نضال وجهاد المرأة السوفية
أثناء ثورة التحرير
كتب:
بشير خلف
ساهمت المرأة الجزائرية عبْر مسیرة الجزائر
التاريخية في البناء الحضاري، سيّما في الثورة التحريرية المباركة ، وعُرفت بمواقف
نضالية، وبأعمال بطولية، دوّنت اسمها في سجلّ الخالدين بحروف من ذهب، نضالُ المرأة
الجزائرية كان وسيبقى شعلة مضيئة في ذاكرة الجزائریین، والشعوب العربية، والعالم.
سعت
الثورة الجزائرية إلى صياغة إنسان جديد، سماتُه الشجاعة، والصمود، والشهامة، إذ
حوّلت المرأة الجزائرية من مُجرّد ربّة بيت، أو عاملة في مكتب، أو معلّمة في
مدرسة، أو ممرّضة في مستشفى إلى رفيقة نضال، وكفاح شاركت الرجل حسْب طاقتها في
أرض المعركة جنْبًا إلى جنْبٍ، وتعرّضت
مثل رفيقها الرجل إلى الاعتقال، والسجن، والتعذيب، والتنكيل، فالاستشهاد لتظلَّ
رمزَ خِصْب النضال، والانتصارات، وقد ساهم وجودها في قلْب المعركة في رفْع معنويات
الثوار، وأكسبتْهم الثقة في أنفسهم، كان دورًا رياديا خالدًا.
المرأة
السوفية لا تختلف عن أخواتها الجزائريات، وهي الصّامدة بربوع صحراء الجزائر الشرقية، المترامية
الأطراف، لقد لاقت من العذاب، والمعيشة
الضنكة، وعْسْر الحياة ما لا يحتمله بشرٌ أثناء الاحتلال.
في إطار
التعريف بأدوار المرأة السوفية الريادية في الصفوف الأولى خلال ثورة التحرير، صدر
للمجاهد، الباحث في تاريخ المنطقة، الكاتب عبد الحميد بسّر،صدر كتابٌ بعنوان: (
نضال وجهاد المرأة السوفية..أثناء الثورة التحريرية). الكتاب من الحجم الكبير في
241 صفحة. صمّم غلافه الفنان التشكيلي كمال خزان. صدر عن دار سامي بالوادي.
الكتاب:
بعد
الإهداء، والشكر والتقدير
1 ـــ التمهيد: المرأة الجزائرية والثورة التحريرية
2 ــــ التقديم: بقلم الأستاذ فوزي مصمودي باحثٌ في
التاريخ، ومدير المجاهدين لولاية الوادي.
3 ـــــ التقديم: الدكتور طليبة بوراس، أستاذ التاريخ
بجامعة الشهيد حمه لخضر بالوادي.
4 ـــــ الفصل الأول: نضال وجهاد المرأة العربية ـــ
نماذج ـــــ
5 ـــــ الفصل الثاني: مسيرة المرأة الجزائرية في
التاريخ.
6 ــــــ الفصل الثالث: نضال المرأة الجزائرية في
الثورة التحريرية
7 ــــــ الفصل الرابع: نضال وجهاد المرأة السوفية أثناء
الثورة التحريرية
من
مقدمة الكتاب، بقلم المؤلف بسر عبد الحميد:
«...ورغم تلك الظروف الحياتية القاسية التي فرضتها
القوات الفرنسية على أهل المنطقة، ورغم افتقادهم لأدنى متطلّبات العيش، قامت
المرأة السوفية بتشجيع زوجها، وأخيها، ووالدها، وأولادها، وحثّهن على الجهاد،
والنفير ضدّ الدخيل مهما كانت التكلفة، ولو بالنفس الغالية.
استمرّت
في نضالها الوطني السّريّ خفية عن عيون مُـخْبري الإدارة العسكرية الفرنسية دون أن
تتفطّن لها، ولِما تقدّمه، وتقوم به إلى غاية اندلاع الثورة المباركة التي ظهر
فيها النضال الجهادي. لم تكتف المرأة
السوفية بهذا الدور وحسبْ، بل قامت بأدوار خطيرة جدًّا كنقْل الرسائل السرية بين
المراكز داخل الأرياف، والمدن، والأدوية من العيادات الطبية، وتـخبئة الأموال بعد جمْعها، والتقاط المعلومات السرية
الخطيرة حول العساكر الفرنسيين، ورصْد تحرّكاتهم داخل المحيط. ص: 20»
المرأة
الجزائرية نضال وجهادٌ
1
ـــــ الملكة تين هينان
«
الملكة تين هينان ملكة قبائل الطوارق، والتي حكمتهم في القرن الخامس الميلادي،
اشتهرتْ بالجمال، والحكمة، والدهاء، وهو ما جعلها
تصل إلى الحُكْم بسهولة، فقد كانت تتمتّع بقدرات خارقة، وإمكانيات جبّارة ساعدتها في الدفاع عن شعبها، وأرضها ضدّ
الغزّاة ممّا جعل الصفات النبيلة في قبيلة
الطوارق تنتقل عبْر النساء، وليس الرجال مثل بقية الشعوب، وتمّ العثور على قبرها
من قبل بعثة استكشافية فرنسية، أمريكية، حيث وُجِد به الكثير من الأشياء النفيسة،
ومجموعة من الأدوات تعود إلى القرن الرابع الميلادي. ص: 38
2 ـــ الشهيدة يمينة آيت عمران
ليست ملكة جمال، وليست ممثلة ولا حتى عارضة
أزياء لتتعرّفوا عليها، إنها فتاة في منتهى الجمال، فضّلت الاستشهاد في سبيل وطنها
بدلًا من الحياة... سبعة عشر سنة كان عمرها عندما تركت مقاعد الدراسة لتلتحق
بالثورة الجزائرية سنة 1957 ، بنت عرش آث
واسيف بتيوي وزو، مواليد 1940 كانت وجهتها جبال الونشريس بمساعدة أخيها الذي كان
ينشط هناك، وهو المجاهد محند يذير الذي شجّعها كثيرا، وعلّمها فنون القتال، حيث نشطت في عدّة مناطق من الوكن، لتنال شرف الشهادة سنة 1959 وعمرها
لا يتعدّى 19 سنة إثْر عملية فدائية قامت بأدائها قٌرْب تيارت بالغرب الجزائري، وتمكّنت مع مجموعة صغيرة من الفدائيين من القضاء على
أزيد من 11 عسكريا فرنسيا. ص: 52
3 ــــ المجاهدة بوغزالة محمد الحادّة
من مواليد بلدية الرباح خلال عام 1939 ، بنت
البشير، وأمّها كشحة مبروكة، نشأت بين أحضان والديها وسط عائلة عريقة، ومحافظة على
عروبتها، ودينها. والدها امتهن تربية المواشي، ورعْي الإبل في عمق الصحراء
الجنوبية الشرقية من إقليم وادي سوف.
تربّت بين أحضان الطبيعة البدوية، امتازت
بالصفاء، وحبّ الوطن، وكرْه الاستعمار الذي ورثته عن والدها، ولم تحْظ مثل بنات
جيلها بالتعليم لفقدان المدارس، لكنها تعلّمت، وحفظت القليل من القرآن الكريم.
عندما اشتدّ عودها كانت الساعد الوفي
لوالدها، وتزوّجت، وأنجبت الأولاد، والبنات، ناضلت في صفوف جبهة التحرير الوطني،
وانضمّت للجهاد بداية 1957 وذلك باستقبال المجاهدين، والقيام بغسْل ثيابهم، وتحضير
الأكل لهم. بالإضافة إلى علاج المرضى، والجرحو منهم، وإخفاء آثار سيرهم على الرمال
بتمرير قطعان الغنم فوقها؛ لكن مُخْبري العدو كانوا لها بالمرصاد، فأُلقي القبض
عليها، وزُجّ بها في السجن العسكري داخل الثكنة للتعذيب، والاستنطاق، وحدث ذلك في
شهر جويلية 1957 واُطلق سراحُها يوم 15 سبتمبر 1959 ، وبقيت مواصِلة نضالها إلى
غاية الاستقلال 1962ص:101.
الكتاب:
كتابٌ، قيِّمٌ..ثريٌّ بالمعلومات الدقيقة
المحقّقة عن نضال، وجهاد المرأة العربية، والجزائرية، كما المرأة السوفية بخاصة..عملٌ
بحثيٌّ معرفي، وفّق الله ربنا الحاج عبد الحميد في إنجازه بنجاح، حيث سبق غيره..
الكتاب وثيقة تاريخية، مرجعيّة للمهتمّين بالتاريخ، وكذا الطلبة والطالبات،
والأساتذة، والمثقفين.