الأحد، 14 يونيو 2015

الغش في البكالوريا ظاهرة عالمية

الغش في امتحانات الباكالوريا ظاهرة عالمية
        الغش في الامتحانات ظاهرة كونية، وان اختلفت حِدّتها وسبُل وجدّية مواجهتها من بلد لآخر، كما أنه قديم قِدم الامتحانات نفسها، فقد كتب عنها محمد الطاهر بن عاشور المولود بتونس في 1879م، في كتابه " أليس الصبح بقريب ؟ – التعليم العربي الإسلاميّ – دراسة تاريخيّة وآراء إصلاحيّة"، وأسماه " الإخلال في الامتحانات"، مُرجعا انتشاره وسط طلاب جامعة الزيتونة آنذاك إلى "سوء يقظة المراقبين، بسبب اتّخاذ المراقبين من عامّة أعوان دار الشّريعة، وعامّة مستخْدَمي خزائن الكتب، وبيت النّظارة بالجامع، فهم ـ لجَهْلهمْ ـ لا يتفطنون لطرق استعانة الممتَحَنين بعضهم ببعض." وأيضا "لقلّتهمْ ـ أي المراقبين ـ إذ تجد خمسة أو ستّة من المراقبين أقيموا لحراسة مائة تلميذ"، وكذلك لظروف إجراء الامتحان حيث «يُجمع الممتحَنون ببيت قد مُلئ بغير نظام، وغلب بحجب وازْدحام."
       الأرقام والإحصائيات المرتبطة بهذه الآفة باتت مرعبة في بعض الأحيان، بل ومهدِّدة بإفْقاد شهادة الباكالوريا ببعض البلدان مصداقيتها وقيمتها، مع تسجيل فوارق كبرى بين العديد من التجارب. وهكذا فبالشقيقة تونس، بلغ عددُ حالات الغشّ التي تمّ الإعلانُ عنها في دورة بكالوريا 2012، ما مجموعه 539 حالة، أي ما يُمثل نسبة %0،40 من مجموع المترشّحين، وهو رقم محدود نسبيا مقارنة بالجزائر والتي أعلنت عن 3180 حالة في دورة 2013، أي بنسبة 0،84%، فيما سجل المغرب في دورة 2014 ما مجموعه 2722 حالة.
        بالضفة الأخرى وبالضبط بفرنسا، قدّرتْ نسبة حالات الغشّ المؤكّدة في امتحان البكالوريا بما نسبتُه:0،05 %  في دورة 2010، علما أن بحثا ميدانيا نُشر سنة 2009 بيّن أن 70،5% من الطلبة سبق لهم أن مارسوا الغشّ في مرحلة من مراحل دراستهم.
        ولمواجهة هذه الظاهرة تعمد غالبية البلدان لتعزيز ترسانتها القانونية، وتشديد العقوبات في حق الغشاشين أو من يساعدهم، وهو النهج الذي سلكه المغرب منذ سنوات بعقوبات قد تصل لسلب الحرية، وغرامات مالية ثقيلة، إلا أن الملفت هو بعض التجارب الدولية في هذا المضمار، ومنها:
ساحل العاج أو الكوت دي فوار استنبطت طريقة فريدة تتمثّل في انتداب مراقبين في هيئة مترشّحين للامتحان، ليتمكّنوا من دخول القاعة مُتَخفّين تحت تلك الصّفة، وليرفعوا، في نهاية الامتحان، تقارير تشمل سلوك إدارة المركز والمراقبين والمترشّحين.
       النموذج الثاني من الدانمارك، حيث قرّرت السّلطات سحب البساط من تحت الغشّاشين، وذلك بالسّماح باستعمال الإنترنت أثناء الامتحان، على سبيل التجريب، واستعمال «طريقة تقييم تقوم على التفكير والبحث واستعمال المعلومات في إطارها الصّحيح "، مع أخذ بعض الاحتياط كَمنع البريد الإلكترونيّ. وقد انطلقت التجربة في بعض المؤسّسات سنة 2010، وشملت 1300 مترشّح، وفي سنة 2011، تمّ تعميمُها على كلّ المؤسّسات لتشمل 6000 طالب.
       أما في الصّين فقد عمدت السّلطات التربويّة إلى توظيف أعوان شرطة لمراقبة المترشّحين، علاوة على استعمال أجهزة المراقبة والتشويش على الاتّصالات وأجهزة كشف المعادن.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

                  السمعُ أبو الملكات اللِّسانية؟ كتب: بشير خلف العلّامة المرحوم ابن خلدون في مقدّمته: «إن أركان اللسان العربي 4، هي: ...