الجمعة، 15 نوفمبر 2024

 

الغزو الفكري وهْمٌ أم حقيقة

كتب: بشير خلف

      حينما أصدر المفكر الإسلامي، المصري، والمؤلف، والمحقق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وعضو هيئة كبار علماء الأزهر كتابه الموسوم (الغزو الفكري وهْمٌ أم حقيقة سنة 1989 عن دار الشروق المصرية.

      يؤكّد الدكتور عمارة أن التمايز الحضاري، والتعدّدية الحضارية لا تنفي واقع المشترك الإنساني العام، فتقع في وهْم الاختلاف الكامل، والانغلاق التام، وتُصوّر علاقات الأمم كما لو كانت تدابُرًا، وإدارة الظهر للغير، وأسوارا صينية تفصل ما بين الحضارات. فيوضّح مذهبنا كعرب، ومسلمين:

«...فمذهبنا الذي نلتزمه، ونزكّيه، ونبشّر به هو الذي يتّخذ من هذه القضية موقفا وسطا.

1 ــ فنحن ننكر تصوّر العالم وطنا حضاريا واحدا لحضارة واحدة، وهو تصوّر الذين ينكرون وجود " الغزو الفكري"، ويرونه مجرّد وهْمٍ.

2 ــ ونحن ننكر أيضا تصوّر العالم حضارات منعزلة، ومكتفية بذاتها كلية.

 الغزو الفكري والثقافي

إن الغزو الفكري أو الغزو الثقافي كمصطلح لم يسمى بهذا الاسم إلا في القرن الحالي، أما الحديث عنه كمفهوم ومضمون فهو قديم قدم الأمم والشعوب والثقافات، وهو حقيقة واقعية وسنة كونية أملتها نواميس التدافع بين الأديان والحضارات، ومن ذلك قوله تعالى «لَوْلَا دَفْعُ الله الناسَ بَعْضَهُمْ ببَعْض لَفَسَدَت الأَرْضُ» [الحج: 40]. ومعناه مجموعة من الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على الأمة الأخرى، أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة، وهو أخطر أنواع الغزو لأنه يسلك المسالك الخفية، فلا تستيقظ الأمة المغزوةُ من سباتها، ولا تفكر في صده إلا وقد أضحت فريسة له، فهو داء عضال يفتك بالأمم ويصرفها عن هويتها وعن التمسك بدينها عقيدة وقيما وسلوكا.

    لئن أصدر المرحوم الدكتور محمد عمارة كتابه سنة 1989 أي قبل 35 سنة، وأثبت أن الغزو الفكري ليس وهما، إنما هو واقع تفرضه الحياة الإنسانية، والمشترك الإنساني.

 فما هو قائلٌ لو كان بيننا اليوم؟ والحياة الإنسانية اكتسحتها التكنولوجيا، وثورات الاتصالات، والرقمنة، وما من أمة بمنأى عن هذا الاكتساح الذي اقتلع الكُلّ من جذوره.

  

 

 

 

.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الغزو الفكري وهْمٌ أم حقيقة كتب: بشير خلف       حينما أصدر المفكر الإسلامي، المصري، والمؤلف، والمحقق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأ...