الجمعة، 5 أبريل 2024

 

الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟

كتب: بشير خلف

     كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ التي على ضوْئِها نحْكُم على جمالية هذا الشيْء، وعلى قُبـْح ذاك؟

ـــ فهل الجمالُ كُـلُّ ما ترْتاحُ إليه عينا الإنسان؟ ..

ـــ هل هو كل ما يُعجبنا، ويُفـرحُــنا ، ويشدّنا إليه ، وما يُثير إعجابنا ؟

ـــ أم ذاك لا يكفي لـتعريف الجمال، وتحديد جوهره الحقيقي السَّـامي الذي يقترن بالخير، والفضيلة، بدليل أن السلوكَ الإنسانيَّ الرّاقيَ تـضفُه "بالجميل "، فنقول عنه: (عملٌ طيّبٌ .. سلوكٌ فاضل .. ما شاء الله !) .

      إن موضوعات الجمال التي كرّم الله بها عباده كثيرة، وفي الطبيعة أكثرُ، وأفْـسحُ ، وأجمل ، وأجْـذبُ ؛ حيث يغمرنا الجمال في عالم النباتات ، والأزهار، والطيور، والحيوانات، والجبال، وقممها، وسفوحها، وجداول الأنهار، وشلالات المياه المنحدرة، والبحار بمياهها الفيروزية ، وشواطئها الرائعة، وكثبان الرمال الذهبية المترامية، والنخيل الباسق، وعراجين التمر الناضجة في فصل الخريف ، ومغيب الشمس .. والجمال في الإنسان، وفي شكله الذي قال الخالـق عزّ وجلا في شان تكــريمه:

ـــ (ولقَــدْ كرّمنا بني آدمً وحَملْـناهُم في البرّ والبحْـر ورزقْـناهُم من الطيـبات وفـضّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا...)..{الإسراء: 70}

     وقال أيضا:

ـــ ( لقَـدْ خلقْـنا الإنسانَ في أحْسنِ تقْويمٍ) { التين 01}

     كما نسْعدُ بالجمال ونحن نتـذوّقه في سماء الليل الصافية، وفي النجوم المتلألئة، والقمر يغمر الكون بضيائه .. نتذوّق الجمال في الغيمة ، في قطرات المطر الفضّية ، في قوس قُــزحٍ ، في الضباب يدثـّر ما حولنا بغُلالة شفّافة تُـنعِــشُنا ، الجمال نـتذوّقُـه في عيون الضِّباء ، في ابتسامات الأطفال

                      " من كتابي: الجمال فينا وحولنا ص: 05

                       الصادر عن وزارة الثقافة سنة2007 "


الثلاثاء، 2 أبريل 2024


 

رسول الفضّة1

       رواية تراجيديا الدّم والإبادة.. نصُّ لوْعة الحُبّ

                   وهمسات الشعر

 بقلم: بشير خلف

     أكملتُ اليوم للمرّة الثانية، قراءة النصّ الروائي"رسول الفضّة" للكاتب الجزائري: الشاعر، والروائي، والمترجم أحمد عبد الكريم.

     صدرت هذه الرواية بعد صدور روايات أخرى سابقا للمبدع أحمد عبد الكريم، الرواية الجديدة صدرت عن دار الحكمة بالجزائر سنة 2023 بدعْمٍ من وزارة الثقافة، وعُرضت في المعرض الدولي للكتل الأخير بالجزائر.. رواية  من الحجم المتوسّط في 173 صفحة، مَنْ يقرأ الرواية بتروٍّ، وبتعمّقٍ لا يشاطر كاتبها رأيه عندما يقول:

«إنّ هذه الرواية ليست سيرة للشاعر عبد الله بن كريو؛ بقدْر ما هي عملٌ تخييلي هدفه الاقتراب من زمن الشاعر، وروحه. ص:173»

     لئن كان النصّ الروائي "رسول الفضّة " الذي بين أيدينا شخصيتُه الرئيسة الشاعر المتمرّد على السلطات الفرنسية، العاشق الولهان لفاطنة الزعنونية ابنة أكبر الباشاغوات المُنًصّب من طرف السلطات الفرنسية على مدينة الأغواط.

      فإنها نصٌّ من الثراء الإبداعي، الجمالي، والتاريخي الفكري:

1 ــ تتحدّثُ الرواية عن تفاصيل حياة الشاعر الشعبي عبد الله بن كريو الشاعر، الثائر، المعروف بقصائده الثريّة في أشكال التعبير الجمالي التي سحرت المطربين في عهده كي يلحنوها ويغنوها في الأسواق، وفي المناسبات الأسرية، ويحفظها عُشّاق الشعر، ويتسامرون بها في مجالسهم.

     نصٌّ ماتعٌ، باذخٌ لا يكتفي:

1ــ  بالشعر، بل بمكوّنات الجمال والفنون، التي يهفو إليها عُشّاق الطرب، واللّحن الجميل، والمفتونين بسحر الشاعر العاشق عبد الله بن كريّو، وبصديقه المغني الجوّال النعيمي الذي يجوب أطراف الصحراء: أسواقها، ومواسمها، وأعراسها، ووعداتها مُردّدًا  قصائد الحبّ، واللوعة، ومكابدة الهجر، والنكران لفحول الشعر الملحون، يدفع حياته ذبْحًا في إحدى الحلقات برحبة سوق " بريزينية" وهو يؤدي ألحانه الجميلة مردّدا كلمات صديقه الشاعر الكبير عبد الله بن كريّو، ترك حزنًا كبيرا لدى الحاضرين، ولدى الأصدقاء، بلقاسم لبجاوي الشاعر القادم من عروس البحر الأبيض المتوسط " عين الحمام" ببجاية، إلى الأغواط التي فتنته الصحراء، وأغرته طيبةُ أهلها، وقد آثر حياة التيه والترحال، مُتّخذا تجارة الفضة، والحلي، وملابس النساء وسيلة للعيش، مجال تحرّكه رحْبٌ، ناشرا الجمال والفنون إلى جانب صديقيْه الشاعر عبد الله بن كريو، والقاضي الشاعر الجودي المبروك.

    لئن وُسم بلقاسم البجاوي بأنه " رسول الفضّة"، وناشر الجمال والفنون من بيعه الحلي، والملابس النسائية، ومرافقته للشعر، والشعراء، والغناء الطّربي، فغير بعيد كان الرّسّام الفرنسي حينذاك ثم الجزائري المسلم إيتيان دينيه يرسم لوحته في سوق بريزينة، أمام المتسوّقين

 

2 ـــ فجائعية التاريخ، " عام الخَلْية".. تدور أحداث الرواية، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين، في مدينة الأغواط التي تعرضت لأكبر مجزرة اقـترفها الاستعمار الفرنسي، أثناء محاولته اقتحام المدينة المقاومة، فأباد أكثر من ثلثي سكانها بواسطة غاز “الكلوروفورم” السام، حتى سمّي عام 1852 “عام الخلية” بسبب الخراب الذي حلّ بالمدينة، قال أحد العساكر الذين شاركوا في مذبحة الأغواط:

«عندما اقتحمنا المدينة، وسيطرنا عليها، هدّمنا ضريح المرابط، دفعْـنا إليه قطعة من المدفعية، أحْدثـنا ثغرة في الجدار، ثم فتحنا النار على البُــرج الشرقي.»

«ما يزيد عن ألفيْن ومئات الجُثث عُثِر عليها في الأيام التالية، أكثر من ثلثيها داخل المدينة، ما يعني أنّ حرْب الشوارع كانت على أشدّها، يُصاب فيها الإنسان بالجنون. ص: 04»

 

3 ــ تسْردُ الرواية لوعة الحب التي عاشها الشاعر عبد الله بن كريو. مع فاطنة الزعنونية بنت أحد أكبر باشاغاوات مدينة الأغواط، المُخلص للسلطة الفرنسية الاستعمارية، والمُدعّم من الحاكم العسكري بالأغواط ؛ لكن التقاليد العربية في الصحراء الجزائرية رفضت تزويجه بها، بسبب تغَـزُّلِه بها في شعْره، إذ تمّ نفْـيُه من طرف السلطات الاستعمارية إلى مدينة المنيعة الصحراوية، التي تعرض فيها إلى مضايقات وتضييق عاد بعدهما إلى مدينته الأغواط، ليطلب يد فاطنة التي طلقت من زوجها مرة ثانية، لكن والدها رفض زواجه بها.

     بعد سنوات من البطالة، نُقـل من جديد للعمل كقاضٍ للمالكية في مدينة غرداية، وفيها تعرّض لحادث سقوط من السطح، تسبّب في إصابته بالعمى، وقد عاد إلى مدينته الأغواط أعمى، وفي آخر حياته قام بحرق كتبه.

    الرواية لِشاعرٍ، ورسّامٍ، ومترجمٍ، وروائي، وناشط ثقافي، وأصيل منطقة ثرية طبيعيا بالجمال، والمآثر التاريخية والدينية، والحركة الثقافية المعاصرة، والمبدعين، والمثقفين، وصانعي الجمال، والفنون..إنها حاضرة بوسعادة.

    من خلال السرد لهذه الرواية يكتشف القارئ أن هذا النصّ السّردي يأتي في سياق الرواية السيرية، التاريخية: سيرة الشخصية الرئيسة الشاعر القدير، الشاعر العاشق، المظلوم عبد الله بن كريو؛ ورفيقه الحميم التاجر الرحالة، "رسول الفضة" بلقاسم البجاوي الذي ذهب ضحية غيرة التجار اليهود بدعْمٍ من الحاكم العسكري الفرنسي، وصديقهما المغني، عاشق الشعر، والإيقاع الموسيقي، واللحن الجميل، القتيل ضحية التقاليد والعادات العربية.. رواية تاريخية تؤرخ لمأساة اكتساح مدينة الأغواط من الاستعمار الفرنسي في بداية منتصف القرن التاسع عشرة، وتراجيديا القضاء على ثلثي سكانها بأبشع الأساليب.

      الفضاء الشعري الرّحب، في النصّ الروائي لمؤلف هذه الرواية" رسول الفضة" واضحٌ، كما جمالية اللغة، والأسلوب، والبناء الفنّي.،

 من نصّ الرواية ص: 08:

(...مسحَ الرّسّام السوقَ بعيْنيْه، رفع بصره إلى قرص الشمس، وأعطاه ظهره، اختار جدار الفندق العالي كخلفية للوحته، نصب مسنده في وسط  السوق قبالة خيمتين صغيرتين مهترئتين، تُستعملان كمحلّين، بهما بقولٌ، وأعشابٌ، وخضروات، و...)

