الاثنين، 30 مارس 2020

..تناحاو قاع



بشير خلف
     بقى غير الصح، أين الذين ملأوا الشارع بردعة وصراخًا، وأصمّوا الآذان ب ( تنحاو قاع)، اختفوا أمام مكروب لا يُرى بالعين، أين عرّابوهم؟ أين منْ كانوا في كل أسبوع يطلّون على الشعب ببيان، ثمّ يختفون، أين الشخصيات الوطنية؟ أين الأحزاب 55 موالاة ومعارضة؛ ما عدا حزب حركة الناء الوطني للأستاذ ابن قرينة؟
     أين الذين عمت أبصارهم ولم يقولوا كلمة أيام كان الأطباء يخرجون مطالبين بتحسين ظروف العمل، ورفْع أجورهم في السنوات السوداء، ويتعرضون للهراوات الغليضة، ودماؤهم تُضمّخ قمصانهم البيضاء.
     هؤلاء وغيرهم سكتوا هذه الأيام، ولم يتجرؤوا حتى على إعلان التضامن مع الشعب في محنته، وكأنهم ليسوا منه. ما عدا الأستاذ الفاضل أحمد طالب الإبراهيمي، وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
     بقي في الساحة إلا المخلصون دون نفاقٍ لهذا الوطن.
1ـ سلطة فعّالة تحرّكت منذ البداية، واتخذت القرارات في حينها، تتابع الوضع بحكمة في كل آنٍ، وجنّدت الجميع.
2ـ القوات الأمامية الرّادعة الصحّية في الواجهة، مواجهة الوباء، مواجهة الموت لإنقاذ الشعب، وحمايته (القطاع الصحي بكل مكوّناته.)
3 ـ القوات المسلّحة بكل مكوّناتها لحماية الوطن: أرضا، حدودًا، شعبًا، استعدادا لكل طارئ.
       ..ما بقي في الواد إلّا احجاروا، أمّا الزّبد فذهب جُفاء.


الأحد، 29 مارس 2020

.. بؤس الأمراض يساوي بيننا ! !



      إيزابيل الليندي المولودة سنة 1942م، كاتبة، وصحفية تشيلية. ألّفت عشرين كتاباً، تُرجمت جميعها إلى عددٍ من اللغات، وبيع منها ما يقارب الخمسة وستين مليون نسخةً.. كانت إيزابيل ناشطةً في مساعدة ضحايا نظام القمع، الذي مارسه بينوشيه على شعب تشيلي، وتتّبعت بؤسَ، وفاقةَ، وأمراضَ الكثير منه؛ وهي القائلة عن بُؤْس الأمراض:  
( إن بؤس الأمراض يساوي بيننا، فلا وجود فيه لأغنياء ولا فقراء، ما إن يجتاز أحدنا عتباته حتى تتلاشى الامتيازات، ونتحول جميعنا إلى كائنات ذليلة.)

الجمعة، 27 مارس 2020

سؤالان في غاية السهولة والصعوبة معاً!


 محرر جريدة أمريكية يختبر القراء بسؤالين في غاية السهولة والصعوبة معاً!
السؤال 1:
إذا كنت تعرف أم لثمانية أطفال، ثـﻼ‌ثة منهم صم، واثنين عمي، وواحد متخلف عقليا وهي نفسها مصابة بالسفلس، لكنها حبلى للمرة التاسعة ... فهل كنت تنصحها بالإجهاض؟

السؤال 2:
يجرى انتخاب زعيم عالمي من بين ثلاثة مرشحين فقط، وصوتك هو الذى سيرجح،
فلمن منهم تصوت ... علما بأن تاريخهم كاﻵ‌تي:
- المرشح اﻻ‌ول: مدمن كحول وتدخين يخالط سياسيين غير شرفاء، ويعاشر خليلتين!
- المرشح الثاني: ينام إلى الظهر، ومدمن كحول، تعاطى اﻷ‌فيون في المدرسة، وفُصل من العمل مرتين!
- المرشح الثالث: نباتي، وبطل حرب حائز على أرفع اﻷ‌وسمة، ﻻ ‌يدخن، مطلقا، وﻻ‌ يشرب الكحول إﻻ‌ القليل من الجعة في المناسبات، ولم يخن زوجته قط.

وفي العدد التالي كتب المحرر:
عزيزي القارئ،
- المرشح اﻻ‌ول: هو فرانكلين روزفلت رئيس الوﻻ‌يات المتحدة!
- المرشح الثاني: هو ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا!
- المرشح الثالث: فهو أدولف هتلر!
أمّا بالنسبة لسؤال اﻻ‌جهاض إن كانت اجابتك: نعم..

فاعلم أنك قتلت بيتهوفن !!


الاثنين، 23 مارس 2020

"فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ..."



"فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ..."
بشير خلف
       إنْ كان الرئيس عبد المجيد تبون أقرّ العديد من القرارات الجريئة للوقاية من فيروس كورونا، والوقوف أمام انتشاره، وجنّد الحكومة معه؛ ورصد أموالًا معتبرة لذلك؛ فإن الكثير من الولاة، والمسؤولين المحليين لم يجاروا تلك القرارات، ولم يتخذوا أي إجراءات عملية، وكأن الأمر لا يعنيهم، وكذا رؤساء البلديات..
         رؤساء البلديات أغلبهم من حزبي الموالاة عرّابي العهدة الخامسة، وآكلي أموال الشعب، والداعمين للفساد، والدليل جرُّ العديد منهم إلى العدالة بسبب الفساد. وكأنهم هم والوُلّاة يقولون للرئيس، والجهاز التنفيذي:{ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ.}
       لعمْري هم أخطر من الكورونا على الجزائر.




الجمعة، 20 مارس 2020

..لغة عربية متكيِّفة


..لغة عربية متكيِّفة
بشير خلف 
       ليس مطلوبًا أن يتحدّث الجميع لغة عربية فصيحة أعرابية، هذا أمْرً يخالف سُنن التطوّر اللّغوي، وطبيعة اللغة بما هي حيّةٌ وبشريّةٌ؛ ولكن على الإعلام بكلّ مكوّناته، ووسائله المعاصرة قبل علماء اللغة، والهيئات المختلفة من جامعات، ومعاهد متخصّصة، على الإعلام أن تكون لغته وسطى لا هي بالفصيحة، ولا هي بالدارجة، ولا هي بالهجينة.
     أن تكون لغة مرنة، متكيّفة مع حيوات الناس اليومية، مستوحاة من قواعد اللغة العربية: نحْوًا، صرْفًا، أسلوبًا.

الأحد، 15 مارس 2020

الأدب ليس نتاجا بيولوجيا، أو فيزيائيا..


الأدب ليس نتاجا بيولوجيا، أو فيزيائيا..
« أرفض مقولة " الأدب النسائي"، فالأدب إنتاجٌ إنسانيٌّ، ولا يمكن أن يكون نتاجا بيولوجيا، أو فيزيائيا؛ بل هو نتاجُ عقْلٍ، ومشاعر، وروحٍ بشريّةٍ، لذا لا أُميِّزُ الكتابة وفْق مصدرها: رجلًا كان، أو امرأةً.»
                                                             رشاد أبو شاور

                                                                               أديبٌ فلسطيني

الجمعة، 13 مارس 2020

الدّرْبُ عصيٌّ أن تكون كاتبًا مُبدعًا


  
بشير خلف
        الروائي التركي.. أورهان  باموق لم يجدْ من ينشر روايته الأولى لعدة سنوات، ثم أصدر روايات كانت مبيعاتها لا تتجاوز الألف نسخة لكل منها.
      صوّرت بعضُ رواياته تاريخ تركيا العثماني، وجسدت أخرى دفْء العلاقات الإنسانية في إسطنبول، وعكَس في صفحاته صورة الانقسام في المجتمع التركي تجاه قضايا السياسة، وانقلابات الجيش، وسطوة الأمن، وحجاب المرأة، وتجاذبات الهوية والأعراق.
       صار من أكبر الروائيين العالميين. فاز بجائزة نوبل في عام 2006م عن بحْثه
"عن الروح الحزينة لمدينته، إذْ يكتشف رموزا جديدة للصراع بين الثقافات والتشابك الحضاري"
        يقول عن الرواية الناجحة:
«الرواية الناجحة هي تلك التي تسمح للقارئ بالتماهي مع الشخصيات كلها، والتماهي مع الشخصيات الأشدّ غُموضًا ما يُعزّز نجاح الرواية أكثر فأكثر.»


الخميس، 12 مارس 2020

..الإشكالية في تغييب مشروع ثقافي متكامل



بقلم: بشير خلف
         الثقافة ليست مادة دستورية نُـضيف إليها في كل تعديل دستوري عبارة، ونعقد الندوات في وسائل الإعلام مُتغـنّين بهذه الانتصارات الوهمية التي لا تضيف شيئا لواقع الثقافة في المجتمع الذي ترسّخ في أذهان أفراده أن الثقافة مهرجانات لأغنية الراي، وموسيقى ورقص الشباب. الثقافة مشروع مـجتمع، تاريخه مُشبع بمحمولات تراكمت، وتدعّمت من مقاومات أجيال متتابعة، بوْصلـتُـها روحانيات جذّرت هُـوية متينة لأمّة صعبٌ النيْل منها. المشروع الثقافي في رأينا لا يأتي تلقائيا، إنما النُّخب من خلال تشخيص، وتقييم الراهن الفكري، والثقافي، والإبداعي، تتولّى بدورها وضْع استراتيجية ثقافية وفكرية على المدى القريب، فالمتوسّط، فالبعيد..
       غير غافلين على أنّ النخب السياسية موالاة، ومعارضة لا تهتمّ بالثقافة أصلا، وليس لها موقع في برامجها، لكن نُخب المجتمع المتغلغلة في مفاصله قادرة على تجسيد المشروع الثقافي بدون غوغاء سياسية يرافقها تهريج إعلامي، من أكاديميين كُتّاب، ومبدعين، ومن أدباء مبدعين في السّرد، والشعر، والمسرح، وكُتّاب السيناريو، ومنتجين للسينما، وتشكيليين، وإعلاميين معروفين بخبرتهم الطويلة، وإعلاميين مبدعين في الإبداع الأدبي، وعددهم ليس بالقليل، وقد تتّسع القائمة كي تشمل حقوقيين، واقتصاديين، ومؤرخين، ومترجمين، والنفسانيين، ومتخصصي علم الاجتماع، والمهتمين بالبيئة، والحفاظ عليها، وثقافة نشْرها؛ وحتى رجال الدين مـمّنْ لهم باعٌ كبير ومؤثّرٌ في الخطاب الديني، القيادات الكشفية، قيادات الشباب، وأهل التربية.
      إن رؤيتنا للثقافة تتجاوز النظرة التقليدية، حيث نراها الشريان القوي الذي يغذّي جسم المجتمع بكلّ مكوّناته، ويبعث فيه الحيوية، ويـحفّزه على العطاء، والارتباط بالحياة، واستشراف المستقبل، ولمّا تكون هذه الثقافة بهذه الصفة تكون قائدة، وباعثة للأمل والطموح، وخالقة للجمال والفنون، والآداب.
      تكدّسُ الكتب في المخازن، ورفوف المكتبات دون أن تمتدّ إليها يد القارئ الجزائري ليست في القطاع الثقافي العام؛ بل حتى في دور النشر الخاصة حيث نجد من بين أزيد من مئة دار نشر خاصة، منها خمسة دور نشر كبرى تابعة للقطاع الخاص تتوفر فيها معايير الاحترافية السائدة في دور نشر العالم المتقدم.
هذه الدور التي تصدر سنوياً ما يقارب 500 عنوان في دار الهدى، ودار القصبة، والبرزخ، وألفا ديزاين وهومة، والشهاب، والاختلاف، ودار ميم إلى جانب دُور أخرى، دخلت ساحة الطبع والنشر أخيرا بقوّة كدار الوطن، المثقف، خيال، وغيرها
         ظهور هذه الدّور مجتمعة في معرض الكتاب السنوي لعرض عشرات العناوين. إضافة إلى دور النشر الأخرى المشاركة من الشرق والغرب تدفع إلى الساحة آلاف العناوين في كل المجالات، سيّما الأدب، ومنه النصّ الروائي خاصّة الذي اقتحمه الشباب إناثًا، وذكورًا بنصوص أغلبها بتقنياتٍ حداثيّةٍ.
في تقديري الشخصي الإشكالية ليست في النص..
        النص الجزائري المعاصر ذو مستوى عالٍ؛ إنما المعضلة في عدم وجود القارئ، وذلك نتيجة انعدام مشروع ثقافي استراتيجي متكامل كسائر القطاعات الأخرى بالمجتمع، مشروع تتعاضد فيه كل القطاعات المهتمة بالتنشئة الاجتماعية، والثقافية، والتكوينية.
          من خلاله يُكوّن القارئ منذ صغره في علاقة حميمية مع الكتاب بدءا من الأسرة.
         المقروئية كما هو معروف تحصل بإجادة مهارات القراءة والتعوّد عليها بالدربة لتتحوّل إلى مطالعة واعية تثقيفية، مُـنطلقها الأول، والأسرة الجزائرية بالرغم من تحسّن مستوى الدخل لديها، ولدى الطبقة الوسطى من المجتمع الجزائري، فإنها تُــنفق على الكماليات، واقتناء الأجهزة المنزلية، وآخر صيحات الأثاث، واللباس، ووسائل الاتصال الحديثة؛ ولا تنفق على الكتاب. النظام التربوي يؤكد على الأعمال التربوية التكوينية المكملة، والمدعّمة للعملية التعليمية كالأنشطة الجمالية، والترفيهية، والمطالعة المخصصة لها أسبوعيا حصصا زمنية، والكتب بالمؤسسات متوفرة بما فيه الكفاية؛ إلاّ أن الأساتذة والمدرّسين يهملونها، أو يعوضونها بـمواد أخرى.
        ومن هنا فالمجتمع الذي يفتقر إلى مشروع ثقافي معرّضٌ إلى الاهتزازات التي تنخره من الداخل، فتعتريه مسبّبات التآكل، وفقدان الحصانة؛ بل والتفكّك.


بين الرجاء والواقع



خلال محاضرة تعليمية بأحد المعاهد التجارية في مدينة نابولي الإيطالية، سأل المحاضر الطلّاب عن الفرق بين الخطّة والميزانية.
      اندفع طالبٌ لديه بعض الخبرة في العمل، أجاب:
ــ الخطّة هي ما نريد عمله، والميزانية هي سبب استحالة تنفيذ الخطّة.

الاثنين، 9 مارس 2020

هل وباء الكورونا نسخة مستنسخة؟



في السنوات الماضية ابتُلي العالم بمرض أنفولنزا الخنازير، كما أنغولنزا الطيور، وكان سقوط الضحايا، وتعثّر الاقتصاد العالمي، بما أثّر على التجارة البينية بين الدول، والتسبّب في الخسائر المالية للجميع، بعد لأْيٍ تبيّن للجميع أنّ الأمر لا يعدو أن كان حرْبًا من الكبار على الصغار ساهمت فيها مخابر الأدوية العالمية التي جنتْ آلاف ملايير الدولارات.

الخميس، 5 مارس 2020

الصحراء.. مبْعث الحكي السّاحر



بقلم: بشير خلف
      الصحراء ذلك السحر الأسطوري الكامن في المخيال الجمعي للإنسانية عامة، وفي الذاكرة العربية بشكل خاص، حيث  تبرز الصحراء في الوعي، والمُخيّلة مَـجْمَعًا للنقائض، منسجمة مع طبيعتها  المتقلِّبة، فهي لا تسكن حينًا حتَّى تثور، ولا ترضى لحظة حتَّى تغضب، تفرح فيتحوَّل الكون إلى مسرح شعريّ رائع، وتغضب، فيكون في غضبها الهلاك والشقاء.
        ولوج الصحراء فـــتْحٌ لإمكانية السرد.. أن تعيش وترى، وتحكيَ عمّا رأيت، والرؤية هنا لا تأبه كثيراً بالمنظور الحسي، بل تتعداه. فالصحراء هي واحدة من مُحرِّضات روح المغامرة الإنسانية، وهي التي توسع أفق التصور المحفّـــز على الإبداع..
       إن للصحراء سردَها، وسرد العرب في جذوره سردٌ صحراوي إجمالا، إذا كان يخيّـل إلينا أن الشعر هو فـــنّ الصحراء الأثير، أو الوحيد فإن ذلك الوهم سببه ثبات الشعر أكثر من النثر، والمرويات السردية. إن الشفاهية هي مفتاح الصحراء وعنوانها، وهي مفتاح السرد الصحراوي حتى بصيغة المعاصرة المتأثرة بالكتابة والكتابية.. إنها الكتابة بلغة الرمل..
      يقول الشاعر أحمد عبد الكريم: « كتابة الصحراء، لا تُــعْـني الوصف الخارجي لجغرافيا الصحراء بطريقة وثائقية، وإنما تعـني نقْـــل روح الصحراء من خلال تفاعل الإنسان مع المكان والتعبير عنها بشكل عميق بعيدا عن النظرة الايكزوتيكية" الغرائيبية " ».( ، ويذكر في مقاله عن رواية ربيعة جلطي “ نادي الصنوبر” ـ التي تتناول عالم التوارڤ ـ ما ورد على لسان المرحوم عثمان بالي في كلامه للجمهور في إحدى الحفلات: « الليلة إن شاء الله ما قدرناش نجيبوا لكم الصحراء.. ندّوكم أنتم للصحراء ».
       وأولئك الذين ولجوا الصحراء، أياً كانت دوافعهم، قد غادروها وهم مُثقــلون بوفرة من الحكايات. غير أن الصحراء في الوقت نفسه مرتع فــــــــذٌّ للخيال، وفضاء لا يُضاهى لمسارات من السرد لا تنتهي، وهي التي ألهمت شعراء، وروائيين، ومغامرين، ومستكشفين، وجواسيس، ومغرمين بأحابيل الجغرافيا، وعتمات التاريخ، ومتصوفةً، ومهووسين بالتحرش بحدود الموت، وغيرهم ليدخلوها، ويخرجوا منها وهم على غير ما كانوا عليه.
        في هذا المجال كتب لوكليزيو رواية "صحراء"، ومثله فعل، ولكن في مدار تجربة مختلفة، لورانس وهو يكتب "أعمدة الحكمة السبعة"، وكذا انطوان ده سانت ـ أكزوبري "أرض البشر"
      تناول روائيون عرب عديدون الصحراء حاضنة مكانية لها فرادتها، والتي تحدد تعرجات الأحداث وتؤطرها؛ ذلك لأن للصحراء قوانينها، وسطوتها الثقيلة على إنسانها، وقدر هذا الإنسان ومصيره. لكنَّ هؤلاء الروائيين رصدوا لحظات التحول في الصحراء، لحظات الاختراق التاريخية مع دخول المستعمر، واكتشاف النفط، وبناء المدن، وانتشار وسائل التقنية، ومؤسسات الإدارة الحديثة، أي في شبكة علاقاتها مع خارجها.. نذكر هنا، رواية " فساد الأمكنة " لصبري موسى، وروايات "النهايات" و " سباق المسافات الطويلة " و" مدن الملح بأجزائها الخمسة " لعبد الرحمن منيف.
          أما ما فعله إبراهيم الكوني فإنه رسم الصحراء في عزلتها الكونية وعذريتها، وتمنُّعها، حتى بعد تصديها لغزو الأغراب "المجوس والفرنسيس"، وإصرارها على البقاء مِهاداً للحكايات العجيبة والأساطير، وعالماً فسيحاً مُقْــفرًا للإنسان.
       وعندما نتقصّى متْــن السرد، والصحراء حتى إلى وقت قريب سيقفز تأكيدًا أمامنا اسم الروائي الليبي إبراهيم الكوني بكمّ رواياته، وبثيماتها المنفتحة على فضاءات متفرّدة زماناً ومكاناً وأنماط علاقات، ورؤية ورؤيا.
      إنّما مجال السرد والصحراء لم يبق حكْرًا على هذا الأخير لكوْن أسماء أخرى ظهرت على الساحة العربية وخاصة في منطقة المغرب العربي منهم الروائي الموريتاني موسى ولد ابنو وروايته "مدينة الرياح"، والروائي المالي عمر الأنصاري صاحب رواية "الرجال الزرق". الحديث عن الصحراء يجعلنا نلتفت إلى تجربة مهمة، هي تجربة الكاتب الجزائري حبيب السايح الذي عرفت فترةُ إقامته بأدرار تحولا نوعيا في لغة، ومعمارية، وتيمات رواياته، وفي تبلور رؤية جديدة عبْــر تلك اللغة التي تنسكب كلمات معجونة بالرمل.
      إضافة إلى أعمال سردية أخرى تتخذ الصحراء فضاء معماريا كرواية" تميمون" لرشيد بوجدرة، رواية " نادي الصنوبر" لربيعة جلطي، رواية اعترافات أسكرام لعـــزّ الدين ميهوبي، والمجموعة القصصية" حائط رحمونة " للصديق لعبد الله كرّوم، ومجموعة" مغارة الصابوق"، رواية " مملكة الزيوان " للصّدّيق الحاج أحمد الزيواني، رواية " تنزروفت .. بحثًا عن الظلّ" لضيف الله عبد القادر، ورواية " الشهيلي " LE  SIMON باللغة الفرنسية لعلي عبيد من الوادي، رواية " أعوذ بالله " للسعيد بوطاجين .
       رواية " الخابية" للكاتبة الإعلامية جميلة طلباوي، وكذا روايتها " وادي الحنّاء"، رواية" صحراء الظمإ " للأخضر بن السايح، وكذا رواية" فجْر الغيطان" للكاتب الإعلامي خليفة قعيد .
       ونختم برواية" نبوءات رايكا " للكاتب خيري بلخير التي فازت بالمرتبة الأولى للغة العربية في جائزة علي معّاشي لسنة 2019.كما في شهر فيفري 2020 فاز القاص، الروائي عبد الرشيد هميسي في جائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع بروايته الموسومة بــ " الملحد بقيّ بن يقظان" التي تجري وقائعها في بلدة حاسي خليفة بربوع وادي سُوفْ.
        في رأيي الشخصي النصّ السّردي الصحراوي، ليس فقط الذي يتّكئ على الصحراء مصدرًا للأحداثِ فحسبُ، وإنّما تلكم أيضًا الروائح، والأساطير، والذكرياتٍ التي سكنت الصحراء، وآثار الإنسان من رسومٍ، ونقوش، ممّا قد يُكسبُ النصّ السّرديَّ الغرائبية.


الاثنين، 2 مارس 2020

الجزائر بدون أحزاب عرجاء..؟



بشير خلف
السيد مقري رئيس حزب مجتمع السلم، أجزم، وأكد أن المجتمع الجزائري بدون أحزاب، مجتمع أعرج، الأحزاب هي التي تربّي المجتمع، وتؤطره، وتدافع عنه، وتخرجه إلى برّ الأمان.
         تناسى أن ملايين الجزائريين لا علاقة لهم بالأحزاب، كما أن تأطير المجتمع يكون أيضا من مكونات المجتمع المدني الأخرى، وهي كثيرة متنوّعة، لم يتحدّث مقري أن تأطير الشعب، وتكوينه، وترسيخ روح المواطنة رسالة التربية في كل مراحلها، وخاصة الجامعة، كما مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وفي صدارتها المسجد، والمدارس القرآنية، والخطاب الديني المساير للحياة المعاصرة.
       رأيي الشخصي ــ لا أُلْزِمُ به غيري ــ أنّ ما وصلت إليه الجزائر في سنواتها الأخيرة بسبب استفحال الأحزاب فيها موالاة، ومعارضة.

  الغزو الفكري وهْمٌ أم حقيقة كتب: بشير خلف       حينما أصدر المفكر الإسلامي، المصري، والمؤلف، والمحقق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأ...