشمل مـختلف فنون القول المعروفة " كالشعر والقصة والرواية والمسرحية والأنشودة ". ويتخذ أشكالا أخرى عبْـر وسائط متنوعة  أهمها الرسوم المتحركة والأشرطة  السينمائية، والغناء الهادف، والشرائط المصورة ومسرح العرائس ...
وأخيرا حتى الأقراص المحوسبة.. أقراص تتضمن بالكاد كل هذه الفنون فضلا عن فيض من شتّى المعارف الإنسانية المختلفة متوافقة مع المستوى العمري والمعرفي للطفل في إطار التثقيف الأدبي، أو العلمي أو حتى التكويني استنادا إلى المناهج التعليمية المعروفة وفي شتى  المواد العلمية، والأدبية، والفنية، والاجتماعية و غيرها.

الفنان ..ذاك الإنسان الذوّاقة

الفنان ..ذاك الإنسان الذوّاقة
بقلم : بشير خلف
      الفنان إنسان لكنه قد يختلف عن الإنسان العادي بأحاسيسه العالية ، وتأمله للحياة ، وهو تأمّلٌ مفتوحٌ يجعله دائما في صراع مع حالات 'المغلق' التي تحيط به.. فالفنان الحقيقي وليس ممارس الفن كما يراه الفلاسفة ، لديه خاصية إخراج الأشياء وإظهارها بشكل بارز كما يقول الفنّان الكبير المبدع عادل إمام في حوارٍ له . وانه ـ أي الفنان ـ يري ما قد لا يراه الآخرون ؛ وقد كان الفن سباقا في اكتشاف ظواهرَ أعلن عنها علماء النفس بعد ذلك ..
    نعني بالفنان هنا كلّ منْ يبدع في الجمال، ويساهم في تهذيب الذّوق، وتربية الإحساس باليراع شعرًا ونثرًا، بالريشة، بالإزميل، باللحن الشجيّ، بالخطّ الجميل.. وكل منْ يُضفي لمسات فنية على ما ينتجه كالنجّار على أثاثه، والحدّاد على ما يصنعه، والدهّان على الألوان التي يتفنّن في مزجها، والزوجة في بصمات تدبيرها، وحسن إدارتها لمنزلها.. كل حركة يقوم بها الإنسان في يومياتها يمكن أن تكون ذات بصمة جمالية وفنّية..    
    الفنّان عاطفة شيّاجة ، وإحساسٌ نبيلٌ ..فالفنّان يخلق العمل الفنّي ليطلق خصائصه الذهنية والوجدانية من عقالها ، ويحرّرها من الرتابة والنمطية ..من قيود العادات والتقاليد ليتّجه بها نحْو الحريّة ، والخير ، والفضيلة ، والحقّ ، والإطلالة على الحياة بمنظار الجمال والحسن .

     إن الفنّان إنسانٌ محكومٌ بغريزته ، وتصوّره المميّز للوجود ، وخصوصية إلهامه ، أي بمختلف الأخيلة والعواطف التي تمور بها نفسه ، فيفجّرها عقله المتوقّد ، وبصيرته الوضّاءة .إن الفنان وهو يبدع فنّه كيفما كان جنس هذا الفن فإنه يستلهم فنّه من روح مجتمعه ، أو من روح المجتمع الإنساني الذي في كل العصور ينشد الحرية ، ويأبى الظُّلْم والجبروت ، فالعواطف والأخيلة لا تكفي وحدها للتعبير عن الصراع الأبدي بين الخير والشرّ ، بين الظلام والنّور ، بين العدل والظُّلْم .
    إنّ الفنّ ما كان ولن يكون حقّا فنّا ، ولن يبلغ أسْمى المراقي ، ولن يكون معبّرا عن الإنسان في حياته ، ولن يكون أداة نضال ، أو أداة تأثير إلاّ إذا كان نابعا بصدق من ذاتية الفنّان ، ومن شعوره بفداحة القبح والشرّ وضررهما على الإنسان أينما كان ، وبضرورة مقاومتهما بطرق المقاومة السلمية أوّلا ، وفي طليعتها الفنون ..يقول الأستاذ إبراهيم المصري في كتابه " خبز الأقوياء " :
( ...وإذن فالفنّ لن يكون حقّا ، ولن يرتفع إلى روْعة التأثير واكتماله ، إلاّ إذا نشب الصراع بين الفنّان ونفسه ، أي إلاّ إذا غالب الفنّان احتدام عواطفه ، وأخيلته ، واستطاع أن يروّض تلك العواطف والأخيلة ويكبحها ، ويحصرها ، ثمّ يتخيّر الصالح القويّ المعبّر منها ، ثم يُبْرزه وينسّقه ، ويصقله ، بحيث يخرج العمل الفنّيّ كالزّهرة المتألّقة السليمة ، في ظاهرها نُضرة الجمال المتكامل الأمثل ، وفي باطنها فوضى الطبيعة ، أي احتدام القوى الطبيعية التي أبدعتها ، والتي عرف الفنّان كيف يضبطها أُسْوة بالطبيعة التي تضبط  نظامها ، وقوانينها ، وهي تختال أمام الناظر في أبدع حُلل جمالها ، وأغْربها)


الكتاب الذي غيّر حياة الكاتب

الكتاب الذي غيّر حياة الكاتب
بشير خلف
مشاركتي في الملف الثقافي الأسبوعي ( ديوان الحياة ) بصحيفة الحياة الذي يشرف عليه الكاتب، والروائي الإعلامي الخيّر شوار.. الملف صدر بتاريخ: الأربعاء 02 جويلية 2014
لا شك في أن قراءة الكتب تساهم في تكوين الشخصية الأدبية. غير أن الإنسان في مسيرته قد يصادف كتابا يغيّر مسار حياته وتبقى بعض تفاصيله حاضرة في ذاكرته مهما تقادم به الزمن.. والإنسان قد يقرأ في حكاياته المئات بل الآلاف من الكتب لكنه في لحظة صفاء قد لا يتذكر إلا عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. فما هو الكتاب الذي قرأته وأثّر في حياتك بشكل جذري؟

الموضوع المشارك به:

كـُــتبٌ احتفت بها الذاكرة.. أرْستْ مسار حياتي المعرفي والإبداعي
بقلم: بشير خلف
عَــصِيٌّ على الــمرْء الذي تماهى مع الفعل الثقافي متلقّيًا، ثم مبدعًا ومنتجا معًا مدّة نصف قرْنٍ أن يحدّد بدقّة الكتب التي تغذّى منها معرفيا، وتأثّر بما حفُلت به، ذلكم أن الكتب كالفاكهة النضرة الجميلة اللّذيذة التي بقدْر ما تتنوّع حسْب المواسم، والفصول تتنوّع في نكهتها، ولونها، وطعْمها.. هذا التنوّع لا يني أن يترسّخ في الذاكرة، كما من خلاله يتغذّى البدن، وتصلب الصحة.. الكتب هي كذلك.
للكتب ِذكرياتها الجميلة مع كل قارئ، ولا تتوقف تلك الذكريات مع الكتاب نفسه، وانما تصل حدود الذكريات الى أبعــد من ذلك من حيث ارتباطها بالأحداث الزمنية.. بالأمور النفسية.. بالمشاعر.. بالمرحلة العمرية.. بالأوقات الثمينة التي أُمضيت مع الكِــتاب، ربّما مع مشاركين آخرين في القراءة .
إلاّ أنّ في كل الحالات هناك كتبٌ يكون لها وقْــــعٌ كبير على عقْل القارئ، وتترك بصماتها في الذهن، وقد تُحدث تغييرا في شخصيته...
ولعلني بحكْــم الظروف التاريخية التي ارتبطت بتــنشئــتي زمن الاحتلال الفرنسي للجزائر، أنني لم أنْــتمٍ لأي مؤسسة تعليمية فرنسية، ولا لأي مؤسسة تعليمية عربية لانعدامها أصلاً؛ فــقـــد كـــان " الكُـــتّاب" المؤسسة الوحيدة التي احتضنتني، وارتويت من روضها الطاهر؛ فما أن انهيت سنة الإحدى عشر سنة من عمري حتى حفظت القرآن الكريم كاملا، وصلّيت به التراويح في ذلك العمر في شهر رمضان بالجامع الكبير أمام العشرات من المصلين.. الكتاب الأول الذي أثّر فيّ، وترك بصماته في عقلي، ووجداني إلى اليوم هذا الكتاب السماوي الربّاني، والذي منه رضعت اللغة العربية نقية، واكتشفت أسلوبها العذب، ولا أحسب أني أفضّل كتابًا آخر بشريا عنه.
وما أن انتسبت إلى سلك التربية والتعليم في منتصف الستينيات حتى بدأت علاقتي بالكتاب قوية، ولا أزال أذكر أن الكثير من العناوين التي اطلعت عليها وقرأتها بمتعة، وأنا الجوعان للقراءة وتحصيل المعرفة، من هذه الكتب: عيون البصائر الشيخ البشير الإبراهيمي، مقدمة ابن خلدون، حديث الأربعاء بأجزائه الثلاث لطه حسين، كتب المنفلوطي، كل ما كتبه جبران خليل جبران، البؤساء لفكتور هيجو، روايات ألبرتو مورافيا، مسرحيات شكسبير، روايات نجيب محفوظ، قصص يوسف السباعي... لتتوالى القراءات فيما بعد للأدب الجزائري القديم، والمعاصر، وللفكر الجزائري المعاصر: مالك بن نبي، عبد الله شريط، سعد الله، أبو العيد دودو...
ومن الكُتّاب الذين أثّروا فيّ كثيرا خلال بداياتي الكاتب المهجري جبران خليل جبران ؛ إذْ ذات يوم في نهاية الستينات وجدت لدى صديق لي عزيز، وهو فنّان تشكيلي، وخطّاطٌّ يعشق الأدب والجمال حينها، بعض كتب للكاتب جبران منها: كتاب النبي، الأرواح المتمردة ،الأجنحة المتكسرة، دمعة وابتسامة.. كان هذا الصديق متأثرا بجبران الكاتب الرومانسي، الرسام الفيلسوف، الشاعر الألمعي، ارتأى الصديق أيّامها أن نقرأ بتمعُّنٍ كتابات هذا الفيلسوف، وليكن الكتاب الأول ( العواصف)، والذي تضمّن واحدا وثلاثين نصًّا.. أتساءل وقد مرّ على هذه القراءات ما ينيف على الخمس وأربعين سنة لِــمَ اخترنا هذا الكتاب قبل غيره من كتب جبران، وقرأنا نصوصه بمتعة، وحميمية، ومن خلالها أحببنا جبران، وعشقنا كل نصوصه الإبداعية شعرًا ونثرًا ؟ ألأنّ هذه النصوص تتحدث عن ظُــلم الإنسان لأخيه الإنسان، ونحن كجزائريين تجرّعنا الظلم مدى قرون، ولا زالت نفوسنا حينذاك تئنّ من ظلم الاستعمار؟ أم لجمالية الأسلوب الجبراني، أم لصرخة هذا الكاتب الطلائعي في وجه الطغّاة لفكّ القيود عن إخوانهم من البشرية، والكلّ بنو آدم ؟
ففي نصّ العبودية يستصرخ جبران الضمائر الميتة في العالم العربي ، ومنذ 1914،أي قبل قرّن تحديدا، كي تنفض عن نفسها ذلّ العبودية التي أثقلت البشرية بكلكلها منذ آلاف السنين، وجعلت أيامهم معتمّة بالذل والهوان، ولياليهم مغمورة بالدماء والدموع، ويا ليته علم حينذاك أنّ الهوان والذلّ، والدماء والدموع ستستمر في هذه البقعة من المعمورة، وأن مواكب الأمم الأخرى إلى الصروح سيتضاعف سيرها، ومواكبنا تتصارع، وتتنافس على الفُتات:
« أيها الناس عبيد الحياة، وهي العبودية التي تجعل أيامهم مكتنفة بالذل، والهوان، ولياليهم مغمورة بالدماء والدموع...»
ومن نصّ " يا بني أمي" :
« ماذا تريدون مني يا بني أمي ؟
أتريدون أن أبني لكم من المواعيد الفارغة قصورا مزخرفة بالكلام، وهياكل مسقوفة بالأحلام؟ أم تريدون أن أهدّم ما بناه الكاذبون والجبناء، وأنقض ما رفعه المراؤون والخبثاء ؟ »
كتاب: دمعة وابتسامة: كتبه جبران بالعربية، وفيه مجموعة قصائده النثرية، وهي تعبر عمّا في فكْــر جبران، ونفسه من خلجات وتأملات في الحياة، طافحة بالإيمان والحب والأمل.
يدور الكتاب حول موضوعات أربعة: المجتمع، والطبيعة، الحب، الوجود، يبين فيه جبران فساد المجتمع، وما فيه من ظلم واستغلال وطمع وفقر، ويرى أن الطبيعة تمثل الخير والطهر والكمال.

هي طائفة من الكتب التي طالعتها ،فأكبرتها وأعجبت بها أيما إعجاب وتركت في النفس آثاراً، ولا أزال أنهل ممّا يجود به الفكر البشري محليّا وعربيا، وإنسانيا..

الجمعة، 4 يوليو 2014

فرنسا يقلقها فرح الجزائريين

فرنسا يقلقها فرح الجزائريين

     حين يتعلّق الأمر بالجزائر، تتنفض فرنسا لأدنى الأسباب، وتحسب لها ألف حساب، وتعلن الطوارئ، والنفير العام.
قام فتية في ضواحي فرنسا، يحملون العلم الجزائري، ويهتفون بالجزائر، ويرددون شعارات رياضية، بمناسبة تأهل الفريق الوطني الجزائري للدور الثاني.
قامت قيامة فرنسا .. هذا يطالب بعدم رفع أيّ علم أجنبي، ويقصد بالطبع العلم الجزائري. وتلك تطالب بمنع نقل أيّ مباراة تضم الفريق الجزائري، عبر الشاشة العملاقة. وآخرون يطالبون بسحب الجنسية الفرنسية من كل أجنبي، يرفع علما غير العلم الفرنسي، ويقصدون كالعادة رفع العلم الجزائري. ولعلّ آخر الأعمال المشينة، حرق العلم الجزائري، بعد مباراة ألمانيا.
     إذا أردت أن تفهم الموضوع، ضع الأرجل جانبا، فالأسطر لاتعالج هذه النقطة، ثم إن ما قامت به فرنسا، أعمق بكثير من هدف يسجّل ، أو تمريرة تمرّر. فالسلوك الفرنسي تجاه الجزائر، بدأ منذ عهد المروحة، ولا يبدو أنه ينتهي بتأهل أو انسحاب.
      النقطة الثانية التي تستحق الوقوف، قبل الانطلاق في الموضوع، تتمثل في .. أن الذين احتفلوا بالفريق الوطني الجزائري من الناحية القانونية، هم الجيل الثال والرابع من الجزائريين الذين يحملون الجنسية الفرنسية. فقد ولدوا في فرنسا وبين أزقتها، ولم يعرفوا وطنا غيرها، ودرسوا فيها ولم يتعلموا على أستاذ غير الأستاذ الفرنسي، وتربوا على خيراتها وثقافتها، ونظامها الديني العلماني.
إذن السؤال المطروح .. مادخل الجزائر في الموضوع، وكأنها هي التي حرّتضهم؟ !. وكان على فرنسا، أن تلوم أجهزتها الإدارية والتعليمية والثقافية والدينية، عن إعلان فرح هؤلاء الشباب الفرنسي الجنسية، بالفرح بالفريق الوطني الجزائري، رغم أنهم لايعرفون الجزائر، وربما لم يزوروها قط.
بقيت ملاحظة، مفادها، لابد للجزائري الغيور على وطنه أن يطرحها، وهي.. احتفل بوطنك، وبكل مايفرح وطنك، داخل الوطن وخارجه، وأعلن عن الفرح، واكتب عنه. لكن احترم قوانين الدول التي ولدت فيها، والتي تقيم بين ظهرانيها. فالضيف يحترم تقاليد صاحب البيت، أو يمتنع بأدب، إن كان في الالتزام مايسىء ويضر. فالحرق، والتدمير، والتحطيم، والسطو، والاعتداء، مذموم داخل الوطن وخارجه، وسواء صاحبه أصيب بمصيبة، أو أعلن عن فرحه.
     بقيت نقطة أخيرة، وهي صلب الموضوع، ولأجلها ، كانت هذه الأسطر والآهات، وتتمثل في .. بنيت عظمة فرنسا، واقتصادها القوي، على سواعد الجزائريين، وعرقهم بل دماءهم، منذ أن تعاملت مع الجزائري على أنه من الأهالي والطبقة غير المصنفة، التي تمنح لها قطعة الخبز، كصدقة يتصدق بها الفرنسي، مقابل عرق الجزائري طوال الليل والنهار.
      لذلك تجد فرنسا، تفرح كثيرا بالجزائرين .. حين يبنون لها العمارات، ويشيّدون لها المصانع، ويعبّدون لها الطرقات، وينظفون لها المجاري، ويحملون عنها الأثقال، ويداوون مرضاها، ويتفنون في صناعة السيارات بأنواعها وأشكالها، ويقدّمون لها خيرة أبناءها وشبابها، ليموتوا لأجلها في الحرب العالمية الأولى والثانية، ويمنحون لها الأرجل، التي بفضلهم، رفت فرنسا الكؤوس فوق رؤوس الأمم، وأمست في المرتبة الأولى، وهي التي لم تكن تحلم بالمرتبة الدنيا.

      لكنها تغضب، وتغضب بشدة، ويقلقها الجزائري.. حين يعبّر عن فرحه، والوقوف لنشيد بلاده، والهتاف بموطن الأجداد. مع العلم هذا الجزائري، يحمل الجنسية الفرنسية، مولدا ونشأة. فتحرق فرنسا العلم الجزائري، نكاية في فرحه، ويتهم بالعنصرية، حين يستعمل رأسه، وينهزم الفريق الفرنسي، وكأنه كتب على الجزائري ، أن لايشارك بني جلدته أفراحهم، ولو لأجل جلدة منفوخة.

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...