 ومن صفحة: 10

{... لا أحد كان يظنّ أن" بريزنية" الواحة الصحراوية الهادئة " البرّ الزّين" كما يقولون عنها ستكون مسرحًا  لهذه الجريمة الشنعاء، جريمة قتْل النعيمي، المدّاح التي اهتزّت لها الصحراء، وتناقلها المسافرون، والرّوّاة في كل الأسواق.

    يا له من قدرٍ  بائسٍ أن تنتهي حياة هذا المغنّي الجوّال، هذه النهاية المأساوية.}

 ومن صفحة 24

( ... ففرّ من قريته " عين الحمام"، وهام على وجهه في كل البلاد حتى وصل إلى تونس. كان كالتروبادور الجوّال، ليس له من رفيق يؤنسه سوى عصاه، يعاقر الخمر، والحشيش. يقرأ أشعاره ارتجالًا، ولا يعيدها مرّتيْن.)

 من الصفحة 34

( بعد أن دكّ حصونها بالمدفعية التي كانت محشوّة بالكلور وفورم السّام عاث الجنرال في الأرض قتْلًا للأرواح، وتخريبًا للبيوت، والمساكن، وحرْقًا للأخضر من الحدائق، والواحات، ولليابس أيضًا.

    خُرّبت جنائن الأغواط التي كانت سرّ فتنتها، وهُدّمت  بيوتها حتى كادت أن تُمحى من الوجود؛ لذلك ما زال الأغواطيون يُسمّونه عام " الخَلْيَة"، لأن المدينة صارت  خرابًا، خلت ، وصارت مسرحًا للموت، والعدم ، وكادت تُصْبح أثرًا بعد عيْنٍ.)

    رواية ماتعةٌ تميّزت بأسلوب سلسٍ، رقراق اتّــكأ على حكائية مُشبعة بمخزون لغوي ثريٍّ، عربي، بلاغي يؤكد قدرة الكاتب، الشاعر، الفنّان، الروائي أحمد عبد الكريم على تطويع اللغة ، وتوظيف مكوّناتها، واستنهاض جمالياتها.

 

السبت، 16 مارس 2024

 

                السمعُ أبو الملكات اللِّسانية؟

كتب: بشير خلف

العلّامة المرحوم ابن خلدون في مقدّمته:

«إن أركان اللسان العربي 4، هي:

 اللغة، والنحو، والبيان، والأدب. معرفتها، وتعلمها واجب على أهل العربية، والشريعة»

     هذا ما ذكره ابن خلدون في كتابه المقدمة في الفصل الـ45 الموسوم بعنوان "في علوم اللسان العربي. ص: 441"، ثم ذهب إلى قوله إن «السمع أبو الملكات اللسانية».

 وعلّـل ذلك بما كان في ماضي العرب من الأخذ، والتلقّي عن بعضهم بالسماع، والرواية، فالقدرة على الحفظ السريع من المُتحدث، والنقل عنه لا بد له من سمِعٍ يسبقه لتقوم عليه الرواية، فالسمع كان ملكة في ألسنة العرب، يأخذها الآخر عن الأول، واللاحق عن السابق.

     يرحم الله مفكر العرب الكبير، ومؤسس علم الاجتماع عندما يشترط على العربي أن يحذق أركان اللسان العربي، ها نحن في زمننا هذا صرْنا نقرأ:

أنتي ــ أمي رضاكي ــ جزّار الحومة ــ مشاء الله ــ مبارك عليكي ــ ....

 

الخميس، 14 مارس 2024

فنُّ اللامبالاة

كتاب (فن اللامبالاة): لعـيْش حياة تخالف المألوف

كتب: بشير خل

 قيل لنا لنا طيلة عشرات السنوات:

 «إن التفكير الإيجابي هو المفتاح إلى حياة سعيدة ثرية.»

      لكن مارك مانسون المُختصّ في تطوير الذّات، مؤلِّفُ كتاب (فنّ اللامبالاة) يعارض تلك "الإيجابية" ويقول: " فـلنكن صادقين، السيء سيّءٌ، وعلينا أن نتعايش مع هذا ". لا يتهرّب مانسون من الحقائق، ولا يغلفها بالسُّكَّر؛ بل يقولها لنا كما هي: جرعة من الحقيقة الفجِّة الصادقة المنعشة هي ما ينقصنا اليوم.

     هذا الكتاب ترياقٌ للذهنية التي نهدهد أنفسنا بها، ذهنية " فلنعمل على أن يكون لدينا كلنا شعورٌ طيبٌ " التي غزت المجتمع المعاصر فأفسدت جيلًا بأسره صار ينال ميداليات ذهبية لمجرد الحضور إلى المدرسة.

      ينصحنا مانسون بأن نعرف حدود إمكاناتنا، وأن نتقـبّلها، وأن ندرك مخاوفنا، ونواقصنا؛ وما لسنا واثقين منه، وأن نكُـفّ عن التهرب والفرار من ذلك كله؛ ونبدأ مواجهة الحقائق الموجِعة، حتى نصير قادرين على العـثور على ما نبحث عنه من جرأة، ومثابرة، وصدق، ومسؤولية، وتسامح، وحب للمعرفة.

      لا يستطيع كل شخص أن يكون متميزًا متفوقًا. ففي المجتمع ناجحون وفاشلون؛ وقسمٌ من هذا الواقع ليس عادلًا، وليس نتيجة غلطتنا نحن.

