الثلاثاء، 28 أبريل 2015

باري عطوان يحمل صدام مسؤولية صناعة “داعش”

عطوان يحمل صدام مسؤولية صناعة “داعش”
         يرى الكاتب الصحفي الفلسطيني عبد الباري عطوان في كتابه الأخير “الدولة الإسلامية: الجذور. التوحش. المستقبل” الصادر حديثا عن دار “الساقي”، أن تنظيم الدولة الإسلامية أقرب إلى الدولة فعلا منه إلى تنظيم إرهابي فحسب، موضحا أن التنظيم تبنى أسلوب العنف الزائد أو “التوحش” عمدا، من أجل إرهاب أعدائه وسحقهم نفسيا.
       وقال إن الولايات المتحدة لم تؤسس الدولة الإسلامية، وأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين هو الذي بذر البذور الأولى لقيام تنظيم من هذا النوع يعتمد العنف المفرط في الوحشية.
        يعتقد عطوان أن ارتكاب المجازر والوحشية ليس حكرا على الإسلاميين، بل هو سمة رهيبة عرفها التاريخ عند المسيحيين والمسلمين وغيرهم. وأبدى خوفه من أن تمتلك الدولة الإسلامية أسلحة كيماوية، لأنها من ضمن مفهومها بتبني “الوحشية” ستكون مسرورة باستعمال مثل هذه الأسلحة. ورأى أن الدولة الإسلامية لن تختفي قريبا، وأنها ستعمل على التوسع، وستخلف على الأرجح تنظيم القاعدة في العالم بعد أن تفرعت عنه هي وتنظيم النصرة الإسلامي، قبل أن يدب الخلاف بينهما. وتحدث عن الشخصية المميزة التي يتمتع بها قائد الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي الذي أعلن نفسه خليفة للمسلمين.
        وبحسب عطوان فإن تنظيم الدولة الإسلامية لم يكن “نسخة جديدة من تنظيم القاعدة، وإنما يشكل نموذجا مختلفا من حيث الأيديولوجية والنشأة والأولويات. فتنظيم القاعدة حصر أولوياته في محاربة الغرب والولايات المتحدة بالذات وإخراج قواتها من الجزيرة العربية، بينما أراد تنظيم الدولة استغلال حالة الانهيار الذي تعيشه المنطقة وضعف الحكومات المركزية وتعاظم التدخلات العسكرية الغربية وتعاظم الاستقطاب الطائفي، لإقامة دولة وفق مقاساته الأيديولوجية”.
         وقال إن الولايات المتحدة “لم تؤسس تنظيم الدولة الإسلامية في اعتقادنا.. ولكنها خلقت الحاضنة لقيام التنظيم بسبب سياساتها التدميرية والعدائية للعرب والمسلمين، من خلال اجتياحها العراق أولا، ومن خلال حلفائها في بغداد ودول خليجية وعربية عديدة”. ومضى يقول “ربما لا نبالغ إذا قلنا إن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين هو الذي بدأ في التمهيد العملي والعقائدي واللوجستي للدولة الإسلامية، سواء جاء ذلك بمحض الصدفة أو نتيجة خطة محكمة.
        فعندما أدرك الرئيس صدام أن أمريكا تريد الإطاحة به ونظامه، قرر التحول إلى الله وتبني الهوية الإسلامية والجهاد الإسلامي خصوصا كعقيدة لمواجهة الاحتلال المتوقع”.
          وتحت عنوان “جيل مختلف”، تحدث الكاتب عن مقاتلي الدولة الإسلامية، فقال “صحيح أن نسبة كبيرة من مقاتلي هذه الدولة هم من الشباب الإسلامي المتحمس المتطلع للشهادة وإقامة الدولة الإسلامية النموذج في تطبيق الشريعة، ولكن الصحيح أيضا أن عقولا إسلامية جبارة انضمت إلى صفوفها أيضا، تعلمت في جامعات غربية في مختلف المجالات العلمية والشرعية والاقتصادية والإعلامية والأدبية”.
        وتحت عنوان “شخصية غريبة”، تحدث عن البغدادي “وكيفية صعود نجم هذا الرجل الغامض الهادئ المبتعد عن الأضواء وقليل الكلام”.
       وفي الفصل الثالث تحدث عن “انشقاق النصرة عن الدولة”، فقال إنه في عام 2011 أرسل البغدادي أمير الدولة الإسلامية في العراق آنذاك، وبالتشاور مع أيمن الظواهري زعيم القاعدة، الشيخَ أبو محمد الجولاني إلى سوريا لتأسيس جماعة جهادية هناك للقتال من أجل إسقاط النظام. وتعززت مكانة جبهة النصرة، وأعلن البغدادي سنة 2012 ومن جانب واحد أن الدولة الإسلامية في العراق وجبهة النصرة قررتا الاندماج في تنظيم واحد تحت اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
          وما لبث الانقسام الأيديولوجي بين الجبهتين وبين البغدادي والظواهري أن بدأ يطفو على السطح. وقال “استراتيجية جبهة النصرة كانت أقل تشددا من نظيرتها في الدولة الإسلامية، وتقوم وفق نظرية تقول إن الشريعة الإسلامية يمكن تطبيقها بشكل تدريجي. الدولة الإسلامية في العراق والشام أصبحت أكثر تشددا من أبو مصعب الزرقاوي (زعيم القاعدة في بلاد الرافدين) نفسه في طائفيتها غير المتسامحة مطلقا مع المذاهب الأخرى، وتطبيقها المتشدد جدا للشريعة الإسلامية وأحكامها”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للإثراء أو التعليق: اضغط على الرابط ( ليس هناك تعليقات، هناك تعليق...)


أول مخطوط عربي في أدب الطفل

أول مخطوط عربي في أدب الطفل
بقلم: بشير خلف
         يُخطئ منْ يظن أن أدب الأطفال لم تعرفه الحضارة العربية الإسلامية إلاّ بعد معرفة الغرب له، فقد عُـــــــــثر على أوّل مخطوط إسلامي اهتمّ بأدب الأطفال، ويرجع تاريخه إلى القرن العاشر الهجري، ويضمّ المخطوط 64 ورقة وكل ورقة بها 21 سطرًا.
          المخطوط بعنوان :( تحرير المقال في آداب، وأحكام، وقوانين يحتاج إليها مؤدِّبو الأطفال)
        مؤلف المقال هو الشيخ العالم الكبير أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي الأنصاري، وهو فقيه وعالم مصري، ولد عام( 909 ه ـــــ 1504 م)، وتُوفّي في مكّة المكرّمة عام( 974 ه ـــــ 1560 م)، وقد نُقل المخطوط من أحد المساجد بالقاهرة إلى مكتبة الأزهر، سُجّل في نطاق علم التربية والأخلاق تحت رقم 743 خاص، ورقم 34106 عام.
       المخطوط نفيسٌ في بابه، وهو دليل على تفتّح العقلية العربية على آفاق الإبداع، والتأليف في الفنون المستجدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للتعليق، أو الإثراء.. اضغطْ على رابط: ليست عناك تعليقات، أو هناك تعليق، تعليقات

الأحد، 26 أبريل 2015

ابن باديس احتضن الأباضية

 ابن باديس احتضن الأباضية
      اعتبر أحد أعيان مدينة بني ميزاب “غرداية” في قسنطينة، لوامج مسعود، رئيس جمعية الهدى بقسنطينة، أن العلامة ابن باديس، الوحيد الذي استطاع جمع  المسلمين الجزائريين بعيدا عن الطائفية، واحتوى المذهب الإباضي بروح الأخوية.
      وذكر لوامج مسعود، أحد أعيان مدينة غرداية في قسنطينة، على هامش فعاليات الملتقى الدولي، حول عبد الحميد بن باديس في الثقافة العربية، الذي احتضنته قسنطينةأخيرا، أن هذا الأخير ألمّ بوضوح ملامح الشخصية الجزائرية المسلمة، التي تحترم ثوابتها، ضمن فكر جمع كل الجوانب.
      وقال المتحدث، إن ابن باديس ورغم سنه الذي لم يتجاوز 50 سنة عند وفاته، إلا أنه ترك تراثا قيما، جمع فيه بين كل المسلمين الجزائريين وبمختلف مذاهبهم، حيث نبذ الطائفية وذوّبها داخل جمعية العلماء المسلمين واحتوى السنّية والإباضية والصوفية بروح الأخوة، مبدأها الإصلاح، مشيرا في سياق حديثه إلى أنه استطاع بعبقريته أن يجمع كل الطوائف بفكر معتدل، جعل الجميع يعرب له الولاء في تلك الظروف الوطنية الصعبة، وهو ما نحتاج إليه، على حد قوله، في هذه الأيام مع الصحوة الموجودة.

        وعن الجدل حول تمثال ابن باديس المنصّب في قسنطينة، قال المتحدث إنه مناف للقيم وتعاليم الدين الإسلامي، وابن باديس لم يكن ليرضى عنه لو كان حيا، وهو نفس ما ذهب إليه، رئيس مؤسسة ابن باديس الدكتور عبد العزيز فيلالي، الذي أكد أن العلامة ابن باديس، كان من بين المصلحين الرافضين للتماثيل أثناء نشر فكره الإصلاحي وكان يبدي خوفه من تحوّله إلى مقصد لممارسة الطقوس، قائلا “ابن باديس في قبره غير راض عنه”.     

إهمال تاريخ الجزائر أدى لحضور مستمر للاستعمار

إهمال تاريخ الجزائر أدى لحضور مستمر للاستعمار
         يتبادر إلى ذهن المواطن الجزائري في كل مرة تتداول فيه كلمة ”التاريخ”، مرحلة الثورة وحرب التحرير دون غيرها من الحقب التاريخية. وكأن التاريخ أصبح يعني فقط الحرب التي خاضها الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي، ولا يعني الحقبة الوسيطة أو المرحلة العثمانية أو تاريخ ما قبل الإسلام.
       وارتبطت هذه الانتقائية برغبة السلطة الحاكمة عقب الاستقلال الوطني في 1962، في تحويل تاريخ الثورة إلى فضاء للشرعية. وداخل هذه الانتقائية شهدنا انتقائية جزئية أخرى، تمثلت في أولوية التاريخ العسكري وتمجيد المعارك والبطولات الحربية على التاريخ السياسي والدبلوماسي ودور النخب المثقفة.
        وتستمر هذه الانتقائية إلى اليوم، وكان لها انعكاس بارز على سلوك الإنسان الجزائري وعلاقته بالتاريخ الذي انحصر في الثورة، فتكوّن لديه تركيز مبالغ فيه على هذه المرحلة، فنتج عن ذلك ارتباط مستمر مع ”الاستعمار”، الأمر الذي حال دون بروز رغبة في التحرر من هذه النظرة التي تجعل هذا الاستعمار حاضرا في حياتنا اليومية بشكل يشبه الهوس.
        لقد تكونت لدينا ذاكرة يحتل فيها المستعمر الفرنسي مكانة مهمة، وعليه قال باحثون في التاريخ لـ ”الخبر” إن الاشتغال على جميع الحقب التاريخية، هو الحل الوحيد القادر على ”تكوين جذور متينة”.

الدكتور رابح لونيسي لـ ”الخبر”
 ”لدينا رغبة لاشعورية لتناسي ما يُعتقد أنه جوانب مظلمة في تاريخنا”
  ”المؤسف هو بروز نوع من حرب ذاكرة لأسباب إيديولوجية وجهوية”
         يرى الدكتور رابح لونيسي أن السلطة بعد الاستقلال ركزت في تلقين التاريخ على مراحل دون أخرى، بدل تلقين تاريخ الأمة الجزائرية كلها بكل مكوناتها ومراحلها من القديم إلى اليوم، وركزت على تاريخ ”حرب التحرير” دون غيره، موضحا أنه تم بانتقائية بإقصاء المعارضة، وصوّر كأنه تاريخ حزب جبهة التحرير الوطني، وكأن الأخير استمرارية لجبهة التحرير الوطني التاريخية ببطولاتها وتضحيات رجالاتها، واستهدف من خلال ذلك إعطاء قداسة وشرعية تاريخية لدولة الحزب، ومن خلاله للسلطة القائمة.

         ما هي التفسيرات التي يمكن تقديمها لانتشار ظاهرة التركيز على تاريخ حرب التحرير، لما نتناول مسألة التاريخ، وإهمال الحقب الأخرى منذ العصور القديمة؟
         لا يمكن عزل بعض الخطابات التاريخية عن الصراعات السياسية والإيديولوجية السائدة في المجتمع، فالاهتمام بقضايا ومراحل تاريخية معينة دون أخرى هو انعكاس لتلك الصراعات ولحاجات المجتمع أو السلطة، فبإمكان هذه الخطابات ذاتها أن تعد مصدرا لكتابة تاريخ الفترة التي ظهرت فيها، إذا عرفنا الربط بين الظروف، وإنتاج بعض هذه الخطابات غير الموضوعية، لأنها انعكاس لصراعات تلك الفترة، بتوظيف معلومات منتقاة من الماضي لأغراض سياسوية، فبعض الخطابات التاريخية هي مجرد اختراع أسطوري بعيد عن الحقيقة، وتروج بواسطة الأدوات الإيديولوجية للسلطة السائدة في أي مجتمع، ولعل هذه الخطابات البعيدة جدا عن الموضوعية هي أحد أسباب عزوف البعض عن الاهتمام بالتاريخ، إضافة إلى عدم وعي بعض العارفين بأهمية التاريخ في بناء الأمم والدول، ورسم الاستراتيجيات، وفهم حركية المجتمعات ونفسياتها الجمعية كلما توغلنا في غور تاريخها، حسب يونغ.

         هل معنى هذا أننا قمنا بتلقين التاريخ وفق منهجية خاطئة، واستنادا إلى خيارات سياسية؟
        أعتقد أن تلقين التاريخ للمواطن يتم في المدرسة في كل الدول، لكنه يلقن حسب الإجابة على سؤال جوهري: هل الهدف من تلقينه هو بناء الأمة بكل مكوناتها ومناطقها دون أي إقصاء، أم مجرد توظيف للتاريخ خدمة للسلطة السائدة؟ ففي الدول ذات الأنظمة الشمولية يلقن التاريخ بانتقائية وتزوير، لأن الدولة هي دولة مجموعة أو حزب أو إيديولوجية، أما في الدول الديمقراطية فالدولة هي دولة كل الأمة، فلهذا يتم تلقين تاريخ الأمة كلها دون أي إقصاء.
        وقد تم التركيز في جزائر ما قبل 1988 في تلقين التاريخ على مراحل دون أخرى، بدل تلقين تاريخ الأمة الجزائرية كلها بكل مكوناتها ومراحلها من القديم إلى اليوم، ورغم أننا نجد بعد 1988 نوعا من التصحيح في المناهج وتدارك هذا الظلم في حق بعض مراحل ومكونات ورموز الأمة، فإنه لازال يحمل نقائص عدة، والمفروض تلقين تاريخ الأمة بكل حلقاته في كل الأطوار التعليمية، ويكرر في كل طور تعليمي بالتوسع فيه حسب قدرة استيعاب التلميذ، لكن ما هو حاصل اليوم عكس ذلك، فمثلا ندرس ماسينيسا ويوغرطة وعبد المؤمن بن علي أو الدولة النوميدية والرستمية والحمادية في الطور الابتدائي أو بدايات المتوسط، ثم لا نعود إليها بتاتا، فهل سيترسخ ذلك في ذهن الطفل؟ ولهذا يقول الكثير إننا لم نسمع بهذه الدول والرموز، لأنهم تلقوها في فترة تصعب عليهم استيعابها، لكن لو نعيدها في كل طور تعليمي متقدم، بتوسع أكبر وحسب قدرة التلميذ على الاستيعاب، فستترسخ في ذهنه كل المعالم التاريخية للأمة. هذا هو الخلل الموجود في تلقين تاريخ الأمة في المدرسة الجزائرية.

وكيف تنعكس هذه النظرة الشاملة غير الانتقائية على حياة المواطن؟
        هذا الاهتمام المبكر بالتاريخ بكل مراحله، يجعل المواطن غير ملم بأهم معالم تاريخ أمته ومراحلها، وأبرز أحداثها التي يجب ترسيخها في ذهنه، فلكل أمة تاريخها المختصر الذي يجب أن يعرفه كل منتم إليها، لأنه تعبير عن هويتها وعزتها والرابط بين أفرادها، وتجعل المواطن لا يحتقر ذاته، ويتجذر في هويته ولا يصبح قشة دون معالم ثقافية وجذور تاريخية عميقة، فتهزه وتقتلعه كل ريح خارجية تهب عليه، فتاريخ الأمة وثقافتها هي الكفيلة بغرس الروح الوطنية في الإنسان الجزائري.
        بالإمكان تبسيط تاريخ الجزائر بالتركيز على معالمها ورموزها كما فعل مثلا توفيق المدني في كتابه ”الجزائر” في الثلاثينيات مثلا، وكما فعل ” لافيس” في فرنسا، حيث عُد كتابه بمثابة إنجيل الوطنية الفرنسية آنذاك، وبإمكان اتخاذ إلياذة الجزائر لمفدي زكريا بمثابة كتاب هذه الأمة، لأنه تطرق إلى كل تاريخها من الجذور إلى 1962، بكل أمجادها السياسية والحضارية والثقافية وحتى جغرافيتها، لكن بأسلوب شعري مؤثر، ولو درسنا الإلياذة كلها لأبنائنا وشرحنا مدلولاتها، فستكون كافية لغرس روح الاعتزاز الوطني في أبنائنا.

        وهل تغيرت أمور بخصوص نظرة السلطة لهذه المسألة بعد الخروج من مرحلة الأحادية؟
        إن الاهتمام بمراحل تاريخ الجزائر وتلقينه للأجيال مر بفترتين:
- قبل 1988 أي في عهد الأحادية: وفيها تم التركيز على تاريخ الثورة بانتقائية بإقصاء المعارضة، وصور كأنه تاريخ حزب جبهة التحرير الوطني، وكأن الأخير استمرارية لجبهة التحرير الوطني التاريخية ببطولاتها وتضحيات رجالاتها، واستهدف من خلال ذلك إعطاء قداسة وشرعية تاريخية لدولة الحزب، ومن خلاله للسلطة القائمة، وحتى عند تناول تاريخ الثورة ضُخم الجانب العسكري على حساب السياسي والدبلوماسي لأهداف عدة، منها إقصاء الحكومة المؤقتة من التاريخ، فكان أحد أسباب ترسيخ فكرة العنف كأسلوب لأي عملية تغيير في ذهن الكثير، وحتى عند تدريس المراحل التاريخية الأخرى كالقديم والإسلامي مثلا، يتم التركيز على الجانب العسكري وتغييب الجوانب الحضارية والثقافية، ما خلق عقدة نقص لدى الكثير منا، وكأن الأمة الجزائرية الممتدة على آلاف السنين لم تقدم أي إنجازات حضارية، وإن ذكرت تنسب للغزاة، كما همش تاريخ التيار الاستقلالي لكي لا تذكر رموز كبرى معارضة للنظام، وكأن الثورة جاءت من العدم في 1954 وليس لها جذور، حسب تعبير بن خدة.
        وقد تغير الأمر تدريجيا بعد 1988 ببروز الخطاب التاريخي للمعارضة، بفعل توفر الحريات وبداية محاولات محتشمة لتلقين تاريخ الأمة كلها في المدرسة، لكن انصبت الاهتمامات الشعبية على تاريخ الثورة في البداية، وأحد أسباب ذلك ولع الشعوب بالتاريخ القريب، مثل شغف الكثيرين اليوم بمعرفة تاريخ جزائر ما بعد 1962 وصراعاتها، ومنها أحداث التسعينيات، لكن أقبل هؤلاء أيضا بشغف على معرفة ما حدث فعلا أثناء الثورة، بعد بروز خطاب جديد أعاد النظر في الكثير مما كان يقال من قبل، وحُطمت الطابوهات، وبرزت قضايا اعتبرت أسرارا للثورة، تعد عامل جذب للاهتمام بتاريخ الثورة، عكس لغة الخشب التي سادت لعقود.
       لكن الملاحظ أن هذه المرحلة، أي مرحلة ما بعد أكتوبر 1988، عرفت عدة صراعات بين الفاعلين، وأدت إلى بروز نوع من الحذر، لماذا راجت هذه الظاهرة؟
          ما يؤسف له هو بروز نوع من حرب ذاكرة بين الجزائريين في السنوات الأخيرة، لأسباب إيديولوجية وجهوية، وتصفية حسابات بين الفاعلين التاريخيين، ما أدى إلى انتقاء الرموز مثلا حسب الإيديولوجية أو الجهة وغيرها، وهو ما يعبر عن تفشٍّ خطير للجهوية والصراعات بشكل مهدد لوحدة الأمة مستقبلا، ويخشى ابتعاد الجزائري حتى عن الاهتمام بتاريخ الثورة، بسبب البلبلة التي وقعت له، وتشويها من المتاجرين بها، فتضاف مرحلة الثورة إلى المراحل التاريخية الأخرى التي تناساها بعض الجزائريين، كأنهم أرادوا التخلص منها بعد التشويه والطمس الذي ألحق بها على يد إيديولوجيي مختلف الحقب الاستعمارية التي تعرضت لها أمتنا، وصوروا هذه المراحل التاريخية لشعبنا بأنها فترات مظلمة مثل غوتييه، وبأنها مجرد فترات حروب وانكسارات وغزوات وتتالي حملات الاحتلال، ومنها تغييب إنجازات أجداده الحضارية وإبداعاته ونسبها لمختلف الغزاة، ولعل هذا ما يفسر رغبة لاشعورية لتناسي ما يعتقد أنه جوانب مظلمة في تاريخه بفعل ذلك التشويه والطمس التاريخي.

        وهل كان للجانب الإيديولوجي تأثيره في هذه المسألة؟
         نعم، لقد كان للتيارات الإيديولوجية السائدة في المجتمع تأثير على مختلف الاهتمامات، فنجد مثلا تيارا يهتم بجمعية العلماء وتاريخ الإسلام ساعيا للبحث عن شرعية له في هذا التاريخ، كما نجد نفس الأمر عند حركات اليسار التي اهتمت بتاريخ الحركات الاجتماعية، ونسجل ملاحظة أخرى تتمثل في استيلاء واحتكار تيارات إيديولوجية مقومات وأبعادا مكونة للأمة، فنجدها تركز على البعد التاريخي لذلك المقوم الذي استولى عليه مُقصيا ومهمشا بل مشوها الأبعاد والمقومات الأخرى التي لا تخدم إيديولوجيتها.     

الأستاذ موسى معيرش
 ”تاريخنا تعرض للسرقة من طرف فرنسا”
         ذكر الأستاذ موسى معيرش، الأستاذ بجامعة خنشلة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية والأستاذ المشارك في كلية أصول الدين بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، أن تاريخ الحقبة الاستعمارية هو آخر مرحلة من مراحل تاريخ الجزائر من حيث ”الخضوع للاستعمار”، ووصفها بالمرحلة التي لا تزال حديثة وقريبة جدا ولها حضور قوي في الذاكرة، وهي جرح لم يندمل بعدُ بالنسبة للفاعلين في هذه الأحداث الأليمة، وبالتالي فإن العودة إليها والتركيز عليها ما يزال محل اهتمام كبير من قبل الباحثين والرأي العام على حد سواء.
       وقال الأستاذ معيرش ”إن آثار الحقبة الاستعمارية لا تزال قائمة إلى يومنا هذا، على غرار اليربوع الأزرق التي ما زال تأثيرها على سكان الجنوب. من جهة أخرى فإن السياسة المتبعة منذ الاستقلال جعلت الاهتمام ينصب على تاريخ حرب التحرير دون غيره من الحقب التاريخية.
       كما أن مسألة عدم اعتراف فرنسا بجرائمها تترك الجزائريين حساسين تجاه هذه الحقبة، إلى درجة نسيان وإهمال باقي الحقب التاريخية”. ويضيف الأستاذ أن تاريخ الجزائر تعرض لما يشبه السرقة من قبل فرنسا ولا يزال محبوسا لديها، موضحا أن اليمين المتطرف الصاعد بقوة في فرنسا لم يتقبل أبدا فكرة الاستقلال، لتبقى الحساسية قائمة بين الشعبين. وبحسب الأستاذ معيرش، فإن كل هذه الأمور تجعل الجزائر غير متصالحة مع فرنسا، وجيل المجاهدين لم يتمكن من النسيان، ولا يركز سوى على المرحلة ما بين 1954 و1962.

الدكتور عبد الله بوخلخال عميد جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية
”نحن بحاجة لمن يروج لتاريخنا القديم”
       تأسف الدكتور عبد الله بوخلخال، عميد جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، على استمرار حصر تاريخ الجزائر في الحقبة الاستعمارية رغم ثرائه وغناه، واعتبر أن المشكل لا يكمن في الباحثين والمؤرخين أو المادة التاريخية الموجودة بغزارة والمتوفرة بحجم كبير، بل في من يسوقها، خاصة أن جامعة قسنطينة تضم كلية للتاريخ وقسما لتاريخ الجزائر، مضيفا أن المؤرخين والمنظرين الأوربيين قد سيطروا على علم تاريخ الشعوب والحضارات، واستخرجوا منها مبادئ لم تأخذ في الحسبان، إلا جزءا من تجارب المجتمعات القديمة، والتي ظلت لفترات طويلة تحت السيطرة الاستعمارية على غرار الجزائر.    

الأستاذة فاطمة الزهراء قشي
 ”دور النشر هي التي تختار المواضيع التاريخية”
        ذكرت فاطمة الزهراء قشي، مديرة مخبر التاريخ والتراث والمجتمع ومسؤولة النشر بجامعة قسنطينة 2، أن حصر التاريخ الجزائري في الحقبة الاستعمارية راجع لكون وسائل الإعلام ودور النشر هي التي تختار المواضيع أو التركيز على هذه المناسبة أو تلك، دون غيرها. وأكدت الأستاذة قشي أن هذا الأمر لا ينفي وجود أساتذة ومؤرخين للتاريخ الجزائري قد تعمقوا في دراسة مختلف الحقب الزمنية التي شهدتها الجزائر منذ فجر التاريخ، غير أن هؤلاء لم تسلط عليهم الأضواء، على غرار الباحث المختص في فترة ما قبل التاريخ الأستاذ عبد العزيز بن الأحرش صاحب ”بشريات ما قبل الإنسان”. وتضيف المتحدثة أنه يوجد مختصون في مختلف الحقب التاريخية في الجزائر، بما في ذلك الفترة الوسيطة، على غرار الأستاذ عبد الناصر جبار، والأستاذة بوبة مجاني صاحبة ”أثر العرب اليمنية في تاريخ بلاد المغرب في القرون الثلاثة الأولى للهجرة”، يضاف إلى هؤلاء مختصون في التاريخ القديم والآثار الذي نبغ فيه عدة أساتذة، على غرار الأساتذة سعاد سلمياني وسفيان بوذراع ومحمد العربي عقون، لكن أعمالهم تظل مجهولة.    
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المرجع: يومية الخبر ليوم 14 ابريل 2015 الجزائر حميد عبد القادر / قسنطينة: صوفيا منغور 

السبت، 25 أبريل 2015

بفندق اللُّــــــــوس بمدينة الوادي

02/12/2015 
بفندق اللُّــــــــوس بمدينة الوادي
         من اليمين : الدكتور الباحث والروائي عميش عبد القادر(جامعة الشلف، على يمينه الدكتور الباحث ميسوم عبد القادر( جامعة الشلف) ، على يمينه الأستاذ الهادي منّاني رئيس الجمعية الوطنية الثقافية محمد العيد آل خليفة.
      في الوسط : المرحوم الأستاذ الكاتب والناقد شرادة الجيلاني الذي توفّاه الله أخيرا.. اللهم ارحمه واغفر له.

       من اليسار: الكاتب الروائي عيساوي عبد الوهاب(الجلفة)، على يساره الأستاذ الشاعر المبدع البشير المثردي، على يساره الكاتب الروائي ضيف الله عبد القادر ( عين الصفراء)، على يساره الأستاذ عوينات عبد الغني الباحث في التربية ، والإطار في الإشراف التربوي والتفتيش بولاية الوادي.

الجمعة، 17 أبريل 2015

من المثقف العضوي إلى المثقف الفيسبوكي

                                      من المثقف العضوي إلى المثقف الفيسبوكي
       مقالي الصادر بيومية بـ " ديوان الحياة " الموسوم ( من المثقف العضوي إلى المثقف الفيسبوكي) الذي يشرف عليه الكاتب الروائي والإعلامي الخيّر شوّار، بتاريخ 15/04/2015 بعنوان:

                       بدائل معاصرة تُطيح بالمثقف التقليدي من عليائه
       كلما وقع المجتمع في مأزق، أو ألمَّ به خطْبٌ ما، أو واجه معضلة تاريخية تساءل أفراده عن المثقف، أين هو؟. لماذا هو صامت ؟. ويُسهَــبُ في الحديث عن وظيفته، وأي دور يمكن أن يؤديه ؟. وأحسب، بدءاً، أننا نُحمِّل المثقف ما لا طاقة له به، ونفترض أنه يمتلك عصا سحرية، بها يستطيع أن يغير من اتجاه ما يحصل، وكأن المثقف ليس جزءاً من المجتمع بما يشوبه من أزمات، وهو القادر على إخراج الجميع من المآزق التي لم، ولن تنتهي؛ وننسى أو نتناسى أنّ هناك بدائل أخرى أقوى من المثقف اكتسحت حياتنا، ودفعت به إلى الصفوف الخلفية .
       توجد في كل مجتمع شريحة اجتماعية متميزة عن باقي شرائح المجتمع، تكون مؤهلة للتأثير في ذلك المجتمع سلباً وإيجاباً وتأخذ مواقع ريادية في رسْم هوية وشخصية ذلك المجتمع.
       كما تتحمل هذه الشريحة مسؤولية كبيرة في تحديد اتجاه تكامل هذا المجتمع نحو الرشد والنضوج في جميع مجالات حياته من خلال بثّ الوعي داخل صفوف المجتمع، وممارسة النقد البناء والإيجابي للأفكار، والقيم، والاتجاهات الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، وغيرها وتبنّي قضاياه وتحديد اولوياته. هذه النخبة ليست المثقف وحده؛ بل هناك نُخب كثيرة : عسكرية، سياسية، اقتصادية، سياسية، صحية، أكاديمية جامعية، مجتمع مدني، دينية، ثقافية،...
       وقد نستأنس بتعريف للمثقف أورده الفيلسوف الأمريكي الراحل إدوارد شيلر بقوله : " المثقفون هم قطاع من بين المتعلمين يسعون إلى صياغة ضمير مجتمعهم ليتجه اتجاها راشدا، ويؤثرون على القرارات الكبرى لهذا المجتمع ."
       السؤال الجدير بالطرح هنا، هل هذه النخبة بإمكانها أن تؤدي أدوارها التوجيهية والتنويرية وفْق المواصفات السالفة الذكر في عالم متغيّر، متعدّد مصادر المعرفة، وزاخر بنتاجات التكنولوجية الحديثة التي سهّلت الحصول على اصناف المعرفة بيُسْرٍ، وبلمسة زرٍّ. لا ننس أيضًا مراكز القوى الاقتصادية والمالية التي تتحكّم في القرار السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، وتوجّه الإعلام بكل مكوّناته نحو خياراتها الممنهجة.
علينا أن نُــقــرّ أن دور المثقف قد بهُت في هذا العصر الذي يشهد تراجعا لإسهامات المثقفين، أو النخبة في تنمية المجتمع، وغياب تأثيرهم الاجتماعي والثقافي في حركة الواقع المجتمعي، فلم يعودوا قادة الرأي العام، ولا هم بالاستشرافيين للمستقبل القادم، فقد رحلت تلك الأوهام حين كانوا ينظرون لعطائهم بوصفه إنارة للطريق ومنقذا للخروج من التيه الذي قد يحلّ بالمجتمع.
        بكل مرارة منْ نصفهم بالنخبة ليس لهم حضور بارز في تحريك مجريات الأمور كما كانوا في السابق إبّـــان التحولات المجتمعية والفكرية بل أنهم مثلهم مثل سائر الفئات الاجتماعية.
عالمنا العربي والجزائري يمور بالأحداث اليومية لا أثر لنخبنا المثقفة حتى وهي في مواقع الأحداث للمساهمة في إطفاء نار الفتن، بل العجز حتى في إصدار بيان.. ناهيك عن التواجد والتأثير في التجمعات أو الملتقيات الوطنية والدولية في قضايا المال، والاقتصاد، والتربية، والصحة، والبيئة، والسياحة، وغيرها. حتى جامعاتنا منكفئة على نفسها ومعزولة عن المجتمع، لا أساتذتها ــــ إلاّ القلّة ــــ ولا طُلاّبها المتخرّجون لهم الرغبة في المساهمة في التأثير في المجتمع، أو حتّى التعبير عن رأي النُّخب الأكاديمية الجامعية فيما يجري محليا، وطنيا، عربيا .
        لا أحسب أن المثقف الذي يُــدلي بآرائه، وتعليقاته حول بعض قضايا الساعة في الطّلاّت الفيسبوكية، أو التويترية، أو اليوتوبية ينتج معرفة، هي فحسب تنفيسٌ عن الذات، وتواصلٌ افتراضي مع الغــير.

       في تقديري الشخصي طالما أنّ محنة المثقف في عالمنا المعاصر هي نتيجة عدة عوامل مؤثرة بعضها من صنعه، وأغلبها ناتجة عن ظروف موضوعية تتجاوزه فإني أقــــرّ أن المثقف الحقيقي عليه أن لا يرفع راية الاستسلام، وذلك أوّلاً بالكتابة والتأليف في حقول المعرفة وفق اختصاصه، والاّ ينتظر الجزاء المادي الآني ؛ وألاّ يتردد في الانخراط في الشأن العام، وألاّ يكون بعيدا ومعزولاً عن الحراك الاجتماعي. إذْ لم تعد النخب والأحزاب هي التي تصنع العالم، بل تصنعه الشاشات، ووسائل الإعلام، وثقافة الصورة، وأسواق السلع، وأسعار البورصة وآليات الربح، وأبطال الفرق الرياضية، ومافيات الضغط.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتعليق، أو الإثراء ..اضغط على رابط( ليست هناك تعليقات).دوّنْ تعليقك داخل الكستطيل وارسلْه.

الثلاثاء، 14 أبريل 2015

رحيل غونتر غراس

                                  رحيل غونتر غراس
       فقد الأدب العالمي أمس الكاتب الألماني الكبير غونتر غراس الذي انطفأ عن 87 عاما، تاركا إرثا أدبيا ومواقف نادرة بين المثقفين الغربيين. لقد فضّل مخترع الطفل الذي لا يكبر ويدمر محيطه بصرخاته في «الطمبور» أن ينهي حياته يساريا مناهضا «لوحشية» الرأسمالية ومؤمنا بأن الدولة وحدها التي تضمن العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين المواطنين، وذهب أبعد من ذلك حين أدان بصوت عال «النفاق الغربي» حيال إسرائيل. وحق للأكاديمية السويدية أن تصفه في حيثيات منحه جائزة نوبل سنة 1999 بكاتب الضحايا والخاسرين.
       وإذا كان نقاد الأدب يضعون ثلاثية غونتر غراس: الطمبــــــــــور ( الطبل والصفيح)، القط والفأر وسنوات الكلب، ضمن الروايات التي أحدثت انقلابا في الأدب الألماني والعالمي، فإن سيرته ومواقفه صنعت الحدث ووضعته في عواصف من الجدل. ولعل سيرته «تقشير البصل» التي كشف فيها عن انتمائه إلى وحدات خاصة في الجيش النازي في شبابه وإخفائه للأمر طيلة حياته كان لها مفعول القنبلة في الأوساط الأدبية والسياسية في أوروبا. وحتى و إن ارتفعت أصوات تحيي شجاعة الكاتب ونزاهته في تصفية الحساب حتى مع ذاته، فإنها أعطت فرصة لخصوم لم يترددوا في الحديث عن «الماضي النازي» لأكبر كاتب ألماني في العصر الحديث. ولم تهدأ عاصفة المذكرات حتى هبت عاصفة القصيدة النثرية التي نشرها غراس في أفريل 2012 النص  أدان  النفاق العالمي تجاه إسرائيل، وتغاضيها عن امتلاك سلاح نووي يهدد استقرار العالم، و الصمت على تحرشها المستمر بإيران وتخطيطها لضرب هذا البلد لثنيه عن امتلاك السلاح النووي.
       وشجب غراس في قصيدته التي حملت عنوان» ما يجب أن يقال» تهديد إسرائيل بشن ضربات وقائية ضد المنشآت النووية الايرانية معتبرا أن ذلك قد تؤدي إلى «القضاء على الشعب الإيراني للاشتباه بأن قادته يصنعون قنبلة ذرية». وكتب غراس :»هناك دولة أخرى تمتلك منذ سنوات ترسانة نووية تتطور يوما بعد يوم، مع أنها تبقى سرية ومن دون أن تخضع للتفتيش فأي عملية تدقيق محظورة»، مشيرا إلى «الصمت المعمم على هذه الوقائع» التي يصفها بأنها «كذبة ثقيلة» لأن «تهمة معاداة السامية ستوجه مباشرة» إلى الذي ينتهك هذا الصمت. وتساءل «لماذا أقول الآن فقط (...) آن القوة الذرية لإسرائيل تهدد السلام العالمي الهش في الأساس؟ لأنه ينبغي أن نقول الآن ما قد يفوت أوانه غدا».
      وتابع “لن اسكت بعد الآن لأني سئمت من نفاق الغرب” حيال إسرائيل “المسؤولة الفعلية عن هذا التهديد”. وبالطبع فإن تهمة معاداة السامية ألصقت بالكاتب
      وأعلنت  تل أبيب غونتر غراس شخصا غير مرغوب فيه  ووصفت المثقفين الغربيين الذين سكتوا عن قصيدته بالمنافقين ، ولم يكن بين هؤلاء “المنافقين” الفيلسوف برنار هنري ليفي  الذي وجه للكاتب الألماني  رسالة نارية وصفه فيها بالنازي الجديد وصديق المتطرفين، وقال الفيلسوف أن غراس الذي يعد من كبار الكتاب الأوروبيين لم يجد أفضل من نشر «قصيدة»  يشرح فيها بأنه ليس هناك من خطر جدي فوق رؤوسنا سوى هذا الخطر الذي يأتي من بلد صغير جدا، من أصغر بلدان العالم، دولة إسرائيل. الاستهجان ظل لفترة طويلة مادة للصحافة الألمانية التي تعودت النظر بعين الريبة إلى الكاتب منذ سقوط جدار برلين. لكنه حملاتها لم تنل من مكانته التي بناها حجرا حجرا هو الذي تقلب بين فنون كثيرا من الرسم على النحت إلى الرواية التي منحته المجد. والغريب أن المناوئين الذين أصبحوا لا يتأخرون في التذكير بماضي عسكري انتمى إليه وهو يافع، لا يذكرون أن أمه و أخته تعرضتا للاغتصاب من طرف جنود روس في قوات التحالف.
العجز المشاغب ظل على دينه، يساريا يرفض مجاراة المركزية الأوروبية في خطابها الذي يضخم الذات، بل على العكس من ذلك استدعى التاريخ بمساوئه لتدريب الناس على النظر إلى الحقيقة مستعينا بفانتازيا هي ابنة خيبة وسخرية ومريرة.
       وقبل أسابيع من رحيله قال غراس أن الحرب الثالثة التي يخشى الناس حدوثها، بدأت فعلا، لكن بطريقة أخرى.
       وباختفاء غراس  يفقد العالم واحدا النجوم المضيئة في عصرنا، كاتب انحاز للحق وعاش رافضا للهيمنة التي تنتجها ثقافة ينتمي إليها، منتصرا للقيم الإنسانية. القيم التي يبدو انها سائرة نحو الانقراض في عالم يسيطر عليه تجار السلاح  وعرابو الحروب.

جون إيرفينغ مدافعا
غونتر غراس بطلي  ككاتب و كبوصلة أخلاقية
بقلم جون إيرفينغ * ترجمة عمر شابي

