كتب الدكتور عبد الله كروم الأستاذ بجامعة أدرار في حائطه يوم الثلاثاء 16 /12 /2014 ما يلي:
في ضيافة الأستاذ البشير خلف
قبل أن يمن الله علي بوظيفة قارة بجامعة أدرار،
وفي فترة التسول عند عتبات الجامعات الجزائرية بحثا عن منصب أستاذ جامعي، نزلت ضيفا
عند الأستاذ البشير خلف في بلدته العامرة "قمار" التي أنجبت لنا الدكتور
أبا القاسم سعدالله والطاهر بن عائشة والأستاذ خلف وغيرهم..
وفي تلك الزيارة التي مرّ عليها أكثر من عامين
أكرمني الشيخ البشير كما هو أهله، ووسع لي بكل ما يحتاجه الضيف، ولو سألتني عن الوجبة
الدسمة التي قدمها لي لأجبتك، بأنني نسيتها رغم أنها وجبة فاخرة، لكن المواقف التي
لا أنساها أبداً في تلك الزيارة هو حب الشيخ للقراءة والمطالعة حبا جعلني أخجل من نفسي،
وأول شيء قرانا به هو الكتب حيث استقبلنا في
مكتبته، وقال لنا ها هي مكتبتي هي لكم طالعوا الكتب التي تحبونها، إذ صاحبني في تلك
الرحلة الأستاذ "عبدالله العماري " ،هو الآن أستاذ بجامعة تمنراست، وكان
الشيخ البشير قد قرأ لتوه مذكرات الطاهر زبيري قائد الأركان الأسبق في ظرف قياسي. ودعانا
لقراءتها، والمكتبة تشي بثقافة الرجل وحبه للفكر والأدب والتربية والثقافة..
ومما أذكره تواضع الأستاذ البشير واحترام
المجتمع له كمثقف يحترم نفسه ويرعى الثقافة في ولاية الوادي، ويعتبرونه المرجع والأب
الروحي للمثقفين..
ومما لا أنساه تلك الجلسة المسائية على بساط
العشب الأخضر في قلب مدينة قمار، وزاد من المتعة دعابة صديقه وأنيسه الأستاذ محمد نوار،
وهو ذو نكتة حاضرة ،دمث الخلق، يتميز بخفة الروح وتعلو على محياه ابتسامة لا تكاد تفارقه..
تلك الجلسة الحميمية بين العشب الأخضر واللون
الذهبي الذي رسمته العشية ونخب الشاي مع حالة الارتفاق والنظر لوجه الشيخ البشير ببسمته
وهدوئه ولين عريكته..المشهدية طبعت الذاكرة بصورة لا تمحى منها وأعطت له بعدا شاعريا
..
وكنت أرى الأستاذ البشير راهبا بين المسجد
والمكتبة ومعتكفا في محراب التكنولوجيا، يلخص معلومة أو يدبج مقالة، او ينشر فكرة،
او يتصيد فوائد المعرفة أو يواصل تنقيح باب في كتاب.. حفظه الله من كل عين.
من دلائل إخلاص الأستاذ البشير خلف في عمله
وكان قد تدرج في التعليم مدرسا ومسؤولا ومفتشا في التربية قبل أن يحظى بالتقاعد، هو
توفيقه بمعية الله في تنشئة أسرة علمية، فكل أولاده يحملون مستويات عليا ولله الحمد
"ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"..
ورغم أن الشيخ البشير شخصية معروفة في الوادي
غير أنه يرفض الوساطات لتوظيف أبنائه على غير وجه حق، ورأيت منه الامتعاض عند ذكر المحسوبية
والوساطة رغم أننا في دنيا لا تسير إلا بالوساطة، غير أنه ترك ابنته تبحث عن حظها في
التوظيف بجامعة الواد، ولم يكتب لها النجاح في ذلك العام..
أستاذي البشير هذا قليل من كثير، أتمنى لك
طول العمر والصحة والعافية ومواصلة النشاط الثقافي، والبارحة(حسبما وصلني) شنفت مسامع
الجزائريين بحديثك عبر أمواج الإذاعة الوطنية عن شخصية أبي القاسم سعدالله.. دمت ماتعا
تهذب الدنيا بتواضعك وكرمك وسعيك لغرس الثقافة في المجتمع.
قليل منك يكفيني*
لكن قليلك لا يقال له قليل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق