الأربعاء، 30 يناير 2013

الأستاذ تامّة التجاني يُكرّم

بشير خلف
       بدار الثقافة الجديدة بمدينة الوادي انتظمت احتفائية صباح يوم الأربعاء30 جانفي 2013 بادر بها الفرع النقابي للقطاع الثقافي بالوادي لتكريم الأستاذ القدير تامّة التجاني الذي بدأ مشواره في هذا القطاع منذ سنة 1990 ليتدرّج من مشرف على البحوث، فالأرشيف ثم رئيسِ مصلحة للنشاط الثقافي بدار الثقافي قبل أن يُعيّن أخيرا مدير للمكتبة الولائية من طرف معالي وزيرة الثقافة خلال زيارتها للولاية.
       الأستاذ تامة التجاني قامة ثقافية بامتياز، حيث اكتسب خبرة كبيرة في القطاع إضافة إلى المستوى الثقافي الجيّد..رجل متابع للمشهد الثقافي بالولاية، بل من صانعيه..يمتاز الأستاذ تامة بالمستوى المعرفي الراقي، والأخلاق الطيبة، والرزانة، وحُسْن العلاقة مع الجميع، والقدرة على تحريك وتفعيل أيّ نشاط ثقافي.
        في هذه الاحتفائية التي تصدّرها الأستاذ حسن مرموري مدير الثقافة بالولاية، وكل عمّال وعاملات القطاع بالولاية، وزملاء المُكرّم، وأصدقاؤه من مثقفين ومبدعين وفنانين، ورؤساء جمعيات ثقافية..
        الكلّ نوّه بخصال الأستاذ تامة التجاني، وثمّنوا مشواره في القطاع، وتمنّوا له النجاح في تسيير المكتبة الولائية التي تتبعها المكتبات البلدية حديثا، والتي في مجملها تشكّل معالم ثقافية تُشعّ على الولاية علمًا، ومعرفة..تهانينا للأستاذ التجاني تامّة.

الثلاثاء، 29 يناير 2013


الندوة الفكرية لرابطة الفكر والإبداع بالوادي
بقلم: شرادة الجيلاني
         اختتمت هذا اليوم الإثنين 28 جانفي فعاليات الندوة الفكرية التاسعة لرابطة الفكر والإبداع بالوادي والتي اختير لها عنوان : (الإنسان والعمارة)، وتاريخ : 26/27/28جانفي 2012، وعلى مدار الأيام الثلاثة المذكورة شهدت دار التفافة بمدينة الوادي حركية فكرية، وحوارا علميا رصينا ؛ اشرف على تأطيره نخبة من الأساتذة الجامعيين من جامعات جزائرية مختلفة ؛ نذكر منها جامعات : باتنة ، بسكرة ، عنابة، قسنطينة، غرداية ،تيارت، الجلفة، الوادي وغيرها.

      فاق عدد المساهمات 17 مداخلة تناولت علاقة الإنسان بالعمارة من الجانب الاجتماعي، والثقافي والاقتصادي، وعلاقة العمران بالمستوى الفكري والحضاري للإنسان؛ باعتباره جزءا أساسيا من هويته ونظرا لحيوية الموضوع فقد كان الحوار شيقا،


والتعقيبات مكثفة ولم يستطع الوقت المخصص للمداخلات احتواء النقاش الثري الذي كان يعقب كل مداخلة ، وقد كان لرئيس الرابطة - الأستاذ بشير خلف - الدور الأساسي في تفعيل حراك الندوة، وضبط مستلزماتها ماديا ومعنويا مع طاقم من الأساتذة المشرفين، والمنشطين للندوة كالأستاذ أحمد زغب والأستاذ نجيب بله باسي، وغيرهم ممّن كان لهم دور فاعل في إنجاح هذه الندوة العلمية .
01- حسن اختيار المادة العلمية المقدمة والعمل على تبسيطها مع استعمال وسائل الإيضاح - العلمية الحديثة - عند الضرورة .
02- الحرص على التحكم الجيد في عامل الزمن حسب المداخلات، وتعقيباتها.
03- تطعيم الندوة العلمية ببعض النفحات الشعرية ( لبعض شعراء المنطقة المعروفين) بين أغلب المداخلات في الجلسات العلمية الخمس.
03- لفتة تكريمية تضامنية لأحد شيوخ البناء العمراني التقليدي والمختص في بناء المآذن ... المعماري عبد القادر دودو الذي بنى 17 مئذنة.

          عموما فقد حققت الندوة المذكورة هدفها بحضور الجمهور النوعي المثقف والمتذوق لفن العمارة ؛ وكان يمكن أن تكون أفضل لو حضر كل المدعوين من المختصين( الإداريين) في التخطيط العمراني؛وكذا بعض المثقفين المحليين( شعراء و إعلاميين ) والذين نسعد بمشاركتهم في مثل هذه المناسبات.....

الخميس، 24 يناير 2013

ذكرى مولد محمد رسول الله (ص)

ذكرى مولد المصطفى
قال الشيخ العلاّمة البشير الإبراهيمي، قدّس الله سرّه وأعلى قدره: ''مولد محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، هو الحدّ الفاصل بين              مرحلتين للبشرية: حالة من الظّلام جلّلها قرونًا متطاولة،  وحالة من النّور كانت تترقّبها، وقد طلع فجرُها مع فجر هذا اليوم. فميلاد محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، كان إيذانًا من الله بنقل البشرية من الظّلمات إلى النّور، ومن الضّلال إلى الهداية، ومن الوثنية إلى التّوحيد، ومن العبودية إلى الحريّة، وبعبارة جامعة: ''من الشر الذي لا خير فيه إلى الخير الذي لا شرَّ معه''. وأضاف: ''مولد محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، هو مولد التّعاليم الّتي حرّرت العقل والفكر، وسمت بالرّوح إلى الملأ الأعلى، بعدما تَدَنّت بالمادية إلى الحيوانيّة، وبالشّهوات إلى البهيميّة، وبالمطامع إلى السّبعيّة الجارحة. ومولد محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، هو مولد الإسلام والقرآن، وذلك الفيض العميم من المعاني الّتي أصلحت الأرض، ووصلتها بالسّماء، وفتحت الطّريق إلى الجنّة''. (الأثار4/143142).
فليس السر، إذًا، في أنّ مولودًا ولد، على عظمته وجلاله، إنّما السر الذي يجب أن يتبيّنه العاقلون وينتبه له الغافلون هو معاني ودلالات هذا الميلاد، هو النّفع الذي حصل ويحصل ببعثته ورسالته، والذي لا يمكن أن يحصلّه إلاّ مَن آمن به واتّبعه واقتدى به ونصره. إنّ محبّة محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، والإيمان بمحمّد، صلّى الله عليه وسلّم، لا شكّ ولا ريب ينفعان صاحبهما المتّصف بهما، ولكن كمال هذه المحبّة وتمام هذا الإيمان وحقيقة هذا الانتفاع: الاقتداء به، والتّأسّي بسُنّته، واتباع هديه وطريقته، وهذه القضية، أي القدوة والأسوة، هي مفصل علاقتنا كمؤمنين برسولنا الأمين كما نطق بذلك القرآن المبين: {لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} الأحزاب .21 أمّا ما عدا ذلك ممّا نفعله ونقوله، فعوائد زوائد. والقدوة بعد ذلك أمرٌ جوهريٌّ في حياة الإنسان، ترسم طريقه وتحدّد وجهته وتبني شخصيته وتصبغ أقواله وأفعاله، ولا يستغني عنها بشرٌ بحال مهما علا قدره وسما مقامه، ولو استغنى عنها بشرٌ لاستغنى عنها سيّد الخلق وأكملهم، ومع ذلك، يرشده ربّه سبحانه فيقول له بعد ذكر أسماء ثمانية عشرة من الرّسل الكرام: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِين} الأنعام .90 وما ذلك إلاّ لأهمية القدوة في حياة النّاس، وملازمتها لكلّ إنسان، فلا يوجد شخصٌ بلا قدوة أبدًا، وهنا مكمن الخطر، إذ معنى هذا أنّ من أخطأ في اختيار قدوته، فقد أخطأ في اختيار سبيله، وقد تكون نهايته كارثة مأساوية! وخطورة القدوة تزداد في زمننا هذا الذي ارتفع فيه وُضعاء، وعلا فيه رُقعاء، وسما فيه سُقطاء! وكأنّ ابن الرومي يعنيه بقوله: زَمَنٌ عَلاَ قَدْرُ الوَضِيع به                         وغَدَا الشَّريف يحُطُّه شَرَفُه
كالبحر يَرْسُب فيه لُؤْلُؤْهُ                       سفْلاً وتطفو فوقه جِيَفُــه
وأصدق من قوله وأروع في تبيين حال هذا الزّمان، قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ''، رواه البخاري ومسلم. وهذا حال أكثـر مَن يُسمّيهم النّاس نجومًا، ويقدّرونهم ويهتمون لأمرهم، من لاعبين وفنانين وفنانات ومشاهير، والمصيبة أنّ الكثير من أبنائنا وبناتنا يقتدي بهم، بل صار حلم كثير منهم أن يلتقي أو تلتقي فلانة أو علاّنًا منهم، وغايته أو غايتها في الحياة أن يكون منهم أو مثلهم أو شبيهًا لهم، والعجيبة أنّ فضائح هؤلاء القوم تزكم الأنوف وتُقرف النّفوس، ولكنّ هالات التّمجيد الكاذب تجعل الحامض حلوًا والباطل حقًّا!! وهذا يوجب علينا دقّ نواقيس التّحذير، وتذكير مَن غفل وتنبيه مَن ذهل، بأنّ الله، عزّ وجلّ، لخطورة القدوة في حياة النّاس نصّ عليها نصًّا قاطعًا، وأقام لنا أسوة مثالاً ناصعًا، تتضاءل أمامه كلّ الهامات العالية، وتصغر قُدامه كلّ القمم السّامقة في حياة الإنسانية، لنقتدي به ونأتسي، ونعتز به ونفاخر: {لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} الأحزاب .21 فالاقتداء بالكُمَّل هو الذي يرتقي بنا في مدارج الكمال، سموًّا في أرواحنا، وسدادًا في آرائنا، وصوابًا في أقوالنا، وصلاحًا في أفعالنا، وإصلاحًا لحالنا
 ، وفي هذا قال إمام هذه الديار شيخ الإسلام ابن باديس، طيّب الله ذكره وأعظم أجره: ''الأنبياء والمرسلون أكمل النّوع الإنسانيّ، وهم المثل الأعلى في كماله، وقد كان أصل كمالهم بطهر أرواحهم وكمالها، فأقبل على روحك بالتّزكية والتّطهير، والتّرقية والتّكميل، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بالاقتداء بهم، والاهتداء بهديهم. وقد قال الله تعالى لنبيّنا عليه الصّلاة والسّلام: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِين} الأنعام .90 فاقرأ ما قصّه القرآن العظيم من أقوالهم وأعمالهم، وأحوالهم وسيرهم، وتفقّه فيه، وتمسّك به؛ تكن إن شاء الله تعالى من الكاملين''. (التفسير، ص165).           

     




الأربعاء، 23 يناير 2013

العلامة أبو القاسم محمد الحفناوي


العلامة أبو القاسم محمد الحفناوي
         لنا من العلماء المجدّين المجتهدين الذين جمعوا من العلوم الشرعية وشهد لهم بهذا التميز والتفوق الدّاني والقاصي، رغم المضايقات التي كانت تفرضها سلطات الاستعمار الفرنسية على أمثال هؤلاء العلماء، أضف إلى ذلك قلة الترويج لهم والتعريف بهم مثلما كان يحظى به إخوانهم من علماء المشرق العربي، ورغم هذا استطاع هؤلاء النوابغ أن يسطروا بأحرف من نور آثارهم لتنير سماء الجزائر العظيمة، ومن هؤلاء الرجال البحر العلامة الشيخ أبو القاسم الحفناوي، مفتي الدّيار الجزائرية على المذهب المالكي، وأحد أكبر علمائها الذي نقدمه اليوم في منبرنا ”أعلام وأقلام”.
         العلامة الشيخ أبو القاسم محمد الحفناوي، كثيرا ما يتردد اسمه في الدراسات، الأبحاث والكتب، كما نعرفه باسم كتابه الموسوم بــ«تعريف الخلف برجال السلف”، لكننا نجهل الكثير عن حياة عالمنا خارج الكتب كشخصية وطنية فذّة؛ ألف، درّس وأفتى، ولا يعرفه في عصرنا هذا إلا تلاميذه وتلاميذ تلاميذه، وهم من دلونا على هذه الشخصية الفذة وسجلوا لنا بعض ما سمعوه عنها، أو شاهدوه منها، ومن بينهم فضيلة الشيخ عبد الرحمن الجيلالي ـ رحمه الله ـ الذي تتلمذ على يد الشيخ محمد الحفناوي.
 - مـولده:
          الشيخ أبو القاسم محمد الحفناوي، هو ابن الشيخ بن أبي القاسم محمد الحفناوي ابن الشيخ بن أبي القاسم الملقب والمعروف بابن عروس الصغير بن محمد المبارك الديسي، ولد الشيخ أبو القاسم محمد الحفناوي في قرية الدّيس حوالي سنة 1266 و1850م في أسرة شريفة، علمية، فوالده كان من علماء عصره في اللغة والأدب، الفقه والتوحيد، النحو والصرف، المنطق والحساب، علوم البلاغة والعروض. فعندما بلغ سن التعلم، دخل الكتاب وحفظ القرآن الكريم عن الشيخ العلامة محمد بن عبد الرحمن الديسي، كما تتلمذ الشيخ أبو القاسم الحفناوي على يدي والده، وقد تميز شيخنا بسرعة الحفظ، وبعد أخذه مبادئ العلوم عن والده، استأذنه في طلب العلم خارج الديس، فأذن له.
 - رحلته في طلب العلم:
كانت بداية رحلته في طلب العلم إلى طولقة بنواحي بسكرة، حيث التحق بزاوية سيدي علي بن عمر، فأخذ فيها العلم عن ابن شيخ مؤسسها، وعن الشيخ مصطفى بن عبد القادر الشريعة والأدب، ومكث في طلب العلم بالزاوية أربع سنين، ومن زاوية طولقة انتقل إلى منطقة زواوة، حيث التحق بزاوية الشيخ السعيد بن أبي داود بآقبو، فقضى بها ثلاث سنوات، أخذ فيها علوم القرآن الكريم مع دراسة الفقه والفلك عن الشيخ محمد بن داود الزواوي.
بعد جولته العلمية التي استغرقت سبع سنوات، عاد إلى مسقط رأسه الديس، ومنها التحق بزاوية الهامل، ليتتلمذ عن شيخها ومؤسسها العلامة سيدي محمد بن القاسم الهاملي، ويمكث بالزاوية سنتين، يأخذ عن الشيخ التفسير بالحديث الشريف، وقد أجازه مشايخ الزوايا الذين أخذ عنهم العلم في كل من طولقة، زواوة والهامل إجازة التحصيل العلمي والإذن له في التعليم.
 بعد تحصيله العلمي الذي استغرق عشر سنوات، عاد الشيخ أبو القاسم محمد الحفناوي إلى مسقط رأسه بقرية الدّيس، حيث تفرغ للمطالعة والبحث، تحقيق المسائل وتصحيحها على والده وعلى الشيخ محمد الصدّيق الديسي. وإثر مكوثه بالديس، زارهم العلامة الإمام الشيخ محمد المكي بن عزوز، وهو ابن أخت الشيخ أبو القاسم محمد الحفناوي، وكان قد جاء لزيارة جده لأمه الشيخ بن عروس والد الشيخ الحفناوي، فانتهز الشيخ أبو القاسم الفرصة وتتلمذ على يدي ابن أخته آخذا عنه علم الربع والمجيب بأرجوزته، قرأها عليه وطلب منه ابن أخته أن يشرحها، فشرحها له، كما أخذ عنه علم العروض.
 - انتقال الشيخ أبو القاسم الحفناوي إلى الجزائر العاصمة:
         نظرا لشغف الشيخ أبو القاسم بالكتب، ارتأى أن ينتقل إلى الجزائر العاصمة لأخذ العلم عن علمائها والاطلاع على خزائنها، فحلّ بها سنة 1300و1883م، حيث تعرف على نخبة من علمائها، منهم الشيخ علي بن الحفاف المفتي المالكي والمدرس بالجامع الكبير، الشيخ القزادري والشيخ حسن بريهمات، فاقترحوا عليه أن يكون معلما في مدرسة الشيخ حسن بريهمات، فامتنع الشيخ الحفناوي عن ذلك وقال: ”إنما جئت طالبا للعلم لا معلما”، لكن الشيوخ ألحّوا عليه، فنزل عند اقتراحهم وتقلد منصب التدريس، ولم تطل به فترة التدريس بالمدرسة أكثر من خمسة أشهر حتى توفي الشيخ حسن بريهمات، فغاد الشيخ الجزائر العاصمة عائدا إلى مسقط رأسه الدّيس.