     وصحيح أن المال شيء حسنٌ، لكن اهتمامنا بما نفعله بحياتنا أحسن كثيرًا؛ فالتجربة هي الثروة الحقيقية.

 من الكتاب:

1ـــ «تأتى السعادة من حلّ المشكلات. إن كنت تتجنب مشاكلك، أو تحُـسّ كما لو أنه ليست لديك أية مشاكل، فإنك في سبيلك إلى أن تجعل من نفسك إنسانا بائسا. وإذا رأيت أن لديك مشاكل لا تستطيع حلها فإنك ستجعل من نفسك إنسانا بائسا أيضا. الخلطة السحرية كامنة في حلّ تلك المشاكل، لا في عدم وجود مشاكل في حياتك.»

 2ـــ «لِــتعِـشْ حياةً هانئة سعيدة، عليك بشيءِ من التواضع، ثم سامحْ، وصافحْ ، وتصدقْ تكُــنْ من الهادئين، القانعين.

 3 ــ لسنا قادرين دائمًا على التحكّم بما يحدث لنا، ولا التحكّم بما يصيبنا، لكننا قادرون دائمًا على التحكم بكيفية تفسيرنا لما يحدث لنا، إضافة إلى تحكمنا بكيفية استجابتنا له.

     ما جاء في هذا الكتاب، وأنت تقرأه هي لحظاتُ حديثٍ حقيقيٍ صادقٍ لشخصٍ يمسكك من كتـفيك، وينظر في عينيك.

       هذا الكتاب مضمونه صفعةٌ منعشةٌ لهذا الجيل تساعده في عيش حياة راضية مستقرة.

 

الخميس، 7 مارس 2024


              مجلّاتٌ عربيّةٌ تتلْمذْنا عليها..

                 فارْتويْنا منْ رحيقها

كتب: بشير خلف

     من المجلّات العربية الرائعة، العامرة بشتّى مواضيع الأدب والفنون التي كانت تصل الجزائر حال صدورها قبل التسعينات، والتي لم يصل أيُّ عدد منها على غرار المجلّات العربية؛ فكان العدد الثاني لشهر فبراير 1992م.

      مجلّة" إبداع" المصرية التي كانت تُصْدرُها الهيئة العامة للكتاب. هذا العدد الثاني لشهر فيفري ثريٌّ، وكان القارئ العربي، خاصّة المثقّف يجد بين يديه مائدة ماتعة من الآداب والفنون:

ـــ الشعر

ـــ القصص

ـــ الفنّ التشكيلي

ـــ الدراسات

ـــ التعقيبات

ـــ المتابعات

الرسائل

      في هذا العدد مقالاتٌ ذات أهمّيّة شغلت العالم، خاصة العربي، ولا تزال إلى يوم الناس هذا تشغله:

ـــ الأصولية وسلام العالم

ـــ تساؤلاتٌ حول الفكر العربي

ـــ الحقُّ أساس الاجتماع

ـــ الفنّ التشكيلي

ـــ الفراعنة.العفو والسماح...(قصص)

ـــ تحريك القلب(رواية)

ـــ المعلقة الثامنة. بانت  سعاد...( شعر)

ـــ ملاحظات عن الحداثة. كارل بوبر ومذهبه.

     مجلّة عددها الذي استعرضته انقضى على صدوره 33 سنة، ومن مواضيعه يستشفّ القارئ وكأنه صدر للتوّ.

      كانت الثقافة العربية قبل أن تدخل (سوسة السياسة)، موحِّدة للعرب {مجلّات، تزاور الوفود الثقافية العربية، فرق مسرحية، معارض الفن التشكيلي، معارض بينية للكتب، ندوات، ملتقيات للشعر، للقصة، للرواية، للنقد...}

   ... والآن ما عساي أن أقول ؟؟؟

 

الثلاثاء، 27 فبراير 2024


 فرنسا... قوّةٌ عظمى خَذَلَها العصر:

كتابٌ جديد صادر عن مؤسّسة الفكر العربيّ

كتب: بشير خلف

       صدرت عن مؤسّسةُ الفكر العربيّ الترجمةَ العربيّةَ لكِتابِ "أوضــاع العالَم 2022"، الذي حمل عنوان "فرنسا... قوّةٌ عظمى خَذَلَها العصرُ"، بمشاركة نُخبةٍ من الباحثين الفرنسيّين المختصّين في السياسة والعلاقات الدوليّة والاستراتيجيّة والتاريخ، وتحت إشراف الأستاذَين في معهـد الدراسات السياسيّة في باريس، بـرتران بــادي ودومينيك فيـــدال، وترجمة الأستاذ نصير مروّة.

     يأتي هذا الكتاب الغنيّ بقراءاته وتحليلاته المتنوّعة ليرسم لوحةً مفصَّلة ومُتكاملة عن السياسة الخارجيّة لفرنسا، تُكسِب القارئ معرفةً أكبر بوضعيّة باريس الحاليّة على الساحة الدوليّة في ظلّ تأثُّرها بالقضايا الإقليميّة والدوليّة، في الماضي كما في الحاضر.

يستعرض مؤلّفو كتاب "أوضاع العالم 2022" تحوّلات السياسة الفرنسيّة ويشرحون كيف تغيّرت أدوارها واستراتيجيّاتها على مرّ عقود من الزمن نتيجة أحداث ومستجدّات عدّة أثّرت في مكانتها وجبروتها وحضورها. كما يُقدّمون نظرةً شاملةً عن الأدوات والسياسات التي تستخدمها فرنسا في مجال العلاقات الدوليّة، وعلى رأسها الجيش الفرنسيّ، ومبيعات الأسلحة وأجهزة المخابرات، والدبلوماسيّة الثقافيّة بما تشمله من لغةٍ وجهازٍ ثقافيٍّ ومؤسّساتٍ تعليميّة، فضلًا عن السياسة الاقتصاديّة المرنة التي تتباين وتتبدّل وفقًا لمصلحتها.

     "ولأنّ القوة الحقيقية هي القدرة على ضمان الدولة لأمنها ضدّ كلّ جبّارٍ، وبمفردها"، يُجمع الباحثون على تراجع دور فرنسا كلاعب وازن على الساحة الدوليّة، ويُرجعون ذلك إلى تطوّراتٍ متعدّدة، مثل التحوّلات الكبرى في النظام العالميّ بعد الحربين العالميّتين وظهور الثنائيّة القطبيّة (الولايات المتّحدة والاتّحاد السوفياتيّ) واضطرار أوروبا للاعتماد على الحماية الأمريكيّة، إضافة إلى العداء المتنامي تجاه فرنسا في بعض البلدان الأفريقيّة بعد العام 2000، والتهميش الذي عانت منه في الشرق الأوسط بعد انهيار الاتّحاد السوفياتيّ، ولا تنتهي هذه التطوّرات مع العولمة التي جعلت العلاقات الدوليّة أكثر تداخلاً وترابطاً من أيّ وقت مضى، ووضعت فرنسا في مواجهة مع العالم بأسره بدل مواجهة العالَم الثنائيّ القطبيّة فقط، فضلًا عن ظهور مواقع عظمة جديدة تُنافسها على الساحة الدوليّة، وتصاعد تحدّيات إدارة وتسيير البناء الأوروبيّ.

      ويتناول الكتاب أيضاً العلاقات الفرنسيّة الاستثنائيّة مع كلّ من الصين وألمانيا، ويستعرض الالتزام الفرنسيّ بقضايا المناخ، ولا يغفل عن سياسة فرنسا تجاه القضيّة الفلسطينيّة وكيف تراوحت مواقفها في هذا الصدد. كما يبيّن دور باريس التاريخيّ في لبنان ويتناول بشكل خاصّ مبادرتها الأخيرة بعد انفجار مرفأ بيروت ومساعيها لحلّ الأزمة السياسيّة الراهنة.

 

الأربعاء، 14 فبراير 2024

 

أثرُ القراءة في اكتساب اللغة، وبناء الإنسان وثرائه الفكري

كتب: بشير خلف

       صدر أخيرًا كتابٌ مُميّزٌ أشادت به عديد المجلّات، والمواقع المهتمّة بمجالات الإصدارات المعرفية المختلفة.

   الكتاب بعنوان: " أثر القراءة في تعلم اللغة وبناء الإنسان وثرائه الفكري"

      وممّا جاء في مقدّمة الكتاب:

«تُعـدّ القراءة من أهمّ أدوات اكتشاف الذات، ومعرفة الآخر، إذ تعمل على إزالة الحواجز الزمانية والحدود المكانية، فمَنْ يقرأ كتابا ما يشعر بأنه يعيش الأحداث مع الشخصيات الواردة فيه؛ فالقراءة تمنح القارئ القدرة على التنقل بين الماضي، والحاضر، وتحفّـزه على التطلع نحو المستقبل وآماله، كما تمكن القارئ من العيش في مختلف العصور والبلدان.

       فعند قراءة قصة أو رواية ما يتحقق للمرء الهدف المعرفي أيضا، كالاطلاع على أحوال الشعوب المختلفة، واكتساب معلومات حول أحوال الأمم الحاضرة والغابرة، كما تمنحه القدرة على التفريق بين طرق الخير والشر والتمييز بين صور الحق والباطل.

     فالقراءة بوصفها مهارة لغوية تستند في فلسفتها إلى بنية معرفية وأخرى نفسية، إذ تبني الذات القارئة معرفيا، وتشكلها معنويا، وتأخذها إلى عوالم جديدة، ومساحات أوسع من الإطار الجغرافي والمكاني، والحيز الزماني الذي تعيش فيه، وكأن القارئ يطأ بالحروف ما لم تطأه قدماه على وجه الحقيقة.

      ومن كرم القراءة وجميل فعلها، وما تتركه من أثر في نفس القارئ الشغوف أنها تهديه شعورا باتساع الأفـق، وانكشاف المدارك، وتولد شعورًا بالسكينة، والطمأنينة يدخل على القلب والعقل شعورا بالقوة والتمكن من ملاحقة المعارف.

      فالجهل تبدده سعة القراءات، وكثرة الاطلاع، وزيادة المعارف، فالقراءة سلاح ناعمٌ، لكنها أمّ كلّ الأ

    أهمية القراءة في تعلم اللغة وبناء الإنسان

تجمع القراءة بين البناء الفكري والمهارة التطبيقية وفاعلية التنفيذ، فهي سلوك ناتج عن رغبة فردية وتجربة ذاتية، وهي إحدى المهارات التي يكتسبها الإنسان من خلال مجموعة من مصادر الإدخال -إذا جاز التعبير- كالكتب بأنواعها المتعددة والصحف والمجلات.

      ومما لا شبهة فيه أنها تسهم إسهاما كبيرا في بناء حياة الإنسان، ورقيه المعاشي، وتطوره الذاتي، وفي أدائه الجمعي باعتبارها البوابة الأولى للمعرفة والثقافة، إذ تعد القراءة -عامة- المصدر الرئيس والخطوة الأولى نحو تعلم أي لغة، فهي أداة الدراسة ووسيلة التعلم الأولى.

 

 

       وبالقراءة تنتقل إلينا ثمرات العقل البشري عبر العصور، فهي وسيلة للتثقيف وأداة للترفيه عن النفس، مما جعلها من المواضيع المهمة التي شغلت حيزا كبيرا لدى الدارسين والمهتمين في المجال التربوي.

وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن القراءة عملية معرفية وفكرية، تحفز عقل القارئ وتدفعه نحو البقاء في حالة النشاط باستمرار، ومن فوائدها العظيمة أنها تحد من حدوث الأمراض العقلية المختلفة، وتحافظ على سلامة الدماغ وتزيد من قدرته على التركيز والتحليل والاستنتاج السليم.

 

 


الاثنين، 5 فبراير 2024

 

الـمُـبدعون توّاقون إلى غرائيبيتها الصحراء

كتب: بشير خلف

 أولئك الذين ولجوا الصحراء، أياً كانت دوافعهم، قد غادروها وهم مُثقــلون بوفرة من الحكايات. غير أن الصحراء في الوقت نفسه مرتع فــــــــذٌّ للخيال، وفضاء لا يُضاهى لمسارات من السرد لا تنتهي، وهي التي ألهمت شعراء، وروائيين، ومغامرين، ومستكشفين، وجواسيس، ومغرمين بأحابيل الجغرافيا، وعتمات التاريخ، ومتصوفةً، ومهووسين بالتحرش بحدود الموت، وغيرهم ليدخلوها، ويخرجوا منها وهم على غير ما كانوا عليه. كتب لوكليزيو رواية "صحراء"، الفرنسي الحائز على جائزة نوبل سنة 1980م، ومثله فعل، ولكن في مدار تجربة مختلفة، الضابط الإنجليزي توماس إدوارد لورنس، أو كما يعرفه الكثير من الناس بلورنس العرب، وهو يكتب "أعمدة الحكمة السبعة"، وكذا انطوان ده سانت ـ أكزوبري الذي بأسلوبه الأدبي البديع، وبروحه الفلسفية، صوِّر لنا عظمة الطيران، وإثارته، وأخطاره، وعزلته في كتابه الجميل:" أرض البشر"، لمّا قاد طائرات البريد الجوي عبر صحراء شمال أفريقيا.

روائيون رصدوا لحظات التحوّل

 تـناول روائيون عرب عديدون الصحراء حاضنة مكانية لها فرادتها، والتي تحدد تعرجات الأحداث وتؤطرها، ذلك لأن للصحراء قوانينها، وسطوتها الثقيلة على إنسانها، وقدر هذا الإنسان ومصيره. لكنَّ هؤلاء الروائيين رصدوا لحظات التحول في الصحراء، لحظات الاختراق التاريخية مع دخول المستعمر، واكتشاف النفط، وبناء المدن، وانتشار وسائل التقنية، ومؤسسات الإدارة الحديثة، أي في شبكة علاقاتها مع خارجها.. نذكر هنا، رواية " فساد الأمكنة " لصبري موسى، وروايات "النهايات" و" سباق المسافات الطويلة "، و" مدن الملح بأجزائها الخمسة " لعبد الرحمن منيف.

 أمّا ما فعله إبراهيم الكوني فإنه رسم الصحراء في عزلتها الكونية وعذريتها، وتمنُّعها، حتى بعد تصديها لغزو الأغراب " المجوس والفرنسيس"، وإصرارها على البقاء مِهاداً للحكايات العجيبة والأساطير، وعالماً فسيحاً مُقْــفرًا للإنسان. وعندما نتقصّى متْــن السرد، والصحراء حتى إلى وقت قريب سيقفز تأكيدًا أمامنا اسم الروائي الليبي إبراهيم الكوني بكمّ رواياته، وبثيماتها المنفتحة على فضاءات متفرّدة زماناً ومكاناً وأنماط علاقات، ورؤية ورؤيا.

الجمعة، 26 يناير 2024


                النصّ الأدبي النسوي الجزائري في الريادة

بقلم: بشير خلف

       إن المُتـتبع للحركة الأدبية في الجزائر قـبل الثورة التحريرية يلاحظ غياب مساهمة المرأة في الحركة الثقافية، ويعود ذلك في رأْي أكثر النقّاد والمتابعين للموضوع إلى أسباب عـدّة منها ظُـلْمُ سلطات الاحتلال الفرنسي الذي انتهج سياسة مناهضة لهُوّيّة الأمة الجزائرية من بينها محاربة اللغة العربية، حيث وضع الثقافة الوطنية في وضْعٍ شلّ فاعليتها وحركتها، ممّا نتج عنه تأخّر الأدب الجزائري عن مثيله في المشرق العربي، بل وحتى في تونس والمغرب؛ ومن ثمّ تأخر ظهور الحركة الأدبية النسائية نتيجة الحصار المضروب على الثقافة والأدب العربيّيْن، في حين شجّع لغـته الفرنسية، الأمر الذي سمح لكثير من الأسماء  النسائية التي اتخذت من اللغة الفرنسية وسيلة للكتابة بالظهور في الساحة الأدبية خارج الجزائر.

       كما يعود تأخر الكتابة النسوية بالجزائر إلى التقاليد الاجتماعية التي كانت تنظر إلى المرأة نظرة دونية، ولا تزال إلى أيامنا هذه في بعضٍ من مناطق الوطن.. نظرة دونية تنطوي على كثير من الاحتقار، وترى أن تواجدها في الحركة الاجتماعية، والثقافية، والأدبية يثير الفتنة، ويشجع الانحلال، ممّا كبّلها وفرض عليها ظروف العزلة، والتجميد لطاقاتها الإبداعية، بل ومحاربتها حتى وإنْ حاولت ذلك. 

     والملاحظ لدى الباحث أن الكتب التي تناولت الأدب الجزائري العربي الحديث لم تذكر اسم شاعرة أو أديبة سوى "السيدة زهور ونيسي"، وكان ذلك مروراً عابراً، وإن كانت هناك كُـتـبٌ تناولت الأدب الجزائري بالفرنسية، وتعرضت للأديبات الجزائريات اللواتي كتبن بالفرنسية، وهن لسن أكثر ممن كتبن بالعربية..‏

     الحديث عن التجربة الإبداعية النسائية في الجزائر حديث يشوبه الارتباك، لأنه مرتبط بحقيقة المجتمع الجزائري قبل كل شيء، فالإبداع فـنٌّ.. ومن أهمّ ركائز الفن بعـد الموهبة:

الحرية، والحرية عنصرٌ غير واضح الملامح في الأجواء الجزائرية خاصة فيما يتعـلق بحرية المرأة؛ ولأن الكتابة قبل أن تكون تركيبا لغويا فهي تعبير وبوْحٌ فإن الأمر يـتعـقّـدُ أكثر حين تأخذ الكتابة منحى البحث عن الخلاص من الوضع الاجتماعي الذي تعاني منه. ذلك أن المُخْتـلف بالنسبة للمرأة الكاتبة هو أنها تحارب من أجل قضيتها التي هي قضية نصف المجتمع.. 

        إن وضْع المرأة الكاتبة في مجمله متشابه من شرق الوطن إلى غربه ؛ وهذا يعني أن المشكلة الأولى لدى الكاتبات هي أنوثتهن لا كعقبة جسدية، ولكن كعقبة تعبير فقد بلغنا مستوى ثقافيا، معرفيا، تعليميا لا بأس به سمح للمرأة عموما بإدراك لغة جسدها: طبيعة الجسد.. متطلباته.. تغيراته....إلخ. لكنها لم تستطع إيجاد جسدٍ كتابي يُــترجم كل ما أدركته بعـقـلها وحواسها كامرأة، ولعل المتـتبع للمادة الإعلامية الأدبية يلاحظ أن الكتابات النسائية كثيرة ولكنها تـتسم بعدد من الصفات التي تُـقـلِّـل من وزنها.

       في تقديري الشخصي: الأدب هو واحد لدى الإنسان أكان ذكرًا أو أنثى. ولكن قـضية الاختلاف موجودة. فإذا عـدنا إلى ما تكتبه المرأة فإننا نجد الخصوصية تكمن في التكوين الفكري لا في الشكل الفني . وهذا يتطلب منا أن نقرأ نتاج المرأة بشكل جيد حتى نقـف على معاناتها وليس على شكْـل الكتابة؛ فالمبدع فنياً لا علاقة له بالذكورة أو الأنوثة.. أي أن المرأة ليست ناقـصة إبداع بدليل أن عدداً كبيراً من اللواتي أبدعن في السياسة، والأدب والثقافة ليس على مستوى الوطن العربي فحسب؛ إنما على المستوى العالمي، لأن الأدب وقْــعٌ إنسانيٌّ، أما الاختلاف فيتعلق بالمضمون الفكري لكل جنس.

        إن النص الأدبي النسوي المعاصر في الجزائر أخذ مكانه في المشهد الثقافي العربي، وانتـزع الجوائز، والمراتب الأولى سواء من خلال جيل السبعينات، وما بعده كالروائية والقاصة زهور ونيسي، المرحومة زليخة السعودي، مبروكة بوساحة، المرحومة صفيّة كتّو، آسيا جبار، أحلام مستغانمي، زنير جميلة، فضيلة الفاروق، ياسمينة صالح، ربيعة جلطي، زينب الأعوج، راوية يحياوي، الإعلامي الثقافية جميلة طلباوي، نفيسة الأحرش، الإعلامية الثقافية الشاعرة نوارة الأحرش، حسيبة موساوي، مليكة مقدم، لطيفة عثماني، جبالي، زهرة ديك، آمال بشير، الإعلامية الثقافية  الشاعرة علياء بوخاري، أحلام الأحمدي، عائشة بنور، شنة فوزية، حنكة حوّاء،هاجر قويدر، آمال بن عبد الله، آسيا رحاحلية،

     لكن في كل الحالات وفي مجتمع عربي إسلامي يحفظ للمرأة كرامتها وحقوقها، ويصونها كأنثى وكسيدة مجتمع، وكأم، وكمربية ..

       لا أقول: هناك خطوطٌ حمراءُ، إنما هناك قيمٌ وتوجهات.. المرأة الحكيمة الواعية بدورها الحقيقي من تلقاء نفسها تلتزم بها، ولا تتعدّاها، وحتى وإنْ أُعطيت حريات بدون حدود فقـد تكتفي ببعضها.. إن الادعاء بأن المرأة لا تزال حقوقُها مهضومة، وخاصة في عالم الكتابة والإبداع بزعم أن الرجل يقـف في طريقها، نقول: إن هذا الزعم باطل من أساسه..

      في السرد العربي أيامنا هذه.. المبدعات العربيات وحتى المسلمات في غير بلاد العرب فـقْن الرجل، وبلغن مستوى عاليا سيّما في الرواية العربية، وتحصّل بعضهن على أحسن الجوائز، واحتلال الرُّتب الأولى.. إنما ما يُعاب على بعضهن أن يسعيْن وبإصرار على الاشتغال بالأدب الإيروتيكي، وتكسير الطابوهات بدعوى ممارسة الحرية في الكتابة، لأن الكتابة تنطلق من حرية الكاتب في قوْل ما يؤمن به، وما يدعو في إطار القيم.

     الجدل لا يزال مستمرّا، وسيبقى حول وجود أدب نسائي، وأدب رجالي لأن العديد من المبدعات العربيات والجزائريات يريْـن أن النص النسوي له خصوصياته، والنص الرجولي له خصوصياته.. والقارئ الذكي وحده يميّز ما بين النصّيْن حتى وإنْ قُــدِّم له النص الإبداعي خلوا من اسم كاتبه. ولا يمكن أبدا التوحيد بين ما تؤمن به وتفكر به المرأة وما يفكر به الرجل ويدعو إليه، وكأن هؤلاء يتماهين مع ما قالته الكاتبة جيني هيربكورت قبل مئة عام:« سادتي لا أستطيع أن أكتب إلا كامرأة بما أن لي شرفٌ كوني امرأة »

        شخصيا ومن خلال تجربتي الإبداعية، وخبرتي ..وقراءاتي الكثيرة للنصوص الذكورية والأنثوية أرى أن الملامح الأنثوية المنتِجة للنص الأدبي لا تنتقص من قيمته الفنية ، ويجب في رأيي ألاّ تكون مقياسًا يُصنّف الأدب بسببه إلى أدب نسوي، وأدب ذكوري لأن ذلك عمليا لا يخدم القيمة الفنية للنص الأدبي المنتج، بل هو تصنيف نظري أكثر، ولعلّنا إنْ أخفيْنا في بعض الإبداعات هُــوية منتجة النص الأدبي تمامًا، أو استبدلنا اسم الأنثى باسم ذكر لما تنبّه المتلقّي لذلك، فالنص المميّز ذو المقومات الإبداعية الراقية يفرض نفسه بغـضّ النظر عن جنس منتِجه..

     الاختلاف فقط يكمن في أن الرجل في نصوصه يغوص في الفضاءات المعرفية المتـنوعة يوظفها لخدمة نصّه كالتاريخ، والأنـــثروبولوجيا، وعلم النفس، والاقتصاد، والمعلوماتية، والحروب، وعلم النفس وتفرعاته.. بينما الأنثى غالبا ما تنكفئ في عالمها الخاص، وتطلعها إلى الحرية، ومقاومتها للرجل، وتنديدها بالحدود الحمراء التي فرضها، ويفرضها المجتمع عليها، وعلى بنات جنسها.

الاثنين، 15 يناير 2024

 

ما أحْــوجنا إلى تفْعيل ثقافة الحوار !!؟

كتب: بشير خلف

      يُــعدُّ الحوارُ من أهمّ أسُـس الحياة الاجتماعية، وضرورةٌ من ضروراتها، فهو وسيلةُ الإنسان للتعبير عن حاجاته، ورغـباته، وميوله، وأحاسيسه، ومواقـفه، ومشكلاته، وطريقه إلى تصريف شئون حياته المختلفة؛ كما أن الحوار وسيلةُ الإنسان إلى تـنمية أفكاره، وتجاربه وتهيئتها للعطاء، والإبداع، والمشاركة في تحقـيق حياة متحـضِّرة، إذ من خلال الحوار يتم ّالتواصل مع الآخرين، والتفاعل معهم.

      ويكتسب الحوار أهميته في كـوْن الوجود الاجتماعي الإنساني لا يتحقّق إلا بوجود الآخر المُختـلف، ومن أن الإنسان لا يحقـق ذاته الإنسانية، ولا يُـنتج المعرفة إلا بالالتقاء، والحوار مع الإنسان الآخر، والتفاعل الخلاق معه، إذ به تتولد الأفكار الجديدة في ذهـن المُتكلم، وبه تـتّـضح المعاني، وتُغْـنى المفاهيم.

    لأن الحوار في مستوياته العليا هو إنتاج المعرفة الراقية التي تتحاور مع كافة ضروب المعرفة الإنسانية.


{ من كتابي: (بحْثًا عن ثقافة الحوار).ص:03

  الصادر سنة 2018} 

الخميس، 4 يناير 2024

 


في مهبِّ الرّيح

صدر لي هذه الأيّام كتابٌ جديدٌ في صنْف " السّيرذاتية" عن دار (سامي) للطباعة والنشر والتوزيع بالوادي، صمّم الغلاف:الفنّان التشكيلي المبدع:كمال خزّان. الكتاب بعنوان: {في مهبّ الرّيح} في 480 صفحة، في 21 موضوعًا رئيسيًّا.

 

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...