السبت، 21 أكتوبر 2017

التقاعد

التقاعد
بقلم: بشير خلف
        تفاعدت في بداية شهر أكتوبر 2001، التقيت به متقندرا مع مجموعة متقاعدين بنفس اللباس، يفترشون الأرض، يشربون الشاي الصحراوي المنعنع، والمعد على نار حطب هادئة..رآني كعادتي يوم أن كنت عاملا، مكستما، مقرفتا، بعد التحية، بادرني قائلا:
- أما آن لك يا صاح أن تتخلص من قيد الإدارة، وأن تتحرر من الكستمة، والتقرفت،وأن تنضم إلينا ؟
أجبته:
- ياصاح، التقاعد بالنسبة لي هو مرحلة جديدة من حياتي..فعلا تحررت من قيد الوظيف، لي أهداف لم أحققها، وأنا موظف، آن الأوان أن أشرع فيها.
      الحمد لله مر على ذلك اللقاء مع صديقي ستة عشر سنة، أكرمني الله، فتحققت الأهداف التي رسمتها، وكانت ثقافية بامتياز..صاحبي ذاك، عاش الفراغ، ومنذ حوالي 12سنة وقد فقد الذاكرة، وصار لا يعرف حتى أقرب الناس إليه..نطلب له السلامة والعافية.
      علمتني الحياة أن الله جل جلاله لم يحدد لنا سنا نتوقف فيها عن الحركة والعطاء..التقاعد كإجراء إنساني هو اعتراف من المجتمع بمجازاة هذا الموظف، أو ذاك العامل بالراحة حتى يترك الفرصة لغيره لتولي منصبه، أو عمله..إنما ليس سنة كونية سنها الله كي ننسحب من الحياة، وحراكها الجميل، الممتع، والتفرغ للكثير من الأشياء الجميلة، من ذلك الرحلات، والاتصال بالناس، والتثاقف، وزيارة البلدان في الوطن ، وخارجه..
      التقاعد ليس انسحابا من الحياة ، وأيام كدر، وتوتر، وقلق، مما ينجر عنه بعد سنوات قليلة تدهور في الصحة: سقوط الأسنان، وتقوس الظهر، وثقل في الحركة، وألم في المفاصل، وأوجاع في الركبتين..
في رأيي الحياة تحلو بعد التقاعد، لما فيها من حرية الحركة، وتعدد الخيارات، استنادا إلى الخبرات والتجارب الذاتية والغيرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...