الأحد، 31 يوليو 2016

أحلام مستغانمي ترد على بوعلام صنصال


أحلام مستغانمي ترد على بوعلام صنصال
        أكتب ما شئت فأنت لست جزائريا وحبرك ليس من فصيلة دمنا
         ما زالت ردود الفعل المستنكرة لتشبيه بوعلام صنصال لهجوم نيس الإرهابي بمعركة الجزائر تتوالى مستنكرة تهجم الكاتب الجزائري على بني جلدته.
         حيث قالت أحلام مستغانمي إن صنصال "كتب ما يدلنا على أصله ومعدنه لأن الكاتب يوقّع بأصله لا بقلمه، إن كاتبا يعتبر الثورة الجزائرية على المستعمر عملاً إرهابيا، ويشبه المجاهدين بالقتلة والمجرمين، نبت في بيت لا مجاهد فيه ولا شهيد، ولم يردد يوما النشيد الوطني ولا حفظ كلماته، ولا بكى ذات مرة فقط لأنه رأى علم الجزائر يرفرف، ولا قرأ شهادات الضباط الذين عذبوا بن مهيدي واعتبروه بطلاً يستحق الإجلال، ولا كان له شرف مجالسة جميلة بوحيرد أطال الله عمرها، ليتعلم منها كيف بإمكان صبية في العشرين من العمر أن تواجه جلاديها بشجاعة يفتقدها رجل في عمره، تنكر لقومه ووطنه وباع قضيته لا في جلسة استجواب تحت التعذيب، بل لمجرد احتمال فوزه بجائزة نوبل مثلاً.
      وأضافت صاحبة الثلاثية في تصريح للشروق أنها سبق وإن التقت بصنصال قبل أربع سنوات في مهرجان للكِتاب بمونبوليه و"رفضت  أن أصافحه  فتركته ومضيت وقلت  لكتابنا المعربين الذين جلسوا إلى طاولته  للغداء، إنني لن أتقاسم  مع كاتب خان أمته طاولة أو جلسة، كنت أتوتر كلّما صادفته، لأنني  كنت قد كتبت مقالين عن زيارته لإسرائيل في ذكرى تأسيسها، أي ذكرى احتلال فلسطين، ومقارنته الإسلام بالنازية"، وختمت مستغانمي كلامها مخاطبة صنصال "ما دمت لا تستحي فاكتب ما شئت، لكن لا تقل بعد اليوم إنك كاتب جزائري، حبرك ليس من فصيلة دمنا".

الأحد، 24 يوليو 2016

" إن لم تكن معي فأنت ضدّي"

" إن لم تكن معي فأنت ضدّي"
بقلم: بشير خلف
      ما جرى ويجري في تركيا شأنٌ داخلي ، لا ناقة لنا ولا جمل فيه؛ بالرغم من انتماء العديد من التيارات الإسلاموية عندنا إيديولوجيا للإيديولوجيا التركية التي تعمل بقاعدة " إنْ لم تكن معي فأنت ضدّي" مثلما مارسته، وتمارسه منذ أواخر الثمانينات هذه التيارات عندنا..

        المواطن الجزائري العادي يعي جيّدا أن الطفرة الاقتصادية التركية تخصّ الإنسان التركي وحده، وإذا كان البعض منّا يرى أنّ هذه الطفرة دليل على نجاح حزب العدالة والتنمية الإسلامي، ونجاح التجربة الإسلامية؛ فإن الجواب من أطراف أخرى ترى أن هذا الحزب الذي يقود تركيا ممثلا في قيادته خان القيم الإسلامية، وتحالف مع الصهاينة، وربط معهم علاقات متينة بما فيها التعاون العسكري، والإنسان التركي يدفع هذه الأيام ثمن الطفرة الاقتصادية، قطْعًا لرزقه، وتجويعا لأبنائه، وقمعا، وإقصاء، وتحقيقا أمنيا، وسجنا باسم الديمقراطية .. والعالم كله يسمع ويرى.

رسالة إلى صديق سحرته باريس

    رسالة إلى صديق سحرته باريس
بقلم :بشير خلف   
         صديقي ابن الجزائر العميقة، وسليل منطقة عزيزة حافظت على هوية الجزائر ولا تزال، أنجبت علماء، وقامات تفتخر بهم الجزائر.. سجلٌّ ثريٌّ  مشرّفٌ..
       صديقي من حقك أن تنبهر بباريس، وأن تهيم بها عشقا، مثلما أنا العاشق للجزائر والهائم بها حبّا ، إنما من حقّي أن أنظر إلى باريس ليس من سحرها السياحي، ومكياجها الكاذب..
       باريس يا صديقي بالنسبة إلي عاصمة الدولة الاستعمارية التي نكّلت ببلدي الجزائر، ولا تزال من خلال مواصلة الحرب ضدّ بلدي : هوياتيا، وثقافيا، واقتصاديا.. وكيف أنسى يا صديقي، والجرح الغائر لم يندمل، ولا أحسبه سيندمل.. باريس التي سحرتك هي الوجه البشع لفرنسا الاستعمارية، فرنسا الرسمية التي لا تزال تكنّ الحقد، والترصّد الخبيث لهذا الوطن وشعبه، وآخرها اليوم :24 جويلية 2016 وزارة الخارجية الفرنسية تعلن لرعاياه الفرنسيين عدم زيارة الجزائر، لأن الوضع الأمني فيها هشٌّ؛ بل وتؤشّر في خريطة على أن أكثر من مساحة الجزائر تفتقد إلى الأمن، أي أن الجزائر غير قادرة على تأمين الأمل لمواطنيها .. التهويل، والتخويف ، وزرْع الشكوك، وهي رسالة مسمومة إلى الجزائريين بأنكم في بلدكم غير آمنين.
           وحتى لا ننسى يا صديقي أحيلك إلى سجلّ التاريخ الذي لا يجامل مهما حاولنا خداع أنفسنا تحت تأثير مكونات العولمة، وضرورة التعاون مع الآخر، وطيّ الصفحة، وثقافة الاختلاف .
          أحيلك صديقي إلى سجل التاريخ، وإلى ما صرّح به ضبّاط فرنسا الذين شاركوا في غزو الجزائر، وما اقترفوه تجاه السكان في القرن التاسع عشر، أمّا ما انجرّ عن الاستعمار والاستيطان لمدة قرن وثلث، فذاك حديث آخر يا صديقي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنا لم أنس يا صديقي، ولن أنسى
         ارتكب جيش الاحتلال العديد من الجرائم ضد المدنيين، والتي سماها المؤرخون بالرازيا (بالفرنسية: Razzias):
        يروي العقيد مونتانياك (Montagnac):
«أخبرني بعض الجنود أن ضباطهم يلحون عليهم ألا يتركوا أحدا حيا بين العرب.. كل العسكرين الذين تشرفت بقيادتهم يخافون إذا أحضروا عربيا حيا أن يجلدوا»
. ويقول النائب البرلماني طوكوفيل (Tocqueville):
«إننا نقوم بحرب أكثر بربرية من العرب أنفسهم.. لم يستطع الفرنسيون هزم العرب حربيا فهزموهم بالتدمير والجوع»
        ويقول مونتانياك:
«لقد محا الجنرال لاموريسيير (La Moricière) من الوجود خمسة وعشرين قرية في خرجة واحدة، إنه عمل أكثر انعداما للإنسانية»
        ويروي:
«..فبمجرد أن حدد موقع القبيلة انطلق سائر الجنود نحوه ووصلنا الخيام التي صحا سكانها على اقتراب الجنود فخرجوا هاربين نساء وأطفالا ورجالا مع قطعان ماشيتهم في سائر الاتجاهات، هذا جندي يقتل نعجة، بعض الجنود يدخلون الخيام ويخرجون منها حاملين زرابي على أكتافهم، بعضهم يحمل دجاجة، تضرم النار في كل شيء، يلاحق الناس والحيوانات وسط صراخ وغثاء وخوار، إنها ضجة تصم الآذان.(مدينة معسكر يوم 19 ديسمبر 1841)»
         الرازيا كما يسميها الفرنسيون لا تهدف إلى معاقبة المخطئين وإنما صارت مصدرا لتموين الجيش. كان كل ما ينهب يباع ويوزع ثمنه على الضباط والجنود، ربع الغنائم للضباط والنصف للجنود كما يذكر شارل أندري جوليان.
       يقول دوكرو (DUCROT):
«ما نهب في [رازيا] واحدة حمولة 2000 بغل»
       ويقول النقيب لافاي (LAFAYE):
«كان الضباط يخيرون الفلاحين بين أن يقدموا لهم الأكل أو الإبادة، كنا نخيم قرب القرية، يعطيهم الجنرال مهلة لإعداد الطعام أو الموت، كنا نوجه سلاحنا نحو القرية وننتظر، ثم نراهم يتوجهون لنا ببيضهم الطازج، وخرافهم السمينة، ودجاجاتهم الجميلة، وبعسلهم الحلو جدا للمذاق.(تلمسان 17 يوليو 1848)»
        يعلق شارل أندري جوليان:
«وتنتشر الرازيا فتصير أسلوبا للتدمير المنظم والمنهجي الذي لم يسلم منه لا الأشخاص ولا الأشياء. إن جنرالات جيش إفريقيا لا يحرقون البلاد خفية. إنهم يستعملون ذلك ويعتبرونه مجدا لهم سواء أكانوا ملكيين أم جمهوريين أو بونابارتيين»
        يقول مونتانياك:
«إن الجنرال لاموريسيير يهاجم العرب ويأخذ منهم كل شيء: نساء وأطفالا ومواش. يخطف النساء، يحتفظ ببعضهن رهائن والبعض الآخر يستبدلهن بالخيول، والباقي تباع في المزاد كالحيوانات، أما الجميلات منهن فنصيب للضباط.(معسكر 31 مارس 1843)»
        ويروي الضابط المراسل تارنو:
«إن بلاد بني مناصر رائعة، لقد أحرقنا كل شيء، ودمرنا كل شيء..آه من الحرب ! ! ! كم من نساء وأطفال هربوا منا إلى ثلوج الأطلس ماتوا بالبرد والجوع (17 أفريل 1842)...إننا ندمر، نحرق، ننهب، نخرب البيوت، ونحرق الشجر المثمر 5 يونيو 1841...أنا على رأس جيشي أحرق الدواوير والأكواخ ونفرغ المطامير من الحبوب، ونرسل لمراكزنا في مليانة القمح والشعير 5 أكتوبر 1842»
         ويروي الجنرال لاموريسيير:
«...في الغد انحدرت إلى حميدة، كنت أحرق كل شيء في طريقي. لقد دمرت هذه القرية الجميلة.. أكداس من الجثث لاصقة الجثة مع الأخرى مات أصحابها مجمدين بالليل.. إنه شعب بني مناصر، إنهم هم الذين أحرقت قراهم وسقتهم أمامي 28 فبراير 1843»
        ويقول مونتانياك:
«النساء ولأطفال اللاجئون إلى أعشاب كثيفة يسلمون أنفسهم لنا، نقتل، نذبح، صراخ الضحايا واللاقطين لأنفاسهم الأخيرة يختلط بأصوات الحيوانات التي ترغي وتخور كل هذا آت من سائر الاتجاهات، إنه الجحيم بعينه وسط أكداس من الثلج (31 مارس 1842).. إن كل ذلك في هذه العمليات التي قمنا بها خلال أربعة أشهر تثير الشفقة حتى في الصخور إذا كان عندنا وقت للشفقة، وكنا نتعامل معها بلا مبالاة جافة تثير الرجفة في الأبدان (معسكر 31 مارس 1842).»
       ويقول الجنرال شانغارنييه (Changarnier):
«إن هذا يتم تحت القيادة المباشرة لبوجو الذي راح جنوده يذبحون اثنتي عشرة امرأة عجوزا بلا دفاع مدينة الجزائر (18 أكتوبر 1841)»
        ويقول الجنرال كانروبير ِ(Canrobert):
«ينفذ جنودنا هذا التدمير بحماس، إن التأثير الكارثي لهذا العمل البربري والتخريب العميق للأخلاق الذي يبث في قلوب جنودنا وهم يذبحون ويغتصبون وينهب كل واحد منهم لصالحه الشخصي، تنّس 18 يوليو 1845»
       ويقول النقيب لافاي (Lafaye):
«لقد أحرقنا قرى لقبيلة بني سنوس. لم يتراجع جنودنا أمام قتل العجائز والنساء والأطفال. إن أكثر الأعمال وحشية هو أن النساء يقتلن بعد أن يغتصبن، وكان هؤلاء العرب لا يملكون شيئا يدافعون به عن أنفسهم (23 ديسمبر 1948).»


الاثنين، 18 يوليو 2016

"إيزابيل إيبرهارت بريئة من تهمة التخاذل مع الاستعمار الفرنسي"

"إيزابيل إيبرهارت بريئة من تهمة التخاذل مع الاستعمار الفرنسي"
         أوضح سعيد خطيبي أنه من المؤسف أن تتحوّل “شائعة” إلى قناعة في عقول البعض، وتُتهم إيزابيل إيبرهارت بـ “التّخاذل” مع الاستعمار الفرنسي، بسبب تأويل ذاتي لبعض كتاباتها دون قراءة نقدية لها. وقال خطيبي في حوار مع “الخبر” بمناسبة صدور روايته الجديدة، إنه رغم كل ما قامت به في حياتها القصيرة لصالح “الأهالي”، هذه الشّائعة تكاد تختصّ بها إيبرهارت لوحدها، على خلاف كتّاب وفنّانين أوروبيين آخرين، عاشوا بين الأهالي.

لماذا عرّجت على شخصيات ثانوية، قبل الوصول لإيزابيل إيبرهارت؟
 في “أربعون عاماً في انتظار إيزابيل” الرّاوي يتقاطع مع إيبرهارت في مستويات عدّة، فهو مثلها جاء من أوروبا ليعيش بين الجزائريين، ومثلها اعتنق الإسلام، وجرب حياة تيه، واستقر في واحد من الأمكنة التي استقرت فيها، في جنوب البلاد، هي ارتبطت بطريقة صوفية وهو فعل الشّيء نفسه، هي كتبت عن الحياة في الصّحراء، وهو كان يرسمها. اكتشف اسم وأعمال إيزابيل بعد أكثر من أربعين عاماً من رحيلها المفاجئ، وقضى أربعين عاماً أخرى في الجزائر وهو يبحث عن “حقيقة” إيزابيل إيبرهارت كامرأة وكاتبة. أربعون عاماً قضاها في “محاورات” مع نفسه ومع إرث إيبرهارت. كان من الممكن أن أختار سارداً عادياً آخر، لكني اخترت الطّريق الأكثر تشعباً في الكتابة. ففي سبيل البحث عن “الحقيقة” وفي إعادة تشكيل “البازل”، سيعيد الرّاوي اكتشاف ذاته وتفكيك حوالي نصف قرن من تاريخ الجزائر. في العادة، تكتفي الشّخصية بدور “وسيط” في النصّ، وتتيح للقارئ فرصة الدّخول في تفصيلات الحكاية، والمؤلف هو المطالب بأن يجعل منها “شخصاً” من لحم ودمّ، أن يجعل من الواقع متخيّلاً ومن المتخيّل واقعاً، من أجل “توثيق” التّاريخ أدبياً. وغالباً لا يستطيع الرّوائي أن يمنع نفسه من التورّط، بشكل أو بآخر، مع شخصيته ليكتب عن العالم انطلاقاً من ذاته.

كيف تعاملت مع الجدل حول تعاملها مع السّلطات الاستعمارية؟
 من المؤسف أن تتحوّل “شائعة” إلى قناعة في عقول البعض، وتُتهم إيزابيل إيبرهارت “التّخاذل”؛ بسبب تأويل ذاتي لبعض كتاباتها دون قراءة نقدية لها، رغم كل ما قامت به في حياتها القصيرة لصالح “الأهالي”. هذه “الشّائعة” تكاد تختصّ بها إيبرهارت لوحدها، على خلاف كتّاب وفنّانين أوروبيين آخرين، عاشوا بين الأهالي، مثلاً لم يسبق أن أشاع مؤرخ شيئاً عن الكاتب والفنّان إتيان دينيه (الذي ربطته علاقة وديّة بالحاكم العامّ بدايات القرن)، كما أن هذا الأخير تعرّض مرّة لاعتداء عنيف من طرف الأهالي. ما هو السّبب؟ تقول الرّواية الاستعمارية إن سبب تهجم الأهالي عليه كان لوحاته التي صوّرت نساء عاريات؟! وربما كان السّبب أمرا آخر!
      في الفترة التي ظهر فيها اسم إيزابيل إيبرهارت (نهاية القرن 19 وبداية القرن 20)، كان الكتّاب الفرنسيون ينظرون إلى “الجزائر” باعتبارها أرضاً مفتوحة “الغزو” العسكري والفكري، وهو ما تعكسه كتابات غي دو موباسان مثلاً، كان أدباً كولونيالياً إيكزوتيكياً، “أدب بطاقات بريدية”، يتعامل مع الجزائر كأرض للاكتشاف ويلغي الإنسان الجزائري، على عكس ما قامت به إيبرهارت، التي اهتمت بالإنسان الجزائري، وتركت خلفها كتابات “مستفزّة”. كرّست التجربة “الإيبرهارتية” نموذجاً جديداً حينها، سيسير عليه كتّاب آخرون من بعدها، كما لا ننسى أنها كانت مراسلة لواحدة من ألمع جرائد المرحلة “الأخبار”، التي كان يشرف عليها الكاتب والصّحافي فيكتور باريكان، المعروف عنه مواقفه التّقدمية، ونقده للسياسات الاستعمارية الفرنسية، في شمال إفريقيا، وخصوصاَ دفاعه عن حقوق الأهالي المسلمين في المساواة مع غيرهم. والحقيقة التي تسقط من أعين “المتحاملين على إيبرهارت”؛ أن فيكتور باريكان وإيزابيل كانا محلّ شكوك من طرف الإدارة الاستعمارية (يمكن مراجعة تقارير الشّرطة)، وطُردت إيبرهارت من الجزائر عام 1901 (لسبب غير منطقي، بعد محاولة اغتيالها من طرف شاب من الزّاوية التيجانية - لو كانت فعلاً مقرّبة من الإدارة الاستعمارية لكانت وفّرت لها الحماية)، ولم تعد إليها سوى عام 1902 بعد زواجها من سليمان أهني وحصولها على الجنسية الفرنسية. فإلى غاية سن الخامسة والعشرين لم تكن فرنسية، ولم تكن تحمل هوية فرنسية، وهي التي كانت تصف أوروبا “الغرب المُحتل” وتيهها في الصّحراء كان – ضمنياً – بيان احتجاج ضدّ ما فعله مواطنوها الأوربيون من فظاعات، سنوات الاحتلال.

لماذا اتّجهت صوب الشّرق، وليس الغرب، مثلما هو معمول به، بحثا عن شخصية روائية؟
 إذا كان المقصود من الشّرق: الجزائر، باعتقادي أن الجزائر لا هي شرق (بالمفهوم الكلاسيكي للكلمة) ولا هي غرب فعلاً، هي وسط، منطقة رمادية، يتقاطع فيها الشّرق والغرب في آن. ثم إن فكرة الكتابة عن إيبرهارت ظلّت تفرض نفسها عليّ منذ سنوات (هي جزء من المرويّات الشّفوية التي يتوارثها كبار السنّ في المدينة التي وُلدت وكبرت فيها)، لكن الأمر لم يكن سهلاً، فهو مشروع تطلّب بحثاً وتدقيقاً في كتاباتها، مُساءلة للأمكنة والفضاءات التي عاشت وكتبت فيها، خصوصاً مثلث: بوسعادة، وادي سوف وعين الصّفراء، للإحاطة بجوانب حميمة من حياتها، قبل الكتابة عنها، وإعادة بعثها روائياً.
     نعرف أن أعمال إيبرهارت لم تنشر سوى بعد وفاتها (عدا بعض القصص والمقالات التي نشرت في جرائد)، فقد استخرجت كراساتها ومخطوطاتها من الوحل، بعد وفاتها في فيضان وادي عين الصّفراء، وقبل نشرها تعرّضت لبعض التّعديلات (أو التّشويه)، مع تصحيح أجزاء منها، أو حذف وإضافة كلام لما كتبت، ومن الصّعب الآن الوصول إلى النّسخ الأصلية، وتطلّب الأمر مطابقة طبعات مختلفة من أعمالها، كما إنها بداية من عام 1906، ثم في فترة ما بين الحربين، أُحيط اسمها بهالة من “المديح” من كتّاب ونقّاد فرنسيين، لهذا توجّبت الكتابة عنها وتخليصها من المديح المجاني، من معجبين “رديئين” أحياناً، ثم الكتابة عنها بحياد، عن أفعالها الإيجابية وأخطائها أيضاً، بعيداً عن “التّقديس”، والحفر بهدوء في طبيعة علاقاتها الحقيقية بالجزائر، وحياتها في الإسلام، عن عمق صلاتها ببعض الأشخاص الذين رافقتهم في سنواتها الجزائرية المشتتة، لرسم بورتري شبه كامل عن شابة فعلت الكثير وهي لم تتجاوز سنّ السّابعة والعشرين. من مِن كتّاب القرن التّاسع عشر قام بما قامت به إيبرهارت؟! كانت وحيدة واستثنائية في تشرّدها، وصبرها و«قطيعتها” مع جيلها ومع من سبقوها، وفي رغبتها في تحرير الأهالي من الأكليشيهات التي كرّسها كتّاب ما بين 1830 و1900.
ــــــــــــــــــــــــــــــ

يومية الخبر:17 جويلية 2016

الجمعة، 15 يوليو 2016

   الفن المعماري..!! ؟

     الفن المعماري..!! ؟
بشير خلف
         الفن المعماري أقدر من غيره على التواصل مع الآخر، والحضارة الإسلامية تواصلت مع مختلف الحضارات في الشام والعراق والهند والصين والأندلس، وأفادتها أكثر مما استفادت منها. وقد لعب الفن المعماري الإسلامي دوراً كبيراً في خلق حوار فني حضاري متميز، لأنه انطلق من هويته وحافظ على خصوصيته الثقافية، فاستطاع من خلال جمالية إبداعه الفني تقديم الوجه الحقيقي لحضارته.

       في مسيرتنا المعاصرة بكلّ حسرة ضيّعنا تلك العمارة الجميلة، واستبدلناها بعمارة مشوّهة، لا هي عمارة إسلامية، ولا هي عمارة محلّية ..مدننا وبلداتنا صورة لهذا التشويه البشع، فهذا يبني قصرا هندسته بلجيكية، وذاك يبني فيلا هندستها نرويجية، وهذا يتفنن، ويستورد مواد البناء من إسبانيا أو إيطاليا وهندسة منزله صينية ( مدينة عين مليلة وغيرها نموذجا) ..وهكذا.. إننا في مرحلة الضياع والتيه.

الثلاثاء، 5 يوليو 2016

الثقافة العربية" تتحدى واقع المكتبات بالجزائر

           الثقافة العربية" تتحدى واقع المكتبات بالجزائر
 "مكتبة الثقافة العربية" في الجزائر تراهن على ما سمته الكتاب العربي الحداثي التنويري
        بدأت "منشورات الاختلاف" الجزائرية مغامرة جديدة، عندما فتحت مؤخرا مكتبة في العاصمة الجزائر اسمها "مكتبة الثقافة العربية"، في الشارع الذي يحمل اسم الكاتب شهيد الثورة التحريرية أحمد رضا حوحو، وغير بعيد عن مقر جمعية الجاحظية التي أسسها الروائي الراحل الطاهر وطار.
         وتبدو هذه الخطوة بمثابة سباحة عكس التيار، في زمن تقلّص فيه عدد المكتبات بشكل مخيف، لأسباب مختلفة. ويقر الروائي بشير مفتي -وهو أحد المشرفين على "منشورات الاختلاف" صاحبة المشروع- بهذا التحدي بالنظر إلى "الظروف الصعبة التي تمر بها الثقافة في بلادنا بشكل خاص، والمجتمع الجزائري بشكل عام الذي يدخل عهد الأزمة والتقشف".
       ويضيف مفتي للجزيرة نت أنه رغم التأثير السلبي للأزمات الاقتصادية على حركة الكتاب وتفاعل القارئ، فإن الرهان سيكون على مواجهة هذا الواقع المحبط والدفاع عن حق الجزائري في الحصول على كتب ذات نوعية، خاصة في ظل ارتفاع حجم المقروئية للأعمال الروائية والفكرية الجيدة في الفترات الأخيرة، وذلك من خلال الإقبال الكبير على الكتب في المعرض الدولي للكتاب بخاصة.
ويبدو أن اختيار اسم "الثقافة العربية" لمكتبة منشورات الاختلاف الجديدة، يتضمن تحديا آخر، يؤكده مفتي بالإشارة إلى أن المكتبات في الجزائر منقسمة تقريبا بين من تستورد فقط الكتب الجديدة بالفرنسية، ومن تستورد كتبا بالعربية غالبيتها في الدين والمطبخ والتعليم.
بشير مفتي: الوضع المستمر منذ عقود يكرس غياب الكتاب العربي الحداثي التنويري المميز 

شمعة في الظلام
      وخلص إلى أن هذا الوضع المستمر منذ عقود يكرس غياب الكتاب العربي الحداثي التنويري المميز، وتعهد بأن "يكون (هذا الكتاب) على الأقل حاضرا في مكتبتنا بشكل دائم".
       وبدا مفتى متفائلا بنجاح المشروع، وهو يضيف قائلا: "رغم مناخ الأزمة الذي يخلق إحساسا بالاختناق ومرات بالإحباط، نقول إن من يشعل شمعة يظل أفضل ممن يكتفي بلعن الظلام".
       ويتفق الكثير من المهتمين بالشأن الثقافي على أن واقع المكتبات في الجزائر ليس في أحسن أحواله. وهو ما يعزوه مدير "دار الألمعية" للنشر نبيل داودة إلى "الاختلال الرهيب في توزيع الكتاب، حيث توقفت الدولة -ممثلة في مؤسسة الفنون المطبعية- عن فتح نقاط بيعها، كما بيعت جل المكتبات التي كانت تابعة لها".
        وقال داودة -في حديث للجزيرة نت- إن داره للنشر التي تقع في شرق الجزائر تجد صعوبة كبيرة في إيصال منتجاتها للقارئ الجزائري، لغياب مكتبات مهنية مستقرة وشبكة توزيع جادة كذلك.
دادوة: نجد صعوبة كبيرة في إيصال منتجاتنا للقارئ الجزائري (الجزيرة)
مفهوم ملتبس
       ويضاف إلى هذه المشكلات مشكلة أخرى تتعلق بـ"المفهوم الملتبس" للمكتبة، حيث يوضح دادوة "عندنا في الجزائر نجد مفهوم المكتبة ينطبق على الكشك المتعدد الخدمات، كما ينطبق على الوراقة، وقد يلحق هذا النشاط من يطبع ويجد مذكرات التخرج أو يقدم خدمات لطلاب الجامعة من التصوير (طبق الأصل)".
        وهذا ما يؤكده محافظ "الصالون الوطني للكتاب" رئيس نقابة الناشرين الجزائريين للكتاب، أحمد ماضي، بالإشارة إلى أنه خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان في الجزائر حوالي 720 مكتبة كاملة بمعنى الكلمة، وفي أجمل وأهم شوارع المدن، لكن الأمر تغيّر بعد ذلك وتقلّص العدد إلى ما دون 120 مكتبة.
       ويعدّد ماضي أسباب التراجع بالقول إن مكتبات البيع في العالم تعتمد على الدعم المباشر عن طريق التمويل من الحكومة، أو الدعم غير مباشر من قبيل أن تشتري الجامعات الكتب من تلك المكتبات كنوع من الدعم، لا أن يشتريه من الناشر مباشرة.
         وأضف أن المكتبة يفترض أن تعفى من الضرائب، وأن يكون إيجارها رمزيا، لكن غياب تلك الشروط يؤدي إلى غلق المكتبات وتحويل نشاطاتها إلى تجارة ربحية مثل بيع الأحذية والملابس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخير شوار-الجزائر/ الجزيرة

الكتاب الجزائري ضحية انهيار أسعار النفط

الكتاب الجزائري ضحية انهيار أسعار النفط
     تعرف الساحة الثقافية الجزائرية عودة ظاهرة قديمة هي "نشر الكتاب على حساب المؤلف"، مع تراجع الطفرة النفطية التي عرفتها البلاد في مطلع الألفية الحالية، وهو ما يهدد بتراجع الحركة الأدبية.
       وأصبح الكاتب مطالبا بتمويل عملية طبع كتابه المكلفة جدا في وقت لم يعد فيه الناشرون يقبلون على "المغامرة" بنشر كتاب أدبي غير مطلوب في السوق.
       وزاد الأمر سوءا مع حالة "التجميد" غير المعلن لـ"الصندوق الوطني لترقية الفنون والآداب وتطويرها" الذي تأسس قبل نحو عقدين، والذي عرف النشر عصره الذهبي مع تأسيسه خصوصا مع مواعيد التظاهرات الثقافية الكبرى التي عرفتها البلاد مثل المهرجان الثقافي الأفريقي، وتظاهرتي الجزائر وقسنطينة عاصمتين للثقافة العربية وتلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية.
        ويفترض أن تموّل الحكومة النشر الثقافي عن طريق "الصندوق الوطني لترقية الفنون والآداب وتطويرها" الذي جاء ليسد فراغا كبيرا في تسعينيات القرن الماضي، حيث أفلست المؤسسات العمومية للنشر وأهمها "المؤسسة الوطنية للكتاب" التي كانت قبل ذلك تتكفل بهذا الجانب.
       وتتمثل طريقة دعم "الصندوق" في تمويل طبع 1500 نسخة من كل كتاب، على أن يعود ثلث الكمية المطبوعة إلى المؤلف، والثلث الثاني للناشر، والثلث الباقي إلى المكتبات العمومية.

تناقضات
      ولا تضبط نشر الكتب في الجزائر آلية محددة فهي تتأرجح بين النقيضين، فبعد "بحبوحة" سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، تراجعت صناعتها بشكل كبير مع التسعينيات، وأصبح الكاتب مجبرا على تمويل نشر كتابه.

عبد الكريم ينينة: يجب أن يبقى فضاء الكتاب بعيدا عن سياسات التقشف (الجزيرة)
      ومع ارتفاع تكاليف الطبع وزيادة أسعار الورق، أصبح نشر الكتاب المتوسط يكلّف صاحبه حوالي ألف دولار أميركي، بعد أن كان الأمر يكلف حوالي نصف ذلك.  
      وتراجع عدد الكتب المطبوعة بشكل كبير، وفي هذا يقول الناشر الجزائري عبد الكريم ينينة صاحب "دار الكلمة" إنه "لا يعقل أن نقرأ ثلاثين أو أربعين كتابا حديثا في السنة ثم نتقشف لنقرأ كتابا واحدا في السنة أو بضع صفحات".
      ويضيف ينينة في تصريحه للجزيرة نت أنه رغم هبوط أسعار النفط ودخول الجزائريين حالة التقشف، فإن "هناك مجالات حيوية لا يجوز الاقتراب منها، مثل الدواء والكتاب". ويؤكد أن الأمر يتعلق بـ"خسارة الأفكار التي لا يتطرق لها الخبراء وليس لها من يحصيها في أوطاننا العربية".

صورة قاتمة
عبد الرزاق بوكبة: غياب الكتاب يشجع بروز العنف في المجتمع (الجزيرة)
       ويعتقد الروائي عبد الرزاق بوكبة أن عودة الكاتب الجزائري للاعتماد على جيبه يفتح الباب أمام احتمالين "إما ألا يبقى إلا الكتّاب الحقيقيون الذين يضحون من أجل نصوصهم، وإما أن تستفحل ظاهرة الكاتب المغشوش الذي ينفق على تكريس نفسه".
      ويربط بوكبة في حديثه للجزيرة نت بين غياب دعم الكتاب وانتشار ظواهر العنف في الملاعب والمدارس والشوارع، مؤكدا أن "العنف هو ثمرة للتقصير في الاستثمار في الإنسان".
    ومن جانبها، تؤكد الروائية جميلة طلباوي عضو "المجلس الوطني للفنون والآداب" التابع لوزارة الثقافة في حديثها للجزيرة نت أن هناك "كتّابا لم يستفيدوا نهائيا من عملية التمويل، خاصة أولئك الذين يعيشون في المدن الداخلية وظلوا يدفعون من جيوبهم للناشر كي ترى كتبهم النور".
      وفي كل الأحوال، فإن عدد الناشرين الذي تضخم في زمن البحبوحة المالية بشكل كبير مرشح للتقلص مع تراجع تمويل الكتاب.
        وكان الناشرون هم المستفيد الأول من التمويل على حساب المؤلف نفسه الذي يجد نفسه مرة أمام ناشرين محتالين يستولون على التمويل الرسمي باسمه، ومرة أخرى يجبرونه على تمويل كتابه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخير شوار – الجزائر/ الجزيرة

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...