الخميس، 28 نوفمبر 2019

الكذب.. شيطان الغواية، والحيلة، والخداع



عرض: بشير خلف
      يبدو الكذب من المناطق التي عادة ما تغفلها المعرفة المعقلنة، إذ يكاد يغيب المصطلح من الكتابات الفكرية حتى القرن العشرين، حين بدأت تظهر محاولات لتفسير الظاهرة، كانت في البداية ضمن علم النفس ثم سرعان ما تلقّفتها اختصاصات أخرى.

      للكذب أوجه كثيرة، فيما للصدق وجه واحد، أمّا لماذا هو كذلك؟، فهذا يفتح الباب على تقديرات كثيرة، لا نهاية لها، إذ أن الأمور متعلقة بمعنى الكذب ودوافعه، ومتى يكون القول كاذباً، وهل يتعلق الأمر بأذية، أو ضرر يقع على الآخر، أو حتى على الأنا. أم أن الكذب كذبٌ لمجرد أن يكون القول غير صحيح أو ربما لمجرد السكوت عن قول الصدق، وهل يمكن التوصل إلى تاريخ للكذب، وما علاقة الكذب بالسياسة والحقيقة ؟
      في كتابه" "تاريخ الكذب" الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا،( ترجمة: رشيد بازي. المركز الثقافي العربي.) حاول طرْح سؤال الكذب من منظور البحث عن تاريخ له، أو بالأحرى جنيالوجيا له (أصول)، ليس بما هو سلوك وسرديات ووقائع فحسب، وإنما بمفهومه وبالتفكير حوله أو فيه.. ولو أن جُلّ كتابه يناقش أفكار الفيلسوفة الألمانية حنة أرندت أو أحد نصوصها وهو "الحقيقة والسياسة"، مفتتحاً نقاشاً أخذ يتسع حول العلاقة بين الحقيقة والسياسة، وبين الأخلاق والسياسة، ودور الإعلام والتقنية في عالم الأفكار والصور والمدارك في عالم اليوم.
        اعتمد دريدا على مقاربة سيميو – لغوية، إذ لاحظ أن ألفاظاً ومفاهيم عدّة التبست بالكذب، مثل الخطإ والحماقة والخبث والإيديولوجيا، وحتى الشعر. هذه الملامسات صنعت، وتصنع فضاءً ضبابياً حول الكلمة. هذا على صعيد أول، قبل أن يتساءل إن كان تمثُّل الظاهرة يحدث بالشكل نفسه بين حضارة وأخرى، وخصوصاً في مستويات مختلفة من الحضارة نفسها، كما هو الحال في الحضارة الغربية التي هي تراكم إغريقي، روماني، يهو – مسيحي.
      تعرّض في كتابه إلى عديد الفلاسفة والمفكرين الأوروبيين، منهم أرسطو الذي يقول عن الكذاب:( الكذّاب ليس فقط هو الذي يملك القدرة على الكذب، بل هو الذي يميل إلى الكذب)، ومنهم أيضًا مونتاني الذي يقول:( لو كان الكذب كما هو الشأن بالنسبة إلى الحقيقة وجهٌ واحدٌ لكانت العلاقات بيننا أحسن ممّا عليه، فيكفي أن نحمل محْمل صدْق نقيض ما ينطق به الكاذب منّا؛ إلّا أن نقيض الحقيقة له مائة ألف وجْهٍ، ولا يمكن الإلمام كليا بالحقل الذي يشغله).على أنّ الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو شخْصن الكذب بأمثلة واقعية أكثر وضوحًا:( أن تكذب لصالح نفسك، فهذا مستحيل، وأن تكذب لصالح الغير فهذا تدليسٌ، وأن تكذب قصْد إلحاق الأذى بالغير فهذا افتراءٌ، وهذا هو أسوأ أصناف الكذب، وأن تكذب دون قصْد جلْب مصلحة، أو إلحاق الأذى بك، أو بغيرك، فأنت لا تُعتبر كاذبًا، وما تقول ليس بكذبٍ، بل مجرّد تخيّلٍ.)
           يشكك دريدا بإمكان التوصل إلى تاريخ خاص بالكذب.
      فهل نحن إزاء مدلول ثابت للكذب، وبالتالي هل نحن قادرون على كتابة تاريخه؟ هنا يوقفنا الفيلسوف دريدا أمام ضرورة التمييز بين تاريخ الكذب كمفهوم وتاريخ الكذب كظاهرة.
    من المفكرين المتخصّصين من يروْن الموضوع يقتضي أن نلغي القياس البسيط على ما هو صحيح أو خاطئ، فالكذب هو عملية محاكاة لهما يجعل من الصحيح نموذجاً لإطلاق الخاطئ. الأكاذيب إذن ليست سوى محاكاة.
       في رأينا الكذب موجود طالما وُجد الإنسان، وأينما تواجد، بغضّ النظر عن وجود تاريخ له أو عدمه. الديانات السماوية وضعته ضمن الموبقات البشرية لأنه يلحق الأذى بالفرد والجماعة؛ بل بالأمم.
       عالمنا اليوم، وبتأثير الترسانة الإعلامية، صار يعيش على الكذب، حتى أن الأيديولوجيات تظهر بوصفها تقنيعًا( القناع) للكذب بهالة الحقيقة. الصورة اليوم في الإعلام، هي أخطر من أي سلاح آخر، فيمكن بصورة واحدة فقط تُبثّ تتغيّر في لحظاتٍ حدودُ الحقيقة والكذب. الجميع يكذب، لهذا التاريخ يتدحرج إلى الهاوية، وتتهاوى القيم، ويختفي العدل، والشيطنة سادت، وتسود.
الكتاب: تاريخ الكذب
المؤلف: الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا
المترجم إلى العربية: رشيد بازي
عدد الصفحات: 116 الطبعة الأولى 2016
الناشر: المركز الثقافي العربي. الرباط


الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

الموسيقى تصدح في دار الثقافة بالوادي



بشير خلف
نظّم نادي " الياسمين" التابع لدار الثقافة بالوادي الذي يشرف عليه الموسيقي العازف، الملحّن علي لعبيدي مساء أمس الثلاثاء 26 نوفمبر 2019 أمسية موسيقية فنية كان ضيفها الفنان الكبير الموسيقار قمّاط عبد الرحمن أصيل مدينة بوسعادة.


       أحْيى الأمسية عديد الموسيقيين، والفنانين بوصلات موسيقية، وأغاني طربية أصيلة؛ كما كان للضيف حصّته في عزْفٍ متميّزٍ على العود شدّت إليها الحضور بالقاعة التي امتلأت بمحبّي الفنّ الأصيل، والموسيقى العربية بألحانها الشجيّة.
       الفنان الموسيقار قمّاط قدّم كتابه بالبيع بالإهداء إلى الحضور، الكتاب الموسوم بـــــ ( قوالب الموسيقى العربية.. الغنائية والآلية) ذي صفحة  235 الذي استعرض فيه قوالب الموسيقى الشرقية، والعربية، روّاد الموسيقى في الجزائر، روّاد الموسيقى العربية.

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2019

من كتابي ( بحثًا عن ثقافة الحوار مع الذات ومع الآخر الصادر سنة 2018)


...لنلاحظ غياب ثقافة الحوار في المجتمع الجزائري اليوم ، وما وصل إليه الفرد الجزائري من توتّرٍ، وقلقٍ، وحالة نفسية مهزوزة، وعدم ثقة في الحاضر والمستقبل، ولهفة على المادّة ، وانتهاج كل السبل المشروعة ، وغير المشروعة للوصول إليها، وانعكس ذلك على القيم التي من المفترض أن تُعقْـلِـن السلوك الفردي، والجمعي، وهي تختفي، وتتآكل بمرور الوقت ليحلّ محلّها الخصام، والشحناء، والعداء حتّى بين الأقارب بدلاُ من الحوا، والتسامح، والتفاهم، والتكافل المجتمعي كي يعيش الكلّ في أمْنٍ، وسكينة، وسلام.

الأحد، 17 نوفمبر 2019

أيّها المارّون ارحلوا عنّا..


... فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص.. وانصرفوا
وعلينا، نحن أن نحرس ورد الشهداء
وعلينا، نحن أن نحيا كما نحن نشاء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا قمح نربيه ونسقيه ندى أجسادنا
ولنا ما ليس يرضيكم هنا

( الشاعر المرحوم محمود درويش)

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...