بقلم: بشير خلف
الثقافة
ليست مادة دستورية نُـضيف إليها في كل تعديل دستوري عبارة، ونعقد الندوات في وسائل
الإعلام مُتغـنّين بهذه الانتصارات الوهمية التي لا تضيف شيئا لواقع الثقافة في
المجتمع الذي ترسّخ في أذهان أفراده أن الثقافة مهرجانات لأغنية الراي، وموسيقى
ورقص الشباب. الثقافة مشروع مـجتمع، تاريخه مُشبع بمحمولات تراكمت، وتدعّمت من
مقاومات أجيال متتابعة، بوْصلـتُـها روحانيات جذّرت هُـوية متينة لأمّة صعبٌ
النيْل منها. المشروع الثقافي في رأينا لا يأتي تلقائيا، إنما النُّخب من خلال
تشخيص، وتقييم الراهن الفكري، والثقافي، والإبداعي، تتولّى بدورها وضْع استراتيجية
ثقافية وفكرية على المدى القريب، فالمتوسّط، فالبعيد..
غير
غافلين على أنّ النخب السياسية موالاة، ومعارضة لا تهتمّ بالثقافة أصلا، وليس لها
موقع في برامجها، لكن نُخب المجتمع المتغلغلة في مفاصله قادرة على تجسيد المشروع
الثقافي بدون غوغاء سياسية يرافقها تهريج إعلامي، من أكاديميين كُتّاب، ومبدعين،
ومن أدباء مبدعين في السّرد، والشعر، والمسرح، وكُتّاب السيناريو، ومنتجين
للسينما، وتشكيليين، وإعلاميين معروفين بخبرتهم الطويلة، وإعلاميين مبدعين في
الإبداع الأدبي، وعددهم ليس بالقليل، وقد تتّسع القائمة كي تشمل حقوقيين،
واقتصاديين، ومؤرخين، ومترجمين، والنفسانيين، ومتخصصي علم الاجتماع، والمهتمين
بالبيئة، والحفاظ عليها، وثقافة نشْرها؛ وحتى رجال الدين مـمّنْ لهم باعٌ كبير
ومؤثّرٌ في الخطاب الديني، القيادات الكشفية، قيادات الشباب، وأهل التربية.
إن
رؤيتنا للثقافة تتجاوز النظرة التقليدية، حيث نراها الشريان القوي الذي يغذّي جسم
المجتمع بكلّ مكوّناته، ويبعث فيه الحيوية، ويـحفّزه على العطاء، والارتباط
بالحياة، واستشراف المستقبل، ولمّا تكون هذه الثقافة بهذه الصفة تكون قائدة،
وباعثة للأمل والطموح، وخالقة للجمال والفنون، والآداب.
تكدّسُ
الكتب في المخازن، ورفوف المكتبات دون أن تمتدّ إليها يد القارئ الجزائري ليست في
القطاع الثقافي العام؛ بل حتى في دور النشر الخاصة حيث نجد من بين أزيد من مئة دار
نشر خاصة، منها خمسة دور نشر كبرى تابعة للقطاع الخاص تتوفر فيها معايير
الاحترافية السائدة في دور نشر العالم المتقدم.
هذه الدور التي تصدر سنوياً ما يقارب 500 عنوان في دار الهدى، ودار القصبة، والبرزخ، وألفا ديزاين وهومة، والشهاب، والاختلاف، ودار ميم إلى جانب دُور أخرى، دخلت ساحة الطبع والنشر أخيرا بقوّة كدار الوطن، المثقف، خيال، وغيرها
هذه الدور التي تصدر سنوياً ما يقارب 500 عنوان في دار الهدى، ودار القصبة، والبرزخ، وألفا ديزاين وهومة، والشهاب، والاختلاف، ودار ميم إلى جانب دُور أخرى، دخلت ساحة الطبع والنشر أخيرا بقوّة كدار الوطن، المثقف، خيال، وغيرها
ظهور هذه الدّور مجتمعة في معرض الكتاب السنوي
لعرض عشرات العناوين. إضافة إلى دور النشر الأخرى المشاركة من الشرق والغرب تدفع
إلى الساحة آلاف العناوين في كل المجالات، سيّما الأدب، ومنه النصّ الروائي خاصّة
الذي اقتحمه الشباب إناثًا، وذكورًا بنصوص أغلبها بتقنياتٍ حداثيّةٍ.
في تقديري الشخصي الإشكالية ليست في النص..
في تقديري الشخصي الإشكالية ليست في النص..
النص الجزائري المعاصر ذو مستوى عالٍ؛
إنما المعضلة في عدم وجود القارئ، وذلك نتيجة انعدام مشروع ثقافي استراتيجي متكامل
كسائر القطاعات الأخرى بالمجتمع، مشروع تتعاضد فيه كل القطاعات المهتمة بالتنشئة
الاجتماعية، والثقافية، والتكوينية.
من خلاله يُكوّن القارئ منذ صغره في علاقة
حميمية مع الكتاب بدءا من الأسرة.
المقروئية كما هو معروف تحصل بإجادة مهارات القراءة والتعوّد عليها بالدربة لتتحوّل إلى مطالعة واعية تثقيفية، مُـنطلقها الأول، والأسرة الجزائرية بالرغم من تحسّن مستوى الدخل لديها، ولدى الطبقة الوسطى من المجتمع الجزائري، فإنها تُــنفق على الكماليات، واقتناء الأجهزة المنزلية، وآخر صيحات الأثاث، واللباس، ووسائل الاتصال الحديثة؛ ولا تنفق على الكتاب. النظام التربوي يؤكد على الأعمال التربوية التكوينية المكملة، والمدعّمة للعملية التعليمية كالأنشطة الجمالية، والترفيهية، والمطالعة المخصصة لها أسبوعيا حصصا زمنية، والكتب بالمؤسسات متوفرة بما فيه الكفاية؛ إلاّ أن الأساتذة والمدرّسين يهملونها، أو يعوضونها بـمواد أخرى.
المقروئية كما هو معروف تحصل بإجادة مهارات القراءة والتعوّد عليها بالدربة لتتحوّل إلى مطالعة واعية تثقيفية، مُـنطلقها الأول، والأسرة الجزائرية بالرغم من تحسّن مستوى الدخل لديها، ولدى الطبقة الوسطى من المجتمع الجزائري، فإنها تُــنفق على الكماليات، واقتناء الأجهزة المنزلية، وآخر صيحات الأثاث، واللباس، ووسائل الاتصال الحديثة؛ ولا تنفق على الكتاب. النظام التربوي يؤكد على الأعمال التربوية التكوينية المكملة، والمدعّمة للعملية التعليمية كالأنشطة الجمالية، والترفيهية، والمطالعة المخصصة لها أسبوعيا حصصا زمنية، والكتب بالمؤسسات متوفرة بما فيه الكفاية؛ إلاّ أن الأساتذة والمدرّسين يهملونها، أو يعوضونها بـمواد أخرى.
ومن هنا فالمجتمع الذي يفتقر إلى مشروع ثقافي معرّضٌ إلى الاهتزازات التي
تنخره من الداخل، فتعتريه مسبّبات التآكل، وفقدان الحصانة؛ بل والتفكّك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق