الإعلام الثقافي
إضاءات في كتابات الإعلامي صالح زايد
بقلم:بشير خلف
يساهم
الإعلام بدرجة كبيرة في نقْـــل الثقافة بين مختلف أفراد المجتمع، والتعريف
بالتراث الثقافي المادي، واللامادي، يعمل كهمزة وصْل في الربط بين الثقافة،
والجمهور من خلال توظيف مختلف الفنون التحريرية والبرامج السمعية البصرية، كما
يؤدي الإعلام وظيفة المحافظة على ثقافة المجتمع من الاندثار، والغزو الثقافي،
ويعمل على تدعميها، وغرسها في عقول الأفراد، كما يُسهم في التعريف بالخصوصيات
الثقافية لدى الشعوب، والثقافات الأخرى.
في هذا المجال صدر أخيرًا كتابٌ بعنوان:"
الإعلام الثقافي، إضاءات في كتابات الإعلامي صالح زايد للكاتبة، القاصة، والمربية
الأستاذة نسيمة بن عبد الله. الكتاب دراسة مستفيضة من الحجم الكبير في 413 صفحة،
تمفصل إلى إحدى عشرة فصْلًا.
عناوين الفصول: 1 ــ صالح زايد من الميلاد إلى
الرحيل.2 ـــ كتابة تاريخ الثورة المسلحة، مسؤولية كل مثقّف.3 ـــ قضايا الثقافة،
والقضايا العربية الراهنة 4 ـــ.التغطية الإعلامية.5 ــــ الإرهاب. 6 ـــ قضية
وموقف.7 ـــ رؤية حول العمود الصحفي. 8 ـــ عرْض الكتب وتقديمها. 9 ـــ قالو عن
صالح زايد 10 ـــ ملاحق. مقالات 11 ــــ عصير الأعمدة. إضافة إلى المراجع 317
العربية والأجنبية، والمقدمة الجميلة جدّا، الشاملة لحياة الراحل، ومراحلها،
وانكساراته، وإكراهات الحياة التي صادفته.. رحمه الله، وغفر له، وجازى الكاتبة
نسيمة على ما بذلته في إنارة القارئ بهذا الفيوضات التاريخية، لإبراز دور رجالات
الفكر الجزائريين.
تقول مؤلفة الكتاب الأستاذة نسيمة بن عبد الله
عن المرحوم الإعلامي صالح زايد:
« يُعدّ الإعلامي صالح زايد من أبرز أقلام الإعلام
الثقافي في ثمانينيات القرن الماضي...تعرّفتُ على كتاباته عبْر صفحات جريدة النصر. .كنت مواظبة على متابعة مقالاته،
وأعمدته. كان صادقًا في كلمته، صريحًا في آرائه، جريئا في مواقفه، صاحب نظرة
ثاقبة، وفكْرٍ متقدّم؛ لا يهدأ، ولا يستكين؛ ورغم أوجاع المرض ما كان يفارق
الكتاب، وما كان يدع القلم يغادر أنامله، فكتب في الأدب، والنقد، وفي السياسة،
والفن، والتاريخ؛ من قضيّة الثقافة إلى قضيّة مرورًا برسالة سكيكدة؛ كانت الثقافة
هاجسه، وفي وقت كان فيه الكثيرون يستعملون تاريخ الثورة لصناعة الثروة، كان صالح
زايد يكتب عن الثورة بصدق طفلٍ عاش أحداثها، وبوعْي مثقّفٍ يستشرف المستقبل؛ فكان
يدعو بإلحاح إلى كتابة تاريخها محمِّلًا المثقفين المسؤوليةَ في ذلك إيمانًا منه
أنها الحصن المنيع لهذا الوطن إذا ادلهمّت الخطوب...وكما العصافير المهاجرة كان
ينتقل من فضاء إلى فضاء، فيبدع في كلّ ما يكتب لا يهادن، ولا يتلوّن بألوان الظلام.»
صفحة الغلاف الأخيرة.
من كتابات المرحوم صالح زايد:
1 ـــ عن الثورة
وتاريخها:
« تقصير الجزائريين
انفسهم في التعريف بثورة نوفمبر دوليا، وبكلّ اللغات، أغلب المصادر التي يعتمدها
الباحثون العرب مصادر فرنسية ، لأن
المؤرخين الفرنسيين كانوا السبّاقين للكتابة عن الثورة التحريرية رغم انهزام
فرنسا.
إن كتابة تاريخ الثورة المسلحة يندرج ضمن
الرغبة الأكيدة التي تعتمل في نفسية أي مثقف جزائري، نزيه، وينبغي ألّا يرتكز
السعي إلى هذه الكتابة المعقّدة على اختزال المراحل التاريخية، وحصرها في مرحلة
قصيرة بالتركيز على توقيت اندلاع الثورة المسلحة، بل ينبغي أن ينصبّ الاهتمام على
الدراسة، والبحث عن جذور الاستعمار التاريخية بالكشف عن مراحله، وتعريتها كاملة،
لأنه من حقّ الأجيال القادمة أن تعرف الحقيقة التاريخية دون التواء، أو لفٍّ، أو
دوران.»
2 ـــ عن الثقافة:
« هي التعبير الحسّيّ
عن علاقة الفرد بهذا العالم، وكما أن الفرد إذا فقد صلته بالمجال الحيويّ يُــقرّر
أنه مات موتا ماديًّا، كذلك الأمر إذا فقد صلته بالمجال الثقافي، فإنه يموت موتا
ثقافيا؛ وبالتالي فالثقافة هي حياة المجتمع، بدونها يصبح مجتمعا ميتا.»،« يرى محمد
حامد الاحمدي في كتابه مسؤولية المثقف: ضرورة فاعلية المثقف، ونبذه لجموده،
وخموله، وميله إلى السلبية، وعدم وعيه بالأحداث، ووقوفه مكتوف الأيدي دون مواجهة
سلطة المجتمع، والسلطة العامة حين يقتضي الأمر.» ص: 74
3 ــــ عن المسرح:
« إن المسرح وسيلة
تثقيفية، وأداة توعية تتميز بخاصية التجاوب بين الممثل والجمهور؛ ومن ثمّ فإن
معادلة مردود الوعي تفوق بكثير من حيث تعامل المتلقي مع أشكال الفنون الأخرى.»
ص:98
4 ـــ عن التعليم
« إن التعليم الابتدائي
كان أكثر انتشارا في الجزائر ممّا نعتقد عموما، لقد كان لجميع القبائل، والأحياء
الحضرية معلم مدرسة قبل الاحتلال الفرنسي.»،
« إن عدد العرب
الجزائريين الذين يحسنون القراءة والكتابة في سنة 1836 / 1837 م فاق ما وُجد في
الجيش الفرنسي المحتل، إذ عدد الأميين في الجيش الفرنسي المشار إليه كان يبلغ 45
بالمائة.ص:131
الكتاب قيّمٌ، ثريٌّ جدًّا بالمعارف، والمعلومات
كثير القضايا الجزائرية، والعربية. بذلت المؤلفة جهودا صادقة... جهود كاتبة،
أستاذة مثقفة ليس لنفْض الغبار عن المرحوم الإعلامي الكاتب المثقف صالح زايد فحسب؛
إنما لإفادة القارئ بكنز من الكتابات الهامّة، الحاملة لمسار الأمة الجزائرية،
وتاريخها، وهويتها، وقضاياها، والدعوة إلى التمسّك بها، وإثرائها، والحفاظ عليها
كحصن متين للحفاظ على الجزائر الأم.
ودون مبالغة، فإن ما قامت به المؤلفة نسيمة
بن عبد الله في هذا الكتاب الثري ذيـــ 413 صفحة، لتنوء بحمله عصبة من الباحثين،
وقد صدق في تقديري الدكتور سليم قلاله عندما قال في حقّها في مقدّمة الكتاب:
«...لذلك
إن ما قامت به الأديبة نسيمة بن عبد الله من جمْعٍ، وقراءة، وتحليل لإنتاج صالح
زايد ليعدّ جهدا توثيقيا جبّارا، وعملًا تحليليا كبيرا لإنارة حقبة ذهبية للصحافة
الجزائرية، والكتابة، والنقد، والفكر بشكْلٍ عامٍّ...أمّا ما أضافته من معلومات،
وتعاليق، وملاحق؛ فذاك جهْدٌ آخر على جُهدٍ، خدمةً للقارئ، وتأكيدًا منها على أن
القارئ يبقى غاية كل كاتب، وكتاب...» ص:08