من جماليات السّرْدِ العربي..
كتب: بشير خلف
«... في أدغال الحقول التي تُجاوِرُ سورَ الواحة الشمالي، تحْت شجرة نخيلٍ سامقةٍ، تحلّق ثلاثة رجالٍ أحدُهم أحْدبُ الظهر، مُمْتلئ البدن، جاحظُ المُقلتيْن، مُقنَّعٌ بلِثامٍ كثيب اللون، يتدثّرُ بجُبّةٍ جلْديّةٍ مُريبة الهُوّيّة، ينحني على الأرض لِيَخْتطَّ على التراب رموزًا خفيّةً.
أمّا الثاني فيبدو أطول قامةً، يظهرُ أكثر استقامة بِبُنيةٍ أكثر نُحولًا، يتزمّلُ بلثامٍ مُخطّطٍ، يرتدي ثوْبًا واسع الأكمام، منسوجًا من أوبار الإبلِ، ورُبّما من أنعامٍ أُخرى قرينةٍ للإبل.
أمّا الثالث فيتمدّدُ على الأرض، مُسْتلْقِيًا على ظهره، يتطلّعُ إلى
السماء الزرقاء العميقة في زرقتها، اللامبالية في صورتها، يكشفُ لثامُهُ عن لحية
كــثّةٍ مُوسّمة بالشيب، وأنفٍ طويلٍ ينتهي برأسٍ مُدبّبٍ شبيهٍ في الحِدّةِ
بمنقار الطيْر.»
( من رواية" الورم"
ص: 72
للروائي الليبي: إبراهيم
الكوني)