الأربعاء، 27 أغسطس 2025

 

                                  "للسجن مذاق آخر"

                        شهادة أسير فلسطيني عن 

                           الألم والأمل خلف القضبان    


              «نأكل لنبقى لا لنتذوق…لا تسرح بعيدا بطعم الأكل ورائحته، ولا                                      بأصله.. فقط، كُل ولا تفكر»

 

                   الكاتب الفلسطيني الأسير في سجون الاحتلال أسامة الأشقر 

       حين نتحدث عن تجربة نشأت بين جدران السجن، فهذا يعني سردا لتجربة شخصية، وتوثيقا تاريخيا، وشكلا من أشكال المقاومة والصمود، ورسالة تصدح بمعاني الحرية والكرامة.

       وفي هذا السياق، صدر كتاب "للسجن مذاق آخر" للكاتب الفلسطيني الذي كان أسيرا في سجون الاحتلال أسامة الأشقر.

      وقد اعتقل الأشقر عام 2002 وأفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 2024. لذا، فالكتاب يلخص تجربة الاعتقال وسردا للمعاناة في السجن، غير أنه تجاوز السيرة الذاتية ليقدم صورة أوسع عن الحياة داخل السجون


 كتب المؤلف والأديب المتوكل طه في مستهل الكتاب مقدمة يقول فيها: "إن الكتاب يسد ثغرة في جدار روايتنا، التي لم نكتبها تماما"، وإن أدب السجون حتى اللحظة لم يستطع أن يؤصل تاريخ الحركة الأسيرة بقدر ما أضاء بعض الجوانب المتعلقة بالأسرى منذ اعتقالهم مرورا بسنوات الحجز المهولة، وصولا إلى الحرية والخروج إلى الحياة

      الأشقر، الفلسطيني المحكوم عليه بـ8 مؤبدات و50 عاما، تحدث في مجمل كتابه عن المجهول، وهي لحظة الاعتقال التي لم يتوقعها أبدا، ثم انتقل للحديث عن التحقيق والتحرك بالعربات الفولاذية إلى معسكر الجيش وما يتخلله من شتائم وإهانات وإذلال.

     الأسير الفلسطيني أسامة الأشقر الذي اعتقل عام 2002، وخرج في صفقة التبادل الأخيرة عام 2024 (مواقع التواصل)

يحكي الكاتب تناوب محققين في مساءلته، أحدهما شرس عصبي، والآخر يدّعي طيبة القلب واللطف لنيل اعتراف من السجين! وفي حال لم يتمكنوا من ذلك، يرسل السجين إلى غرفة العصافير "العملاء"، وهي تشبه أي غرفة للسجناء، يحاولون فيها قدر جهدهم، للحصول على أي معلومة وإرسالها إلى المحقق.

      ثم يتحدث الأشقر عن "البوسطة"، وهي عربة تقل السجناء من السجن إلى أي مكان آخر، كالمحكمة أو مشفى الرملة. وتبدو من الخارج وكأنها من الطراز الأول، غير أنها من الداخل علبة مرعبة، مقاعدها حديد ناتئ، تتعب الظهر والحوض. وقد تستغرق التنقلات بين السجون والمحاكم يوما أو يومين، يوضع الأسرى خلالها في "المعبار"، وهو مكان على شكل أقفاص كأنهم حيوانات!

      يحكي الأشقر كم معاناته، وكم كان صعبا وشاقا أن تقيد قدميك كلبشات، وتفصل بين القدم والقدم الأخرى حلقات سلسلة لا يتجاوز طولها 3 سنتيمترات، تمتد السلسلة لتنعقد بأسير آخر وهكذا. معنى ذلك أنه في حال تعثر أحدهم في المشي أو توقف فجأة، فهناك من سيسقط، وهناك من سيصرخ من شدة الألم.

       أما عن مصطلح "حوفيش بأكاف"، فهو مصطلح عبري يعني ممرض القسم، لا شيء في حوزته عدا حبات المسكن، أما الحالات المزمنة فإنها تحال بعد مشقة للعلاج في سجن الرملة، الذي تسبب في قتل كثير من الأسرى، حتى أطلق عليه مقبرة الأحياء.

     تناول الأشقر في كتابه الاستحقاقات التي ينالها الأسرى بفضل تعاونهم في إنجاح الإضرابات التي بادر لها رواد الحركة الوطنية الأسيرة منذ نهاية الستينيات من القرن المنصرم. كما تحدث الكتاب عن القمعة، وهي أسلوب متبع لإذلال وضرب الأسرى على حين غفلة منهم

      يتعاظم الحزن أكثر مع مجيء العيد، يحصون سنوات الأسر بالأعياد، يحلقون ذقونهم ويغتسلون كنوع من الترحاب، يصلون صلاة العيد في الباحة، ويكبرون بصوت خفيض، ثم يتبادلون التحية قبل أن يعودوا إلى غرفهم وأوجاعهم من جديد.

      يستفيض الأشقر في وصف لحظات الوجع عند تلقي الأسرى أخبارا تتعلق بموت أحد أفراد الأسرة، كنبأ وفاة فاطمة، الابنة الصغرى للأسير يحيى النمر، ووفاة أم الأسير حازم مسلماني… إلخ.

     يتعرض الأسرى للعزل الانفرادي، وهو أقسى أنواع العقوبة، حيث يتم عزل الأسير في مكان ضيق لا يوجد فيه غير سرير ومكان لقضاء الحاجة. يجتمع أكثر من 100 أسير في قسم، وفي كل قسم 15 غرفة، مع غياب تام للخصوصية واختلاف في الطباع والصفات الاجتماعية والتربوية، إضافة إلى الضغوط النفسية والجسدية التي يعانيها الأسرى وما يترتب على كل ذلك من مشاحنات وخلافات يغذيها جهاز الشاباك جديد. ومن المغامرات التي يخوضها السجناء بكامل إرادتهم، تهريب قطع الهاتف المحمول، الذي لا يزيد حجمه على حجم إصبع اليد، يتحدث عبره 100 أسير، لكل واحد 10 دقائق في الأسبوع.

      في نهاية الكتاب، يشاطرنا الأشقر حكاية عشقه لفتاة تدعى منار، أحبها عبر الأثير، وهي تنقل التحايا للأسرى. تكلل هذا الحب بعقد قرانه عليها في اليوم الذي يصادف ذكرى أسره الـ17 يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

     خرج الأشقر في صفقة التبادل الأخيرة عام 2024، وهو الآن منفي في مصر. يهدف الكاتب إلى توثيق تجربته ونقلها للعالم، وهو يساعد كثيرا في صياغة التحديات أمام العقد التي يخلفها السجن على النفس البشرية.

الجمعة، 15 أغسطس 2025

 

المجلة العربية

قراءة وعرض: بشير خلف

     من المجلّات العربية الرائدة الشهرية التي تصدر في بداية الشهر منذ سنوات، وفيّة مع قرّائها، ثابتة في ملفّاتها الشهرية المهمّة، قارّة في أبوابها ذات الموضوعات المعرفية المنوّعة، المتجدّدة وفق مستجدّات حياتنا، وعالمن المعاصر.

    إنها المجلة العربية في عددها الجديد لهذا الشهر أوت 2025، العدد:587

   المجلة من الحجم الكبير، مجلة ملوّنة، منسّقة، إخراجٌ رائعٌ.

ـــ ملفّها الشهري الرئيس لشهر أوت الحالي:

"سؤال الدراسات الثقافية "

ـــ مواضيع أبواب المجلة:

ــــ {ذو صلة} :

1 ــ النقد الثقافي والسياق العربي المعاصر

2 ــ ملامح الإنسان المعاصر بين الثقافة، والتربية، والعولمة

3 ــ إدوارد سعيد، وخطاب ما بعد الكولونيالية

4 ــ البودكاست، والسرد الرقمي من منظور الدراسات الثقافية

 ــــ {الأكثرُ قراءة} :

ـــ 1 ذوائب النساء في الشعر العربي

ـــ 2 عفاريت قلّبت الموازين

ـــ 3 حكاية قصيدة: المتنبئ يعاتب سيف الدولة

ـــ 4 العلاقة التفاعلية بين الإنسان والمكان

ـــ 5 غــزلُ النساء في الأدب العربي

{ من ملفّ العدد}

« تُعـــدُّ الدراسات الثقافية من أبرز الحقول المعرفية التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد جاءت استجابة لتحولات اجتماعية، وفكرية، واقتصادية عميقة شهدها العالم، خصوصاً في ظل صعود الإعلام الجماهيري، وتزايدِ التأثيرات المتبادلة بين الثقافة، والسلطة، وبين الهوية والمجتمع.

     وقد تطورت هذه الدراسات لتتناول قضايا معقدة مثل:

 الهيمنة الثقافية، والتمثيل، والتمايز الطبقي، والجنوسة، والعِرق، والهوية، وكذلك الثقافة الشعبية بوصفها مجالاً للنضال الاجتماعي، والرمزي.

      وتؤكد الدراسات الثقافية أن الثقافة ليست مجرد إنتاج رمزي، أو جمالي؛ بل هي ميدان للصراع السياسي، والاجتماعي، حيث تُنتَج المعاني، وتُعاد هيكلتها ضمن علاقات القوة.
     أما في السياق العربي، فقد جاءت الدراسات الثقافية في خضمّ تحولات محلية، وإقليمية شديدة التعقيد:

ـ1 ــ الاستعمار وما بعده.

2ــ بناء الدولة الوطنية.

3 ــ  صعود الإسلام السياسي.

4 ــ  تحولات ما بعد (الربيع العربي).

5 ــ العولمة الرقمية.

 

(المجلة العربية) تناقش هذا الملف عبر جملة من المحاور منها:

1 ــ ماذا عن نشأة حقل الدراسات الثقافية وما أبرز المداخل النظرية في مجالها؟

2ــ  كيف تزاوج الدراسات الثقافية بين التحليل النصي، والتحقيق الإثنوغرافي،وقراءةالخطابات؟
3 ــ الدراسات الثقافية في السياق العربي: قراءة نقدية لتحول مفهوم الثقافة في الأدبيات العربية، وحدود التلقّي العربي لهذا الحقل.
4 ـــ كيف تنتج وسائل الإعلام في العالم العربي سرديات الهوية والانتماء؟
5ـــ أثر الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي على ممارسات الثقافة اليومية، وتحوّل مفهوم الثقافة والمثقف، وبروز وسيط إنساني جديد بالكلية.

 ــــــ {من مواضيع المجلة}

 1 ـــ امتزاج الفن بالشعر دراما اللامعقول في القصيدة العربية

« تحتاج القصيدة العربية المعاصرة إلى مصدر غير البلاغة لأن جماليات الحزن قد أنهكتها ولم تعد قادرة على استيعاب تطورات الحياة، وزيادة المعنى، لذا أخذت تستعير من الفنون الأخرى الأساليب الفنية وفي مقدمتها الدراما والمونتاج، فهما في جوهرهما يتوحّـدان وكلاهما يتكئ على اللقطة أو الصورة، واللغة في الشعر هي الكاميرا في السينما، والمونتاج ينتج الصدمات الجمالية في كل من الدراما والقصيدة، وكلاهما يخضعان لآلية القطع واللصق، وهي معنى كلمة مونتاج (montage، وعملية وصل اللقطات، وقصها لإنتاج مشهد.. هي ذاتها موجودة في الشعر العربي المعاصر»

 2 ــــ العقل والزخم المعرفي الهش

« قد وجد العقل البشري في عصرنا هذا وعبر وسائل التواصل الحديثة ما يُلهيه عن مُحفّــزات الثقافة الأصل، ولعل السبب في ذلك يعود إلى أنه وجد في هذه الوسائل ما يدغدغ المناطق الدماغية المتعلقة بالنشوة، والدوافع، والعواطف، فاتجه اتجاهاً آخر أقل ما يقال عنه (الإدمان) عليها وترك ما عداها، وهذا في الواقع دلالة على أن الدينامكية التي بُني عليها هذا العقل تغيرت إلى ديناميكية تعتمد السطحية المعرفية والأخلاقية، وهذا أدى إلى انخفاض القدرة على ممارسة التفكير التأملي.

    إذ إن العقل قد وجد نفسه وسط بوتقة من التفاعلات السلبية والإيجابية السريعة والمتعاقبة، وهذا أمر لم يتعود عليه من قبل، بل لم يصمم عليه، فهي شبيهة بنشوة آنية سرعان ما تزول وتختفي، بينما تصميمه في الأصل التفكير، والتأمل، والمناقشة، والمحاورة.

     ومن ثمّ الجرح، أو التعديل، أو التفاعل.. إلخ، ذلك مما تعوّد عليه العقل قبل هذه الوسائل التي أقلقته وحيرته، بل جعلته أشبه بآلة بيدها تلعب به كيفما شاءت، منطلِقاً بها بلا تفكير ولا تأمل.»

 3 ذوائب النساء في الشعر العربي

    احتلّ الشَّعَــرُ مكانة كبيرة من نفوس العرب، وليس أدل من ذلك أنهم أولعوا به، ولهجوا بذكره، وحثّــوا على تكريمه، وكلفوا بالعناية به، وبترجيله، وتضفيره، واتخاذ الذوائب والغدائر منه، يستوي في ذلك الرجال والنساء.

     كما اعتبروا تمام الحُسن، وكماله في الشعر.

      ومن أقوالهم المأثورة في ذلك:

« من كان له شعر فليكرمه».

    وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشعث، وحذّر منه، والشعث: مصدر الأشعث للمغبر الرأس المنتف الشعر الذي لم يدهن، وتشعث الشعر: تلبده وتغبره، يقال: تشعث: إذا تلبد شعره واغبرّ.

 4 ــ العلاقة التفاعلية بين الإنسان، والمكان

      تتسم العلاقة بين الإنسان، والمكان بالتلازم، والالتصاق حيث لم تقتصر علاقات التأثير، والتفاعل، والانسجام بينهما على تأثر الإنسان بالمكان فحسب؛ بل إن المكان يُوجد في الإنسان خصائصه، وملامحه.

      وأغلب ما يقوم به الإنسان من نشاطات متنوعة هي في مُحصلتها صورة من صور انتمائه للمكان؛ فعلاقة الإنسان بالمكان تبدأ من خلال معرفته به أولاً، ثم يُضفي الإنسان على الأفكار صفات المكان من خلال محصلة تفاعله، وانسجامه معه؛ ليجد المرء ذاكرته مليئة بالمواقف، والأحداث التي لا يمكن للمرء أن ينساها.

     بل وتؤثر في كثير من الأحيان في سلوكه المستقبلي مع مختلف الحوادث، ولعل معظم ما يمرّ في ذاكرة الإنسان يأتي في سياق وضع المكان إطاراً يمسك بتلك المواقف، والذكريات.

 ــ هذا العدد الجديد من المجلة العربية مُغْرٍ، ماتعٌ للمتلقّي النّهم، الشغوف، المتعطّش للمعرفة، والأدب، والفن.. صاحب الذوق الراقي في حياض عذوبة اللغة العربية.

 

 

 

الأربعاء، 13 أغسطس 2025

 

الفنّان سليمان منصور.. بين الريشة والطين:

             إبداع مقاوم يروي مأْساة، وأمل فلسطين

كتب: بشير خلف

      لم تمرّ سوى أشهر قليلة على ميلاد الطفل سليمان خليل منصور، حتى اكتملت أركان النكبة على كامل التراب الفلسطيني، وبعد 25 خريفا دشّن لوحته الأشهر "جمل المحامل"، التي أصبحت " أيقونةً " للنضال، وعنوانا للمأساة الفلسطينية.

   

ومنذ ذاك التاريخ، ارتبط ميلاد الفنان سليمان منصور بمأساة شعب كامل، حتى شبّ، واستطاع أن يترجم أحزان هذا الشعب بريشته التي دأبت على رسْم ابتسامة الأمل على الشفاه الحزينة، وبألوانها الزاهية المتحدية.

        

 رسَمَ العباءة، والكوفية الفلسطينية، والأزياء الشعبية، والثوب، والتطريز، واستطاع أن يزرع شعار وطنه، وعلم فلسطين في قـلْب كل إنسان، عربيا كان، أو غير عربي.

الجمعة، 8 أغسطس 2025

 

عطشى أنامل يقظتي

ـــ ديوان شعري ـــ

قراءة وعرض بشير خلف

    إن الشعر في أسْـمى تجلياته دهشة ٌجمالية، وومضةٌ إبداعية تُحدِث في المتلقي تعجباً، وأثراً؛ وهذا لا يحدث إلا حينما تتحول الكلمات إلى كائنات داخل النص فـتتفاعل فيما بينها، وتتناسق عن طريق الصورة الفنية بكل أشكالها لتكون حبلاً وثيقاً بين الخيال، والواقع.

    وهذا التفاعل بين الكلمات هو الذي يُحدِث تحولاً في لغة القصيدة، وصورها، ودلالتها، فالقصيدة كما يقول أوكتافيو باث، الشاعر والأديب المكسيكي:

 « شيء مصنوع من كلمات بغرض احتواء مادة ما، وإخفائها في الوقت ذاته»

    ومن هنا فإنّ الشعر من أعرق الفنون الأدبية التي تُحدث انسجاماً بين الصوت، والمعنى، والصورة، واللغة.

    تأكيدًا أن الشاعر الأصيل بالفطرة، الفنان بالسليقة يقدّم للمتلقّي القصيدة الماتعة، القصيدة المشحونة بالمعرفة، والقيم الراقية.

   ونحن في رحاب هذا الفن الجميل الراقي نتحدّث عن أحدث إصدار شعري ظهر هذه الأيام، عن دار "سامي" للطباعة والنشر والتوزيع بالوادي لصاحبه الشاب المثقف رضا درّاجي.

     الديوان للشاعر القدير، الدكتور حسن حسن الأقرع الشاعر، الناقد الأدبي، الأستاذ الجامعي، صاحب إصدارات دواوين شعرية أخرى. الديوان بعنوان:{عطشى أنامل يقظتي}

 ـــ الديوان من الحجم المتوسط في 140 صفحة.

 ـــ يخلو الديوان من تقديم ،  ومقدمة.

 ـــ بعد الإهداء الخاص بــ" محضن البطولة والصمود " غزّة " تتقدّم القصائد متتالية تتهادى، تتصدّرها قصيدة: (الحمد لله)، وتنتهي بقصيدة:( البُراق)..70 نصًّا شعريا.

 ـــ كل القصائد " خليلية" باستثناء قصيدة واحدة (مُتطرّفٌ)

     نصوص شعرية، مُحمّلة بهمومنا المعاصرة، وإكراهات ما يحيط بنا، ويلاحقنا، نصوص تــنوح صارخة بمأساة قضية العرب المصيرية، نصوص تنافح عن قيم نناشدها، آملين البقاء عليها، والسعي نحو ترسيخها، كما بها نصوص ذاتية وجدانية جميلة.

 من الديوان:

1 ـــ لا تنس عزّة

يا بائع الشرف المرغوب بالعلف

لقد أتيتَ إلى الدنيا بلا هدف

لا تنس عزّة يا مسكين إن لها

بابًا إلى المجد أو بابَا إلى التلف

 

2 ـــ الميزان

الدّهر ينقــــــــر لوحة الأعمار

وقميص يوسف حكمة الإبصار

ضحكت دهاليز الظلام وقد بكت

من بعد ما أزهــــقت روح دوار

 3 ــ صلة الرحم

قلبي رأى صلة الأرحام يا جاري

نعم الدواء لأحوالي وأفكاري

في بسمة الأخت فردوسي مفتحة

أمّا أخي فجداري رغم أنصاري

وبسمة العمّة البشرى وزينتها

وبسمة العمّ عطرٌ فاح في الدار

والخال مثل أبي ظل يرافقني

والخالة الأمّ جنّاتٌ بأنهار

 4 ـــ حُبّ المتناقضات

أحبّك سرّا أحبّك جهرًا

أحبّك يُسرا أحبك عسرا

أحبك أنت كما كنت دوما

ولست أبالي إذا كان سحْرًا

وأحمد ربي على كل حال

وأقبل أمركِ شكرا وصبرا

      نصوص شعرية جميلة، ماتعة لشاعر ذي مسار إبداعي، وصيْت ذائع في مدوّنة ليس الشعر الجزائري المعاصر فحسب، بل المدوّنة الشعرية العربية.

 

 

                                      مجلة نزوى الثقافية         صدر العدد الجديد من مجلة نزوى (123) ملف عن الأدب والذكاء الاصطناعي، وآ...