السبت، 19 مارس 2016

هل أَنصف الدستور الجديد المُعدّل الثقافة ؟


                 هل أَنصف الدستور الجديد المُعدّل الثقافة ؟
بقلم: بشير خلف
        نصَّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 على حقّ الإنسان في الثقافة، مؤكدا أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير والتعلم، وأن يشارك اشتراكا حراً في حياة المجتمع الثقافية ، وفي الاستمتاع بالفنون، والمساهمة في التقدم العلمي، والاستفادة من نتائجه، وحماية المصالح الأدبية، والمادية المترتبة على إنتاجه العلمي، أو الأدبي، أو الفني (المواد 19 و26 و27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948).
       لقد هلّل الكثير عندنا للمادة 38 مكرّر من الدستور الجزائري المُعدل، ورأوا فيها طوْق النجاة للثقافة، والواحة الجميلة التي تفتح ذراعيْها للمثقفين، والمبدعين، والمهتمّين بالتراث الثقافي، والفكري، ولو عادوا إلى الدساتير السابقة لوجدوا فيها إشارات، وتلميحات للثقافة ،بداية من دستور 1962 ، وانتهاء بدستور 2008 المعدِّل ( بكسْر الدال) لدستور سنة  1989 ، الذي ورد في المادة 38 منه : " حرية الابتكار الفكري، والفنّي، والعلمي مضمونة  للمواطن . " وقد كُرّرت نفس المادة  في دستور 2008 بإضافة " حقوق المؤلف يحميها القانون ".
      نتساءل : وهل إدراج الثقافة لفضًا في الدستور المعدّل يعد خطوة مهمة ، وضرورية لصالح الثقافة، والمشروع الثقافي والاستراتيجية الثقافية ككل، وأنها في المقابل ستفتح أفاقا أوسع وأرحب وأكثر على المشهد الثقافي الوطني، راهنًا ومستقبلا، أم هي فقط خطوة بِنيّات طيبة للثقافة ، وفتْح الباب أمام مشروع ثقافي وطني واسع، وشامل ؟
     وهل أصلاً يوجد عندنا مشروع ثقافي في الجزائر، ترافقه استراتيجية ثقافية ؟ قبل تعديل الدستور، أو بعد تعديله ؟ فالمادة 38 مكرر من الدستور المعدّل في سنة 2016 تنصّ على " الحقّ في الثقافة مضمونٌ للمواطن ." كما ورد في نفس المادة: " تحمي الدولة التراث الثقافي الوطني المادي، وغير المادّي، وتعمل على الحفاظ عليه ."
      مقارنة بما جاء في نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما جاء في المادة 38 مكرّر في الدستور المعدّل سيلاحظ القارئ تباعدا في المفهوم، والتشخيص، وفي حقّ التمتّع بالثقافة وما يتفرّع عنها، وكذا ضبابية الحق في ضمان الثقافة للمواطن الجزائري، وعدم النصّ على هيئة عليا للإشراف على الثقافة، أو الآداب والفنون، ممّا يجعل أمر الثقافة والفنون، والآداب، والإبداع الفكري رهين أمزجة منْ يتولّوْن زمام هذا القطاع... ولنا عودة للموضوع.


الأربعاء، 16 مارس 2016

أخطبوط الفرنكفونية يُحكم قبضته


                             أخطبوط  الفرنكفونية يُحكم قبضته
بشير خلف
        بمناسبة افتتاح أشغال أيام صناعة النسيج يوم الإثنين 14 مارس 2016 تبارى الحاضرون في التحدث باللغة الفرنسية ، كل من وزير الصناعة ، ورئيس بقايا اتحاد العمّال، ورجل الأعمال القوي الذي ظهر في الساحة الاقتصادية أخيرا، وبقوة، ووزير التكوين المهني، ومنْ تلاهم ، وكأنهم في مدينة من مدن الجمهورية الفرنسية؛ وهم تأكيدا يمثلون الدولة الجزائرية التي دستورها في مادته الثالثة ينصّ : " اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة الجزائرية "
         الغريب أنهم جميعا يتقـنون التحدث باللغة العربية، سيّما وزير الصناعة، ووزير التكوين المهني. في الوقت الذي تستميت فيه الحكومة الفرنسية دفاعا عن لغة فرنسا، وجعلها متماشية مع تطوّر المعلوماتية : حيث جاء في موقع وثائق الحكومة الفرنسية ما يلي:  " لكي يتطور مجتمع المعلوماتية باللغة الفرنسية، فإنه من الضروري أن تكون اللغة الفرنسية حاضرة على كل التجهيزات المعلوماتية
والتصحيح الآلي."

الاثنين، 14 مارس 2016

معيارية الترجمة الأدبية


        معيارية الترجمة الأدبية
      الترجمة الأدبية لها معاييرها الخاصة التي تنفرد بها ، وهو ما يدفعنا إلى القول بأن ليس كل مترجم قادرا على التعامل مع النص الأدبي، إذ للنصوص الأدبية معايير خاصة وبُــنى لغوية وفنية، وسياقات لا تستطيع الترجمة العامة احتواءها، كما أن النص الأدبي يحمل في داخله شحنة جمالية تعتبر جزء ا من مضمونه، ولن يستطيع المترجم العام فهم ، واحتواء ، وتطبيق ترجمة مناسبة لهذه الشحنة إن لم يكن أديباً في الدرجة الأولى، أو متذوقاً للأدب على الأقل.
     نستطيع القول بأن الترجمة الأدبية في أحد جوانبها تعتبر تجاوبا كليا، أو لقاء عاطفيا بين المترجم والنص؛ إذ لا يكفي أن يكون المترجم ممتازاً في فهم اللغة فقط كي يُــوفق في نقْــل الأعمال الأدبية إلى لغة أخرى، ولكنه في حاجة على الأقل إلى جزء من موهبة الفنان المبدع الذي أنتج النص الأصلي.

السبت، 12 مارس 2016

التديّن الاستبدادي


    التديّن الاستبدادي
  حسب رأي الباحثة اللبنانية الدكتورة  ريتا فرج ؛ فإن «التدين الاستبدادي» يحمل رموزُه من خلال السلوكيات القهرية التالية: الإفراط في أداء الواجبات الدينية، الانسحاب من الحياة، اللجوء إلى أنماط متطرفة من التدين، تفسير الهزائم السياسية كـقـدر حتمي، سيادة الوعي الأسطوري الغيبي، شيوع ثقافة الخضوع والطاعة العمياء لرجال الدين ـ ما يعني الخضوع، والطاعة العمياء للسلطة السياسية الاستبدادية، أي سيطرة الواحد على المتعدد - تنامي الشعور بالغبن والمظلومية، توتر العلاقة الإنسانية مع الآخر المختلف مذهبياً ودينياً بوصفه آخراً جحيمياً خارجا على الدين الحق.

الثلاثاء، 8 مارس 2016

رحيل المفكر العراقي طه جابر العلواني


رحيل المفكر العراقي طه جابر العلواني
الأكاديميون يبكون خسارة عالم فذ
        تحولت الصفحات الشخصية لمجموعة من الأكاديميين العرب على مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، من اللون الأزرق المميز لهذا الموقع، إلى الأسود بسبب رحيل المفكر والفيلسوف العراقي طه جابر العلواني يوم 4 مارس 2016 عن عمر ناهز 81 سنة.
       دوّن بعض الأكاديميين تعازيهم للساحة العلمية العربية والإسلامية التي فقدت أحد أعمدتها وأركانها برحيل المفكر العراقي يوم الجمعة الماضي. وتأتي هذه التدوينات كدليل قاطع عن مكانة الفيلسوف العلمية في مجال الفكر التجديدي الإسلامي بشكل خاص، سيما وأنه اشتغل على هذا النوع من الأطروحات طيلة مسيرته العلمية مثلما تشير جلّ مؤلفاته العلمية التي أصدرها خلال حياته وكذا المناصب التي شغلها وكان آخرها رئاسة جامعة قرطبة الإسلامية بالولايات المتحدة الأمريكية.

أستاذ الفكر الإسلامي أحمد بروال
موت المفكر بمثابة حياة لأفكاره
     يرى الأستاذ المختص في الفكر الإسلامي بكلية العلوم الإسلامية بجامعة باتنة1، أن المفكر العراقي طه جابر العلواني كان من كبار المجددين في الفكر الإسلامي مثلما تظهره كتاباته المتنوعة، وكذا عمله ضمن فريق من المفكرين، حيث كان العمل جماعيا ومؤسساتيا، وكذا تأسيسه جامعة للعلوم الإنسانية والاجتماعية بالولايات المتحدة الأمريكية، التي ساهمت في تخريج أفواج من الباحثين، وكذلك له العديد من المؤلفات الدالة على اهتماماته العميقة بأزمة الأمة الإسلامية، مؤكدا الدور الكبير الذي لعبه احتكاكه بالجامعات الغربية في منحه ميزة لتبيان أنماط الحياة هناك والفجوة الكبيرة وكشف جوانب التخلف عن العرب والمسلمين. وختم الأستاذ حديثه باعتبار طه جابر وأمثاله من الرجال الذين بعثوا جذوة الفكر الإسلامي الحضاري في أجيال من الشباب، فالعالم الإسلامي بفكره هو أكثر فهما لأزمته وأكثر وضوحا لسبل نهضته، كما أن موت هذا العالم والمفكر هو حياة لأفكاره على صعيد آخر.

البروفيسور العربي فرحاتي
ما أسّسه العلواني سيزدهر إبداعات هنا وهناك
         ترحّم البروفيسور العربي فرحاتي، مدير مخبر تطوير نظم الجودة في مؤسسات التعليم العالي والثانوي بجامعة باتنة1 ، على الراحل الفيلسوف العلواني واختصر الكلام عنه في كونه مفكرا عراقيا جاهد بفكره وعاش من أجل الإسلام الحر، ومات حرا وسيبعث حرا من كل وثن. ليسترسل في الحديث عنه بعدما أشار إلى إضافة الفيلسوف لمفاهيم في حرية الفكر وحرية العقيدة ورسخ التعدد والتنوع كأصول منهجية في الفكر الإسلامي، مؤكدا بأنه عالم مجدد وأضاف إلى الفكر الإسلامي مفهوم جديد يتعلق بتأصيل وتنظير مفهوم أسلمة العلوم، وقال عن تأثر الساحة العلمية بعد رحيله، إن الساحة العلمية العربية فقدت فقدان إرث  ثقيل على الأمة الإسلامية، ولكنه ورث علما سيتوالد علوما وسيستمر في الحياة الفكرية، فقد أسس ولا خوف على ما أسسه، سيزدهر إبداعات هنا وهناك.    
                                                              
الأستاذ عبد المالك صاولي
أعجز عن الحديث عن هذا العملاق بعد أن احتككت به
         يقول الأستاذ في الدعوة والإعلام، إن الفيلسوف طه جابر العلواني واحد من عمالقة الفكر الإسلامي، فهو الرجل الذي عرفته شخصيا وارتويت من معينه منذ سنوات، فكر نيّر وقلب صادق، من منظري الأمة الإسلامية ولا أظن أحدا يسد ثغرته التي يقف عليها، قائلا بأن الأمة الإسلامية قد تيتمت برحيل أمثال هؤلاء، فقد كان مع أصحابه في رابطة العالم الإسلامي قطبا فكريا لا يستهان به، ويمكن اعتبار ما صدر عن هذا المركز محورا لتجديد الفكر الإسلامي، كما يُعد مرجعية فكرية بكل المعاني رغم أنه لا يمثل أي تيار فكري بارز، ولكنه من مدرسة مالك بن نبي مع إدوارد سعيد وكثير من الرواد الذين أسسوا هذه الرابطة كمحاولة للمّ شمل الفكر والمفكرين المسلمين لدراسة أهم مشكلات الحضارة والتحديات التي تواجه الفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية، محاولا إعطاء بديل فكري حقيقي بعيدا عن التسييس والتمذهب الفكري.

الأستاذة إيمان بن نعجة
الساحة الإسلامية العلمية فقدت مفكرا جريئا وذكيا في طرحه
       تقول الأستاذة بقسم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3، إن أول ما يلفتنا في سيرة المفكر والفقيه الإسلامي الدكتور طه جابر العلواني، مسيرته العلمية المشرّفة جدا للإسلام، ويتجلى ذلك من خلال إنتاجه المعرفي، ولعلّ أبرز ما قدّمه في مسيرته العلمية الإسلامية، هو طرحه لإشكالات عميقة وجديدة في مشروع إسلامية المعرفة منتصف التسعينيات، حيث ازداد خطابه المنهجي والنظري قوة على ما كان عليه، واتسم بالحدة في النقد، والجرأة في التعبير، بحيث لم يتوان في اتهام الفقه الفروعي بفرض الإصر والأغلال على الناس، ردا على شريعة التخفيف والرحمة ورفع الحرج. وتبرز قوة خطابه في العمق الملموس بالمشروع منهجيا ونظريا، في تأكيده على تجاوز الخطاب العام إلى التدقيق في المفاهيم والمعارف، وظهور مفاهيم جديدة ستكون ذات حمولة اصطلاحية مكثفة، كمنهجية القرآن المعرفية، الجمع بين القراءتين، الفلسفة، وإن كانت رائجة في كتاباته السابقة.
        كما يعرف عن الفقيه منذ بداياته المساهمة في طرح القضايا التي تمس صميم المجتمع الإسلامي عبر تركيزه على الصراع بين التيارات الاجتماعية والسياسية والثقافية في الوطن الإسلامي وتقويم أساليبها وانتقادها، كما ساهم في التقليل من أهمية حركات النقد والمراجعة كونها لم تقترن بالشروط الموضوعية اللازمة لإنجاح عمليات المراجعة والنقد الذاتي، أو بطرح البديل الموضوعي الصالح، هذه المفاهيم تعدّ المؤسسة لمرجعية مشروع إسلامية المعرفة.
        غير أنّ الدكتور العلواني، في مشروعه عمل على قضية المناهج والمفاهيم والتاريخ، وحدود استمراريتها ونجاعتها، أقرّ بأنّ التركيز على الجزئيات والتفاصيل، حال دون استحضار التاريخ بعمق في نقد المعرفة التراثية الإسلامية التي كرست التقليد والتكرار والتكديس والاجترار. وما لا يمكن تجاوزه هو التميّز في العمل على تغيير صورة الإسلام، بالتأكيد على الأزمة الفكرية للأمة، وتقديم الأسباب التاريخية والموضوعية لهذه الأزمة من خلال قراءات التاريخ الإسلامي الحديث، عبر رصد محاولات الإصلاح بدءا بتجربة الدولة العثمانية والتجارب الأخرى المستقلة عنها، ثم دراسة فشلها الذي قدّم الإسلام عنصر أزمة وتأخر. يمكن القول وبكل موضوعية إن الساحة الإسلامية العلمية فقدت مفكرا جريئا وذكيا في طرحه، رجلا دافع عن رسالته، ترك بصمته في كتاباته، خاصة بعدم التفرقة بين السنّة والشيعة ويكرر مقولته “هؤلاء الشيعة إخواننا مسلمون مثلنا، قبلتنا واحدة، ديننا واحد، قرآننا واحد، نبينا واحد، متفقون على تحريم ما حرم الله، وإباحة ما أباح، وفرضية ما افترض”.
         الفقيه الذي تجاوز في نظرته إلى أصول الفقه، المنحى التاريخي العرضي، إلى الكشف عن النظرية المعرفية التي تأسس عليها علم أصول الفقه، وهي الإيمان بالوحي الإلهي مصدرا هاما للمعرفة إلى جانب الكون، في إطار الجمع بين القراءتين، ورفض تحويل حياة الأمم إلى قوائم من أحكام تكليفية ووضعية بانتقاده لفكرة تفقيه حياة الناس تحت غطاء ولاية أو ما يشبهها عند السنّة.   

الأحد، 6 مارس 2016

قراءة في كتاب

قراءة في كتاب :" منحة ذي العرش في بيان أصول رواية ورش"

    المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية الوادي
قراءة في كتاب :" منحة ذي العرش في بيان أصول رواية ورش"
بقلم : بشير خلف
      احتضنت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية الوادي أمسية فكرية مساء يوم السبت 05 مارس 2016 حضرها جمهور مميّز من مثقفين، وأساتذة، وطلبة اكتظّت بهم قاعة المحاضرات، استضافت المكتبة في هذه الندوة المميّزة الدكتور كمال قدّة المحاضر في مادتي القراءات، والتجويد بمعهد العلوم الإسلامية التابع لجامعة الشهيد حمّة لخضر بالوادي حيث قدّم كتابه الذي صدر حديثا الموسوم بـ " منحة ذي العرش في بيان أصول رواية ورش".
       في البداية رحّب مدير المكتبة الأستاذ تامّة التجاني بالحاضرين، وقدّم الدكتور المؤلف في نبذة موجزة، ليُحيل الكلمة للأستاذ المؤلف الذي ثمّن مثل هكذا جلسات، شاكرا المكتبة ، ومديرها، وطاقمها الشبابي ؛ وأبدى سروره لنوعية الجمهور الحاضر، كما ثمّن مدينة الزقم مدينة العلم والعلماء قديما، وحديثا مُشكِّلة مع مدينة قمار، صرْح الثقافة، ومدينة العلماء؛ الهلال الخصيب في ربوع سُوفْ علمًا، وثقافة.
      ثمّ تطرّق لكتابه الذي ارتأى الحاضرون خلال النقاش غرابة عنوانه، وكأنه من الكتب التراثية الإسلامية في العصور الوسطى؛ إذ أرجع المؤلف اختيار العنوان إلى تشريفه لأحد علماء الكويت، الأستاذ المحقّق، والمقرئ الجامع مدير مركز القراءات القرآنية بدولة الكويت الأستاذ عبد العزيز فاضل العنزي الكويتي.
      الكتاب من المقاس المتوسط ، تضمّ مضمونَهُ 212 صفحة، غلافٌ متميّزٌ؛ فالتصميم، والإخراج لدار الجديد بالكويت. نشْر جمعية البيان بالوادي، طباعة مؤسسة مزوار بالوادي.
      جاء في الإهداء : « إلى القناديل المعلّقة في بيوت الله.. أهل  القرآن .. أهل الله وخاصّته. إلى المتطلعين إلى مراد الله من كتابه.. إلى العاملين بمقتضاه.. إلى حُفّاظ كتاب الله والسائرين في حفظه، ودراسته.. إلى تلاميذ الإمام ورش رحمه الله.. إلى قُرّاء هذه الرواية.. إلى الباحثين في أصولها، والسائلين عن فرشها.. إلى طُلاّب الجامعات الإسلامية، والمدارس القرآنية.. إلى عروس الجمعيات، وأم المداس :
" جمعية البيان لتحفيظ القرآن" أعْلى الله شأنها ..إلى كل منْ فتح مُصحفًا، ومتّع ناظريْه بحروفه.. إلى حُفّاظ الوحي أهدي جميعا : " منحة ذي العرش في بيان أصول رواية ورش " ».
      الكتاب ووفق ما جاء على لسان المؤلف جمع فيه الروايات الثلاث للقرآن الكريم: رواية حفص، رواية ورش، رواية قالون، وتسهيلا على الدارس، والقارئ جعل للروايات الثلاث جدولا سهلاً يُبرز الفروق بينها، مبيّنا أنه استفاد كثيرا ممّن سبقوه في هذا المجال، ممّا ساعده على تتبّع نهجهم مع مخالفات بسيطة، كما أن ما جاء في الكتاب سهلٌ، وتحاشى فيه الاستطراد، والغموض، والحواشي ؛ كما يُقرّب ويُرغّب علم التجويد في عبارات بسيطة سهلة.
       كما أن الكتاب جاء استجابة لطلبات الطلبة الذين ألحّوا أن تُـجمع جهود المؤلف من دروس ومحاضرات في كتاب، فكانت الاستجابة، وبعد ما اطّلع عليه الأستاذ الدكتور أحمد عيسى المعصراوي شيخ عموم المقارئ المصرية سبقا مراجعة وتقريظَا، حيث أعجبه، فأوصى بأن يُطبع، ويُنشر، وأصى بأن يُدرس.
        الكتاب جاء في شكْلٍ أكاديمي مبسّطٍ ، مراجعه متيسّرة؛ لئن كان الكتاب في 212 صفحة فإن أصول قراءة ورش تأخذ وحدها 180 صفحة، المؤلف دافع كثيرا عن القراءة برواية ورش من حيث كونها، والمذهب المالكي في منطقة المغرب العربي توأمان متلازمان منذ قرون في هذه الديار، بل يُشكّلان حيّزا مهمّا من هُويّة هذه الربوع، ولعلّ الذي ساعد على خلخلة هذه الهُويّة الدينية في العقود الأخيرة في الجزائر خلوّها من مرجعية دينية عريقة كما هو الحال  بتواجد مؤسسة الأزهر في مصر، وجامع الزيتونة في تونس، والقرويين في المغرب.
      وممّا تعرّض له المؤلف أنه في كتابه ترجم للإمام نافع المدني من حيث نسبه، وصفاته، وإسناده، ثمّ الإمام ورش ؛ وكذا علم التجويد، تعريفه، فضله، موضوعه، حكمه، القسم التطبيقي، القسم النظري، الأدلة على وجوبه في القرآن الكريم، السّنّة، الإجماع، مراتب قراءة القرآن الكريم، نصيحة لكل مقبل على علم التجويد، ثمّ أحكام الاستعاذة والبسملة.
      من الصفحة 33 حتى الصفحة 174 ركّز المؤلف على مخارج الحروف وصفاتها في علم التجويد في رواية ورش، انطلاقا من مبحث علم التجويد من أجلّ المباحث فمن أتقنه ( مخارج الحروف) أتقن هذا الفنّ، وأتى به على أكمل وجه. ومن صفحة179 إلى صفحة 196 ملحق الفروق في جداول بين الأزرق، الأصبهاني، قالون، حفص.
         أثيرت في آخر الندوة مجموعة من التساؤلات منها القراءات المُحبّذة في تحفيظ الأطفال، هل التلاوة برواية ورش أنسب لهم، أم برواية حفص بدءا، ثم في النهاية برواية ورش.
        ندوة كانت ذات عمْق فكري تناولت موضوعا يهمّ كل مسلم متعلّق بكتاب الله الكريم؛ كما أن الكتاب مفيد جدا للمتخصص، وللمثقف، وللطالب، وحتّى ذي المستوى المتوسط .

السبت، 5 مارس 2016

الإعلام بين التوجيه والمصداقية


     الإعلام بين التوجيه والمصداقية
  بقلم: بشير خلف
       أثبتت، وتثبت التجربة يوما بعد آخر مدى قدرة الإعلام المغرض على فرْض الصور السوداوية، وتزييف الحقائق.. لمّا نتأمّل الأغلبية العظمى من القنوات الفضائية العربية، نجد اهتماماتها تتراوح بين الجانب الإخباريّ الموجّه، أو الطابع الديني الذي  البعض منه موجّهٌ بدوره ومُغذّى بالبترو دولار، أو طابع المنوّعات الغنائية الكليبية المُثيرة للغرائز، أو البرامج الترفيهية السطحية.
       وفي الألوان الثلاثة نجد أنّ طابع البحث عن الإثارة، والتضخيم، هو الشائع أكثر بكثير من الطابع المتّزن الرصين.

الخميس، 3 مارس 2016

الروائية فضيلة الفاروق



             الروائية فضيلة الفاروق "تكشف" علاقتها مع الله
       تحدثت الروائية والكاتبة الجزائرية فضيلة الفاروق –بجرأتها المعهودة- وبكثير من الحميمية عن تفاصيل كثيرة في طفولتها وحضور الرجل في حياتها العاطفية كاشفة عن مرورها بتجربة روحية صوفية في الفترة الأخيرة تولدت عنها تجربة شعرية جديدة سيضمها ديوانها القادم" في حب قديس" والذي يأتي بعد ديوانها الأخير منهكة بحبك يا بن دمي.
       " لديّ مخزون كبير من الحب احاول التعبير عنه بطرق مختلفة" بهذه الجملة بدأت الروائية فضيلة الفاروق حديثها في برنامج ألوان الذي يعده الكاتب صلاح الدين الأخضري للقناة الأولى مركزة عل الدعوة الى بث ثقافة الحب والتسامح في الاجيال الجديدة والابتعاد عن ثقافة الكراهية التي اصبحت خبزا يوميا في العالم العربي وفي الجزائر.
     ولم تخرج الفاروق عن جرأتها وشجاعتها الأدبية المعروفة عنها في حديثها عن القضايا الحميمية مضيفة أنها غرست تلك الشجاعة في ابنها طارق الذي سألها يوما عن أول حب في حياتها، فأخبرته انها أحبت وهي في الرابعة عشر من عمرها زميلا لها متحدثة بحميمة وحنين مرحٍ عن أول هدية/تفاحة تلقتها من حبيبها الذي شدها اليه بنظافته، مضيفة انها مازالت تتذكر رائحة الصابون الذي ينبعث من يديه في التفاحة.
       كما عادت فضيلة التي تصر ان تظل عاشقة ابدية الى طفولتها الاولى وهي تصف التفاصيل الدقيقة لحياتها النفسية والفيزيائية، فلم يخل حديثها من وصف الاشياء التي ما زلت عالقة في ذهنها بدءا بالمدفأة التي ينبعث منها ضوء خافت مضاف للدفيء الذي يتسرب في هيأة حنين وصولا الى العناد والتمرد الذي اتصفت منذ صغرها وهي الفتاة الوحيدة  في مدينتها  "اريس" التي لم تكن ترتدي غير "الجين" والحذاء الرياضي مضيفة انها لم تستطع مغادرة تلك الطفولة رابطة الامر بتفسيرات لا تخلو من طرافة تمتزج بشيء من جدية وهي تضيف انها من برج العقرب !.
        الفاروق تحدثت بشيء من الاعتزاز عن التحولات التي حدثت في حياتها وعن نزوعها نحو تقديم النشاطات الخيرية للأطفال داعية في هذا السياق الى بذل ما يسعد الانسانية حتى لو كان هذا الخير في هيأة قصيدة او اغنية او قصة.
      وحول ربط هذا النزوع  بتجربة الكتابة نفت الروائية ذلك مؤكدة ان الكتابة لا يغـــذيها الا القراءة اما العمل الخيري فهو يغذي الروح، وفي هذا السياق كشفت الفاروق عن مرورها بتجربة روحية مؤكدة انها لم تتخل عن طقوسها في الكتابة والاستماع الى القرآن، وتأدية الصلاة التي بدأتها منذ طفولتها وهو الجانب الذي لم يكن متوقعا من كاتبة بذلك التمرد، وهو ما فسرته الكاتبة بأن كتابة العري ليس هو الفحش داعية في هذا السياق الى عدم محاكمة الكتاب وخاصة الكاتبات وكأن ما يكتبونه هو سيرتهم الذاتية.
      وعن السيرة الذاتية قالت الفاروق ان لها وجوها متعددة مؤكدة انها تتخفى خلف اقنعة شخصيات رواياتها مبدية اصرارا وتمسكا بموقفها أن الروائي الجيد هو الذي يكتب بصدق وان الصدق لا يمكن ان يكون بعيدا من سيرة الكاتب الشخصية.
وحول ما قدمته وسائط التواصل الاجتماعي قالت المتحدثة ذاتها إنها استطاعت ان تهب الكثير من الاسماء التي كانت مغمورة اثبات جدارتها بالحضور كما كشفت زيف الكثير من الاسماء المكرسة.
      وحول نضالاتها النسوية من أجل المرأة تأسفت ضيفة ألوان على ما وصفته بسلبية النساء  مضيفة انها طالما اصطدمت ببنات جنسها مؤكدة ان المرأة هي أول من يحول دون تقدم المرأة.

المصدر: موقع الاذاعة الجزائرية

الأربعاء، 2 مارس 2016

الترجمة شعاعٌ بدأ باكرا.. ولكن ؟


الترجمة شعاعٌ بدأ باكرا.. ولكن ؟
بشير خلف
       أتذكر في الثمانينات أنّ اتحاد الكُتّاب كان يضمّ إلى جانبه المترجمين والصحفيين، فكان يُطلق على هذا الكوكتيل : " اتحاد الكُتّاب والتراجمة، والصحفيين الجزائريين "، إذ كان التراجمة يومها كما أطلق عليهم لا يقلون مكانة عن الكُتّاب، وبغضّ النظر إن انتعشت الترجمة حينها أم لم تنتعش؛ فقد اعتُبرت ذات مكانة حضارية وفكرية.
      بعد ما يقرب من أربعين عامًا من ذاك التاريخ، لا السلطات، ولا المجتمع المدني، ولا المترجمون أوجدوا مكانة للترجمة في عالم اليوم كل شرايينه تتغذّى من الاتصال، والتواصل، والتبادل في شتى مناحي الحياة المعاصرة عن طريق الترجمة.. يا الله وقوفنا طال، والعالم يتسارع.

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...