      في خضم الزوبعة التي أثارها كشف غونتر غراس عن ماضيه كمجند في صفوف الجيش النازي، و قبل أن يصدر قصيدته المشهورة الأخرى «ما يجب أن يقال» لم يكن الكثيرون يجرأون على الوقوف في صف الكاتب الألماني المثير للجدل، لكن الكاتب الروائي الأمريكي الشهير جون إيرفينغ عبر عن موقفه باعتباره لغراس بطلا و نموذجا للاستقامة الأخلاقية، و هنا ترجمة لنص كتبه إيرفينغ دفاعا عن غونتر غراس مأخوذا من موقع جريدة الغارديان البريطانية.
       كيف أشعر حيال ما وصفه كورت فانغوت بأنه «عاصفة من القذارة» بشأن الثرثرة الوطنية في وسائل الإعلام الألمانية، في أعقاب كشف صديقي غونتر غراس عن كونه قد انساق للانخراط في صفوف الجنود المقاتلين تحت الحكم النازي في ألمانيا الهتلرية و عمره 17 سنة؟
      من خلال ما قرأت من افتتاحيات و آراء و الكثير من الملاحظات التي عبر عنها كتاب مثلي، و نقاد و صحفيين من مختلف التوجهات السياسية، يتضح أن هناك توقعات برغبة تدعي التهذيب في سلوكها تهدف إلى تفكيك حياة غراس و أعماله انطلاقا من -يا له من جبن- موقع الإدراك المتأخر ، الذي يتموقع فيه الكثير من المثقفين مرتاحين للهجوم على أهدافهم.
      غراس يبقى بطلا بالنسبة لي، في الحالتين ككاتب و كبوصلة أخلاق، شجاعته في كلتا الحالتين ككاتب و كمواطن ألماني كانت مثالية- شجاعة تزايدت و لم تنقص منها أبرز تصريحاته الأخيرة.
غراس تجند في سن الخامسة عشرة، و قال أنه اختار التطوع في صف الجنود النازيين أساسا لأنه كان يرغب في «الابتعاد عن البيت». أتساءل هل يمكن لأحد من منتقديه أن يتذكر حاله و هو في سن 15. كان قد سجل للتطوع في سلاح الغواصات، لكن في الأشهر الأخيرة من الحرب كان الجيش النازي يضم إلى صفوفه كل شخص يجده أمامه.
      لا أحكم على ما يمكن لمجند سنه 17 عاما أن ينتظر من وراء تطوعه في الجيش و بالمختصر من أجل القتل والاغتصاب.
        لقد ترشحت لأجل أن أكون ضابط تدريب و عمري 19 سنة في 1961، كان يمكنني أن يكون في فيتنام على الأرجح في بداية 1965، بعد تخرجي من الجامعة، لكن طفلي الأول ولد في مارس من تلك السنة.
       في تلك الأيام لم يكونوا ليأخذوك للقتال إذا كنت أبا. لم أخدم في الجيش مطلقا. كنت معارضا سياسيا للحرب، لكنني الآن أرغب في الذهاب،  كنت أكثر فضولا بشأن الحرب أكثر مما كنت حساسا لها، و شعرت بالذنب لأنني حين صرت أبا، و أنا لا أزال طالبا في الكلية و قد تم صرفي من خدمة الجيش (لم يكن الأمر مقصودا).
      أنا أعالج ببطء، و هذا شأن الكثيرين من الكتاب. كتبت روايتي عن فيتنام، «صلاة لأجل أوين ميني»، بعد 20 عاما من الحرب. تعمدت أن أضع مجريات روايتي عن الإجهاض «قواعد بيت عصير التفاح» متأخرة في الثلاثينات و الأربعينات، لأجعل قصتي بعيدة قدر الإمكان عن النقاش السياسي الدائر حول الإجهاض حاليا. أحب أن آخذ بعدا زمنيا عن الأشياء التي أكتب عنها و التي أثرت في بجدية-بسيكولوجيا و عاطفيا.
كتبت عن طفولتي و عن مراهقتي ليس في روايتي الأولى و لا الثانية، حينما كنت لا أزال شابا يافعا، لكن في روايتي الحادية عشرة و روايتي الحديثة، «إلى حين وجدتك»، حين صرت في أواخر الخمسينات و بدايات الستينات من العمر. فقط حينها كشفت لوسائل الإعلام أن التجارب الأساسية الغالبة في تلك الرواية كانت مستوحاة من سيرتي الذاتية – و تحديدا الأب المفقود الذي لم أقم بالإشارة إليه، و الاعتداء الجنسي ( في حالتي كان في سن الحادية عشرة مع امرأة في العشرينات من عمرها، في الرواية كان الشخص ذو 10 سنين و المرأة في الأربعينات).
       الآن توجد كل هذه الشكاوي في ألمانيا حول متى اختار غراس أن يكشف عن ترشحه للانخراط في الجيش عندما كان مراهقا، الرجل ( والكاتب) هو نموذج للبحث عن الذات و نموذج لضمير الأمة.
      الناس يقولون أنه تعمد إخفاء تلك المعلومات إلى حين فوزه بجائزة نوبل للآداب، لأنه ما كان ليحصل على الجائزة لو كان معلوما أنه كان في صفوف الجيش النازي. (لو كان صحيحا أن لجنة جائزة نوبل ما كانت لتمنحه الجائزة في ظل مثل هذه الظروف، إذن لكان على اللجنة ذاتها أن تقوم بعملية استبطان لذاتها- أعتقد أنها جائزة من أجل الأدب، و ليس من أجل الاستقامة السياسية.)  و بعض الناس يقولون أن غراس اختار توقيت الكشف عن ماضيه لكي يبيع أكبر عدد ممكن من كتاب سيرته الذاتية الجديد.
سمعت هذا حينما تحدثت علنا عن تجربتي الجنسية بينما كنت ابن 11 سنة مع امرأة أكبر مني سنا- من أنني مجرد بائع كتب. كم هم مغفلين القراء الحقيقيون للروايات المعقدة بحسب ما يعتقده النقاد و الصحفيون؟ لم يتناقص عدد قراء غراس و لا عدد قرائي.
انتشار العداء الواسع في وسائل الإعلام الألمانية كان بغيضا. غراس كاتب جريئ، و قد كان على الدوام رجلا جريئا.
       ألم يكن يضع نفسه في مكان الخطر أولا في سن الخامسة عشرة و بعدها لما بلغ السابعة عشرة؟ و الآن مرة أخرى و هو في سن 79؟ و مرة أخرى الكلاب الصغيرة الجبانة تعض عقبيه.

      كان هناك كاتب ألماني آخر متميز، طوماس مان، الذي كتب عن «حساسية الكاتب –المعروفة جيدا- تجاه الازدراء و حيال الأحقاد التي يتعرض لها...لا يهم بمقدار ما تتضح تلك الاعتداءات  وهي نابعة من بغضاء شخصية». و أضاف مان أن «الأعداء هم الشيء الضروري المصاحب لكل حياة قوية...و غالبا ما يكونون الدليل الجلي على قوتنا».

السرقات الأدبية بجامعاتنا الجزائرية

                          السرقات الأدبية بجامعاتنا الجزائرية
       يضع رئيس جامعة توقيعه فوق توقيع طالبة في مجلة تصدرها جامعته، والمقال الذي يوقعه الأستاذ الدكتور بالاشتراك مع الطالبة المحظوظة منقول بالكامل من رسالة ماجستير الطالبة المعنيّة التي أشرف عليها أستاذ آخر، و حرص القيّمون على المجلة على إرفاق المقال بملخّص بالفرنسية أنجزه – على ما يبدو- السيد غوغل بالنظر لتراكيبه الغريبة.
       وفي المجلّة ذاتها توقّع أستاذة ومسؤولة مقالا صدر في مجلة جامعة فلسطينية وينسب أستاذ آخر مقالا صدر في مجلة سعودية إلى نفسه.
       نعم، حدث ذلك في العدد الأوّل الصادر في جوان 2014 من مجلة كتب على غلافها أنها مجلة دولية محكمة( ونحوز نسخة منها ونسخا من ضحاياها) .
        والمثير في قصّة المجلة أن القائمين عليها لم يتقبلوا إثارة القضية و فسروا الأمر بمؤامرة تدبرها قوى شريرة وروى أحد  مكتشفي الفضيحة أنه يتعرض مع زملائه الأساتذة لمضايقات، واتهامات بازدراء المنطقة التي تتواجد بها الجامعة.
       ما حدث ليس جديدا على الجامعة الجزائرية، لكن أن يقوم به مسؤولون مؤتمنون على تسيير جامعة فتلك أم المشكلات التي لا تتطلب اتخاذ إجراءات بسيطة بل فتح نقاش وطني حول وضعية الجامعة الجزائرية. لأن السرقات المتكرّرة للبحوث العلميّة تكشف عن انتقال ثقافة اللصوصيّة إلى معاقل العلم، ولا يستهدف النهب هنا أكل الطلبة أو أموال المخابر، ولكنه يستهدف منتوجا علميا لأساتذة في دول لم تكن موجودة حين كانت الجامعة الجزائرية تخرّج كبار المفكرين والباحثين.
       وفوق ذلك فإن قيام مسؤولين في جامعات بأعمال تتنافى مع أخلاق رجال العلم بل ومع الأخلاق العامة، يمكن أن يساهم في إشاعة هذه السلوكات المشينة بين إطارات المستقبل الذين سيتعلّمون في الجامعة أن السرقة والغش «نورمال». والجزائر في غنى عن هذه الفئة الكريمة المتوفرة بالشكل الكافي والوافي و التي نقرأ يوميا  عن انجازاتها في الصحف.
        وأغرب من هذه الممارسات الصمت عنها، إذ لا تسمع احتجاجات أو إدانة من نقابات الأساتذة التي توقف نشاطها، على ما يبدو، عند المطلب البدائي بالزيادة في الأجور.