        لم يطل الشيخ أبو القاسم الحفناوي المكوث ببلدته حتى أستدعي رسميا من الولاية العامة بالعاصمة إلى الالتحاق بمركز الإدارة بالجزائر، فلما عاد إلى العاصمة سنة 1301و1884م، قدّم للتحرير بجريدة المبشر الرسمية في مكان الشيخ المرحوم أحمد البديوي، التحق الشيخ بالجريدة ورأى أنّه من الضروري تعلم اللغة الفرنسية، فكان شيخه فيها كما يقول هو العالم المستشرق ”أرنو” رئيس المترجمين بالإدارة، وبقي الشيخ الحفناوي بجريدة ”المبشر” ملازما المستشرق ” أرنو” مدة اثنى عشر عاما، وساعده الشيخ الحفناوي عند ترجمته فصل ”فن التصرف” من كتاب ”سعود المطالع” لعبد الهادي نجا الأبياري على شرح النصوص الصوفية، وقد نشر البحث باللغتين العربية والفرنسية في الجزائر سنة 1889م .
       الشيخ أبو القاسم محمد الحفناوي كان مولعا باختراعات العصر وآلاته، ويروي عنه تلميذه الشيخ عبد الرحمن الجيلالي: ”أنّه أول من امتلك من المسلمين بالعاصمة آلة ”الفونوغراف” الحاكي، وكان شغوفا لمعرفة مستجدات الأشياء والمخترعات كشغفه بالفن والرسم والتصوير.
 - تــــقـلده منصب الإفتاء:
       تقلد الشيخ الحفناوي منصب التدريس بالجامع الكبير في العاصمة، بالإضافة إلى عمله الإداري، حيث درّس بالجامع علوم الشريعة والأدب، فقرأ الفقه، المنطق، الفلك والحساب، ويقول الشيخ عبد الرحمن الجيلالي: ”وأخذنا كل ذلك عنه”، وعندما توفي المفتي المالكي الشيخ محمد أرزقي بن ناصر، وقع الإجماع على تعيينه ليتولى الإفتاء سنة 1343 و1925م، وقد أرسلت إليه التهاني من الجزائر وخارجها، ومنها تهنئة وردت على صحيفة النجاح من القاهرة، نشرتها في عددها الصادر يوم الجمعة 10جويلية 1925م، والتهنئة أرسل بها الشيخ الحسين بن أحمد البوزيدي، أحد علماء الأزهر، في قصيدة يقول في مطلعها:
«إن بالغ النّاس في الإطراء أو خطبوا..... فما يفي بعلاك المدح والخطب”
 - لقاؤه بالشيخ الإمام محمد عبده
        يروي الشيخ أبو القاسم محمد الحفناوي لقاءه بالشيخ محمد عبده لتلميذه الشيخ عبد الرحمن الجيلالي، عندما سأله عن اللقاء به، فأخبره فيما اختصرناه، أنّ الشيخ الحفناوي كان عائدا إلى أرض الوطن من مهمة بفرنسا على متن سفينة، صادف وهو على ظهر الباخرة شيخا وقورا تلوح عليه أنوار المعرفة في مظهر شرقي، منفردا بنفسه في ناحية من الباخرة، فقلت في نفسي؛ هذا رجل مشرقي غريب يقصد الجزائر، فلا بدّ لي أن أقوم بحق الضيافة .. فتقدمت نحوه وسلمت عليه فردّ السلام، فعلمت أنه مسلم، وتحادثت معه في شتى المواضع حديثا عاما، إلى أن خضنا في نشأة الكون العجيب وما اشتمل عليه من معجزات، وفي أثناء الحديث، سقت الآية الكريمة ”أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما”، وسألت صاحبي عن فهمه لهذه الآية الشريفة، فاندفع يتكلم عنها من نواح شتى .. إلى أن رأيته وضع كفه على أختها فضمّهما إلى بعضهما، ثم قال: كانتا هكذا، فصارتا هكذا، فقلت في نفسي؛ لعله محمد عبده، وقد كنا قرأنا في الجرائد أن الأستاذ الإمام هو عازم على زيارة الجزائر وتونس في هذا الصيف من 1903م، فقلت له: ألستم فلان؟ فقال نعم، فحصل التعارف بيننا على مائدة القرآن، وحينما اقتربنا من الساحل وحان النزول من الباخرة، اتفقنا وتواصينا على كتم هذا اللقاء وهذا التعارف الحاصل بيننا، نظرا إلى ما كان يحوم حول الشيخ من الدسائس السياسية التي آثارها خصومه بمناسبة زيارته هذه إلى المغرب العربي، فافترقا في الميناء وكل واحد منهما نكر من النكرات.. ثم كان اجتماعهما ولقاؤهما بعد ذلك في المدينة.
         من آثاره، كتابه ”تعرف الخلف برجال السلف” و«المستطاب في أقسام الخطاب”، وغيرها من مطبوع ومخطوط.
عاد الشيخ الحفناوي إلى بلدته الديس بعد أن أبتلي بداء ”الفالج” الشلل، واشتد عليه إلى أن توفاه الله بها يوم الجمعة 21 ذي الحجة 1360 و1942م.
         الجزائر غنية بالعلماء والأعلام الذين نستغني بهم عما يرد علينا، ولو استثمرنا سير هؤلاء الرجال، لكنا في غنى عن المسلسلات التي تأتينا من المشرق.


العمارة جزء من التاريخ والهوية

          بلغت شهرة القصبة الآفاق، كونها قطعة من فسيفساء العمارة الإسلامية وحاضنة تراث ثقافي عريق لا يزال يثير الباحثين، وفي هذا السياق فتح المهندس البروفيسور بلفعة عموري أبواب القصبة لاستكشاف البعض من معالمها.
استضاف مركز الفنون والثقافة  بحصن 23 أمسية أول أمس، المهندس البروفيسور بلفعة عموري، الذي خصص محاضرته لأهم صرح في مدينة الجزائر وهو القصبة، وذلك بمبادرة من محبي القصبة (وآثار الجزائر عموما)، كيف لا والقصبة مثال لعلاقة الإنسان بالعمران، فغالبا ما ينجز الإنسان بناءه ليضع فيه بصمته ورؤيته وخصوصيته الاجتماعية والحضارية، وهذا ما كان قد أكده العلامة ابن خلدون في علم العمران البشري، والقصبة مدهشة في بنائها وجميلة في منظرها وموقعها.

           في كلمته الترحيبية، أشار الأستاذ عزيوز التواتي (وهو من عشاق القصبة وأحد المناضلين من أجل استعادة مكانتها)، إلى أهمية هذا التراث الوطني الذي يمثل هوية الجزائر،ليس فقط بالمعمار، بل أيضا بالثقافة والتراث. واستعرض المتحدث أهمية القصبة عبر العصور وكيف أن أشهر العلماء والرحالة حتى من خارج العالم الإسلامي (أوروبا) كتبوا عنها، مؤكدين أنها من روائع الزمان وقطعة من الجنة، علما أن الكثير مما كتب وثّقه الراحل مصطفى لشرف في كتبه.
         وحضر الجلسة الشاعر الشاب ياسين بوشارب، الذي عبر عن ولعه بالقصبة شعرا ليقرأ “دار العز” التي يقول مطلعها:
”دارنا يا دار العز والفراح
لامّة أحباب وناس ملاح”
وقرأ أيضا “ما تحقق حلمي ما بان” وجاء فيها:
”حبيت نجدد الحطان تولي كيف زمان
رشات حيوطها الأيام”
         استهل البروفيسور بلفعة محاضرته التي جلبت إليها جمهورا غفيرا لم تتسع له القاعة، وبهدوء لا مثيل له  مزج التاريخ والتراث والعمارة، وقسم محاضرته الى قسمين الأول تناول فيه “البيت ذي الفناء” من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب الإسلامي وجعل القسم الثاني من المحاضرة مثالا لدويرة القصبة.

        استعرض المحاضر بداية بعض أفكار العالم الفيلسوف الألماني، مارتن هيدغر، متوقفا عند كتابه “بناء، سكن فكر”، مع الاشارة إلى أن كلمة “بون” بالألمانية تعني البناء، كما أن البناء يعني السكن والسكن يعني الإيمان، أي مجموعة من المعتقدات  أو الاديان أو غيرها، ويقابلها عند المسلمين الآية الكريمة “أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم”، والآية تحمل قيما علمية هندسية وتحمل قميا وعبرا دينية وأخلاقية.
السكن في اللغة - حسب المحاضر - له حضوره القوي سواء في العربية أو غيرها، علما أن الكلمات بدأت تفقد معانيها مع الزمن ولم تعد تحمل ذات الدلالات، فمثلا السكن كان يحمل معنى الزواج والمبيت والضيافة، أما اليوم فهو الإيواء فقط.
         تحدث المحاضر عن أول بيت وهو الكعبة المشرفة، إذ يقول الله عنها “إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة”، والكعبة تحمل عدة معان في لسان العرب فهي المربع والعلو والحرم. واستحضر البروفيسور بولفعة مخطوطا بعنوان “الإعلام وأعلام بيت الله الحرام” الذي كتب في القرن 15 م ويتحدث عن الكعبة وهو موجود الآن بالمكتبة الوطنية.
         الكعبة في البداية كانت من غير سقف وأرجع المحاضر ذلك الى كون الاتجاه من أسفل الى أعلى مقدس (مقام العبودية) يربط العبد الساجد بالله، وهذا الاتجاه لا يدخل منه الشيطان عكس اليمن أو اليسار أو الأمام أو الخلف. والبيت في اللغة يعني اللصق دلالة على العمران.
         غاص المحاضر في الموروث الإسلامي متوقفا عند بعض أعلامه كمحي الدين بن عربي وكيف أسقطت مآثره على العمارة الإسلامية (معرفة الله من خلال مخلوقاته).
        وأكد المحاضر على أن القضية امتداد لهذا التراث ابتداء من بيوتها ذات الفناءات وعماراتها التي لم تخضع يوما للصدفة، فهي راقية في تقنيات البناء واقتناء الأساليب الجمالية والفنية، ناهيك عن حضور الرخام (الزلايج)، كما تفوح من عمارة القصبة روح الصوفية وتعاليمها، وهي تظهر أيضا في قبور الأولياء والبايات، فمثلا القبر يشبه الكعبة في شكله، قاعدته بيضاء رخامية توحي بيوم الحشر.
     من يدخل الدويرة يدخل إلى التاريخ الذي سجلته جدارنها، وكيف أن هذا التاريخ والجماليات يجعلان من البيت متحركا وحيا ومفتوحا بفنائه على الغير، خاصة من الجهة العلوية (الفناء بدون سقف).
          للتذكير، المحاضر أستاذ جامعي، وقد أصدر كتابا هاما عن القصبة بعنوان”الجزائر وما حولها” (عن دار داليمان) يعتبر من أهم المراجع العلمية التي تتناول تاريخ وحاضر القصبة.



مستغانمي تتنافس على جائزة الشيخ زايد للكتاب
          ورد اسم الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي ضمن القائمة الطويلة للأعمال الإبداعية المنافسة لنيل جائزة الشيخ زايد للكتاب، من خلال روايتها الأخيرة ”الأسود يليق بك”، وتضم القائمة 14 عملا إبداعيا في مجالي الشعر والرواية لمبدعين ومبدعات من الإمارات، مصر، العراق، المغرب، الأردن، لبنان، تونس والكويت.
        ستخضع الأعمال المرشّحة في هذه القائمة لتقييم لجان التحكيم التي شكلتها إدارة الجائزة، وتضم نخبة من المتخصّصين في الشعر والرواية لاختيار الأعمال المرشّحة في القائمة القصيرة المنتظر إعلانها شهر فيفري المقبل.
       وتتناول رواية ”الأسود يليق بك” قصة تمزج بين الخيال والواقع، بطلتها فنانة جزائرية من الأوراس، كان والدها مطربا قُتل على يد الإرهابييّن، الذين قتلوا أخاها أيضًا كما هددوها لأنها مغّنية، حيث غادرت الجزائر مع والدتها السوريّة إلى الشام، وعاشت حياتها كفنانة، لكنها ظلت ترتدي الأسود ولا ترضى بتبديله.
        أما بطل الرواية فهو شاب لبناني غنيّ جدًا، أحبّ فيها شموخها وعزّتها وأصالتها، عيّشها أساطير الحبّ التي تحلم بها الفتيات، كان كفارس اصطحبها في رحلة عبر ألف ليلة وليلة، وكفارس أيضًا حاول ترويضها لكنه عجز عن السيطرة عليها تمامًا بأمواله، فشعر بالعجز أمامها ولم يسامحها على ذلك.
          وقد تلقت هذه الرواية كغيرها من أعمال الروائية الجزائرية، عروضا لتحويلها إلى فيلم سينمائي، لتأتي هذه الرواية المعنونة بـ’’الأسود يليق بك’’ في قائمة الكتابات التي تميزت بها ملكة الرواية العربية، والتي حظيت بإقبال كبير جعلها تصنف ضمن الروايات الأكثر مبيعا في العالم العربي.
        ودخلت رواية ”الأسود يليق بك” ضمن القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب لفرع الآداب في دورتها السابعة 2012–2013، والى جانبها، وفي مجال الرواية، ضمت القائمة رواية ”فرّت من قسورة” للروائي الإماراتي علي أبو الريش، رواية ”مشرحة بغداد” للروائي العراقي المقيم في ألمانيا برهان شاوي، ورواية ”وسريرهما أخضر” للروائي المصري الراحل محمد البساطي، وجاءت ثلاثة أعمال مغربية مثلتها رواية ”ابن الخطيب في روضة طه” للروائي عبد الإله بن عرفة، رواية ”عزوزة” للزهرة رميج، وأيضا رواية ”عناق” للكاتبة لطيفة لبصير.
           وفي مجال الشعر ضمت القائمة ديوان ”ينام على الشجر الأخضر الطير” للشاعر محمد علي شمس الدين (لبنان)، ديوان ”التطريز بالكرز” للشاعر العراقي المقيم ببريطانيا هاشم شفيق، ديوان ”الرحيل إلى منبع النهر” للشاعر المصري فاروق شوشة، وديوان ”على خيط نور.. هنا بين ليلين” للشاعر الأردني إبراهيم نصر الله، كما ضمت أيضا ”ديوان الوهايبي” للشاعر التونسي منصف الوهايبي، ديوان ”غيم على العالوك” للشاعر الأردني الراحل حبيب الزيودي، وديوان ”كم نحن وحيدتان.. يا سوزان” للشاعرة الكويتية سعدية مفرح.
          وستختتم أعمال الدورة السابعة للجائزة بإعلان أسماء الفائزين في شهر مارس المقبل، ويشمل فرع الآداب ”المؤلَّفات الإبداعية في مجالات الشِّعر، والمسرح، والرواية، والقصَّة القصيرة، والسيرة الذاتية، وأدب الرحلات، وغيرها من الفنون”.

                  هكــذا تحتفــل الجزائر بخير البرية
          تختلف الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف من قطر لآخر عبر الوطن العربي، ومن ولاية لأخرى في الوطن الحبيب الجزائر.
             إلا أنها تجتمع في جوهر واحد، وهو الاحتفال بمولد خير البرية، حامل لواء الحمد، يوم القيامة شفيعنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال ”الإكثار من الصلاة والسلام عليه، قراءة القرآن الكريم، المديح الديني، إطعام المساكين والفقراء،ومحاولة الاقتداء بصفاته التي مدحها الله عز وجل، والتي قال فيها نبينا؛ ”أدبني ربي فأحسن تأديبي”.إلاّ أن الكثير من الاحتفالات حادت عن مبادئ الدين الحنيف، فتحوّلت إلى عادات وتقاليد لا علاقة لها بمكانة خير البشرية، ومن هذه العادات والممارسات ما صار يشكل خطرا وخاصة على الصغار كل سنة، ويدفع ببعضهم إلى المستشفيات، ومنهم ما تلحقه الإعاقة طول حياته.

الثلاثاء، 22 يناير 2013

مجلة اتحاد الكتاب الجزائريين في عددها الثالث


مجلة ''الكاتب'' في عددها الثالث
فسحة أدبية تقتفي خطى المواهب المبدعة
     اتسم العدد الثالث من مجلة اتّحاد الكتاب »الكاتب« بطرح موضوعات أدبية دسمة بأقلام واعدة، كما تميز بإعطاء مكانة خاصة لأدب الطفل وقد تجلى هذا من خلال الدراسة التي تطرقت إلى موضوع أدب الطفل في سورية ،كما حملت المجلة  باقة متنوعة من المواضيع  في شتى مجالات الفكر والإبداع.
   وأكد صاحب افتتاحية المجلة في عددها الثالث عمر بوشموخة  أن الحاجة إلى مجلة أدبية تلم شمل الأدباء، وتلتئم، على صفحاتها أفكار ونصوص الإبداع تنبع من ضرورة إعادة الاعتبار للكلمة والحرف و النص الشعري، والمتن الروائي، والمقالة الأدبية والنقدية ولكل القيم الفنية والجمالية التي ينشدها حامل القلم من شرف واستحقاق، إيمانا بأن الدعوة إلى رد الاعتبار للنص الأدبي الجزائري يصب في هدف محدد يتعلق بضرورة الاعتراف لا بالدور الثوري والريادي الذي قام به الكاتب، والمثقف، مشيرا إلى أن المقصود بالحاجة إلى المجلة الأدبية هو محاولة إيجاد مجلة ورقية تعبر عن روح الأدب، وتعيد القطار إلى سكته الصحيحة، بالمعنى الذي يجعل من هذه المجلة لا تكتفي بنشر قصيدة جميلة، أو قصة رائعة، أو مقالة أدبية مؤثرة فقط، ولكن بالمعنى الذي يجعل منها تصنع الشاعر ويتخرج منها القاص، مستدلا بالدور الذي لعبته العديد من المجلات في صنع الأدباء والمبدعين،و اكتشاف المواهب، على غرار مجلة آمال والجزائرية، الآداب البيروتية،والفكر التونسية.
        هذا وقد دفع وضع الثقافة العربية وما تتعرض له من هدم وتشويش، الدكتور عمر بوشموخه، لتخصيص دراسته حول موضوع الغناء والموسيقى في مواكبة الثورات العربية.
         وقد تصدر العدد الثاني من مجلة الكاتب الذي جاء في 192 صفحة من خلال الدراسات، أحد المحاور الأساسية التي مازالت تشغل الكاتب والدارس الجزائري على السواء بالنسبة لكتابة الرواية، حيث جاءت الدراسة تحت عنوان "دلالة الشخصيات في رواية المملكة الرابعة للازهر عطية " بقلم  الدكتور عبد الحق منصور بوناب.
         أما من باب الشعر فقد فتح العدد نافذة على المبدعين، حيث اقترح على القراء مجموعة من القصائد الصادرة باللغتين العربية والفرنسية  مثل قصيدة" سلاما أيتها الثورة" لأحمد عنتر مصطفى من مصر، وعن أوقات الطفولة يكتب حسن خراط  قصيدته "مراعي الطفولة"، وعن السلام كتب  عبد القادر زنين بالفرنسية قصيدته المعنونة بـ"من أجل السلام"، وإلى جانب هذا حملت المجلة في شقها الإبداعي دائما مجموعة من القصص القصيرة، على غرار قصة"الرأس والمرآة" للأردني جعفر العقيلي، "أرض الحب" لزهرة أنيس، "وضاعت في الطريق" للكاتب اليمين أمير، و في صفحتين يحملنا عيساني محمد الطاهر  إلى اكتشاف  أحداث  قصتهالملامح المبهمة.
          أما في قسم الحوارات، فقد خص العدد الثالث  وفي حديث طويل ، للشاعر محمد بن رقطان الذي اعتبر أن فترة السبعينات تمثل قمة الازدهار الثقافي، وتحدث الشاعر عن الظروف والأوضاع التي نشأ ودرس فيها، ودور زاوية الشيخ الحفناوي بديار في التربية والتعليم، ليواصل حديثه عن سيرته النضالية،ثم عن السيرة التربوية انطلاقا من تجربته في ميدان التعليم ليختتم حديثه بالتطرق إلى مسيرته الأدبية بداياته، مواقفه من تجربة القصيدة الحرة في الجزائر، ومن قصيدة النثر رأيه حول الكتابات الشعرية الجديدة، وحول أفاق الثقافة في الجزائر.
        وتختتم المجلة صفحاتها  بالتفاتها نحو فنان روسيكادا أحد أهم مبدعي فن المنمنمات، أحمد بخليلي المولود بعد الاستقلال بسكيكدة، وهو أحد طلبة الفنون الجميلة بقسنطينة والجزائر، حيث اختارت ان يزين غلاف العدد الجديد  بلوحة من لوحات الفنان التي ترمز لأصالة المرأة الجزائرية وتحمل صورة لإمرة بزيها التقليدي الذي يرمز لمنطقة القبائل.


السبت، 19 يناير 2013

الوادي ..سحْر الجنوب، ودفْء الصحراء


            الوادي..مدينة الألف قبّ وقبّة
           سحْر الجنوب ودفْء الصحراء
            للتعريف أكثر بالوادي سيّما في المجال الثقافي الذي يشهد حركية كبيرة في كل مكوّنات المشهد الثقافي أصدرت دار الثقافة بالوادي كتيبا جميلا جدا شكلا ومضمونا في 110 صفحة من الحجم المتوسط،157 صورة كوثيقة بالنص والصورة يعرف بالولاية من حيث منطقة سوف كحركة لا تهدأ من النشاط منذ القديم، نظرا للموقع، والخصائص الطبيعية، وحركية الإنسان في المنطقة عبر العصور، وأصل التسمية.
        إن القارئ لهذا الكتيب ـ التحفة الفنية ـ ستستقبله كلمة الأستاذ محمد حمدي مدير دار الثقافة في البداية التي عنونها( الوادي حركة من النشاط):
« تعيش الجزائر حركة ثقافية كبيرة ومميّزة تجذّرت منذ عودة الجزائر إلى الساحة الدولية بكل ثقلها،فأصبحت تستقطب معظم التظاهرات الدولية الكبرى، فهي حينًا عاصمة الثقافة العربية، وأخرى عاصمة للثقافة الإفريقية، وحينا آخر عاصمة للثقافة الإسلامية...
        وهذا ما أعطى زخمًا للثقافة المحلية للظهور والبروز، حيث تعيش كل ولايات الوطن على وقْع التبادلات الثقافية التي تُعدّ بحقٍّ أحد المتنفسات لتنشيط الحركة الثقافية والأدبية والفنية، والفكرية للمنطقة، فتنشط حركة دائمة لمختلف الفعاليات تحاول إبراز مكنوناتها الحضارية، والثقافية من عادات، وتقاليد، وموروث ثقافي...»
        إن هذا الكتاب بقدّر ما هو وثيقة تاريخية مدعّمة بالصور للمنطقة فإنه وثيقة سياحية تعرف بالمنطقة من حيث مكوناتها، وموروثها الثقافي : المسكن السوفي، اللباس التقليدي، الغوط، الأعياد والاحتفالات، ،الألعاب الشعبية، الطبخ،البيت، الفلكلور، الحركة الثقافية، أعلام المنطقة القدماء والمعاصرين، الفن التشكيلي، قصبة حي الأعشاش، الزاوية التجانية قصر تمرنة العتيق، جامع سيدي المسعود العتيق.. التجارة، الصناعة،التنمية الفلاحية.
       كتيب مهمٌّ لكل من يبتغي التعرّف على ولاية الوادي..الصورة تتكلم أكثر من الحرف 157 صورة..تقنية تتماشى مع عصرنا الذي تصدرت فيه الصورة المعرفة، والاتصال والتواصل.

حديث الدّمع 
شعر: سليمة ماضوي

لا جفَّ دمعِي الذي في طَرفِهِ لهبُ
و لا شفى حرقةً في صمتِها العتبُ 

فهلْ تُراها بطولِ العمْرِ تَذكرنِـي
و هل تُراني بمدّ الليلِ أرتقـبُ

ما لي بذكرى خَلا من دربِها أملي
و لم يزلْ طيفُها يهـفو و يقتربُ


أوقفتُ ركبي و بالأعماقِ أسئلـةُ
لاحتْ بأعناقها كمْ طــالهَا تعبُ

هل ما أزالُ بخفقِ القلبِ أكتبـُها
و العمرُ من زمنِي تغتالُه الحقـبُ

تعتّقُ العقمُ بالأحشاءِ من ألمـي
و أوْرَقَ الحلمُ وهمًا صمتُه لهــبُ


هممْتُ باللّيل أتلو فيه بوح دمي
إذْ عانقتــْه ذنوبٌ باتَ يرْتَهـبُ

تطوفُ بي توبةُ تمتدُ في لغــتي
حروفُـــها دمعةٌ أقلامُـها سُحـبُ

غريقةٌ بيـن آه المدِّ يجرفنـي
و مَا أنا مَنْ ببطنِ الحوتِ يحتجِبُ


و لستُ أيوبَ أفنَى الصّبرَ عتّقَـه
و لا أنا يوسفُ انشقَتْ له الحُجُبُ

و ما ادعيتُ نبوءاتٍ و لا حلمًـا
لمّا تمزقـــتِ الأوراقُ و الكتـبُ

لكنَ حرفي لربّي ظلّ مُعتصــــمًا
و كنتُ أعرفـــهُ بالشّعرِ يُنْتهَبُ


كفرتُ بالشّعر لمّا خانَ قافيتـي
و الكُفْرُ خوفٌ إذا ما طالهُ الغضَبُ

ارجعْ لربّك يا دمْعي وخذْ وجعي
و اسلك معي سيرةَ الزّهادِ إذْ نُكِبُوا

واقرأْ على هامتي ما تَاهَ مِنْ زمني
يَسَاقَطُ الطهرُ في أوصاله الرُطَبُ

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...