الأحد، 31 مارس 2019

F.L.N إلى متحف التاريخ الوضيء..
شوّهوك، ومرّغوا شرفكِ في الوحْلِ

بشير خلف
جبهة التحرير الوطني، الجبهة الأم التي احتضنت الجميع التي احتضنت كل التيارات، وقادت الثورة المباركة بنجاح، وحقّقت الاستقلال الوطني؛ وانطلقت في بناء الدولة الجزائرية الفتية ,آن لها أن  تدخل " المتحف" ككنْزٍ تاريخي ثقافي بامتياز، وعلى الذين استمرّوا فيها من الجيل الأول بصِدْقٍ ووطنية صادقة أن يُقال لهم: بورك فيكم.

      أمّا الذين ركبوها من أجل التسلّط، والتكسُّب الغير الشرعي، واعتلاء المناصب، واستعمال" الكادنات" للاستيلاء على مؤسسات الأمة، وتحوّلوا إلى أعداء للشعب  الجزائري... نقول لهم: جبهة التحرير الأم الشريفة تتبرّأُ منكم.. عليكم بترْكِ اسمها، وتاريخها، واختاروا غيرها، ولا تتغطّوْا ببرنوسها..اذهبوا إلى الجحيم.

الجمعة، 29 مارس 2019

قصور ومنارات

قصور ومنارات
بشير خلف

      البرنامج التلفزي لمحطّة ورقلةالجهوية " قصور ومنارات" الذي سيُعْرضُ في شهر مبارك الفضيل في عدّة حلقات، حطّ َّرحالَهُ بمنزل الدكتور محمد ماني يوم الخميس 28 مارس 2019 بقمار..
     الموضوع حياة العلّامة الشيخ محمد الطاهر تليلي، حيث شارك في هذه الجلسة الفكرية الدكتور عادل محلو الذي ركّز على الإبداع الأدبي للشيخ، والدكتور عزام عبد القادر على الجانب التاريخي، والدكتور ماني محمد على مؤلفاته الكثيرة والمنوعة أدبا، وتاريخا، وسيرة، وفكرا، وتراجم؛ وكاتب هذه السطور على المسار التربوي للمرحوم كمدرس، ومدير لمدرسة النجاح بقمار في ظروف صعبة أثناء الاستعمار، واستطاع بحنكته ومهارته أن يجعلها رفقة أساتذة آخرين منهم منْ غادر دنيانا، ومنهم لا يزال على قيْد الحياة.
     استطاع الشيخ ورفاقُه أن ينقذوا هذه المدرسة العربية المنتهِجة لبرامج جمعية العلماء من مكائد الاستعمار وأعوانه حتى الاستقلال، وأن تؤدي رسالتها التربوية، التعليمية، وأن تهدي للجزائر المستقلة الفتية كوكبة من الشباب الناجح في مجالات كثيرة.كما شارك في الجلسة أبنُ أخي الشيخ المدرس المتقاعد الذي تحدَّث عن علاقة الشيخ بأفراد أسرته، وأقاربه.

الخميس، 28 مارس 2019

حياتنا الرقمية..



حياتنا أصبحت أكثر رقمية، فثمة تصالح بيننا وبين هذه الأجهزة الذكية التي حددت كثيرا من مفاهيمنا، ومسيرة تحرُّكنا، وسلوكاتنا في كلّ مجالات حياتنا، وغيرها على اعتبار أن هذه الأجهزة من خلال تطبيقاتها، تسعى إلى وجود تواصل دائم بين كل الجهات والأفراد الذين نتعامل معهم. بل أثبتت فعاليتها في التجنيد والتعبئة في حراك الشعب الجزائري أخيرا ضدّ الحكم الفاسد، والتخلّص من الطُّغْمة المتسلِّطة، وعُصبها التي استباحت الجزائر.

الأربعاء، 20 مارس 2019

 أزماتنا وليدة الإلْغاء والإعراض عن الحوار


بقلم: بشير خلف        
        مـمّا يُؤْسف له أن العرب بجماعاتهم، قديمًا وحديثًا مازالوا يضعون الجدران السميكة بينهم، مستبعدين أي حوار يناقش قضاياهم المشتركة. والمتأمل لتاريخهم البعيد، والقريب، وحتى في أيامنا هذه ، والمصائب تصعقهم في كل يوم لا يـجد الملاحظ غير العناد، والشحناء يواجهون بها بعضهم البعض، ولا حلّ لـما آلوا إليه إلاّ بالحوار الإيجابي .
         كل التراشقات، والشتائم، والاتهامات، والتمادي في التجاهل للمشترك الوطني، والديني ، والاجتماعي منبعه غياب الحوار المحمود الذي يُشفي ولا يُشقي، يهدئ، ويصفّي الأجواء العلائقية بدل أن يلوثها، إنه الحوار الذي يغذي التدافع ، والتآزر، ويمنع الصراع المدمّر للوحدة والرؤية،  المشتركة.           
       إن الوجود البشري مبنيٌّ على الاختلاف كما البيئة التي يعيش عليها، والاختلاف يُـكسب وجودنا التدافع، والتنوع المحفز نحو مراتب السمو، ومن هنا يستقي الحوار أهميته وجدواه، بالاختلاف نستنبت الجديد من الأفكار، والإبداع... بالحوار تتضافر الجهود من أجل فكّ المشكلات، والأزمات المسيئة إلى انسجامنا، وتآزرنا من أجل الرقي المعرفي والعمراني والسلوكي محلّيا، وعربيا. من طبيعة الحوار أنه يفرز عادة مواقف متباينة، وطروحات مختلفة ، وتوجّـهات متناقضة، وهذا يكشف لنا عن كينونته المدمجة المؤثرة في يومنا المعيش، وعن مدى ارتكازه كعمود من الأعمدة الرئيسية التي تستند إليها البنية الفكرية، والثقافية لأي مجتمع.
       لن يـختلف إثنان على أهمية الحوار في توطيد العلاقات، وربط جسور التواصل بين الجماعات الكبيرة، والصغيرة بين المجتمعات، وبين الدول.
        الحوار ضرورة إنسانية، وحضارية. الحوار أساس توحيد الجهود والرؤى، وأساس تصحيح المسارات والأفكار ، فلا يمكن الاستغناء عن الحوار بأي حال من الأحوال، ولذا فالحوار مطلوب ، وقد حفلت آيات القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة بالكثير من النصوص ، والأمثلة التي تبين بحكمة، وعمق جدوى وأهمية الحوار في توطيد العلاقة بين الناس، وقد سجّـل القرآن الكريم تحاور كثير من أنبياء الله مع أقوامهم، وللمسلمين، والعرب بخاصة أن يتعلموا كيفية التحاور فيما بينهم أوّلاً، ثم مع غيرهم من الأمم الأخرى. من دون شكٍّ أنّ ذلك يجنبنا الكثير من الويلات ، والمستنقعات التي ما زلنا نغوص فيها ، ويكاد الكثير من الباحثين ، والمفكرين أن يجزموا بأن جلّ معضلاتنا في العالم العربي منبعها انعدام الحوار الإيجابي المثمر بيننا.
       الحوار ينبغي أن يؤسس على أسس من الموضوعية تبعده عن ساحات المعارك التي لن يفوز فيها أي طرف من المتحاورين، فكل منهم يحاول نسْف الآخر عبر الاتهامات المتبادلة، وعبر الابتعاد عن المطلوبات الواضحة، والضرورية لاستمرار التعايش السلمي المفيد لكل الأطراف.

        إن الحوار يجب أن يُنظر إليه كأي نشاط إنساني يمكن أن يهدم، كما يمكنه أن يساهم في البناء بفعالية ونجاعة ، فالحوار من أهم عناصر الحياة الاجتماعية، عبره نبلّغ الآخرين مشاعرنا، ورؤانا، وأهدافنا، وطموحاتنا ورغباتنا الآنية والآتية، ولا نتصور أي أداة للتواصل، والتفاعل الاجتماعي وحتى السياسي أفضل من الحوار. وكل عائق أمام الحوار الإيجابي يجعل الحوار كائنا شائها عديم الفائدة للأفراد، والجماعات على السواء، وكل محاور لا يؤمن بالتعددية في الرأي، والنظر مآل حواره الانسداد، والتقوقع المظلم المفضي إلى المصائب، وإلى الإيمان الأعمى بالأحقية . الحوار بين العرب إنْ وُجد ، وقلّما وُجد، هو حوار مغلق يزيد الأزمة تأزما، ويزيد في كهربة العلاقات بينهم .   

الثلاثاء، 5 مارس 2019

رواية " أوركسترا الموت"

رواية " أوركسترا الموت"
بقلم: بشير خلف
  انتهيت للتوّ من قراءة رواية" أوركسترا الموت".. الجميلة للقاصة والروائية آسيا رحاحلية، رواية صدرت سنة 2018 عن ( الجزائر تقرأ) لصاحبها الكاتب المسرحي، والروائي بوكبّة عبد الرزاق، الرواية نالت السّبْق ضمن الروايات الفائزة في مسابقة هذه الدار. رواية من الحجم المتوسط ، تضمّ نصّها السردي 196 صفحة.
      أوقعتنني هذه الرواية في شراكها؛ إذ أكملتها في جلسات ثلاث، أخذتني بغوايتها في سحْـر الحكي الجميل كعادة آسيا في حكي قصصها القصيرة، كان الحكي الروائي أخّاذًا؛ كما اللغة سليمة وتتسامى في انسيابية تتهادى بالحدث الروائي، والشخصيات؛ سيما الرئيسة منها: نبيل، توفيق، حنان.
" من الذي يستطيع أن يفوز حين يكون القدر غريمه؟ ومن يستطيع ولو بمنسأة الحب أن يهشّ الموت، ذلك المايسترو الحاذق الذي يدرّب جوقته على فنون القفز فوق مصائر البشر؟"
( أيها الآهلة بالعدم لعلك تشعرين بالوحدة وبالبرد مثلي. لعلك تعانين من التخمة، أو تشعرين بالغيرة من قطعة الأرض. هناك تحت سفح جبل المايدة أرضٌ خضراء تموج فيها الحملان، وتحلّق فوقها الحملان).
    أحداث عدم الوفاق الزوجي لأسباب عديدة منذ بداية البشرية موجود، ولا يزال، وسيبقى؛ غير أن تغلغل الساردة في الظاهرة، وتشخيص وضعية الضحية حنان كانت مؤثرة للقارئ الحصيف. ثم الاشتغال على المكان، وتوظيفه لصالح المتن، أضاف للنص بهاء، وأبعادا جمالية؛ فقد أعادني هذا النصّ إلى مدينة عنابة البهية التي حللتُ بها شابا فتيا سنة 1957، كما أني من رواد، وعاشقي ساحة الثورة، سواء أثناء الثورة أو بعدها وسكني في حي" المانديان بعد الاستقلال، حيث  أحيت عندي الراوية الحنين، وأخذت بيدي لتجوب بي، أحياء البوسيجور،السانكلو، المانديان، مقبرة زغوان،تلك  الأحياء الشاطئية التي يحتضنها من الخلف جبا " إيدوغ" الأشم مهد الثورة المباركة.، كما أعادني البطلان: نبيل، حياة في النص إلى مدينة سوسة الجميلة، وشواطئها، وفنادقها، ومدينة الجمال والفن" القنطاوي"..مدينة لي فيها ذكريات رائعة.
      قرأت لهذه السيدة مثلما قرأت لها سابقا نصوص مجموعاتها القصصية، نصها هذا المتوشّح  بالخيال الخصب، ومهارة توظيف المكان من مدينة" طاغست" التاريخية إلى مدينة سوق أهراس الحديثة. كما أني اكتشفتُ عن طريقها نصوص الفيلسوف" أغسطين" التي وظفتْ في كل مرة منها ما يخدم نصّها الروائي؛ علمًا أني منذ حوالي 15 سنة أهداني المرحوم الدكتور أبو العيد دودو روايته، وضاعت مني لدى صديق أخذها دون إعادة قبل أن أقرأها.
        فقط.. هي تساؤلات بقيت عالقة في ذهني:
ـ جريمة القتل في حقّ الضحية حنان، لم يقنعني جواب المحقّق محسن؛ عندما يؤكد لنبيل أن التحقيق لم يُفض إلى العثور على القاتل، وأنّ ملفّ القضية أُغلق نهائيا. في عالمنا اليوم توفرت كل الإمكانات، والوسائل التكنولوجية التي تساعد على الجاني، ولو بعد حين.
ـ اللقاء الذي تمّ بين نبيل وأخته.. لقاء المفاجأة ليس بعد غياب فحسب؛ بل لقاء الشمل؛ كان لقاء باردا، وانفضّ بجفاف، وكأنه بعد شخصيْن ليسا من رحمٍ واحدٍ.

     أحيي الكاتبة المستمرة في الكتابة، وإبداع نصوص سردية رائعة، وأثمّن مسارها الأدبي الذي في هذه الرواية أخاله يختلف عن نصوص نسائية أخرى لا تخرج عن الصراع بين الرجل والمرأة، وثقافة التشكّي من الأنثى.. نصٌّ روائيٌّ، ليس صراعا وتشكيا من الأنثى نحْو الرجل؛ بل بحثا عن حقٍ لكليهما، وتكاملًا تقتضيه الحياة الإنسانية، نصٌّ مفعم بأسرار اللغة العربية الجميلة، وحملها لسرْدٍ حكائي ماتعٍ.  

أزمتنا أزمة حوار وعقلانية


      أزمتنا أزمة حوار وعقلانية
بقلم: بشير خلف
      تُــعد أزمة الحوار التي نعاني منها في حياتنا المعاصرة نتيجة طبيعية لضعف ثقافة الحوار المتولدة عن تقصير جميع مؤسسات المجتمع في التربية الحوارية ، واستشراء بعض التصورات ، والمفاهيم المغلوطة ، التي أسهمت في تغييب الحوار عن ثقافة المجتمع. وعليه فنحن اليوم بحاجة ماسّــة لتفعيل التربية الحوارية، ابتداء بمؤسسة التربية الأولى الأسرة ، وانتهاء بمؤسسات الدولة ؛ والمجتمع المدني بكل مكوّناته ،  إذْ لن تسود فينا ثقافة الحوار، إلا بتربية مستمرة وشاملة على الحوار يتلقاها جميع أفراد المجتمع منذ نعومة أظـافرهم ، وحتى انقضاء آجالهم.
     إنّ أزماتنا، وكبواتنا كلها نتيجة الإقصاء ، وعدم تقبّل لبعضنا بعضًا ، مثلما هو الحال في العالم العربي ، وأنّ الخير في تقبّل بعضنا لبعض بواسطة التسامح ،والتقارب، والتفاهم، والدليل أن مأساتنا الوطنية التي عصفت ببلدنا لمدة 15 سنة، وأذاقتها العلقم لولا الحوار الصادق الذي دعا إليه ، وتبنّاه الطيّبون الصادقون لكانت الضريبة مضاعفة .

       يبدو أننا هذه الأيام إنْ لم نتدارك أمرنا، ونتعظ من مأساتنا تلك، ونلجأ إلى ما تطالب به أغلبية الشعب الجزائري من تغيير جذري في نظامنا كله، والشروع في الجمهورية الثانية دون جذور الجمهورية الأولى التي استندت إلى الشرعية الثورية التي انتفت شرعيتها بعد ما يقارب الستين سنة من استقلال البلد.

السبت، 2 مارس 2019

رواية قلب الإسباني

رواية قلب الإسباني
بقلم: بشير خلف
      انتهيت ليلة البارحة من قراءة رواية" قلب الإسباني" ،للكاتبة الروائية، والإعلامية النشطة بإذاعة بشار السيدة جميلة طلباوي. رواية صدرت سنة 2018 عن دار الوطن لصاحبها الكاتب الروائي، كمال قرور.رواية من الحجم المتوسط 13/20 سم. تقع في 199 صفحة. عُرضت الرواية في البدء في معرض الكتاب السنوي بالعاصمة سيلا. علمًا أن هذه الرواية حصدت جائزة الرواية للغة العربية في جائزة" يمينة مشاكرة الأدبية" في دورتها الأولى.
         الجائزة تأسست في سبتمبر 2018 في إطار اللقاءات السنوية الآفرومتوسطية الأولى للكاتبات الشابات Ramaje، بهدف تتويج الأعمال الأدبية الجزائرية في اللغات العربية والفرنسية والأمازيغية، وذلك تكريماً ليمينة مشاكرة الأديبة والنفسانية الراحلة (1949-2013) صاحبة “المغارة المتفجرة” (1979)  و”أريس” (1999). وهي بتمويل من وزارة الثقافة وموجهة بالأساس لتشجيع النساء على الكتابة.
         قرأتُ الرواية بتمعّنٍ، وتروٍّ في جلسات ثلاث، رواية سحرتني، وجذبتني؛ بل جرّتني إلى شراكها، ولم أستطع التخلّص منها حتى بعد أن فرغت من قراءتها. نصٌّ ليس كما عوّدتنا النصوص النسائية التي لا تخرج عن الذاتية النسوية، وعالم تشكيها من السيطرة، والقيود الذكورية، وثقافة التشكّي. نصك هو نص إمكانية التعايش بين الغرب، والعرب، وخاصة ما بين المغرب العربي، وإسبانيا ..تاريخ توشح ذات قرون بالحضارة التي أنارت الأندلس، ومنها انتقلت إلى أوروبا، ثم كانت الانتكاسة التي كان ضحيتها العرب واليهود؛ كما بقيت أعمدة البهاء، والفن والجمال العمراني، وفن التعامل، وآداب السلوك عوامل شاهدة على تلك الحضارة؛ في روايتك تغلغلت بمهارة في هذه المعالم الخالدة، وغصت في إشكالية " التعايش" من خلال الشاب " عبد النور" و " صوفيا" الإسبانية، عبد النور الذي حلم بالتعايش والانصهار في جسد أوروبا، وتنقذه " صوفيا" من الموت، بزرع قلب إسباني.
       تعايش كان هشًّا، إذ تخلت عنه الحبيبة صوفيا؛ بل بلّغت به السّلط الأمنية، وتُلصق به تهمة الإرهاب، حلّ بإسبانيا سليمًا معافى، وعاد مختارا إلى بلده مريضًا: " يرتمي أيوب( الأخ) على جسد ( عبد النور) ..ملغوم بالغرغرينة، جسد عربي بقلب أوروبي، جسدٌ يختصر عالميْن ، جسدٌ يحبّه بعاهته، بعيوبه، بأمراضه، ...".." اللقاء الصادم بصوفيا أفرغ أيوب من كل أملٍ يمكن أن يدفعه دفعًا إلى الأمام، شعر بشيء يجذبه نحو الخلف.."
       الرواية تطرح إمكانية التعايش مع الغرب؛ بل ضرورته في عالم انتفت فيه الحدود، وصار السبْقُ فيه للاقتصاد بكل مكوّناته، والتكنولوجيا، ولم لا الانصهار إن تمّ تجاوز ما يعترض ذلك.
        النصّ الروائي" قلب الإسباني ينطلق من بيئة مغاربية ثرية بالهوّيّة الموغلة في التجذّر التاريخي لجنوب الصحراء الجزائرية الغربية، كما الموروث التاريخي، والأنتروبوجي  بزخمه، وتشبّع إنسانه، وتمثّله في حياته، وعلاقاته، وعيشه، وتعايشه مع محيطه القريب، والبعيد:".. " أمّأ ستّي"كانت فتحت فم القربة المعلقة على حاملها من ثلاث قوائم معدنية، تسمّيه " الحمّارة" كانت رائحة القطران تفوح منها.."، .." هذا النوع من التويزة يتيح للأمهات اختيار زوجات شابات لأبنائهن، فترى البنات يجتهدن ، ويعملن بتفانٍ لعلّ الواحدة منهن تنال إعجاب إحدى الأمهات، فتقترحها عروسًا لابنها."
      لئن كانت الشخصيتان الرئيستان أيوب، وعبد النور الأيقونتان في النص الروائي؛ إلّا أن الشخصيات الأخرى أثثت النصّ وأغنته من خلال التكامل المكاني والزماني، كما أن الغوص المكاني المحلي للبيئة الصحراوية، والفضاء المكاني في مدريد الإسبانية أعطيا متعة، وألقا للسرد الحكائي.
         تحدثت جميلة عن مدينة مدريد، واصفة بعض ميادينها وساحاتها، ومعالمها، وأندلسها الضائع وكأنها مع أيوب، أو عبد النور." كان يحلم بزيارة مدينة ماربيا السياحية، وجهة اثرياء العرب.كان السفر إلى إسبانيا هاجسه، ومنذ أن حقّق حلمه بالسفر إليها، وهو لا يكفّ عن الحديث عن فتنتها، وجمالها كلّما هاتفه هاتف أهله، أو أحد الجيران.
        لغة ساحرة جميلة، انسيابية، شاعرية تأخذك إلى عمق النص الحكائي، تحتضنك بعبق أريجها" ..عاري الصدر بلا سلاح وجد أيوب نفسه وجها لوجه مع حرب أعلنتها عليه الحياة، ضرب رأسه على الجدار مرّة أخرى حتى تألم..".. و" ...تلك اللحظة المنفية من ذاكرته أن يستشعر أنفاس الفجر التي كانت تتداخل مع رائحة  رطوبة التربة الندية بغيثٍ أغدقت به السماء على هذه الأرض المتعبة، تنقر قطراته زجاج الغرفة الخافت نورها، يرتبك سعف النخلة الملتصقة بجدار البيت المسكون بأشباح خوفٍ، أسقطته أرضًا، غارقا في عرقه، وهلعه ..."

        نصٌّ جميل ينضاف إلى مسار جميلة طلباوي الإبداعي المتشح بالإبداعية والجمال الفنّي. 

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...