هامش

      المجلة المعنية بالاحتفاء، هنا، تحمل تسمية البرهان (؟) وتصدر عن كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة عباس لغرور في خنشلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع : يومية النصر بتاريخ:الاثنين 16 / 03 / 2015 

الأربعاء، 8 أبريل 2015

مجلة القباب في عددها الجديد

                    مجلة القباب في عددها الجديد
   بقلم: بشير خلف
       انتظمت احتفائية أدبية صباح يوم السبت الرابع من شهر أفريل 2015 بدار الثقافة بمدينة الوادي، احتضنت كوكبة نيّرة من المثقفين، والكُتّاب، والمبدعين، والمهتمّين بالمشهد الثقافي، وفي صدارتهم الأستاذ محمد حمدي مدير دار الثقافة، ومدير مجلة " القباب "، والذي حرص على أن تعود المجلة إلى الصدور.. وفي حلّة جديدة بهيّة بدءا بالعدد السابق الذي صدر في شهر ديسمبر 2014.
       ما دار في هذه الجلسة الحميمية تركّز على الإصدار الجديد لمجلّة القباب في عددها السابع، وهو عددٌ أدبيٌّ بامتياز، وقد سبقه في شهر ديسمبر 2014 العدد الثقافي.. بعد الافتتاح والترحيب أُعطيت الكلمة للدكتور عادل محلّو رئيس التحرير الذي ما ينيف عن الشهريْن رفقة الفنان التشكيلي كمال خزّان منكبّيْن على إعداد المجلة، تصفيفًا، وتنسيقًا ، وإخراجًا ، وتصميمًا ، وبالإستئناس بالشاعريْن بشير ونيسي، غريب بشير..
        الدكتور عادل محلّو بيّن في مداخلته ضرورة أن تكون المجلة معرفية أكاديمية مرجعية لكل مثقف، كما هي مرجع للباحثين.. مجلة مفتوحة للأقلام الجادّة محليا، ووطنيا، وعربيا، وقد تحقّق هذا الهدف في هذا العدد الأدبي الذي كما كتب به كتاب ومبدعون من ولاية الوادي، كتب به كتاب ومبدعون من الجزائر والعالم العربي: الشاعر والباحث أحمد مكّاوي، الشاعر والباحث بشير ونيسي، الكاتب والباحث محمد الصالح بن علي، الشاعر والباحث غريب بشير، الباحث الأستاذ محمد بن يحي، الشاعر والبحث الأزهر محمودي، الكاتب والقاص بشير خلف، الأستاذ الباحث الدكتور أحمد زغب.
      ومن الوطن : الباحث الدكتور لخضر بركة من بلعباس، الأستاذ الشاعر عيسى ماروك من سيدي عيسى، ومن خارج الجزائر الباحث الدكتور محمد سعيد زكري من المغرب الشقيق.
     في باب مرايا الحرف ( إبداع شعري) من الجزائر : الشاعر محمد خليل عبّو.. الجلفة، الشاعر مصطفى صوالح محمد..الوادي، جمال رميلي..خنشلة، الشاعر طارق خلف الله.. بسكرة،الشاعر البشير شوشاني..الوادي، الشاعرقاسم شيخاوي ..تسمسيلت.الشاعرة نوال يتيم..الوادي
      من العالم العربي: الشاعر أحمد بلحاج آيت وارهام.. المغرب، الشاعرة أسيل سقلاوي ..لبنان، الشاعر الناصر بن عون ..تونس.
     وفي باب زوايا السرد ( إبداع سردي) حكاية مترجمة من الموروث الشعبي الأمازيغي، الروائي القاص عبد المنعم بن السايح..تقرت، القاصة حواء حنكة.. الوادي .
     من العالم العربي: القاصة صابرين الصبّاغ ..مصر، القاص عبد الرشيد حاجب ..إسبانيا.
     في باب ( جسور) ..أدب مترجم : قصيدة المنبوذة للشاعر الفرنسي لويس أراقون، ترجمة الأستاذ الشاعر لطفي حمدان ، قصيدة حلم في حلم للشاعر الأمريكي أدغار ألان بو، ترجمة الدكتور يوسف بديدة.
      المجلة ثرية بمواضيعها التي تجمعها الأبواب التالية:
كلمة العدد للأستاذ محمد حامدي مدير دار الثقافة، ملف العدد( الأمّ في الأدب الجزائري)، دراسات أدبية، كِتاب العدد، مرايا الحرف " شعر "، حكايا النجع، زوايا السرد، جسور، نشاطات دار الثقافة بالصور.
      جلسة أدبية تقييمية للمجلة من حيث الشكل، والمحتوى من جهة، وإعلام الحاضرين من طرف رئيس تحرير المجلة الدكتور عادل محلّو بالعدد القادم الذي سيصدر في شهر اجوان المقبل ، إضافة إلى العدد المخصّص لأدب الطفل . كما كانت جلسة لإهداء المجلة.
     من خلال النقاش الهادف، والمداخلات البنّاءة تمّت الموافقة من السيد محمد حامدي مدير دار الثقافة، والمشرف العام على المجلة أن تعود المجلة في الأعداد القادمة إلى مقاسها السابق( 16 في 24 سم)في شكل كتاب متوسط الحجم ممّا يساعد على ترتيبه كمرجعٍ بجانب الكتب الأخرى، ويسهل تناوله، واستثماره؛ عكس المقاس الجديد للمجلة في عددها السابع الأخير( 18 في 28 سم)، كما وعد بأن يُدرج كل عدد جديد من المجلة بعد لأْيٍ من صدوره ضمْن الشبكة العنكبوتية حتى يستفيد منه القرّاء أينما تواجدوا.
          حرس رئيس التحرير الدكتور عادل محلّو وبحكم كثرة اطلاعه على المجلاّت العربية المعاصرة في شكليْها الورقي والإلكتروني، أن تكون مجلة القباب مجلّة ثقافية مميّزة سواء في جانبها الفنّي، أم في محتواها، وأن تُــضاهي المجلاّت العربية المعاصرة، وتأكيدا فإن المتلقّي الذي تكون المجلّة بين يديه سيلاحظ هذا في طريقة توزيع المواضيع، وتيمات العنونة لأبواب المجلة، وعتبات المواضيع.
      أبواب المواضيع : ملفّ العدد، دراسات أدبية، كِتاب العدد، مرايا الحرف، حكايا النجع، زوايا السرد، جسور.
      عتبات المواضيع: رثاء الأم في الشعر الجزائري المعاصر، صورة الأم في روايات واسيني الأعرج، الأم وميلاد القصيدة الأولى، النقد الاجتماعي في الشعر الشفاهي عند الأمّهات. الصورة الفنية وشعرية الخطاب، الشرح الصوفي وإشكالية وضع المصطلح، سيماء العنوان في قصيدة طقوس الجسد والشهادة، شموخ الماضي وكبرياء المجاهد، عمود الدخان، حمحمات الروح، عائشة، توِق، حكاية الأفعى، أضغاث ذاكرة، سهم القلم، اللوح المفقود من خزانة حمورابي...
       توشّحت الصفحة الأخيرة من الغلاف بقصيد رائع للشاعرة نوال يتيم :" ترنيمة العاشقة العفيفة "
      أبدع الفنان التشكيلي كمال خزّان في التصميم والإخراج الفني للمجلة.

      هذا العدد الأدبي من مجلة " القباب " لبنة جديدة تُضاف إلى صرْح الثقافة الجزائرية، والعربية كما أنها سجلٌّ تدويني خالد يؤرخ لمسار الحراك الثقافي بربوع منطقة وادي سُوف الثرية بعلمائها، ومثقفيها من قديم.

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...