السبت، 23 أبريل 2016

الشّروق تكرّم رائد النّهضة والإصلاح


الشّروق تكرّم رائد النّهضة والإصلاح
         وتطلق "جائزة بن باديس للعلم والإبداع"
        في مهرجان تكريمي بمشاركة شقيق بن باديس وشخصيات علمية ودينية، أعلن المستشار الإعلامي مجمع الشروق الأستاذ علي ذراع أمس عن تأسيس جائزة بن باديس لتشجيع العلم والابتكار، وذلك خلال مهرجان تكريمي نظمه مجمع الشروق للإعلام والنشر لرائد النهضة والإصلاح الإمام عبد الحميد بن باديس، بحضور شقيق عبد الحميد بن باديس وعدد كبير من الشّخصيات الوطنية والدينية من تلاميذ مدرسة الإمام بن باديس، بينهم الوزيرة السابقة زهور ونيسي، ورئيس اللجنة الوطنية للدفاع عن اللغة العربية عثمان سعدي، وشيخ زاوية الهامل مأمون القاسمي، والأستاذ محمد الهادي الحسني.
         وقد بدأ مشروع الجائزة بمقترح من الأستاذ محمد الهادي الحسني، الذي عبر خلال كلمته عن أمنيته بتأسيس جائزة باسم عبد الحميد بن باديس، وهو المقترح الذي تجاوب معه المدير العام  لمجمع الشروق الأستاذ على فضيل وقرر إطلاق الجائزة، حيث تم تأسيس لجنة مؤقتة تضم كلا من صاحب المقترح الأستاذ محمد الهادي الحسني، والدكتور عبد العزيز فيلالي رئيس مؤسسة عبد الحميد بن باديس، وممثل عن مؤسسة الشروق، على أن يبدأ العمل بتحديد المجالات التي ستشملها الجائزة ووضع قانونها الداخلي.
        وقد لاقى قرار تأسيس جائزة بن باديس ترحيبا كبيرا من قبل الحاضرين في النّدوة التكريمية، الذين اعتبرها خطوة كبيرة في سياق الاهتمام بإرث الإمام عبد الحميد بن باديس، كما اعتبروا تكريمه من قبل مجمع الشروق اعترافا بفضله في إحياء الهوية العربية والإسلامية للشعب الجزائري، وهو ما أكده تلاميذه الذين تداولوا على المنصة وأجمعوا على أن تكريم بن باديس هو الأهم منذ انطلاق التكريمات للعلماء والمصلحين.

اقطعوا حبلكم السرّي مع فرنسا


  اقطعوا حبلكم السرّي مع فرنسا

      بينما تتعالى أصوات بعض مسؤولينا مندِّدة بحملة الإساءات الفرنسية لـ"الجزائر ورموزها"، ويلوّح مجلسُ الأمة بـ"تعطيل مسار العلاقات بين البلدين".. يستمرّ الكثيرُ منهم في مخاطبة شعبهم باللغة الفرنسية بكل تبجّح، ويتواصل تجميد مقترح قانون تجريم الاستعمار، وتجميد قانون التعريب، وتكثّفُ الوزيرة بن غبريط مساعيها لفرْنَسة التعليم وفق المناهج الفرنسية الموضوعة عام 2009 بمرسيليا، وبمحاصرة العربية وكذا التربية الإسلامية ومنحها معاملاً لا يتعدى الواحد؟!
      الدولة التي تغضب على دولةٍ أخرى أهانت رموزها بـ"نيّة مبيّتة" كما يقول مسؤولونا، لا ينبغي أن تكتفي بحملةٍ "كلامية" فارغة تنتقد فيها وتصرخ وتهدّد، ثم تواصل علاقاتِها معها وكأنّ شيئا لم يكن، بل وتمنح لها مدرستَها على طبق من ذهب لتقوم بفرْنستها كما شاءت تحت غطاء "التعاون في المجال التربوي"، وتمنح للغتها الاحتكار كلغةٍ "أجنبية" أولى تُهمّش من أجلها كل اللغات الحيّة.
       لا يمكن لمسؤولين تشرّبوا حبّ فرنسا حتى الثمالة، وأصبحت الفرنسية لغة مجالسهم واجتماعاتهم، وبها يخاطبون شعبهم، والمسؤولين الأجانب، ويمنحون مدرسة بلدهم للفرنسيين الذين لا يكفون عن إهانتهم، ويجمّدون قانون تعميم استعمال لغتهم الوطنية والرسمية منذ عام 1992 للإبقاء على هيمنة الفرنسية على مختلف الإدارات والمؤسسات ووسائل الإعلام والمحيط العام... مثل هؤلاء الذين يستمرئون الذل والهوان، لا يمكن أن يتجاوزوا الشقشقة الكلامية إلى الأفعال، ويتخذوا أيّ خطوة عملية ضد فرنسا، وكل ما يُقال عن الاتجاه إلى تكثيف تنويع العلاقات الاقتصادية مع العالم للخروج من ربقة التبعية الاقتصادية لفرنسا، هو مجرد تصريحات فارغة، فأين كانت كل هذه الإجراءات طيلة 54 سنة كانت فيها فرنسا لا تتوقف عن إهانتنا؟ هل اتخذ نظامنا أيّ إجراء عملي مؤثر غير رفض توقيع "معاهدة الصداقة" مع فرنسا عقب سنّ قانون تمجيد الاستعمار في فبراير 2005؟ ألم يعجز حتى عن الردّ عليها بقانون مضاد يجرّم الاستعمار؟
       الآن مرّت فرنسا إلى مرحلةٍ أخرى أصبحت فيها تطالبنا بالتعويضات عن الأملاك المزعومة لمعمّريها، وتقدّمَ 85 نائبا فرنسيا بمقترح قانون لتمجيد خونة الثورة وإدانة جبهة التحرير على التنكيل بهم بعد 19 مارس 1962، من دون أن تردّ هذه السلطة عمليا، أو تنبس جبهة التحرير و"الأسرة الثورية" المتهافتة على الريوع والمكاسب ببنت شفة، فأين النخوة والأنفة وعزة النفس؟ وماذا تفيد قيادة حملة كلامية جوفاء ضد فالس وفرنسا إذا لم نبعث على الأقل مقترح قانون تجريم الاستعمار ونصادق عليه ردا على هذه الإهانات الجسيمة؟
       لن نصدّق أن النخوة والأنفة قد ثارتا في نفوسكم إلا إذا أوقفتم هذا التذلل والتصاغر المستمرّين لفرنسا، وقطعتم الحبل السرّي الذي يربطكم بها.. أوقفوا "إصلاحات" بن غبريط وحافظوا على المدرسة الجزائرية الأصيلة والمتفتحة على كل اللغات الحيّة من دون تمييز أو احتكار، ابعثوا قانون تعميم استعمال اللغة العربية وكفى تدليلا للغة فافا وتمكينها من مؤسّسات الدولة، ارفعوا التجميد عن مقترح قانون تجريم الاستعمار، وافتحوا فرص الاستثمار لكلّ دول العالم ولتتوقف بقايا "دفعة لاكوست" عن محاباة الفرنسيين بها وعرقلة استثمارات الآخرين.. باختصار نريد الأفعال لا الأقوال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسين لقرع/ يومية الشروق:23 / 04 / 2016

الثلاثاء، 19 أبريل 2016

حصيلة السنة الثقافية " قسنطينة عاصمة للثقافة العربية "


