المنتدى الثقافي الشهري
المكالمات الهاتفية من النزوة إلى الإدمان
بقلم: بشير خلف
نظّمت
الرابطة الولائية للفكر والإبداع منتداها الشهري مساء يوم أمس السبت 19 نوفمبر
2016 بالتنسيق مع مديرية الثقافة، ودار الثقافة بالوادي، والذي كان موضوعه"
المكالمات الهاتفية من النزوة إلى الإدمان ..التشخيص، واستراتيجية التدخّل.
قدّم المحاضرة الدكتور بوبكر منصور أستاذ علم النفس بجامعة حمّة لخضر
بالوادي، بحضور جمهور نوعي من أساتذة جامعيين، وكُتّاب، ومبدعين، ومثقفين. الموضوع
مُثيرٌ، ويعتبر من الطابوهات التي يُتجنّب الخوض فيها؛ لكن المحاضرَ، والحضورَ
المتدخّلين بعد المحاضرة ، شرّحوا هذا الطابو، وتوغّلوا فيه كواقع موجود، ولا يمكن
تجاهله، أو التستّر عنه، ولم يعد موضوع مراهقات، ومراهقين؛ بل هو موضوع انتقلت
عدواه إلى الكبار، ومن أغلب الشرائح، وصور ممارسته متعدّدة تعدّد شرائح المجتمع من
الجنسيْن، أسبابه كثيرة منها ما هو ذاتي نفسي، انحرافي، ومنه ما له أسبابه الأسرية
العلاقاتية بين الزوجة، والزوج، ومنه ما يعود إلى التقاليد، والعادات، وكذا الكبت
منذ الصغر، وتشدّد التنشئة الأسرية.
المحاضر يرى أن هذا الموضوع يعتبر طابو اجتماعيا، فالمجتمع لا يتقبّل طرحه،
فالمكالمات الهاتفية الجنسية، وغيرها من تقنيات التواصل التي أتاحها العلم
المعاصر، نوّعت هذا التواصل من المكالمات الهاتفية الجنسية، والدردشة، والتواصل
بالصور على المباشر، وغيرها، هو واقع، والتهرّب من التحدّث فيه، وتشخيصه، والتكلّم
في أسبابه هو خداعٌ للنفس، سواء من الفرد، أم المجتمع.
إن الجنس فعْلٌ شهوانيٌّ يتمّ بين الرجل والمرأة، هو غريزة جنسية طبيعية
أودعها الله جلّ جلاله في كل المخلوقات ليعمر الكون، ولتتواصل السلالة الإنسانية،
وغيرها من الكائنات الحيّة؛ الهدف منه لمّا يكون في إطار الزواج الشرعي: المساهمة
في رقيّ الإنسان، وزرْع المودّة والرحمة، وتماسك الأسرة التي هي الخلية الأساسية
في المجتمع، وتجديد المجتمع تباعًا من خلال الإنجاب النقي الذي يكفل صحّة النسب؛
وقد أثبتت الإحصاءات حسْب قول المحاضر أن
ثمانين بالمئة من السعادة الزوجية تعود إلى العلاقة في الفراش، من خلال
الإشباع الجنسي، والنسبة نفسها تنطبق على عدم الإشباع الجنسي في الفراش الزوجي.
عدم الإشباع هو مربط الفرس لدى الكبار، وأسبابه عديدة منها " الطلاق
العاطفي" بين الزوجة والزوج" في مرحلة من العمر..هذا العامل متفشٍّ
بنسبة كبيرة جدا في الأسرة الجزائرية، وخاصة في المناطق الصحراوية، ومنها منطقة
وادي سوف، فبمجرّد أن يشبّ الأبناء تتخلّى الزوجة عن زوجها، بدعوى أن الأبناء
كبروا، وصاروا يراقبون كل كبيرة وصغيرة في البيت، ومنها العلاقة بين الأم والأب.
الحرمان الجنسي الطبيعي يؤدي إلى السلوك الانحرافي كالعادة السريّة، المكالمات
الهاتفية الجنسية مع الآخر،( الأخرى)، ممارسة الجنس عن طريق التخيّل، عشق الصورة (
العري)، الروائح، الملابس الداخلية للطرف الآخر، وغيرها تحققّ النشوة الجنسية.
المكالمات الهاتفية الجنسية هي انحرافٌ جنسي، بديل عن الممارسة الطبيعية،
يستنزف قوى المتكلم (ة) خاصة في الليل لمّا يمتدّ إلى ساعة متأخرة من الليل، ممّا
يؤثر على صاحبه، أو صاحبته في إطار يومياته، أو في إطار عمله؛ لأنّ هذه المكالمات
البُعدية تحرّر صاحبه( صاحبتها ) من المراقبة، هي أمانٌ لكلا الطرفيْن، يُمارس الجنس على حقيقته بالكلام
الفاحش، بالعري، بالصور، وإظهار الأعضاء، وغيرها، فيها يستعرض الذكر فحولته، وقواه
العضلية، والذكورية، أي تكون الشخصية على حقيقتها.
الاتصال الجنسي عن بُعد لم يكن وليد هذا العصر، بل له بُعده التاريخي، إذ
كان يمارس سابقا، عن طريق الغزل في الشعر، الرسائل المباشرة بين الحبيبة أو
العشيقة مباشرة، أو عن طريق وسيط، حاليا الهاتف، الدردشة، الرسائل الخاصة عن طريق
الفيسبوك، هذه كلها تكوّن ما يُسمّى بـ " الإثارة " كلها تؤدي في
النهاية إلى الانحراف الجنسي، والخروج على الطبيعة الجنسية السويّة باللجوء إلى
العادة السريّة، الزنا، الطلاق، وفي أحسن الحالات، الزواج بامرأة ثانية.
موضوع أثار نقاشا ساخنا، بالتدخّل من أغلب الحاضرين الذين دعّموا طرْح
المحاضر الأستاذ الدكتور بوبكر منصور؛ بل أوردوا وقائع من الحياة اليومية في
المجتمع، وخلُص الجميع إلى أن الوقاية تبدأ من الأسرة، فمؤسسات المجتمع، إلاّ أن
هذه السلوكات في ازدياد وليست بالأمر الهيّن، ومعالجتها متعددة الجوانب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق