كاتب وكتاب
بقلم: بشير خلف
انتظمت مساء يوم السبت الثامن من هذا
الشهر " فيفري 2014 " بالمكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية لولاية الوادي
فرع " قمار" جلسة أدبية ممتعة؛ كان الكاتب الضيف فيها الدكتور أحمد زغب
أستاذ الأدب الشعبي بجامعة الوادي المعروف بأبحاثه القيّمة ، وصاحب أكثر من إصدار
في هذا مجال الأدب الشعبي.
منشّط الجلسة الدكتور عادل امحلّو الشاعر
المبدع، والناقد الباحث، والأستاذ بجامعة الوادي.
الموضوع الرئيس هو الجزء الرابع من
موسوعة الأدب الشعبي الذي صدر في آخر سنة 2014 للدكتور زغب عن دار الثقافة بالوادي
،طبْع مؤسسة مزوار بالوادي، حيث أوضح الأستاذ زغب على أن هذا الجزء الأخير يشكل مع
الأجزاء الثلاثة السابقة موسوعة متكاملة للشعر الشعبي بمنطقة " وادي سوف"
تغطي بالكاد كل الشعراء الذين رحلوا، وآخرهم غادرنا في سنة 2012 .وارتأى أن يُطلق
عليها " أنطولوجيا الأدب الشعبي" وستصدر تحت هذا الاسم في كتاب واحد
قريبا عن دار " بيت الحكمة " بالجزائر العاصمة.
الدكتور أحمد زغب وفقًا لما قاله في هذه
الجلسة الأدبية أنه بدأ الاشتغال في الأدب الشعبي منذ افتتاح إذاعة سُوف ، من خلال
برنامجه الأسبوعي تحت عنوان:(البيداء والقلم) في كل حصة إذاعية يـقدم
حياة شاعر ونبذة من شعره، ولمّا رأى أن هؤلاء يغادرون الحياة واحدا بعد الآخر،
وأغلبهم قضوا حياتهم في البادية والصحراء ارتأى أن يدوّنهم ويوثقهم ، وبتشجيع من
الأستاذ محمد حمدي مدير دار الثقافة صدر الجزء الأول من الموسوعة سنة 2006 يتضمن
حيوات وأشعار 25 شاعرا حتى الجزء الأخير الرابع الذي تضمن 28 شاعرا، والجزء الرابع
الأخير صدر في نهاية 2013
الدكتور عادل منشّط
الجلسة أوضح أن التدوين الذي كان معروفا قبل الأستاذ زغب كان للمدائح الدينية
فحسب: وكان الشعر الشعبي الذي يتطرق للأغراض الشعرية الأخرى كالمدح، والهجاء،
والغزل وغيرها لا يُوثّق لعوامل عديدة منها الأمية المتفشية، وعدم جرأة الشاعر على
قول الشاعر إلاّ في مناسبات ضيّـــــــقة " فالشعر الدنيوي غير موجود "،وكأنه
حرام وقائله ارتكب آثامًا؛ وإذا ما ظهر فالرواة كثيرون ، والمتبنّون للنصوص عديدون
، فالسرقات بدورها موجودة ؛ ونتيجة لذلك صعّب على الباحث معرفة النص الصحيح
والمنسوب لصاحبه أصلاً.
إن التوثيق من إيجابياته
أنه يحفظ هذا النوع من الشعر حتى لا يندثر برحيل أصحابه، كما يحفظه للأجيال
القادمة كنص لغوي يعرف بصاحبه، وبالأسلوب الذي يبدع به، واللهجة المحلية التي
تتغيّر من شاعر إلى آخر تبعًا للبيئة التي عاش فيها ؛ ثم إن هذه النصوص وثائق
تاريخية تتحدث عن العادات والتقاليد وظروف العيش، وضروب العلاقات الاجتماعية ،
وعلاقة الناس بالطبيعة الصحراوية القاسية وهم في الأغلب يعيشون، ويتحركون ضمن مجموعات
سكانية متنقلة بحثًا عن الكلإ والماء لهم ولأنعامهم.. فالتوثيق أيضًا يساعد
الباحثين من أساتذة وطلبة ، وحتى مثقفين من الإلمام بهذا الشعر في أغراضه
المختلفة.
الأستاذ زغب بدأ العمل
في هذا الميدان منذ كان أستاذا في التعليم الثانوي، واستطاع من خلال مسعاه
الأكاديمي الممتد لآكثر من ستة عشر سنة أن يعرّف بشعراء منطقة وادي سوف الشعبيين،
وأن يثبّت النصوص الشعرية إلى أصحابها الحقيقيين، كما استطاع أن يؤسس قاموسًا للأفاظ
المحلية، واللهجات المتداولة حينها ، وهو القاموس الذي يشرح الألفاظ والعبارات
التي كانت، ولا تزال متداولة لدى البدو، والتي كان يوظفها الشعراء الشعبيون، ممّا
يعني الحفاظ على تلك اللهجات، التعريف بظروف العيش، وثقافة التعايش مع البيئة
البدوية الصحراوية.
ما يتميّز به الأستاذ
الباحث زغب أنه يتصل بالشعراء شخصيا أينما كانوا، ويقطع العشرات، بل الميئات
الكيلومترات في مجاهل الصحراء، وملاحقة الشعراء الشعبيين في حلّهم وترحالهم، حتى
الحدود التونسية الجنوبية الشرقية للتحدث معهم، وسماع أشعارهم، وتسجيلها ، ثم
التدقيق فيها، ومقارنتها مع غيرها الشبيهة لها في الوزن، أو المعنى، أو القافية،
وصولا إلى نسبة القصيدة لصاحبها الحقيقي، وهو عمل مضنٍ ..لكن عند الأستاذ زغب فيه
متعة.
كانت الجلسة ممتعة،
وتفاعل معها الحضور، وبدا ذلك من الحوار الذي جرى في نهايتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق