مساهمتي في ملفّ " ديوان الحياة " الموسوم بــ
(أدباء يستعيدون فرحة صدور "الكتاب الأول) الصادر صبيحة الأربعاء 30 / 09 /
2015 بيومية الحياة الجزائرية الذي يشرف عليه الكاتب والإعلامي الروائي الخيّر
شوّار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموعتي القصصية الأولى ..أيقونة الروح، وبدايات الحكي
بقلم: بشير خلف
إن أول
قصة قصيرة كتبتُها كانت في سنة 1972، بعد أن حبرتُ عدة مواضيع اجتماعية أرسلتُها
إلى صحيفة " المجاهد الأسبوعي " التي كانت يومئذٍ هي وصحيفة "
الشعب " تملآن الساحة المعرّبة، وأيضًا صحيفة: النصر" بدرجة أقلّ، والتي
عُرّبت سنة 1972.. ثم التفتُّ إلى مجلة " آمال" المجلة الشهرية الأدبية
الثقافية، المخصصة لأدب الشباب، التي كانت تصدرها حينذاك وزارة الإعلام والثقافة
بالجزائر، ويتولّى رئاسة تحريرها الأستاذ عبد الحميد السقّاي، فكانت أول قصة تُنشر
لي في المجلة في عدد فيفري 1972 بعنوان: " الأبي" وتنشر لي أيضا في
عددها الواحد والعشرين بتاريخ اجوان ـ أوت 1974 عمليْن في عدد واحد.. قصة قصيرة في
باب القصة بعـنوان" القدر الساخر"، وقصيدة شعرية في باب الشعر
عـــــــــنوانها:" صرخة جُـــرْحٍ" ..ويتتالى نشْرُ القصص القصيرة لي
بالمجلة في أغلب أعدادها المتوالية:25 ،26 ،27 ،28 ،30 ،33،43،44... ولم تُرفض لي
أيّ قصة.
في أوائل جانفي 1977 اتصل
بي الأستاذ بشير قاضي الموظف بديوان الوزير يعلمني بأن الوزارة قرّرت جمْع كل
القصص التي صدرت لي بمجلة آمال، ويستشيرني عمّا إنْ كنت موافقًا على أن تصدر لي في
عدد خاص من المجلة، فأبديتُ موافقتي في الحال، حيث صدرت في العدد 39 بتاريخ ماي ـ
اجوان 1977 مجموعة قصصية تحمل عنوان" أخاديد على شريط الزمن.." عدد به
19 قصة، وخمسُ قصص قصيرة جدا.
المفارقة أني لم أستلم العدد الخاص من وزارة الثقافة مباشرة، أو عن طريق
البريد، إنما ابتعــتُه من مكـــتبة بمدينة الوادي كانت في كل شهر تصلها المجلات
الثقافية العربية من تونس ( الفكر، الثقافة)، مـصر( الهلال، إقرأْ)، لبنان (
الآداب، الأديب)، العراق( الأقلام، الطليعة الأدبية)، ليبيا( الثقافة العربية)،
السعودية(الفيصل)، قطر ( الدوحة)، وكذا مجلة " الثقافة" و" الأصالة
"، ومجلة " آمال" ..
وأنا أدخل المكتبة كعادتي كي أقـتني ما
ألِــفتُ اقتناءه من تلكم المجلاّت العربية، فاجأني صاحب المكتبة بمجلة "
آمال" يمدها إليّ، ويهنئني، وأنا لم أصدّق أن يصدر عدد خاص لي وحدي، ولا
يشاركني فيه أحدٌ.. غادرت المكتبة لأجد نفسي دون وعْــي منّي أجلس على رصيف الشارع
غير آبهٍ بحركة المرور، ولا بالمارّين، ولعلّ ما أبهرني ذلكم الإخراج الجيد، وذلكم
التصميم الرائع للفنان التشكيلي الموهوب الطاهر أومان.. لوحة تشكيلية معبّرة عن
عتبة المجموعة وقصصها.. إبداع جمالي راقٍ في تقنية الألوان وتوظيفها.
وكأنني
غير مصدّق أن يصدر لي هذا العمل الإبداعي، فبمجرّد عودتي إلى المنزل قرأت القصص المنشورة
بالمجلة تباعًا، وقارنتها مع النسخة الموجودة عندي، فـكان التطابق التام.. أن يصدر
لك عمل أدبي في ذاك العهد، ومن طرف هــيئة رسمية تتولّى الإشراف على الثقافة في
الدولة الجزائرية، وتنعدم مؤسسات أخرى للطبع والنشر في البلد، يعني أنك وضعت رجلك
في مسار الإبداع والكتابة.
لم أستلم من وزارة الثقافة
ولا نسخة واحدة من المجلّة، ولم أتلقّ تعويضًا.. بصدق هذه أبجدياتٌ ما كانت تخطر
على جيلي من الكُتّاب والمبدعين حينذاك؛ كما أنّ ثقافة الإهداء إلى الأصدقاء، أو
البيع بالإهداء غير معروفة، حيث كانت الحركة الأدبية نشطة، والكتاب متوفّرا، وكذا
المجلة الأدبية، ونسبة المقروئية مرتفعة ؛ فما أن يظهر على الساحة عملّ أدبيٌّ، أو
فكريٌّ حتى يتهافت عليه القرّاء، وينفد بسرعة.. الكاتب حينها ليس في حاجة للتعريف
بنفسه، أو بعمله من خلال الإهداء إلى الأصدقاء، أو بالبيع بالإهداء.
العدد الخاص لمجلة آمال الذي صدر لي لا
يزال أغلب مثقفي ومبدعي تلك المرحلة يحتفظون به، إذ كلّما التقيت بأحدهم ذكّرني
به؛ إضافة إلى أنه كان جواز مرور لي في فضاء الكتابة السردية، وتوالي الإصدارات،
بحيث نفس العدد طُـبع ككتاب " مجموعة قصصية " صدرت عن الشركة الوطنية للنشر
والتوزيع سنة 1982 التي ترّأس إدارتها حينذاك الكاتب المبدع خلاّص الجيلاني، ثم
صدرت المجموعة القصصية الثانية الموسومة بــ " القرص الأحمر " سنة 1986
وغيرها فيما بعد من الإصدارات لتوشّح مساري الفكري والإبداعي إلى أيامنا هذه،
والحمد لله على فضله ونعمائه، وتوفيقه لي.