الأربعاء، 28 يونيو 2017

رابطة الفكر والإبداع بالوادي  في قلْب الحدث الثقافي

رابطة الفكر والإبداع بالوادي
 في قلْب الحدث الثقافي
بقلم: بشير خلف
       صدر للرابطة الولائية للفكر والإبداع بولاية الوادي هذا الأسبوع الأخير من شهر اجوان 2017 كتابان في حلّة جميلة : تصميما وطباعة.
الكتاب الأول: ديوان شعري للشاعر الناقد الأستاذ أحمد مكاوي، أصيل ولاية الوادي.. الديوان من الحجم المتوسط A5 .70 صفحة.. العنوان شعري بامتياز :" ليْلي يحطّ على جناحكِ " بالديوان 25 نصّا شعريا ، إضافة إلى الإهداء، النصّ الأول " شجرٌ من أنينٍ " ، النصّ الأخير من الديوان " حديث الأشياء". تصميم: الفنان التشكيلي الموهوب كمال خزّان. تنسيق: بشير خلف رئيس الرابطة. طبْع : مطبعة الرّمال لصاحبها المثقف المبدع النشط : رضا درّاجي.
       جاء في الإهداء:
" لمْ يَكُنْ غَيْثًا وَ لَكِنْ
كَانَ مِنْ  مَعْنَاكِ  وَجْدٌ وَ انْتِشَاءْ
فَإِلَيْكِ مِن نَدَى الشَّوْقِ أَرِيجًا كُنْتِه ِ
وَمِنَ القَلْبِ  سُؤَالاً وَ رَجَاءْ
كَمْ سَأَبْقَى فِي انْتِظَارِي؟
وَإِلَى مَا كُلَّمَا قُلْتُ :تَجَلَّيْ
جَاءَنِي رَدُّكِ :لاَ ؟"
      ومن المتن اخترنا :
" مَازَالَ لَيْلِي رَفِيقِي
وَالرُّؤَى شَجَنِي
أَمْضِي ..
وَيَحْدُو لِرُوحِي فِيهِمَا حَزَنِي
تُسَافِرُ فِي مَدَى الأَيَّامِ أُمْنِيتِي
إِلَى العُيُونِ التِي
تَاهَتْ بِهَا مُدُنِي ..
تُنَادِمُ الغَيْمَ
صَمْتُ الغَيْثِ بَلَّلَهَا
وَالشَّوْقُ يَرْوِي
سَمَائِي مِنْ لَظَى زَمَنِي" ص :7
الكتاب الثاني:  نصٌّ أدبي  سرديٌّ شعريٌّ للأديب الملحّن الفنّان العازف على العود الأستاذ فريد مخلوفي.. أصيل ولاية الوادي. العنوان شعريٌّ بامتياز" ما لــمْ أقلْه لامرأة.. نصٌّ لا ينتهي "  الكتاب من الحجم المتوسط A5.. عدد الصفحات : .. 75بالكتاب نصٌّ واحدٌ غيرُ منتهٍ. ". تصميم: الفنان التشكيلي كمال خزّان. تنسيق: بشير خلف رئيس الرابطة. طبْع : مطبعة الرّمال لصاحبها: رضا درّاجي.

        على صفحة الكتاب الدّاخلية وبخطّ المؤلف: «نحن لا نموت حينما نفقد من نحبّ؛ ولكننا نُكمل الحياة بقلوبٍ ميّتةٍ.»
    وممّا جاء في الإهداء" سيدتي وأنا أدسّ في صدرك هذه الملصقات من العتاب، فذلك لأني أريد للإشهار أن يـمتدّ جرحا داخل المتوفر من الزيف حين نُـسائل الغياب.."
      ومن المتْن نختار هذه الفقرة : « لم أكن حين حاولتِ أن تحتضن يدك البلاد ذاك الذي يمسح من البعيد السواد، ولا ذاك الذي يأتي على فرس يجنّد قبائل الإحساس لمعركة القبل، ولا ذاك الذي يحمل راية الوصول في العناد.» ص :16
     ستنظّم الرابطة في بداية الدخول الثقافي القادم احتفائية كبيرة للإصداريْن بحضور الكُتّاب المبدعين والمثقفين، وكل مهتمٍّ بالشأن الثقافي، وسيّوزّع الإصداران مجّانًا كهدية على كل الحاضرين.

       

الجمعة، 16 يونيو 2017

سهرة رمضانية حميمية بمنزل عبد الله مناعي

سهرة رمضانية حميمية بمنزل عبد الله مناعي
بقلم: بشير خلف
   نظّم الفنّان عبد الله منّاعي سهرة رمضانية بمناسبة ليلة الواحد من عشرين من شهر رمضان الفضيل، بعد صلاة التراويح  بمنزله،  وهي لمّة ما فتئ ينظمها كل رمضان في هذه الليلة بالذات، حضر السهرة أصدقاؤه، وأحبّاؤه من مطربين ، منهم: الموسيقار الملحّن إبراهيم بليمة، ديّة الأمين الموسيقار الملحّن، والمسرحيين كــ : نبيل مسعي، أحمد عمراني وغيرهما؛ والكتاب، والشعراء كبشير غريب، صوالح محمد مصطفى، والكاتب المسرحي يحي موسى، بشير خلف والشاعر أبو عبد الله، سعد البشير لعمامرة وغيرهم، والإعلاميين منهم: العربي بريك، بيازيد يوسف، والإعلامي القديم شنة بوبكر، والفنان التشكيلي المعروف كمال خزّان .
        كما حضر الأستاذ جمال الدين عبادي مدير دار الثقافة  بالوادي، الذي له بصمات  حيويّة على المشهد الثقافي بالمدينة، والأستاذ رضا درّاجي المبدع المثقف، صاحب مطبعة الرمال بالوادي، إضافة إلى أقاربه، وأبنائه.
      سهرة مميّزة تماهى فيها السماع للموروث الشعبي الموسيقي، ولقاء الأحبة، وخصّ الأستاذ عبد الله مناعي عدّة وجوه من الحضور بتكريم خاصٍّ، ووعد بمواصلة التكريم في مناسبات أخرى. عبد الله مناعي ليس مؤسسة رسمية، إنما مكانته أكثر من ذلك لحيويته، وفنّه، واندماجه في المجتمع السوفي، ومحبّته للجميع.  


الثلاثاء، 13 يونيو 2017

مجلة " القباب" بالوادي.. في عدد جديد

مجلة " القباب" بالوادي.. في عدد جديد
بقلم: بشير خلف
     أصدرت دار الثقافة بالوادي العدد التاسع من مجلتها الثقافية " القباب" في حلّة جديدة بمناسبة الاحتفالية باليوم الوطني للفنان، إذْ وُزّعت مجّانًا على كل الحاضرين من: كتاب ومبدعين، وفنانين، وحضور، وأقارب المكرّميْن هذه السنة الموسيقار المايسترو إبراهيم بليمة، والفنان القدير أصيل مدينة جامعة عبد الحميد شواكري.
        تعود المجلة وشبح التقشف يضرب بقوة كل ما له علاقة بالثقافة، سيّما الكتاب والمجلّة، ويستثني من هذا التقشف المهرجانات الدولية والجهوية الكبرى التي ميزانية  أحدها يغطي صناعة الكتاب، والمجلّة ونشرهما لمدة السنة أو نيْف.  
        بالرغم من هذا التقشّف، تعود المجلة بحلة جديدة، ومضمون فكري دسمٍ بفضل جرأة، وحرْص المدير الجديد لدار الثقافة جمال الدين عبادي الذي أصرّ على أن تواصل دار الثقافة تشجيع الكُتّاب والمبدعين، واحتضان أعمالهم وطبعها على حسابها، بنفس النهج تواصل إصدار مجلّة " القباب". علمًا أن أول عدد صدر من المجلة في شهر اجوان سنة .2004
      تضمّنت  صفحات المجلّة 84 فضلاً عن الغلاف الجميل الذي أبدع فيه الفنان المتألق كمال خزّان الأبواب التالية: كلمة العدد للأستاذ جمال الدين عبادي مدير دار الثقافة، موضوع العدد " الهُويّة من منظورات مختلفة" لرئيس التحرير الأستاذ الشاب بشير غريب. دراسات عامة، مجتمع وتربية، كتاب العدد، واحة الأدب، مرايا الحرف، زوايا السّرد، حكايا النجع، جسور، واحة الفنون، نشاطات دار الثقافة.
       ممّا جاء في كلمة مدير دار الثقافة :« بأن مجلة القباب منذ بداياتها الأولى حاولت أن تشكّل منبرا مفتوحا لجميع الكتاب، والأدباء من مختلف الأجيال، والأماكن، والتوجّهات الإبداعية والجمالية بمقترحاتها، وأفكارها. حاولنا أن نشجّع هذا المنبر الذي يلتقي فيه الأصدقاء من كل مكان لقاء الإبداع والحريّة. وها هي القباب تعود إليكم بحلّة مختلفة، وبهيئة تحرير جديدة يشرف عليها مجموعة من مبدعي، ومثقفي المنطقة، وكلهم أملٌ في نشْر المعرفة، وتقديم الأفضل للصالح العام، دون تحيّزٍ، ولا لفكرة على حساب أخرى.»
       رئيس التحرير الشاب الشاعر الموهوب، والنشط في المشهد الثقافي المحلّي والوطني في كلمته الموسومة بــ " الهُويّة من منظورات مختلفة " يتكلم عن حرص المجتمعات على التميّز، والتفرّد في قيم الحياة الاجتماعية والثقافية، بحيث تكون لها هويّة تحفظ ذلك التميّز، والاختلاف، والوعي المشترك عن باقي المجتمعات الأخرى؛ وبذلك تضمن خصوصياتها، وتستشرف آفاق المستقبل.
      من كلمته ما يلي: « في هذا العدد أردنا أن نتناول هذا الموضوع ( الهويّة) من منظور الحياة الثقافية، ومجالاتها بأقلام جادّة ومختصة عرضناه في محاور المجلة.»

        مأدبة فكرية ثقافية شاملة تُشبع نهم القارئ المتعطش لمثل هكذا مواضيع، وتفتح شهية المتلقّي المتلهّف لمثل هذه المجلاّت التي تفتقدها بلادنا.

السبت، 10 يونيو 2017

الفنّ أوسع..

الفنّ أوسع..
بقلم: بشير خلف
        سائق سيارة النقل الحضري، ما أن جلست على الكرسي بجانبه حتى سألني عن الوجهة، فحددتها له، وهي دار الثقافة. عقّـب بسخرية:
ـــ دار العهر والرقص، والفنّ الهابط ؟

      لم أعقّب، لأن السائق، وأمثاله، وأغلب المواطنين يُقرّون بهذه النظرة للفن والفنانين، والسبب في رأيي يعود لفناني أيامنا، وما يقدمونه للمجتمع من فن مُخلٍّ بالقيم، كما إلى الجهل بالفهم الصحيح للفن، ورسالة الفنان في المجتمع.
       بعيدا عن هذه النظرة الدونية لتكنْ رؤيتنا أوسع لمفهوم الفن، ومكانة الفنان الأصيل.
  إن الفن في أي مجتمع إنساني ما هو إلا إفرازٌ اجتماعي لرغبات ومتطلبات الإنسان .. أي أنه مُحصِّلةٌ لمكونات، وتركيبات اجتماعية تُـلقى بتأثيراتها على كل ما يقع داخل إطارها ، وهذا بدوره لا يتناقض مع كوْن الفن موهبة خاصة، أو تعبيرا فرديا، ولها خاصية التفكير الفردي .

        لقد نشأ الفن مع الإنسان منذ أن بدأت الحياة الإنسانية ، فمولد الفن ارتبط بمولد الإنسان نفسه في صُوره البدائية . كان الفن البدائي مرتبطا في كلّ أحواله ، وصُوره بغايات نفعية تهمّ الإنسان ، ويبدو هذا واضحا في صُنْع الإنسان البدائي لأدوات الصيد ، والزراعة ، وأواني الطعام ، والتماثيل ، وإن كان الفنان حينها لم يكن على وعْيٍ بالقيم الجمالية التي اكتسبها من خلال الممارسة الطويلة لمّا كان يصنع تلكم الأدوات ، فقد كان ما يهمّه ، ويحرص عليه في عمله ، أو فيما يُنتجه أن يصنع آلة حادّة قاطعة ، أو وعاء ، أو صُورة لحيوان ، أو تمثالا ؛ ومهما كانت هذه النتاجات ، أو الصناعات ، أو الأعمال ، فإن ذاك الإنسان البدائي قد اكتسب طوال المراحل البدائية المختلفة خبرةً حرفيةً التصقت بها عن وعْيٍ ، أو غير وعْيٍ مجموعة من التقاليد الفنّية ، واكتسب خلالها الكثير من المهارات ، والدّربة أهّلته لأن ينتقل من العصور البدائية إلى عصْر الحضارة
        وقد أحيا الإسلام ألواناً من الفنون ، ازدهرت في حضارته ، وتميزت بها عن الحضارات الأخرى مثل فن الخط، والزخرفة، والنقوش : في المساجد، والمصاحف ، والمنازل ، والسيوف ، والأواني النحاسية ، والخشبية ، والخزفية وغيرها .
         الفن مجالاته واسعة، وتمسّ حياتنا في العمق، النجار فنان، وهو يبدع في إنجاز أنواع الأثاث، الصبّاغ يبدع في خلْط الألوان وتشكيلها وإبرازها، والتفنن فيها على الجدران، الحدّاد في عصرنا هذا أصبح فنانا مبدعا بامتياز في تشكيله أنواع الأبواب، والنوافذ، والأسرّة؛ بل نجارة الألمنيوم زادت حياتنا جمالا في تشكيل ديكورات المنازل، والمحلات التجارية، والمرافق، والمؤسسات الخدماتية، التسوّق، وتنوّع البضائع فرضا على التاجر أن يكون فنانا في عرْض بضائعه، ومثله بائع الملابس، وبائع الخضر والفواكه...ولو نتكلم عن فنّ العمارة والإبداع في تخطيطها، وتصميمها، وإنجازها لاحتجنا إلى مجلّدات.

       إن علاقة الفن بالتقنية في أيامنا هذه علاقة قويّة، حيث صار يستخدم الفنان تقنيات مختلفة لخلْق نتاجه الفنّي الجمالي، كيفما كان الفن من سينما، موسيقى، خط وتصميم، عمران ، حفْر وطباعة ، إعلام .....
إن الفن هو تعبيرٌ ، وانعكاسٌ للعالم الواقعي المحيط بالإنسان ..فالإنسان مخلوق متحرّكٌ ومبدعٌ ..مخلوقٌ يسعى بدون كللٍ إلى التحضّر ، فقد كان منذ بداية حياته الأولى على الأرض يعبّر في فنونه عن طموحاته ، ورغباته من خلال صراعه اليومي مع الطبيعة ، ومع الكائنات الحيّة على الأرض ..والفن بقدْر ما هو تعبيرٌ عن ذاك ، وانعكاسٌ له ، فإنه تعبيرٌ أيضا عن المستوى الروحي ، والمحتوى الفكري للإنسان .
        فالفن نشاطٌ إنسانيٌّ ضروريٌّ تفرضه ضروراتٌ غريزية في النفس البشرية ، ووسيلةٌ أساسية للتعبير ، والتواصل بين بني الإنسان ، بل هو لغةٌ عالمية مفهومةٌ بين كل الحضارات ، ولا يحتاج إلى لغة موحّدة للتفاهم كالفنون التشكيلية ، والفنون السمعية كالموسيقى ، والفنون المرئية كالسينما والمسرح .


       إن الفنّ باعتباره أداة تعبيرٍ فرديٍّ واتّصالٍ وتواصلٍ، فإنه يتجاوز هذه الفردية التي تعبّر عن صاحبها ليصبح تعبيرا عن حالة، أو حالات عامّة، أو ثقافة جماعة ، أو أمة في زمان معيّن ، أو في مكان معيّن ..ثمّ إن حاجة الإنسان للفن ضرورة حياتيةٌ  بحكم تكوينه الطبيعي ..يحتاج للفن كمبدعٍ ومتلقٍّ .

الجمعة، 9 يونيو 2017

 على هامش.. اليوم الوطني للفنان

    على هامش..
اليوم الوطني للفنان
بقلم: بشير خلف
      دأبت بلادنا على الاحتفاء باليوم الوطني للفنان، تزامنا مع ذكرى اغتيال الشهيد علي معاشي يوم 08 اجوان 1958م.
       الجديد في هذه السنة أن المناسبة كُرّم فيها العديدُ من الكُتّاب والفنانين، وهذه لفتة كريمة تــــنمُّ عن الاعتراف بما قدّم هؤلاء للوطن أثناء الثورة وبعدها، كما هي وفاء.
       إنما لو كانت قبل الآن لَــمَّا كان هؤلاء على قيْد الحياة، أمّا أن يقدم هذا الوسام أو ذاك لمنْ تحلّلت حتى عظامه، وفي حياته لاقى الإعراض والإهمال.
      وسامٌ، أو حتى إنْ كان مُرفقًا بغلاف ماليٍّ، فإن ورثة المُتوفّى يروْن فيه مصروفا مُدعٍّمًا لهم في هذا الشهر الفضيل ليس إلّا، ماذا ينفع المرحوم الطاهر وطّار وسامٌ بعد رحيله، وهو في حياته كان يتسوّل لجمعية الجاحظية الثقافية، والمجيب قليل ؟
       ماذا ينفع الوسام لعشرات الفنانين والمسرحيين والسينمائيين الذين ذاقوا حنظل الفقر والحاجة، ومقاومة الأمراض، ورحلوا نسيا منسيا ؟

        التكريم يا ناس ليس بدرْعٍ، ولا وسامٍ بعد الممات؛ ولكن بما هو أهم بما يحفظ الكرامة، ويحسّن المستوى المعيشي للمكرّم خلال الحياة، وفي أوْج العطاء.
       العكس  ما عايشناه هذه السنة بولاية الوادي إذْ قامت بلفتة إنسانية دار الثقافة محمد الأمين العمودي كعادتها دائمًا، وبحرصٍ شديد من مديرها جمال الدين عبادي، فكرّمت بالمناسبة قامتيْن فنيتيْن قدّمتا للولاية وللوطن الكثير من الفن الأصيل النظيف، هما : الموسيقار الكبير، والملحّن القدير إبراهيم بليمة ( ومنْ لا يعرف هذا العلم المتألق)، والشاب الفنان القدير عبد الحميد شواكري.
          تكريم بمستوى عالٍ، بحضور الأهل والأصدقاء، والفنانين، والكُتّاب والمثقفين، وليس بوسام، أو درْع؛ إنما بهدايا مادية قيّمة.. هذا هو التكريم خلال الحياة، وفي قمّة العطاء اعترافا، ووفاء، وتحفيزا على المزيد من الإبداع.

      

الأربعاء، 7 يونيو 2017

  متعة الحكي وجمالية السّرْد

                                        متعة الحكي وجمالية السّرْد
                                    في نصوص : نسيمة بن عبدالله، أحمد ختاوي
بقلم: بشير خلف
         عــشتُ هذه الأيام الرمضانية المباركة، إضافة إلى الصيام والقيام، وتلاوة القرآن الكريم..عشتُ مع متعة السرد القصصي، والروائي لكاتبة متميزة، ولكاتب قدير أهدياني أعمالا إبداعية سردية خلال لقائنا أخيرا في منتصف شهر ماي 2017 بمدينة تلمسان في الملتقى الوطني الأول للقصة القصيرة، آليت على نفسي أن أفي بديني لهما، وهما يهدياني أجمل ما كتباه، وأنا أعدهما بالقراءة؛ كما أكون وفيا لقيم الصداقة، وقدسية الارتباط بالقلم: كتابة وقراءة لأصدقائي.  
 
حُبٌّ في كفّ الريح  
         تمتعت بجمالية السرد القصصي الأخّاذ، والمفعم بالإنسانية، واللغة الانسيابية الجميلة، والأسلوب السلس، والتقنية الخبراتية في الحكي للكاتبة القاصة، والمربية المدرّسة نسيمة بن عبد الله( زهرة الريف). من خلال مجموعتها القصصية الموسومة بــ ( حبٌّ في الكفّ).
        قصصٌ تأخذ بلبّ القارئ، فيبحر في نصوصٍ أغلبها يركّز على مكانة المرأة في المجتمع، وصراعها مع الآخر: أسرة، بيئة ريفية، بيئة مدينية، علاقات عاطفية، مقاومة من أجل إثبات الذات، بدءا بالقصة الأولى من المجموعة : " أنوثة " إلى آخر قصة " لحظة انعتاق"..( الليلة أغادر معبدك الورقي، أتخلّى عن إقامة الصلوات المهداة لك كل صباح، أتوقّف عن حفظ التراتيل التي أقدّمها لك كامرأة فاضلة كل مساء عندما تعود متعبا، وأجثو عند قدميْك أقدّم لك قرابين الحبّ والوفاء..)
         فعلى الرغم من كمّ هذه  المعاناة والأوجاع تبقى المرأة هي الحاضن للجميع، وبلسم الشفاء، والتي جعلت القاصة منها رمزاً مركزياً متعدد المستويات الدلالية التي تتجاوز التركيب، والجملة السردية ضمن النسيج القصصي الذي يجعل القارئ يغوص في الأعماق الدلالية، ويكتشف الأبعاد الإنسانية التي يحملها هذا الرمز( المرأة)، المشعّ في كل نصوص المجموعة.
      القاصة، بقدر ما هي وفية للكتابة السردية، ومتمكّنة منها، بقدر هي متمكنة من تشكيل لوحات السرد الأخّاذ المفعم بالجمالية، وسحْر فن الحكي؛ فإن نسيمة بن عبد الله وفية أيّما وفاء لوالديها اللذيْن خصّتهما بالإهداء:( إلى الذين أحببتهم نبْع عطائي ..إلى أبي وأمّي فخري واعتزازي. إلى إخوتي رياحين حياتي .)

أيّوب يختلس أوجاعه
المدينة بدمٍ كذبٍ
      وأن تقرأ للكاتب القدير أحمد ختاوي الموسوعي، عليك أن تكون ملمًّا بالتاريخ، والجغرافيا، وأدب الرحلات، وتاريخ الأدب العربي، وأعلامه، وكذا الآداب العالمية.. لمّا تقرأ سرديات أحمد ختاوي عليك أن ترافقه، وأن يكون رصيدك المعرفي متينا، وحيًّا، ومعاصرا حتى تكون مرافقتك له ذات جدوى.
       أحمد ختاوي تألق في الإعلام، والكتابة، والإبداع السردي قصة ورواية، عشتُ في دوحة إبداعه المشبع بتقنية عالية، ولغة جميلة، وزُخْم من المعارف المختلفة، ومواقف حيوات شخصيات إنسانية من الشرق والغرب كانت لها مكانتها في المتن السردي، كما تناصت أقوالها مع النصين القصصي والروائي، إنه الإعلامي، والقاص، والروائي " أحمد ختاوي".
         بدءا بمجموعته القصصية " أيوب يختلس أوجاعه " المجموعة ذات التسع نصوص التي تأخذ بلبّك منذ البداية عتباتها :عناد في منتصف الوجع، شبْرٌ من ضحكٍ ، تحت المضلّة، أيّوب يختلس أوجاعه، أنثى السماء، الشمس تتوسّط صدْر الأشياء،  الدقائق التي لاذت بالفرار، عشرة رجال في كفّ امرأة، الودق.
       جمل فعلية مكثفة تتحرّك من خلالها الشخصيات على فضاءات مكانية تصنع مصائرها، تتصدّى للفجائعية اللامتناهية في حياتها، كما حيوات البشر عبر حقب التاريخ، تقدمها لغة شفافة أخذت من الشعر الجمالية، ومن السرد سحْر الحكي الانسيابي، وهذا التماهي الجميل مع التاريخ، وصانعيه شرقا وغربا: " ...أجل أنا الموصوف في أخاديد ( الموناليزا) من قبل بقية الجيران، أجل أنا المروّض كأسد السرك في سفوح الجبال. تمرّدْ، هكذا تثير نزوتي للانتقام، تطعمني برائحة يومياتك على سطح الليل، تسلبني رائحتي وشغفي إلى الانتقام..".
      " ..وبدت الأرض تدور كما يدور ( أسبال) في الوادي ..تدور كالغول في صحراء " تدمر" في ـ عبقر ـ ..كل النوافذ كانت موصدة ما عدا جرأة نوال السعداوي وتمردها ..سقط الوحل ..والتاريخ من التاريخ ."
      القدرة على الحكي المشبع بانسيابية اللغة، وسحر جماليتها، وهي تأتي مطواعة لدى أحمد ختاوي كي تتفجّر لتتشظّى منها عوالم تركيبية تنهل من ينابيع اللغة العربية الأصيلة، هذه القدرة نلمسها في متْن رواية : " المدينة بدم كذب" فضاؤها المكاني مدينة باريس حيث يعتور أبطالها بشاعة واقعهم في مدينة عجيبة تبتلع الجميع، وتقبل الكل، لكن فيها عيش الملوك، والأمراء، كما فيها عيش المنبوذين المسحوقين الذين يحلمون بعوالم أخرى خيالية بعيدا عن هذه المدينة.
         الرواية فضاؤها المكاني حانة بباريس: « سفوح القرية تتوسّد شموسها.. وأطيافها، كما الصمت والصخب تماما في ( لوفالو) وباريس بأحزمتها وتواريخها، وأطيافها. الضباب يتوسّد الأخلاق، وميتافيزيقا سارتر الوجودي، ودسائس العشائر الطوطمية..قريتنا وباريس آنستان لم تتزوجا .»
          « ..أبحث عنها في " كوّة سليمان" بأفغانستان، هي ذي الجبال المتفرّعة من سلسلة الجبال المتجهة من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، كجبال الأطلس التي تشقّ المغرب، تونس مرورا بالجزائر تماما. وعانقت جبال سليمان / كابول ..وأفــلت اللحية. تتكلم لحية التيس لغة ( البشتو)، وأتكلم لغة ( التاجيك)، والشرطة تستقري أوضاع الحانة التي انهارت ( المقصود هنا شرطة باريس).»
        لغة جميلة شفّافة، أسلوب سلسٌ يأخذك كقارئ إلى عوالم لم ترها، ولم تطأ فضاءاتها المكانية، لكن الروائي أحمد ختاوي يأخذك على بساط الريح ويحطّ بك في تلك العوالم كي تعرفها، وتعايش أحداثها التاريخية وتتحاور مع شخصياتها؛ بل ربّما تساهم في صُنع مصائرها.



   

  الغزو الفكري وهْمٌ أم حقيقة كتب: بشير خلف       حينما أصدر المفكر الإسلامي، المصري، والمؤلف، والمحقق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأ...