عن إصدارات مديرية الثقافة بالوادي
.. كلمة حقٍّ،
وإنصاف في الأستاذيْن:
الدكتور حسن مرموري، وإبراهيم دويم
بقلم: بشير خلف
البداية
كانت سنة 2011 موازاة مع مهرجان الأغنية السوفية السنوي، والملتقى الوطني للشعر
الفصيح، وملتقى التراث التي أسّسها مدير الثقافة السابق الدكتور حسن مرموري، وبحكم
حميميته، واقترابه من المثقفين، وحُسْن تواصله، وحواراته مع المثقفين، والكُتاب
والمبدعين، ارتأى أن يدعّمهم في طبْع أعمالهم دون ميزانية مرصودة من وزارة
الثقافة، ولكنه بحنكته، وحسن تسييره للقطاع استغلّ المهرجانات المذكورة أعلاه،
فاقتصد منها مبالغ، وسخّرها لهذا الغرض، وهذا ما عجزت عنه مديريات الثقافة وطنيا.
اتصل بي
حينذاك، وطلب مني إنشاء لجنة للقراءة التي توليّت رئاستها، وكعضو أيضا لتقييم
الأعمال السردية، وتكفّلت اللجنة بهذه المهمّة طواعية إلى إصدارات 2016، وأعضاؤها
أغلبهم أساتذة جامعيون، وكلهم كتاب، ومبدعون، لهم وظائفهم الثقيلة، لكنهم استجابوا
طواعية. تماهت اللجنة مع هذه المبادرة الطيبة، وتفاعل الكتاب والمثقفون مع هذا
المسعى ،صدرت كتبٌ في الشعر، السرد، التاريخ، الموروث الشعبي، وغيرها، وكان
الاحتفاء بها مميّزا في شهر اجوان من كل سنة، أو أوئل شهر جويلية.استمرّت
الإصدارات حتى هذه السنة2016 ، وكنت رئيس لجنة القراءة ــ باستثناء 2015 ــ ومع
نفس أعضاء اللجنة.
الفضل
بعد الله جلّ جلاله يرجع إلى الدكتور حسن مرموري الذي أسّس لفعل ثقافي "
تدويني" أثرى المكتبة الجزائرية، وأغنى الراث الثقافي الجزائري المعاصر،
وحفّز الكتاب والمبدعين على الكتابة والإبداع، وكان يحضر كل الندوات، والملتقيات
التي تنظمها المديرية، أو دار الثقافة، أو الجمعيات الثقافية، يشاركهم نشاطاتهم،
ويشرف على الافتتاح دون أن يُنوّب أحدا مكانه.. سيخلّد التاريخ مسعاه هذا في سجلّ
الثقافة الجزائرية المعاصرة.
إصدارات مديرية الثقافة لسنة 2016 والأستاذ دويم إبراهيم
ولمّا
تولّى مديرية الثقافة بالنيابة بعده الأستاذ دويم إبراهيم ــ ابن القطاع الثقافي
ــ هذا الرجل الطيب، المتأدب، الخجول، المحبّ للمثقفين، والمبدعين، والفنانين، آل
على نفسه أن يكون قريبا من هؤلاء، في تواصل مستمرٍّ معهم، وتحاور، وتشاور، وتقديم المساعدة
المعنوية، والمادية وفق ما تسمح به الظروف المادية التي غطّت بظلالها القاتمة على
القطاع بداية من مطلع 2016 ؛ إلاّ أن الأستاذ براهيم دويم، وبجرأة كبيرة واصل عملية
إصدارات المديرية؛ وعملتُ معه، وكالعادة كان أعضاء لجنة القراءة مجندين كالعادة،
وارتأيتُ أن ندخل على إصدارات المديرية
بعض السّمات الفنية والجمالية، والشكلية، وافق على ذلك.
اتّصلت
بالفنان التشكيلي كمال خزّان ليصمّم أغلفة كل الكتب، على أن تكون لكلّ كتاب هويّته
الخاصة من تفرّد اللوحة التشكيلية على الغلاف، وكذا فنيات الخط، وقامت بالتصفيف،
والتنسيق السيدة لشهب هاجر بكل احترافية مشكورة، وتمّ الاتفاق مع صاحب المطبعة رضا
درّاجي على أن يكون حجم الكتب A.5 ، وباعتباره مثقفا، فقد طبع نسخة واحدة من كل كتاب تُسلّم لمؤلفها، ليطلع ، ويدقّق ,يعدل إذا لزم الأمر
حتى يتمّ الطبع النهائي للكتاب بموافقة المؤلف، هذا ما تمّ في الحين.
كانت
كل الكتب مطبوعة في أواخر شهر أفريل سنة 2016 ، وكانت النيّة كالعادة أن يُقام
الاحتفاء بها في شهر جويلية، إلاّ أن شهر
الصيام أحال دون ذلك، وأذكر أنه قبل حلول هذا الشهر الفضيل بأسبوع، التقيت
بالأستاذيْن: دويم إبراهيم، ومحمد حامدي مدير دار الثقافة سابقا، واقترحت عليهما تنظيم الاحتفائية، فارتأيا تأجيلها إلى الدخول
الثقافي، بينما لم يتمّ ذلك لظروف صحّية
تعرّض لها الأستاذ دويم الذي قرّر أن تكون في شهر نوفمبر تبرّكا به، مع احتفالات
الثورة المباركة.. الرجل كان وفيا لمسار الدكتور حسن مرموري ،كما
كان وفيا لمثقفي الولاية، وللمشهد الثقافي عامة، كان مرافقا وحاضرا في كل نشاط
ثقافي، مفتـتحا، وحاضرا.. جزاه الله خيرا.. الاعتراف بالفضل من شيم الكرام.
كان من
المفترض أخلاقيا، وبروتوكوليا يوم الاحتفاء بإصدارات 2016 أن يكون حاضرًا، وأن
يُثمّن جهده، ومسعاه الذي نفّذه في ظروف شحّت فيها الموارد، وأن تُقال كلمة شكر في
لجنة القراءة دون ذكْر أسماء أعضائها، حفاظًا عليهم.. هذه قيم الاعتراف بالجميل
التي نريد غرسها، ونقْلها لمنْ بعدنا.
قدّم حسن
مرموري الكثير من الفعل الثقافي لهذه الولاية، وهذا الوطن، وعلى خطاه سار الأستاذ
إبراهيم دويم، رغم المدة القصيرة التي تولّى فيها مديرية الثقافة، ومنْ يرى غير
ذلك عليه الإتيان بالمثل، أو البديل.
قيل عن بشير خلف .." من هو هذا ؟ .. ولا يمثّل إلاّ
نفسه " ! ! ؟
بشير خلف
بصماته موجودة بقوّة في كلّ إصدارات مديرية الثقافة بالوادي من سنة 2011 إلى سنة
2016 ، " ما عدا إصدارات 2015 " اعترف من اعترف، وأنكر من أنكر، لا
يهمّ.
قيل عن
بشير خلف المرافق لكل فعْلٍ ثقافي أخيرًا : " من هو هذا ؟ .. ولا يمثّل إلاّ
نفسه." ، بشير خلف هذا ضحّى من أجل الجزائر قبل أن يُولد منْ قالوا فيه هذا
الكلام. بشير خلف شارك في ثورة التحرير فدائيا في عنابة وعمره 18 سنة، أُلقي عليه
القبض من طرف الاستعمار الفرنسي، وحُكم عليه بخمسة عشر عاما سجنا، قضى منها ما
يقرب العاميْن في أقسى سجن " لامبيس" ولمّ يطلق سراحه إلاّ سنة 1962
انضمّ إلى الجيش الشعبي الوطني، ليكون جنديا في الميدان على الحدود الغربية خلال
العدوان المغربي على الجزائر سنة 1963 .ثم انضمّ إلى سلك التربية والتعليم
مدرّسًا، ثم مفتشا مكونا لهيئة التدريس، ليقضي في هذا السلك 37 سنة، وبعد تقاعده
مباشرة أنشأ في بداية أكتوبر 2001 ، مع الأساتذة: العربي بريك، أحمد ديدي، صالح " الجمعية الثقافية " الرابطة
الولائية للفكر والإبداع بولاية الوادي" جمعية رائدة ، لا يزال يرأسها حتى
تاريخ اليوم.
بشير خلف
ليس دخيلا على الثقافة، بل من صُنّاعها محليا، ووطنيا. مسارٌ طويلٌ.. انضمّ إلى
اتحاد الكُتّاب الجزائريين في ماي 1973. وكان عضوًا في لجنته المديرة المركزية
بالعاصمة لمدة خمس سنوات أواخر الثمانينيات من القرن الماضي. بدأ الإبداع الأدبي
ــ القصة القصيرة ـ سنة 1972 ، في مجلة " آمال " وفي مجلة الثقافة
اللتيْن كانتا تصدرهما وزارة الثقافة. أصدرت له وزارة الثقافة في عهد الدكتور أحمد
طالب الإبراهيمي أول مجموعة قصصية في عدد خاص به ( أخاديد على شريط الزمن) سنة
1977 ، وتُصدر له نفس الوزارة في سنة 2015 كتابا في الفكر والثقافة ( على أجنحة
الخيال) ، وبين التاريخيْن كتبٌ أخرى ليكون مجموع إصداراته 18 كتابا، منها 13
كتابا طبعتها الوزارة في العاصمة، كتابيْن طبعتهما مديرية الثقافة بالوادي، وكتابا
طبعته دار الثقافة بالوادي سنة 2015، ويوجد كتابان حاليا بالوزارة في انتظار الطبع
بشير خلف تموقع ثقافيا، وإبداعيا قبل أن
تظهر مديريات الثقافة، ودور الثقافة إلى الوجود. تعامل معه كل مديري الثقافة الذين
مرّوا بهذه الولاية بدءًا بالأستاذ عبابسية، إلى الأستاذ دويم إبراهيم. لم يرتم
تزلّفًا، وتقرّبا من أيٍّ كان، هؤلاء كلهم هم من طلبوا منه العمل معهم على صُنْع
مشهد ثقافي نشط، لم يطلب يوما مساعدة خاصة له، همّه خدمة الثقافة بصدقٍ، عمل مع
الجميع بأنفة الإنسان الجزائري الأصيل، همّه خدمة الجزائر في هويتها، وكينونتها،
والدفاع عن اللغة العربية، ولا يزال وفيا إلى هذا الوطن الغالي، رسالته لا تزال
متواصلة، متعاونا مع الجميع؛ إنما لا يزحف على بطنه تذلّلاً، أو يقترب تزلّفًا من
أجل أن يرضى عنه هذا، أو ذاك، أو يستقبله، أو يرفضه، إنه لا يطلب التأشيرة من أحدٍ
كي يتحرّك ثقافيا، أو كتابة، أو إبداعًا، أو طباعة كتبه.
..علما أن
بشير خلف لا يتدخّل إطلاقا في صلاحية أية هيئة، كيفما كانت، تحركاته تستند إلى
مرجعيته كرجل ضحّى من أجل الجزائر فداء، تربية وتعليما، وثقافة، وتأليفا،، ولا يزال
والحمد لله، وليس في حاجة إلى رضا، أو قبول من هذا، أو ذاك؛ كما لا يطلب التأشيرة من
أيٍّ كان كي يتحرّك مواصلاً رسالته الثقافية المعرفية. وكذا في إطار المجتمع
المدني كرئيس جمعية ثقافية، ليس إلاّ.
عمل بشير
خلف مع رجال أوفياء للفعل الثقافي وللجزائر، يشهد لهم الجميع بذلك، مديري الثقافة:
شوقي بوليفة، الدكتور حسن مرموري، الأستاذ دويم إبراهيم، ورؤساء مصالح المديرية.
مديري دار الثقافة: الأستاذ محمد حامدي، الأستاذ جمال الدين عبادي ورؤساء مصالح
دار الثقافة، والأستاذ تامة التجاني مدير المكتبة الرئيسية والمطالعة العمومية؛ يكنّ لهم، ويكنون له كل التقدير، والاحترام.