الأحد، 16 أكتوبر 2016

تخفيض ميزانية قطاع الثقافة بـ14 في المائة لعام 2017


التقشف يضرب وزارة الثقافة ومؤسسات مهددة بالحل وتسريح العمال
تخفيض ميزانية قطاع الثقافة بـ14 في المائة لعام 2017
       تواصل ميزانية قطاع الثقافة التأثر بسياسية التقشف تحت ضغط تراجع الجباية النفطية، حيث سجلت ميزانية القطاع ثاني انخفاض محسوس لها للعام الثاني على التوالي، حيث فقدت 14 بالمائة من الاعتمادات المالية المرصودة للقطاع في عام 2017 بعد ما سجلت العام الماضي انخفاضا قدر بـ76 في المائة و62% مقارنة بسنة 2015. وبذلك تكون ميزانية الثقافة قد عرفت أدنى مستوى لها منذ 9 سنوات. ويتوقع الخبراء أن يكون لهذا تأثير كبير على سير المؤسسات الثقافية العمومية، بما في ذلك أجور العمال.
      وحسب وثيقة رسمية تحوز الشروق نسخة منها تبيّن تطور ميزانية القطاع منذ عام 2006 فإن ميزانية الثقافة لم تتجاوز نسبة 1 .0 من الميزانية الإجمالية للدولة أي ما يعادل 145 مليون دولار مرصودة   لسنة 2017.
       وحسب الوثيقة التي اطلعنا عليها فإن الأموال المرصودة لقطاع الثقافة ترتفع كلما كانت هناك تظاهرة أو حدث كبير على غرار عاصمة الثقافة العربية والمهرجان الثقافي الإفريقي وخمسينية الاستقلال وغيرها، حيث استهلكت التظاهرات الخمس التي عرفتها الجزائر مجتمعة قرابة مليوني دولار، حيث عرفت ميزانية قطاع الثقافة ارتفاعا مطردا بداية من 2007 وهي السنة التي شهدت احتضان الجزائر لعاصمة الثقافة العربية، حيث قفزت ميزانية الثقافية من 58.9 مليون دولار عام 2006 إلى148 مليون دولار عام 2007 ووصلت عام 2009 الذي صادف حدث المهرجان الثقافي الإفريقي بالجزائر إلى حدود 360 مليون دولار، وواصلت على نفس وتيرة الارتفاع لتصل علم2011 إلى 452 مليون دولار وهي سنة تنظيم حدث عاصمة الثقافة الإسلامية، لتبلغ عام 2012 561.3 مليون دولار وهي السنة التي عرفت تنظيم خمسينية الاستقلال واستقرت عند 436.7 مليون دولار وهو المبلغ  الذي خصص لتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية.
       وحسب الجدول البياني المرفق بالوثيقة التي حصلت الشروق على نسخة منها فإن ميزانية قطاع الثقافة انخفضت بنسبة 14٪ في قانون المالية لـ2017 أي ما يعادل 0.3٪ من الميزانية الإجمالية للدولة، وهذا ينذر بكون سنوات البحبوحة المالية لقطاع الثقافة قد انتهت، وحسب جدول الإحصاءات الذي يبين المبالغ المالية المرصودة للقطاع يوضح أن الثقافة ماتزال في ذيل ترتيب الأولويات، حيث لا تمثل إلا 0.3  من ميزانية الدولة ولم تتجاوز في أزهى سنواتها 1.2 في المائة من ميزانية الدولة وهي السنة التي عرفت  تنظيم حدث عاصمة الثقافية الإسلامية عام 2011 .
         وهذا رغم ما تمثله الثقافة من أهمية في حسم الرهانات الكبرى فكريا للأمة. ورغم قلة المخصصات المالية للقطاع، لكن وزارة الثقافة  ظلت طيلة عشر سنوات الأخيرة واجهة للصراع حول الريع وحروب المواقع للحصول على المكاسب.
       ينتظر أن يكون للتخفيض المستمر لميزانية القطاع أثر على سير المؤسسات  الثقافية، حيث يتوقع الخبراء أن تقبل الوزارة على حل مؤسسات ودمج أخرى مثل ما حدث مؤخرا أو إعادة مراجعة تسيير  ميزانية المهرجانات، حيث أعلن ميهوبي مؤخرا أن الوزارة ستطلق دفاتر شروط للتقييم المالي للتظاهرات الثقافية، كما حث مديري الثقافة على ضرورة البحث عن موارد لتمويل النشاطات التي  تنظم في الولايات.
        ويرى الخبير في التسيير الثقافي عمار كسا بأن تحفيض ميزانية القطاع ستكون له تأثيرات كبيرة على سير المؤسسات الثقافية العمومية التي أنشئت في ظل البحبوحة المالية، والتي تتميز بتكاليفها الثابتة الكبيرة (صيانة، تجهيز، أجور، الخ)، ولذلك ستكون وزارة الثقافة مجبرة على حل مؤسسات أخرى على غرار وكالة الإشعاع الثقافي التي تم حلها مؤخرا، وكذلك إلغاء مهرجانات أخرى.
        ومن المحتمل أن تقوم ذات الوزارة بتسريح عمال في القطاع خلال سنة 2017.  وبهذا الانخفاض الكبير في ميزانية وزارة الثقافة (0.3% من إجمالي ميزانية الدولة، أي أضعف نسبة منذ 10 سنوات)، يدخل القطاع الثقافي مرحلة جديدة تشبه مرحلة 2000.1990 التي انسحبت فيها الدولة من تمويل القطاع الثقافي، وبذلك أضعفت وزارة الثقافة وأصبحت هيكلا بدون روح، وهذا ما سيؤدي إلى ازدهار القطاع الثقافي المستقل الذي يتكلم لغة المواطن، وموت الثقافة الرسمية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: الشروق اليومي ليوم الأحد 16 / 10 /  2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...