التاريخ
وتربية النشء
بقلم:
بشير خلف
نظّم الفرع الولائي للجمعية الثقافية
الوطنية محمد الأمين العمودي بولاية الوادي، وبمشاركة الرابطة الولائية للفكر
والإبداع ندوة فكرية بعنوان:( التاريخ وتربية النشْء) مساء يوم أمس، السبت 22
فيفري 2014 بمتحف المجاهد بمدينة الوادي.
قدّم خلال هذه الندوة الأستاذ عوينات عبد
الغني مفتش التربية والتعليم مداخلة قيّمة..الندوة
التي حضرها جمهور متميز مهتمّ بمثل هذه القضايا التي لها علاقة بهُــويّة وقيم
الأمة الجزائرية. تطرّق الأستاذ عوينات في مداخلته إلى العديد من النقاط التي لها
علاقة بإشكالية التاريخ باعتباره علمًا ومعرفة، وحصانة للأمة، ومن مكوّنات المناهج
التعليمية، ويمكن تلخيص المداخلة في الآتي:
ــ لم يعد التاريخ مجرد سرْد للأحداث والوقائع
الماضية ، بل تعدى تلك المرحلة إلى مرحلة التفسير والتحليل ، واستقراء النتائج ، واستنباط
الحقائق والأدلة اعتمادًا على الأسلوب العلمي والمنهج الموضوعي.
وإذا كان الإنسان يعدّ محور دراسة التاريخ لكونه صانع الأحداث، ولأنه
الكائن الوحيد الذي يمكن أن تنقل ثقافته على مر العصور ، فإن التربية تتخذ الإنسان
محورًا لها ، وبذلك تشترك التربية مع التاريخ في أنّ محورها هو الإنسان .
ــ كما أن التاريخ هو الذاكرة الحية لكل أمة، وهو
شعور بالكينونة ..كما هو الحصانة بما يحمله من أمجاد، وقيم ، واتجاهات.
ــ كل
الأمم على وجْه المعمورة متقدمة أم متأخرة تعتزّ بشخصيتها المتمثلة في الهُويّة
واللغة، والأمجاد التي حفظها التاريخ.
ــ فرنسا
الاستعمارية مـــذْ دنّست أرض الجزائر
الطاهرة سعتْ إلى طمْس شخصية الأمة الجزائرية.
ــ
الجزائر الفتية ومنذ استرجاع سيادتها الوطنية انكبّت على استرجاع هذه الشخصية،
وواصلت السعي إلى دعْمها والحفاظ عليها، ولا تزال.
تربية
النشء تاريخيا
توقّف الأستاذ عوينات مطوّلاً عند "
تربية أبنائنا تاريخيا " وذلك عبْر :
1 ـ
تفعيل البُعْد التاريخي الذي يجب أن تقوم به العديد من الوزارات، والمؤسسات .
2 ـ
الأسرة باعتبارها المؤسسة الاجتماعية الأولى التي بإمكانها أن تحسّس أبناءها
بالتاريخ الوطني.
3 ـ
المدرسة كمؤسسة أولى للتربية والتنشئة والإعداد للحياة، وتزويد الطفل بالمعارف بما
في ذلك التاريخ كعلم، وكمكوّن من مكونات الشخصية الوطنية.
4 ـ
القانون التوجيهي للتربية في مادته الثانية حدّد بدقة غايات المدرسة الجزائرية
التي من مهامها تحقيق مجتمع متناسق، والشعور بالتاريخ المشترك الذي يساهم في
التحام الأمة الجزائرية وتماسكها، واستمراريتها.
5 ـ هناك
آليات وضّحها القانون التوجيهي لتحقيق الأهداف لدى أبنائنا.
تجسيد الآليات
ــ إدراج
مادة التاريخ في كل المراحل التعليمية، وفي كل شُعــب التكوين بما في ذلك التكوين
المهني.
ــ
رفْــع معامل هذه المادة في كل الامتحانات، والمسابقات.
ــ إطلاق
فضائيات خاصة بالتاريخ.
ــ أن
تهتم الإذاعات بالتاريخ، وبرموزه، ووثائقه من خلال الوثائق، والكتب، واستضافة صانعي الثورة.
المناقشة
إثْــــر المداخلة فتحَ بابَ النقاش
والإثراء مسيّرُ الجلسة بشير خلف رئيس الرابطة الولائية للفكر والإبداع ..النقاش
الذي كان ثريًّا ، ومعمّقًا وشارك فيه العديد من الحضور، ويمكن تلخيص هذا في
الآتي:
1 ـ أنّ
واضعي منهاج التاريخ في المراحل التعليمية الثلاث لا يراعون الكتابات التاريخية
المعاصرة ، والصادرة حديثا التي يُصدرها العديد من القياديين للثورة الجزائريين
مدنيين وعسكريين.
2 ـ من
الحضور منْ يرى بأن هذه الكتابات أغلبها سير ذاتية، وهي رافد تاريخي، لكن المؤرخ
الباحث يخضعها للنقد الموضوعي.
3 ـ التاريخ
علمٌ كسائر العلوم يخضع إلى الموضوعية، وليس شطحات ذاتية .
4 ـ من
رأى بأنّ الأستاذ عوينات مجّد التاريخ الجزائري، وقدّسه ، وحذّر من المساس به،
وهذا لا يخدم العقل الحرّ.
5 ـ يجب
الركون إلى الصدق ، وتعريف أبنائنا بالأخطاء التاريخية في كل محطّاتنا الزمنية.
6 ـ في
كل بلدان العالم فالنظام السياسي يُخضع التاريخ لمصالحه، إنما الخطر عندما يخضع
التاريخ " للانتقاء " حيث تُطمس أحداث تاريخية مهمّة، أو تُطمس شخصيات
لها بصماتها في السيرورة التاريخية للأمة.
7 ـ نحتاج
إلى الصدق والموضوعية في تقديم تاريخنا لأبنائنا ، وإعطائهم الحرية كي يتعرّفوا
على الأحداث التاريخية كما حصلت.
كانت ندوة ذات جدوى لحساسية الموضوع،
ولعلاقته بالحاضرين الذين ساهموا ولا يزالون في نهضة الجزائر الحديثة كل من موقعه..