فرنسا... قوّةٌ عظمى خَذَلَها العصر:
كتابٌ جديد صادر عن مؤسّسة الفكر العربيّ
كتب:
بشير خلف
صدرت
عن مؤسّسةُ الفكر العربيّ الترجمةَ العربيّةَ لكِتابِ "أوضــاع العالَم
2022"، الذي حمل عنوان "فرنسا... قوّةٌ عظمى خَذَلَها العصرُ"،
بمشاركة نُخبةٍ من الباحثين الفرنسيّين المختصّين في السياسة والعلاقات الدوليّة
والاستراتيجيّة والتاريخ، وتحت إشراف الأستاذَين في معهـد الدراسات السياسيّة في
باريس، بـرتران بــادي ودومينيك فيـــدال، وترجمة الأستاذ نصير مروّة.
يأتي
هذا الكتاب الغنيّ بقراءاته وتحليلاته المتنوّعة ليرسم لوحةً مفصَّلة ومُتكاملة عن
السياسة الخارجيّة لفرنسا، تُكسِب القارئ معرفةً أكبر بوضعيّة باريس الحاليّة على
الساحة الدوليّة في ظلّ تأثُّرها بالقضايا الإقليميّة والدوليّة، في الماضي كما في
الحاضر.
يستعرض مؤلّفو كتاب "أوضاع العالم
2022" تحوّلات السياسة الفرنسيّة ويشرحون كيف تغيّرت أدوارها واستراتيجيّاتها
على مرّ عقود من الزمن نتيجة أحداث ومستجدّات عدّة أثّرت في مكانتها وجبروتها
وحضورها. كما يُقدّمون نظرةً شاملةً عن الأدوات والسياسات التي تستخدمها فرنسا في
مجال العلاقات الدوليّة، وعلى رأسها الجيش الفرنسيّ، ومبيعات الأسلحة وأجهزة
المخابرات، والدبلوماسيّة الثقافيّة بما تشمله من لغةٍ وجهازٍ ثقافيٍّ ومؤسّساتٍ
تعليميّة، فضلًا عن السياسة الاقتصاديّة المرنة التي تتباين وتتبدّل وفقًا
لمصلحتها.
"ولأنّ
القوة الحقيقية هي القدرة على ضمان الدولة لأمنها ضدّ كلّ جبّارٍ، وبمفردها"،
يُجمع الباحثون على تراجع دور فرنسا كلاعب وازن على الساحة الدوليّة، ويُرجعون ذلك
إلى تطوّراتٍ متعدّدة، مثل التحوّلات الكبرى في النظام العالميّ بعد الحربين
العالميّتين وظهور الثنائيّة القطبيّة (الولايات المتّحدة والاتّحاد السوفياتيّ)
واضطرار أوروبا للاعتماد على الحماية الأمريكيّة، إضافة إلى العداء المتنامي تجاه
فرنسا في بعض البلدان الأفريقيّة بعد العام 2000، والتهميش الذي عانت منه في الشرق
الأوسط بعد انهيار الاتّحاد السوفياتيّ، ولا تنتهي هذه التطوّرات مع العولمة التي
جعلت العلاقات الدوليّة أكثر تداخلاً وترابطاً من أيّ وقت مضى، ووضعت فرنسا في مواجهة
مع العالم بأسره بدل مواجهة العالَم الثنائيّ القطبيّة فقط، فضلًا عن ظهور مواقع
عظمة جديدة تُنافسها على الساحة الدوليّة، وتصاعد تحدّيات إدارة وتسيير البناء
الأوروبيّ.
ويتناول
الكتاب أيضاً العلاقات الفرنسيّة الاستثنائيّة مع كلّ من الصين وألمانيا، ويستعرض
الالتزام الفرنسيّ بقضايا المناخ، ولا يغفل عن سياسة فرنسا تجاه القضيّة
الفلسطينيّة وكيف تراوحت مواقفها في هذا الصدد. كما يبيّن دور باريس التاريخيّ في
لبنان ويتناول بشكل خاصّ مبادرتها الأخيرة بعد انفجار مرفأ بيروت ومساعيها لحلّ
الأزمة السياسيّة الراهنة.