الأحد، 29 أبريل 2018

جيل Cocotte-minute


جيل Cocotte-minute
بقلم: بشير خلف
         ممّا أتذكّره أنّ مجلّة آمال التي كانت تصدرها وزارة الثقافة في السبعينات، وهي المجلّة الشهرية المُخصّصة لأدب الشباب، كانت تُسنِدُ تقييم العدد بعد صدوره لأحد القامات الأدبية، هذا في السّرد، وهذا في الشعر، وذاك لتقييم الدراسات الأدبية. كما أنّ مجلّة " الرؤيا" التي أصدرها اتحاد الكُتّاب الجزائريين درجت على هذا.
     على سبيل المثال في السّرد، كان المرحوم الطاهر وطّار، وكان المرحوم الدكتور أبو العيد دودو، وغيرهما، كما كان في النقد المرحوم الدكتور محمد مصايف، عميد النقد عهد ذاك بدون منازع، كما كان للشعر فرسانه.
      أتذكّر أن المرحوم الطاهر وطار رحمه الله، في تقييمه لقصص عددٍ من أعداد مجلة " آمال" اطّلع على قصة لي بعنوان( القرص الأحمر)، وجّه إلى القصة نقدا قاسيا، لا هوادة فيه، القصة بها سوء توظيف للغة، موضوعها ميكانيكي، وهميّ، علامات الوقف كثيرة، وفي غير محلّها من الجمل، الخ... ما انزعجتُ قط ؛ بل تداركت، وصرت حريصا على تفادي تلك الأخطاء، وربّما يعلم الكثير أني صرتُ صديقا للمرحوم الطاهر وطّار، وكنت من الأوائل عضوا في " الجاحظية" سنة 1990، وسلّمني رحمه الله أوّل بطاقة عضوية في هذه الجمعية الوطنية. كما حضر تكريمي، رفقة الدكتور أحمد حمدي في فاتح مارس 2001 بمدينة الوادي.
      كان الساهرون على هذه المجلّة من مشرفين كرئيس تحريرها الأستاذ سقّاي عبد الحميد، وكذا من كُتّاب، ونقّاد، ومبدعين، لهم مكانة رمزية وثقافية يتعاملون بجدية، وإبداعية، وصرامة مع الكتابات الشابة. وكان معنى النشر في مجلة " آمال"، أو حتى في مجلة " الثقافة" التابعة لوزارة الثقافة؛ أنك صرت كاتبا في المجال الذي تخصصت فيه، وأنك جديرٌ لمواصلة مغامرة الكتابة، وأنك جدير بالاعتراف بك “كاتبا” صار له حضور وتميز. ويُستدعى للمشاركة في الندوات واللقاءات.
     من هذه المغامرة في الكتابة في مجلة" آمال"، ومجلة " الثقافة"، والملاحق الثقافية في يومية " الشعب"، وأسبوعية " المجاهد" أن أُمْنح عضوية اتحاد الكُتّاب الجزائريين في شهر ماي 1973. وأنا القابع في أقاصي الصحراء، ومن ساكني الجزائر العميقة.
      ذاك الجيل هو الذي أسّس للأدب الجزائري الحديث، والمعاصر..
        منذ أيام أرسلت إليّ أحدهم نصوصًا قصصية، طلب مني تقييمها، فكان ما أراد؛ تقييمي بطبيعة الحال كان" نقْـــــدًا" ثمّن ما هو إيجابيٌّ، وأرشد إلى تفادي ما هو سلبي، ــ وباعترافه أنّ هذه هي نصوصه الأولى في فضاء السّرد ــ  بمجرّد ما اطّلع على تقييمي حذفني من حسابها.

الخميس، 26 أبريل 2018

" زينزيبار" نصٌّ روائي وُلد كبيرا.

" زينزيبار" نصٌّ روائي وُلد كبيرا.
بقلم: بشير خلف
       وصلتني للتوّ رواية " زينزيبار..عاصفة البيادق" من الصديق البهي الروائي، الكاتب ضيف الله عبد القادر، أصيل مدينة " عين الصفراء "، وجهٌ بارزٌ من وجوهها الثقافية، وقامةٌ أدبية كبيرة. الرواية صدرت له في بداية هذه السنة 2018 بالقاهرة، عن الدار للنشر والتوزيع.
    أقام لها الكاتب رفقة مثقفي عين الصفراء منذ أيام احتفائية مميّزة، ولعلّ ما يُحسد عليه مثقفو هذه المدينة التفافهم حول بعضهم، وتثمينهم لكل فعْلٍ ثقافي بالمدينة، وتفاعلهم، وتتبعهم للمشهد الثقافي المحلي، والوطني، والدولي، وما تكوينهم " للمقهى الأدبي" بالمدينة إلّا برهانٌ على ما نقول.
      الرواية من الحجم الكبير عدد صفحاتها 498 صفحة، هي النصّ الروائي الثاني للكاتب ضيف الله بعد روايته الأولى" تنزروفت.. بحثًا عن الظل" التي صدرت عن دار القدس العربية للنشر والتوزيع  بالجزائر، سنة 2013، بعد تمرّسه في إبداع القصة القصيرة، وإصداره لمجموعات منها.
      الرواية الجديدة من خلال عتبة الغلاف يكتشف القارئ الحصيف، دقيقُ الملاحظة أن مضمونها مشاكسٌ، يتغلغل ضمن مفاصل السياسة، ومركباتها الملغمة، وتصفية الحسابات ،والولوج في الراهن العربي المأساوي، حيث انتهج الروائي السرد البوليسي الصادم، والمشوق من جهة، وتوظيف اللغة بحنكة واقتدار، كما المتخيّل السردي.
       انطباعي هذا سريعٌ لأني تمتّعت بقراءة: 1، 2،3 من النص 20 صفحة، وسأكون أكثر متعة، وإلمامًا عقب قراءتي للنص كله..
      إنّ منجزا روائيا كهذا لو كان صاحبه يتموقع في المركز، وله علاقات مع مراكز القوى في الإعلام لهلّلت له المنابر، ولاستُضيف في أكثر من منبر. أصيل الجنوب، أصيل الهامش؛ حتى لو كان قامة فكرية، أيقونة أدبية سامقة ينطبق القول عليه عندنا في هذا البلد " مطرب الحي لا يُطرب"، سابقا كان يُقال :" ظلمت الجغرافية"، في عصرنا هذا تجاوزناها، لنا الحقّ أن نقول : " الظلم من بني جلدتنا"
      في تقديري الشخصي، نصٌّ كهذا لو كان في الضفّة الأخرى، أو فيما وراء المحيط الأطلسي لسارعوا إلى تحويله إلى فيلم.

       أبارك لصديقي عبد القادر هذا النصّ الروائي المميّز، المشحون بقضايا الإنسان، وهمومه، ومآسيه، وخاصة مآسي الإنسان العربي في طل الانهيارات الكبرى لطموحاته، وأحلامه .

الثلاثاء، 24 أبريل 2018

..وما أدراك ما الإعلام الثقافي


     ..وما أدراك ما الإعلام الثقافي
بقلم: بشير خلف
       عندما بدأت الكتابة والتفكير في النشر في بدايات السبعينيات كنت أكتشف بالتدريج، وأنا القصي في الجنوب الصحراوي الشرقي المنابر الثقافية الموجودة كمجلة المجاهد الأسبوعي، يومية الشعب، يومية النصر، مجلّة آمال، مجلة الثقافة، اتحاد الكتاب الجزائريين، قاعة الموقار، قاعة المحاضرات بالنفق الجامعي، مقهى اللوتس.
 كما بدأت تتبلور عندي فكرة جيدة عن الساحة الثقافية، وأطيافها، وحساسياتها والمنخرطين فيها. إن هذه المعرفة ضرورية وأساسية لأيّ كاتب قبل أن ينخرط في عملية الكتابة حيث يكون ملزما بأن يبدأ قارئا، ومتتبعا جيدا للساحة الثقافية، ينصت بعمق وهدوء إلى ما يمور في الساحة الثقافية ، وكأنه بذلك يتلمس موقعه ضمن خارطة الكتابة ما دام يعمل جاهدا على تجويد كتاباته في ضوء المتوفر والكائن. ومن خلال تلك المتابعة المتأنية كنت ألاحظ أن اقتحام هذه الساحة والدخول إليها ليس بالسهل.
       ما ساعدني على الاكتشاف المعرفي، والثقافي، والأخذ بيدي إلى ولوج عالم القراءة والكتابة حينذاك، ثم بداية الإبداع القصصي، والقدوم إلى العاصمة، وحضور النشاطات الثقافية، والتعرّف على الأدباء الجزائريين، والمشارقة؛ وأنا البعيد عن" المركز" هو الإعلام الثقافي في وسائل الإعلام المتواجدة حينذاك.

الثلاثاء، 3 أبريل 2018

المثقف أبشعُ من شيطان في أحايينَ..!


     المثقف أبشعُ من شيطان في أحايينَ..!
بقلم: بشير خلف
      لئن وُجد، ويوجد من بين ساستنا: موالاة ومعارضة منْ لم ينفطم عن حليب" فافا"، فإن هذا ما صرنا نستغربه؛ إنما ما نستغربه من أن ينبري عديدُ الكُتّاب والمثقفين عندنا  يذكّروننا بريادة كُتّاب، ومفكرين فرنسيين أناروا درْب البشرية، وخلّدوا أسماءهم دفاعًا عن حرية الإنسان، نقول لهم هؤلاء قلّة؛ والأغلبية كانت سندا لاحتلال الجزائر، وإفناء شعبها.
      وهذا أحدهم، المفكر الفرنسي الشهير أليكسي دو طوكفييل أكثرهم شراسة في الأمر، فحينما وصل إلى الجزائر سنة م1841 ،كتب دون لفٍّ، ولا دوران:
 « لقد سمعت أحيانا في فرنسا أناسا أحترمهم يقولون بأنه من السيء أن يتم حرق المحاصيل، وأن يقع تفريغ مطامير القمح وأن يلقى القبض على الرجال غير المسلحين، وأيضا على النساء والأطفال. وأنا لا أوافق هؤلاء السادة على مثل هذا الكلام، وأرى أن مثل هذه الأعمال المؤسفة ضرورية لشعب يرغب في شنّ حرب ضد العرب بهدف جبرهم على الرضوخ له».

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...