إخراج النظام التربوي من عثراته
بقلم: بشير
خلف
استعرض الأستاذ نوار زكريا، أستاذ اللغة
العربية، والكاتب الأديب إحدى عشر مرتكزا لإنجاح النظام التربوي ببلادنا ( أنظر
أسفل المقال) .. تدعيما وموافقة على هذه المرتكزات ارتأيت أن أضيف لها مرتكزات
أخرى.
حقًّا
إنها لمرتكزات أساسية في إصلاح " الإصلاح التربوي" عندنا في الجزائر
..أستاذ زكريا .. أضيف في هذا المقام مرتكزات أخرى أراها ومن باب الخبرة الشخصية،
ومعايشة الواقع التربوي.. جديرة بالاعتبار، منها:
1 ــ التقييم
المستمرّ، والتوقّف التقييمي، والتقويمي لمسار كل سنة دراسية كما جرى الحال سابقا
في تطبيق سنوات المدرسة الأساسية.
.. أيْ كلّما نُــطبّق مناهج وبرامج سنة
ما نتوقّف في ندوات محلّية، فجهوية، ثم وطنية يحضرها المعلمون، والأساتذة، والمديرون،
والإخصائيون النفسانيون، وكذا المتخصصون في علم النفس التربوي، والاجتماعيون..
ويُبعد منها المفتشون لأنهم بحكم مناصبهم الإدارية لن يكونوا حياديين ، وتكون
آراؤهم مُسيّسة، أو يشاركون كبيداغوجيين فقط.. كما يُبعد الإداريون الذين لا علاقة
بهم بالعملية التربوية التعليمية .
ومن خلال عملية التقييم، والتقويم هذه
نُعدّل.. نضيف.. نحذف ، كي نصل إلى مناهج وبرامج ناجحة، وعلى ضوئها نحضّر مناهج،
وبرامج السنة الموالية، ...وهكذا في كل مرحلة من سنوات المسار الدراسي من السنة
الأولى الابتدائية إلى نهاية مرحلة التعليم الثانوي.
وأثناء إعداد المناهج والبرامج لكل مادة
في أيّ سنة يُفترض أن تُعرض مضامين البرامج على الإخصائيين النفسانيين المتخصصين
في علم النفس التربوي، وإعطاء الرأي الدقيق العلمي عمّا إذا كان ذلك يتوافق مع
خصائص مراحل الطفولة، وما إذا كان يناسب هذا الطفل ، أو ذاك المراهق.
2 ــ ثم
ما ينقص نظامنا التربوي أنه يفتقد إلى فلسفة تستمدّ مبادئها، وقيمها من هُويّة
الأمة الجزائرية .. لا يكفي الإشارات السريعة التي ترد في الدستور الجزائري.. أعني
هنا " فلسفة التربية " التي ترتكز على مكونات الأمة الجزائرية، وتبرز
إلى الوجود كوثيقة يعدّ مسودتها في البداية ليس أهل التربية فحسب؛ إنما كل أهل
الفكر من علماء النفس، الاجتماع، الصحة، القضاء، الشريعة، الأئمة، التعليم العالي،
التربية والتعليم ، السياسة، الاقتصاد، النفسانيون، ... وعندما يتمّ التوافق حولها
سواء من خلال اقتراع عام، أو من خلال ندوات جهوية ثم ندوة وطنية شاملة .. تصبح الوثيقة
المُصادق عليها " ميثاقًا للتربية " تلتزم به كل الأطراف حاضرًا
ومستقبلاً، وغير قابل للتعديل، أو التغيير إلاّ بعد مرور على الأقلّ عشر سنوات لا
من الحكومة، ولا من الوزير.
كل
تغيير، أو تبديل تقوم به الأطياف التي حضّرته أوّل مرّة .. لأنه مشروع أمة يهمّ كل
أسرة من مكوّنات الأمة الجزائرية، ونقضي على الخوف الذي ينتابنا كلّما حلّ ضيْفٌ
جديد على كرسيّ وزارة التربية، أو جاء رئيس جديد بـ " برنامجه "
3 ــ لقد ضيّعت الجزائر فُُــرسًا كثيرة لمّا ألغت
المجلس الأعلى للغة العربية الذي كان يرأسه الدكتور عمر سخري وزير التعليم العالي
السابق، وخسرت الكثير عندما لم تعمل بما وصل إليه من أفكار، ومبادئ في إصلاح
التعليم ببلادنا.. المجلس الذي كان تابعًا لرئاسة الجمهورية، والذي أُنشئ بمُوجب
مرسوم رئاسي في 11 مارس 1996 ..ونصّبه السيد رئيس الجمهورية بتاريخ: 26/ 11/ 1996
وقد تحدّث أثناء التنصيب، وهو يخاطب أعضاء المجلس بالقول: ( إن مجلسكم مدعوٌّ
للقيام بتقييم نقْدي، عقلاني وموضوعي للمنظومة التربوية .. تقييم مبني على ضوابط
علمية، وبيداغوجية، ومنسجم مع متطلّبات آفاقنا الوطنية.. تقييم توافقي متكيّف مع
حقائقنا الوطنية ..وفي هذا الميدان فإن مجلسكم مدعوٌّ لوضع منهج يستجيب للطابع
الاستعجالي لإصلاح المدرسة الجزائرية، مثلما هو مدعوٌّ كذلك وبالأخصّ إلى وضْع
منهجٍ متدرّجٍ في الزمن.. كفيل بأن يرتقي بتصوّراتكم، ونتائجها إلى مستوى سياسة
وطنية للتربية)..
4 ــ المجلس
الذي بعد ندوات محلية وجهوية ووطنية شارك فيها أهل التربية والتعليم أكثر من أهل
السياسة ، توصّل إلى : وثيقة رئيسة تتكون
من 115 صفحة بتاريخ شهر ديسمبر 1998 .. تؤسس للتربية والتعليم تحمل عنوان:(
المبادئ العامة للسياسة التربوية الجديدة، وإصلاح التعليم الأساسي ) التي تعرّضت
إلى :
1 ـ دواعي
الإصلاح: المنطلقات . المبادئ العامة . الغايات .استراتيجية تجسيد الغايات . هيكلة
النظام التربوي . .2 ـ المبادئ العامة للسياسة التربوية الجديدة . 3 ـ التعليم
الأساسي 4 ـ التربية التحضيرية والتعليم المتخصص، والتعليم الخاص .
.. سبقتها
وثائق أخرى في شكل مجلاّت منها: " التعليم الأساسي اجوان 1997" و"
حصيلة تقارير الندوات الجهوية فيفري 1998 "و " عناصر تفكير في إصلاح
النظام التربوي مارس 1998 "وبعد هذه المبادئ شرع المجلس في تشخيص راهن التعليم
الثانوي حينذاك ، ثم التعليم العالي ، التكوين المهني، ووضْع استراتيجية الإصلاح
الذي حدّد له المجلس مبادئ عامة : 1) ــ البعد الوطني.2 ) ــ البعد العالمي . 3 ) ــ
البعد الديمقراطي .
إن المجلس وهو يؤسس بتروٍّ وعلمٍ للنظام
التربوي الجزائري كان يوثّق كل ما يتوصّل إليه، وخصّص لذلك نشرة إعلامية دورية
أطلق عليها : " رسالة المجلس " تتضمّن نشاطات المجلس، وكذا استعراض
تربيات أخرى في العالم، والتجارب التي مرّت بها لإصلاح النظام التربوي في تلك
الدول.. أيامها عادت الثقة للمتعاملين في هذا القطاع الحسّاس ، وأصبح الجميع
يتطلّع إلى بداية هذا الإصلاح الذي جاءت مبادئه من القاعدة، ومن أهل الاختصاص ..
إلى أن باغتت الجميع لجنة " ابن زاغو " ويُلغى المجلس الأعلى للغة
العربية، ويُتخلّى عمّا وصل إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنجاح التعليم
بقلم : نوار
زكريا
لنجاح أمور التعليم أرى أنه لا بد من سلامة النية
أولا..
ثانيا: التخلي عن النجاح بالاستدراكي والانتقال
الشبه الآلي بين الابتدائي والمتوسط..
ثالثا: معالجة الأمر بسياسة العصا والجزرة فلا
تجدي الجزرة نفعا وحدها ولا العصا... مع الجميع..
رابعا: التخلي عن اتهام المعلمين بكوارث التعليم
فهم من جهة أخرى ضحايا لتلاعبات السلطة.. وإهمال الأولياء.. أو جهلهم.. أو عدم مبالاتهم..
أو انشغالهم..
خامسا: تحرير التعليم من شطحات السياسة وخبثائها..
سادسا: بناء برامج متكاملة غير متناقضة في متناول
التلميذ المتوسط لا العبقري.
سابعا: التخلي عن فكرة برامج تعتمد على التقنية
المتطورة في ظل عدم القدرة على توفيرها أو العجز عن استخدامها.
ثامنا: تكوين إطارات إدارية تفهم أنها في خدمة
المعلم في البدء فتتعامل معه بروح القانون لا بحذافيره لأنه أساس نجاح العملية التعلمية،
ومنه التلميذ الذي هو محور العملية التعلمية ، لا العكس.. فالإداريون قلة قليلة ممن
يفهم هذه النقطة.
تاسعا: الاستعانة بأخصائيين نفسانيين واجتماعيين
للمساعدة في وضع البرامج المناسبة لنفسية وتتماشى مع هوية التلميذ وفي متناوله.
عاشرا: الاستعانة بمدرسين أكفاء في وضع البرامج،
فهم الأدرى بالقسم وما فيه.
الحادي عشر: وضع
استبيان أو مقابلات شخصية لمعرفة ميولات التلاميذ في الذي يرغبون حقا في دراسته وتكييفه
مع البرامج والمناهج بما يصلح ليكون مادة تعليمية مواكبة للعصر ومحققة لرغبة التلميذ،
فلا نجعل الكبار يقررون عن الصغار كل شيء ويكونون شركاء اجتماعيين في العملية..