الاثنين، 25 مايو 2015

عيد العلم فقد وهجه..؟


                  عيد العلم فقد وهجه..؟
بقلم: بشير خلف
        دأبت بلادنا الجزائر على الاحتفاء بعيد العلم تزامنا مع ذكرى تاريخ وفاة العلاّمة عبد الحميد بن باديس رحمه الله في شهر أفريل من كل سنة، ففي هذه الذكرى نتكلم عن حياة الإمام ومناقبه، ومواقفه، وتنتهي التظاهرة، ثم نعيد الكرّة في السنة الموالية على غرار سابقتها.
    إن الملاحظ والدارس لهذه التظاهرات المتكررة تبرز في ذهنه تساؤلات فحواها :هل الاحتفال بعيد العلم من أجل إبراز مناقب ومواقف الإمام، وهو الذي عاش في مرحلة خاصة غير مرحلة اليوم ؟ القضايا التي واجهته زمن الاستدمار، والتي واجهها بشجاعة، وكوّن، وجنّد وراءه جحافل من شرفاء الجزائر؛ أهي نفس القضايا والمعضلات التي تواجهنا اليوم ؟ وإذا كان هو ركّز جهوده على مقاومة الاستعمار، ومحاربة التخلف الفكري والاجتماعي، وبناء العقول النيّرة بالعلم بواسطة تكوين الرجال، وتشييد دُور العلم في ربوع الجزائر كلها، فماذا أخذنا منه لبناء الجزائر الحديثة ؟
      يبدو لي أن احتفائية عيد العلم عندنا نادرا ما تقف عند هذه المحطّات، إنها تكتفي بعبارات حول حياة الإمام تُلقّن إلى التلاميذ فيلقونها على مسامع الحضور، ومنهم الأولياء تلبية لتعليمات فوقية، وتنتهي بإكراميات. الاحتفاء بالعلم في عيد خاص به أكثر من هذا، ولا ريب أنّ عبد الحميد بن باديس إنما أحيى الجزائر وقهر فرنسا بالعلم ، وهذا العلم لم يمت بموت ابن باديس ، بل ورثه عنه كثيرون ؛ وعلى هذا الأساس اختير يوم وفاة ابن باديس يوما للعلم ، وكأننا بذلك الاختيار نقول لفرنسا : أنه لا داعيَ لئن تفرحي بموت ابن باديس ؛ لأن العلم الذي قهرك به لم يمت بموته ، بل ورثته الجزائر برمتها ، وعلى أسسه قامت الثورة التحريرية المباركة، التي اقتلَعْت جُـــذورَ الخَـــــــــائنينَ الذين كان منهم كل العطب ، وَأَذاِقتْ نفُوسَ الظَّــــالـمِــينَ السـمًّ يُـمْـــزَج بالـرَّهَـبْ؛ وأن الأجيال الجديدة بعد الاستقلال تبني الجزائر بالمعرفة الشاملة التي تمسّ كل القطاعات، وأن الجزائر لا مكان لها في عالمنا اليوم الذي تغلغلت فيه العولمة وجرّت وراءها الجميع القوي والضعيف إلاّ بالعلم والتكنولوجيا.
       إن الاحتفال بعيد العلم ينبغي أن يخرج من النمطية المعهودة، ويصبح عيدا لإبراز المتفوقين والباحثين والمبدعين في العلوم الحديثة، والتكنولوجيات المعاصرة ، والابتكارات التطبيقية التي تمسّ التنمية وحياة المواطن الجزائري، ويُحتفى بهؤلاء الشباب محليا ووطنيا، وتُرصد لهم موارد مالية معتبرة للتشجيع، ومواصلة البحث.. هذا قليل من كثير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتعليق أو الإثراء: اضغط على رابط " ليس هناك تعليقات، تعليق واحد، تعلي...اكتب تعليقك داخل المستطيل وارسله


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...