الثلاثاء، 27 فبراير 2024


 فرنسا... قوّةٌ عظمى خَذَلَها العصر:

كتابٌ جديد صادر عن مؤسّسة الفكر العربيّ

كتب: بشير خلف

       صدرت عن مؤسّسةُ الفكر العربيّ الترجمةَ العربيّةَ لكِتابِ "أوضــاع العالَم 2022"، الذي حمل عنوان "فرنسا... قوّةٌ عظمى خَذَلَها العصرُ"، بمشاركة نُخبةٍ من الباحثين الفرنسيّين المختصّين في السياسة والعلاقات الدوليّة والاستراتيجيّة والتاريخ، وتحت إشراف الأستاذَين في معهـد الدراسات السياسيّة في باريس، بـرتران بــادي ودومينيك فيـــدال، وترجمة الأستاذ نصير مروّة.

     يأتي هذا الكتاب الغنيّ بقراءاته وتحليلاته المتنوّعة ليرسم لوحةً مفصَّلة ومُتكاملة عن السياسة الخارجيّة لفرنسا، تُكسِب القارئ معرفةً أكبر بوضعيّة باريس الحاليّة على الساحة الدوليّة في ظلّ تأثُّرها بالقضايا الإقليميّة والدوليّة، في الماضي كما في الحاضر.

يستعرض مؤلّفو كتاب "أوضاع العالم 2022" تحوّلات السياسة الفرنسيّة ويشرحون كيف تغيّرت أدوارها واستراتيجيّاتها على مرّ عقود من الزمن نتيجة أحداث ومستجدّات عدّة أثّرت في مكانتها وجبروتها وحضورها. كما يُقدّمون نظرةً شاملةً عن الأدوات والسياسات التي تستخدمها فرنسا في مجال العلاقات الدوليّة، وعلى رأسها الجيش الفرنسيّ، ومبيعات الأسلحة وأجهزة المخابرات، والدبلوماسيّة الثقافيّة بما تشمله من لغةٍ وجهازٍ ثقافيٍّ ومؤسّساتٍ تعليميّة، فضلًا عن السياسة الاقتصاديّة المرنة التي تتباين وتتبدّل وفقًا لمصلحتها.

     "ولأنّ القوة الحقيقية هي القدرة على ضمان الدولة لأمنها ضدّ كلّ جبّارٍ، وبمفردها"، يُجمع الباحثون على تراجع دور فرنسا كلاعب وازن على الساحة الدوليّة، ويُرجعون ذلك إلى تطوّراتٍ متعدّدة، مثل التحوّلات الكبرى في النظام العالميّ بعد الحربين العالميّتين وظهور الثنائيّة القطبيّة (الولايات المتّحدة والاتّحاد السوفياتيّ) واضطرار أوروبا للاعتماد على الحماية الأمريكيّة، إضافة إلى العداء المتنامي تجاه فرنسا في بعض البلدان الأفريقيّة بعد العام 2000، والتهميش الذي عانت منه في الشرق الأوسط بعد انهيار الاتّحاد السوفياتيّ، ولا تنتهي هذه التطوّرات مع العولمة التي جعلت العلاقات الدوليّة أكثر تداخلاً وترابطاً من أيّ وقت مضى، ووضعت فرنسا في مواجهة مع العالم بأسره بدل مواجهة العالَم الثنائيّ القطبيّة فقط، فضلًا عن ظهور مواقع عظمة جديدة تُنافسها على الساحة الدوليّة، وتصاعد تحدّيات إدارة وتسيير البناء الأوروبيّ.

      ويتناول الكتاب أيضاً العلاقات الفرنسيّة الاستثنائيّة مع كلّ من الصين وألمانيا، ويستعرض الالتزام الفرنسيّ بقضايا المناخ، ولا يغفل عن سياسة فرنسا تجاه القضيّة الفلسطينيّة وكيف تراوحت مواقفها في هذا الصدد. كما يبيّن دور باريس التاريخيّ في لبنان ويتناول بشكل خاصّ مبادرتها الأخيرة بعد انفجار مرفأ بيروت ومساعيها لحلّ الأزمة السياسيّة الراهنة.

 

الأربعاء، 14 فبراير 2024

 

أثرُ القراءة في اكتساب اللغة، وبناء الإنسان وثرائه الفكري

كتب: بشير خلف

       صدر أخيرًا كتابٌ مُميّزٌ أشادت به عديد المجلّات، والمواقع المهتمّة بمجالات الإصدارات المعرفية المختلفة.

   الكتاب بعنوان: " أثر القراءة في تعلم اللغة وبناء الإنسان وثرائه الفكري"

      وممّا جاء في مقدّمة الكتاب:

«تُعـدّ القراءة من أهمّ أدوات اكتشاف الذات، ومعرفة الآخر، إذ تعمل على إزالة الحواجز الزمانية والحدود المكانية، فمَنْ يقرأ كتابا ما يشعر بأنه يعيش الأحداث مع الشخصيات الواردة فيه؛ فالقراءة تمنح القارئ القدرة على التنقل بين الماضي، والحاضر، وتحفّـزه على التطلع نحو المستقبل وآماله، كما تمكن القارئ من العيش في مختلف العصور والبلدان.

       فعند قراءة قصة أو رواية ما يتحقق للمرء الهدف المعرفي أيضا، كالاطلاع على أحوال الشعوب المختلفة، واكتساب معلومات حول أحوال الأمم الحاضرة والغابرة، كما تمنحه القدرة على التفريق بين طرق الخير والشر والتمييز بين صور الحق والباطل.

     فالقراءة بوصفها مهارة لغوية تستند في فلسفتها إلى بنية معرفية وأخرى نفسية، إذ تبني الذات القارئة معرفيا، وتشكلها معنويا، وتأخذها إلى عوالم جديدة، ومساحات أوسع من الإطار الجغرافي والمكاني، والحيز الزماني الذي تعيش فيه، وكأن القارئ يطأ بالحروف ما لم تطأه قدماه على وجه الحقيقة.

      ومن كرم القراءة وجميل فعلها، وما تتركه من أثر في نفس القارئ الشغوف أنها تهديه شعورا باتساع الأفـق، وانكشاف المدارك، وتولد شعورًا بالسكينة، والطمأنينة يدخل على القلب والعقل شعورا بالقوة والتمكن من ملاحقة المعارف.

      فالجهل تبدده سعة القراءات، وكثرة الاطلاع، وزيادة المعارف، فالقراءة سلاح ناعمٌ، لكنها أمّ كلّ الأ

    أهمية القراءة في تعلم اللغة وبناء الإنسان

تجمع القراءة بين البناء الفكري والمهارة التطبيقية وفاعلية التنفيذ، فهي سلوك ناتج عن رغبة فردية وتجربة ذاتية، وهي إحدى المهارات التي يكتسبها الإنسان من خلال مجموعة من مصادر الإدخال -إذا جاز التعبير- كالكتب بأنواعها المتعددة والصحف والمجلات.

      ومما لا شبهة فيه أنها تسهم إسهاما كبيرا في بناء حياة الإنسان، ورقيه المعاشي، وتطوره الذاتي، وفي أدائه الجمعي باعتبارها البوابة الأولى للمعرفة والثقافة، إذ تعد القراءة -عامة- المصدر الرئيس والخطوة الأولى نحو تعلم أي لغة، فهي أداة الدراسة ووسيلة التعلم الأولى.

 

 

       وبالقراءة تنتقل إلينا ثمرات العقل البشري عبر العصور، فهي وسيلة للتثقيف وأداة للترفيه عن النفس، مما جعلها من المواضيع المهمة التي شغلت حيزا كبيرا لدى الدارسين والمهتمين في المجال التربوي.

وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن القراءة عملية معرفية وفكرية، تحفز عقل القارئ وتدفعه نحو البقاء في حالة النشاط باستمرار، ومن فوائدها العظيمة أنها تحد من حدوث الأمراض العقلية المختلفة، وتحافظ على سلامة الدماغ وتزيد من قدرته على التركيز والتحليل والاستنتاج السليم.

 

 


الاثنين، 5 فبراير 2024

 

الـمُـبدعون توّاقون إلى غرائيبيتها الصحراء

كتب: بشير خلف

 أولئك الذين ولجوا الصحراء، أياً كانت دوافعهم، قد غادروها وهم مُثقــلون بوفرة من الحكايات. غير أن الصحراء في الوقت نفسه مرتع فــــــــذٌّ للخيال، وفضاء لا يُضاهى لمسارات من السرد لا تنتهي، وهي التي ألهمت شعراء، وروائيين، ومغامرين، ومستكشفين، وجواسيس، ومغرمين بأحابيل الجغرافيا، وعتمات التاريخ، ومتصوفةً، ومهووسين بالتحرش بحدود الموت، وغيرهم ليدخلوها، ويخرجوا منها وهم على غير ما كانوا عليه. كتب لوكليزيو رواية "صحراء"، الفرنسي الحائز على جائزة نوبل سنة 1980م، ومثله فعل، ولكن في مدار تجربة مختلفة، الضابط الإنجليزي توماس إدوارد لورنس، أو كما يعرفه الكثير من الناس بلورنس العرب، وهو يكتب "أعمدة الحكمة السبعة"، وكذا انطوان ده سانت ـ أكزوبري الذي بأسلوبه الأدبي البديع، وبروحه الفلسفية، صوِّر لنا عظمة الطيران، وإثارته، وأخطاره، وعزلته في كتابه الجميل:" أرض البشر"، لمّا قاد طائرات البريد الجوي عبر صحراء شمال أفريقيا.

روائيون رصدوا لحظات التحوّل

 تـناول روائيون عرب عديدون الصحراء حاضنة مكانية لها فرادتها، والتي تحدد تعرجات الأحداث وتؤطرها، ذلك لأن للصحراء قوانينها، وسطوتها الثقيلة على إنسانها، وقدر هذا الإنسان ومصيره. لكنَّ هؤلاء الروائيين رصدوا لحظات التحول في الصحراء، لحظات الاختراق التاريخية مع دخول المستعمر، واكتشاف النفط، وبناء المدن، وانتشار وسائل التقنية، ومؤسسات الإدارة الحديثة، أي في شبكة علاقاتها مع خارجها.. نذكر هنا، رواية " فساد الأمكنة " لصبري موسى، وروايات "النهايات" و" سباق المسافات الطويلة "، و" مدن الملح بأجزائها الخمسة " لعبد الرحمن منيف.

 أمّا ما فعله إبراهيم الكوني فإنه رسم الصحراء في عزلتها الكونية وعذريتها، وتمنُّعها، حتى بعد تصديها لغزو الأغراب " المجوس والفرنسيس"، وإصرارها على البقاء مِهاداً للحكايات العجيبة والأساطير، وعالماً فسيحاً مُقْــفرًا للإنسان. وعندما نتقصّى متْــن السرد، والصحراء حتى إلى وقت قريب سيقفز تأكيدًا أمامنا اسم الروائي الليبي إبراهيم الكوني بكمّ رواياته، وبثيماتها المنفتحة على فضاءات متفرّدة زماناً ومكاناً وأنماط علاقات، ورؤية ورؤيا.

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...