الثلاثاء، 14 سبتمبر 2021

 

" منْ بقي ليس كمنْ قطع الأقطار"

         قرأتُ رأيًا للروائي المصري الراحل فؤاد قنديل( 1944م ـ 2015م) في كتابه" أدب الرحلة في التراث العربي"، يقول فيه عن أدب الرحلات:

« إنني أزعم أن أدب الرحلات أوشك أن يكون كالفلسفة تراثًا فقط، لا جديد يمكن أن يُضاف إليه بعد أن تيسّر السفرُ، والانتقال لكلّ  إنسانٍ، واستطاعت وسائل الإعلام بتقنياتها الهائلة أن تجعل من العالم قرية صغيرة، وكتابًا مفتوحًا لأغلب شعوب الأرض.»

       لستُ مع هذا الرأي، لأنّ ( منْ بقي ليس كمنْ قطع )، يمكن طرْح السؤال التالي:

هل كانت الرحلة مفيدة في العصور الماضية؛ وبسبب التطور الذي قرّب المسافات بين البشر، انتفت الحاجة إليها كموردٍ للمعلومات؟

      قال الرحّالة والمؤرخ، والجغرافي أبو الحسن المسعودي(896م ـــ 957م):

« ليس منْ لزم جهة وطنه، وقنع بما نُمِي إليه من الأخبار من إقليمه، كمنْ قسّم عمره على قطْع الأقطار، ووزّع بين أيامه تقاذفَ الأسفار، واستخراج كل دقيق من معدنه، وآثار كل نفيسٍ من مكمنه.»

      صاحب كتاب " مروج الذهب، ومعادن الجوهر" يفرّق بين منْ بقي في وطنه، وبين منْ وزّع أيّامه على الأسفار.

   في رأيي إن تيسّر السفر والانتقال زاد من أهمّية التواصل بين البش، وزاد من فضاءات الرحّالة المعاصرين، وضاعف من خياراتهم للوصول إلى أماكن أبعد، وأغرب، وأمْتع.

        ..وتبقى الرحلات وسيلة فعّالة للاكتشاف، والتعارف، والتثاقف، والمتعة؛كما أدب الرحلة وعاءٌ معرفيٌّ يضم مختلف أنواع الثقافة الإنسانية.

         

الأحد، 12 سبتمبر 2021

مجلة الثقافة والثورة

     أذكر جيّدً، في مرحلة الثمانينات كانت الجامعة الجزائرية، وتحديدا الجامعة المركزية بالعاصمة، موازاة مع العمل الأكاديمي المعروف، كانت حركة ثقافية نشطة جدا، بعضها من الأساتذة، وبعضها الآخر من الطلبة والطابات، وبعضها من الفئتيْن: النوادي الثقافية الأدبية الفنية، المحاضرات داخل الحرم الجامعي، خارجه في قاعة المحاضرات بالنفق الجامعي، المطبوعات، والنشريات؛ أذكر منها مجلة( الثقافة والثورة) التي كان مديرها المسؤول المرحوم: مصطفى كاتب، المشرف الأدبي والفني عبد العالي رزاقي، رئيس التحرير مخلوف بوكروح.

 ما كانت منبرا ثقافيا فحسب للأسرة الجامعية؛ بل كانت منبرا لكل المبدعين، والكتاب من خارج الجامعة، كما كانت منبرا للأساتذة المشارقة العرب العاملين بالجزائر؛ بالتوازي مع قاعة اللوتس بشارع ديدوش مراد؛ القاعة التي جمعت عدة سنوات كل أطياف المثقفين، والكُتّاب، والمبدعين الجزائريين، وإخوانهم المصريين، السوريين، العراقيين، بالرغم من تعدّد الرؤى الفكرية، وتنوّع الكتابات الإبداعية والفنية والقناعات الإيديولوجية السياسية؛ فإنّ حماس حُلْم الوطن العربي الواحد، المُوحّد كان واحدَا.

 

الخميس، 9 سبتمبر 2021


 أقدم المدافع الجزائرية إبان العهد العثماني.. مدفع "بابا مرزوق"

ليس مجرد قطعة سلاح، بل له عمق تاريخي، عسكري واستراتيجي بالغ الأهمية، فقد ارتبط اسمه بتاريخ الجهاد البحري للجزائريين، ويعد رائد المدافع التي أنجزتها دار النحاس بالجزائر.. تشكل استعادة مدفع "بابا مرزوق" أحد أهم القضايا المطروحة ضمن مطالب تسوية الذاكرة بين الجزائر وباريس
سجّل المرحوم أبو القاسم سعد الله أنّ:
«المدفع ظل منتصبا كالنسر الجبار على باب الجهاد المطل على البحر في الجزائر، بينما سمّــــاه الفرنسيون القنصل (consulaire)، وكانوا يرتعدون منه إذا ذُكر لهم ».
وعن سبب الذعر الفرنسي من المدفع قبل الاحتلال، قال سعد الله في موسوعة الحركة الوطنية الجزائرية:
« إن الجزائريين في الماضي كانوا قد وضعوا في فوهته قنصلَ فرنسا (لوفاشي) سنة 1663، وقصفوه به إلى البحر، ثم كرّروا ذلك مع خليفته (بيول) سنة 1688، أثناء قصف دوكيني، قائد أسطول لويس الرابع عشر، مدينة الجزائر، مثلما تثبته الروايات الفرنسية نفسها.»
ولذلك كان من أوائل ما اتخذه الفرنسيون من إجراءات عقِب دخولهم الجزائر، هو نقْل مدفع بابا مرزوق إلى فرنسا، وقد يظهر لك هذا أمرا بسيطا، ولكننا نعتقد أن المدفع كان يرمز إلى أشياء كثيرة، إنه قبل كل شيء رمْزُ الذكورة والقوة، ونقله، بالإضافة إلى أنه لصوصية عسكرية وثقافية، كان يعني خُلو الجزائر من رمزها الأقوى والأكثر فحولة، والكلام للمؤرخ سعد الله..
ويوثق سعد الله أن الفرنسيين سارعوا إلى إزالة بابا مرزوق من مكانه وحملوه إلى بريست المحيط الأطلسي ونصبوه هناك في إحدى الساحات بتاريخ 23 يوليو/تموز 1833 إلى اليوم، كجزء من غنائم الحملة على الجزائر.
إن المدفع ليس مجرد قطعة سلاح، بل له عمق تاريخي، عسكري واستراتيجي بالغ الأهمية، فقد ارتبط اسمه بتاريخ الجهاد البحري للجزائريين، ويعد رائد المدافع التي أنجزتها دار النحاس بالجزائر.

الأربعاء، 8 سبتمبر 2021

أن يحافظ عليها

العاطس الساهي

كان الفقيه العالم: عبد الله بن المبارك عابدامجتهدا،وعالما بالقرآن والسنة، يحضر مجلسه كثيرٌ من الناس؛ ليأخذوامن علمه الغزير.وفي يوم من الأيام، كان يسير مع رجل في الطريق، فعطس الرجل، ولكنه لم يحمد الله. فنظر إليه ابن المبارك، ليُلْــــفت نظره إلى أن حمْد الله بعد العطس سُنّةٌ على كل مسلم أن يحافظ عليها، ولكن الرجل لم ينتبه. فأراد ابن المبارك أن يجعله يعمل بهذه السُّنّـــة دون أن يحرجه، فسأله: أي شيء يقول العاطس إذا عطس؟
فقال الرجل:

ــــ الحمد لله!

عندئذ قال له ابن المبارك:

ــــ يرحمك الله

الثلاثاء، 7 سبتمبر 2021

نابليون بونابرت.. اللص ذو اليد الطويلة.

       لم يتوقف عند نهْب، وسلْب البلاد المستعمَرة؛ بل امتد الأمر إلى أن جعل التنازل عن الأعمال الفنية جزءًا من أي اتفاقيات سلام

      عندما كانت الجيوش الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت تغزو ما تطاله من دول أوروبا في طريقها إلى بلاد المشرق في الفترة ما بين (1803-1815)، كان بونابرت إلى جانب دوره العسكري بوصفه امبراطور فرنسا وقائد الجيوش، يضع نصْب عينيه هدفا آخر لا يقل أهمية في نظره عن السيطرة العسكرية على البلاد المستعمرة.

هذا الهدف هو جعل باريس عاصمة ثقافية ليس لفرنسا فحسب، بل لأوروبا كلها والشرقين الأوسط والأدنى. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، عاث بونابرت ناهبا وسارقا جميع ما تطاله جيوشه من التحف الفنية واللوحات التاريخية حيث تم نقل تلك الأعمال الفنية إلى باريس من أجل متحف فني هو الأول من نوعه في أوروبا.' (متحف اللوفر)

       نابليون بونابرت.. اللص الذي زوّد اللوفر بآلاف القطع الفنية المسروقة

 

السبت، 4 سبتمبر 2021

..من ذكرياتي

بشير خلف

     في منتصف شهر ديسمبر سنة 1960م حوّلتنا السلطات الاستعمارية الفرنسية من معتقل في ثكنة بعنابة إلى سجن " لامبيس"، " تازولت" ضواحي مدينة باتنة الرهيب بعد محاكمة عسكرية طوال ثلاثة أيام. كان عمُري حينذاك 19 سنة.

      أوّل صلاة جمعة حضرتُها مع ما يناهز 1900 سجين سياسي موزعين على عدة ساحات بالسجن؛ أمّنا يومذاك عالِمٌ جليلٌ ذو صوت جهوري، حماسي، ثوري.. تحت مرْأى السلطات الاستعمارية، وعشرات الحرّاس المدجّجين بالسلاح، تحدّث الإمام الجليل عن حقّ الإنسان في الحرية أينما تواجد، بغضّ النظر عن لونه، ومعتقده؛ وخاصة في بلده.

        بعد الصلاة، رأيتُ المساجين، المصلين يهرعون لملاقاة العالم، الإمام يحيّونه، ويشدّون على يديْه؛ وأنا القادم الجديد الحذر، المتهيّب، الملاحظ من بعيد، القليل الخبرة، كبّلني التردُّد؛ ثم سرعان ما تقدمتُ، واصطففْتُ مع إخواني لتحيته، ومصافحته..

      عرفتُ منهم لحظتها أنه العالِم الجليل، الذي كان في سجن" لامبيس" بمثابة الجدار القوي، المسلح يتكئون عليه أثناء ظلم إدارة السجن الاستعمارية، وتعنّتها...إنه العالم، الجليل، الفقيه، الموسوعي(أحمد حماني)، رحمه الله، وغفر له، وجزاه على ما قدّم لبلده الجزائر، وللدين الإسلامي، وللغة العربية.

 

الخميس، 2 سبتمبر 2021


 

       مجلة" الجديد" الثقافية اللندنية في عددٍ جديدٍ

      صدر العديد الجديد لشهر سبتمبر 2021 من مجلة الجديد الثقافية

تحت شعار "العقل الكارثي، وثقافة الخواء: الأدب والتربية وتحولات الذهنية الدينية في الزمن الافتراضي."

      يحتوي هذا العدد على مقالات فكرية تصدّت لعدد من الظواهر الراهنة في العالم العربي والعالم، ومراجعات في قضايا الفكر والأدب، والفن، ومراجعات نقدية للإصدارات الحديثة، ورسائل ثقافية، وآراء أدبية، وقصص، وقصائد.

       يضمُّ العدد ملفين: الأول فكري تحت عنوان “العقل الكارثي وثقافة الخواء – الأدب والتربية وتحولات الذهنية الدينية في الزمن الافتراضي” وشاركت فيه نخبة من حملة الأقلام العرب، من فلسطين، سوريا، المغرب والجزائر.

      والملف الثاني أدبي تحت عنوان “يكون الشاعر كونياً أو لا يكون” ويتضمن حوارا مع الشاعرة الهولندية أنّا ماري أستر، ومختارات من شعرها نقلها إلى العربية الكاتب العراقي حازم كمال الدين.

       حوار العدد مع الكاتب السوري بالإيطالية يوسف وقاص تحت عنوان “الصوت المهاجر”، أجرت الحوار للصحافة التركية الكاتبة بيرين بيرسايغيلي مُوتْ، وخصّت “الجديد” بالنص العربي. والحوار يثير جملة من القضايا الشاغلة لكاتب عربي بالإيطالية، انطلاقا من تجربة متوسطية الطابع إنسانية التطلع.

       ملف العدد الفكري شارك فيه كل من أحمد برقاوي “الذهنية الدينية الراهنة وتحولاتها الكارثية”، هيثم حسين “الخيال والكارثة والإنسان – هل يمكن للأدب مساعدتنا على تجنّب الكوارث؟”، زواغي عبدالعالي “البيئة الرقمية وتزييف الوعي”، حمزة بومليك “انهيار تربية البيت_ الأجيال الجديدة والثقافة الافتراضية”، حمزة عبدالأمير حسين “ثقافة الاعتراف والزمن الافتراضي”، نبيل عودة “ثقافة التسلط الثقافي”.

      إلى جانب ذلك، في العدد نصوص سردية، ودراسات في الفن التشكيلي ونص مسرحي، فضلا عن دراسة في قضايا المسرح العربي.

      رسالة باريس تقصّى فيها الكاتب الروائي التونسي أبوبكر العيادي عودة ظاهرة الالتزام في الأدب الفرنسي، وذلك انطلاقا من جدل حول الديمقراطية والأدب، وما شهدته الساحة الأدبية في فرنسا منذ أعوام من عودة إلى صورة من صور الالتزام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رابط المجلة https://aljadeedmagazine.com/

 

 

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...