  حصيلة السنة الثقافية " قسنطينة عاصمة للثقافة العربية "
   "780 حدث ثقافي و300 ألف صورة أرّخت للتظاهرة"
      ثمّن وزير الثقافة عز الدين ميهوبي تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية،ووعد بتقديم خارطة للمهرجانات بالجزائر خلال الأيام القليلة القادمة، كما تحدّث عن مشاريع أخرى مستقبلية.
       قدّم، أمس 17 أفريل 2016، وزير الثقافة عزالدين ميهوبي، خلال ندوة صحفية عقدها بقاعة العروض الكبرى أحمد باي بقسنطينة، حصيلة مختلف الفعاليات التي شهدتها تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، من 16 أفريل 2015 إلى 16 أفريل الجاري، حيث أعلن عن تسجيل فائض في الميزانية المبرمجة للتظاهرة بقيمة مليار دينار.
      حضر الندوة كل من محافظ التظاهرة بن الشيخ الحسين سامي، المدير العام لديوان الثقافة والإعلام، ووزيرة الثقافة السابقة نادية لعبيدي، حيث صرح الوزير أن هذه التظاهرة ليست ثقافة استهلاكية عابرة، وأن لغة الأرقام تشير إلى أن البرنامج الخاص بها قد تم احترامه بنسبة كبيرة، وأن تغطية الإعلام لحدث يدل على نجاحه، معلنا عن تسجيل 780 حدث ثقافي متنوع و300 ألف صورة أرّخت للتظاهرة.
      وذكر الوزير أن المجالات الثقافية السبع التي ميّزت التظاهرة “الملتقيات، النشر، السينما، المسرح، التراث، الفنون التشكيلية والأسابيع الثقافية” قد أنجزت، مردفا أنه تم إخراج 40 مسرحية جديدة، 10 منها للأطفال ستعمم على ولايات الوطن من خلال قوافل فنية، لتكون بذلك قسنطينة قد شاركت في الثقافة الاستثمارية، كما قال.
      وعن المطبوعات، فقد تم طبع 200 عنوان، حسب ذات المسؤول، مؤكدا أن عناوين أخرى بصدد الطبع ضمن صندوق دعم الكتاب، وستكون في متناول الباحثين، خاصة منها تلك التي تناولت تاريخ قسنطينة. أما بالنسبة للموسيقى، فقد شهدت التظاهرة توثيق وتسجيل الكثير من النوبات التي ستوزّع فيما بعد على المعاهد الموسيقية. أقرّ ميهوبي في سياق مختلف العراقيل التي واجهت مشاريع الترميم الخاصة بحفظ التراث المادي، واعتبرها صعوبات إجرائية في التعامل مع مكاتب الدراسات الأجنبية والتي حلت منذ فترة وجيزة بتدخل من الوزير الأول، مؤكدا أن الترميمات ستتواصل وأن المبالغ المخصصة لهذه العمليات مؤمنة. وعن ميزانية التظاهرة، قال المحافظ سامي بن الشيخ الحسين، أنه استلم 7 ملايير دج، استهلك منها 5.8 مليار دج، وتبقى 1.2 مليار دج سيتم إعادتها للخزينة، أو قد توجّه لمشاريع ثقافية أخرى بعد موافقة الوزير على ذلك.

تصنيف منزل مالك بن نبي كمعلم ثقافي
        تطرّق الوزير خلال الندوة، لمواضيع ثقافية أخرى، في إجاباته عن أسئلة وسائل الإعلام المختلفة، حيث أعلن عن تصنيف منزل مالك بن نبي بولاية تبسة كمعلم ثقافي، خلال الأسابيع القليلة القادمة، إلى جانب إعلانه عن مشروع فيلم عن حياة ماسينيسا. وفي هذا السياق، تمنى الوزير أن لا يتعرض فيلما “بن باديس” و«صالح باي” لنفس العقبات التي شهدها فيلم الأمير عبد القادر، الذي تطلبت المعارك التي جاءت في أحداثه الكثير من التقنيات، واعدا بإيجاد مخرج له عقب انتهاء تصوير الفيلمين السابقين. أما بالنسبة لخارطة المهرجانات التي كان يفترض أن تعلن عنها الوزارة خلال شهر مارس الماضي، فقد ذكر الوزير أنه تم إنقاذ بعضها من المقصلة، على حد تعبيره، وتم التركيز على كل ما له بعد دولي، وهي حوالي 22 مهرجانا سيعلن عنها عما قريب. وعن مشروعه الذي سيقدمه مع الفنانة ماجدة الرومي والذي تناقلته وسائل الإعلام، نفى الوزير أن يكون هناك أي مشروع في الأفق. متمنيا أن تؤدي الفنانة أغنية لشاعر جزائري، وقد صرح بأن منير الجزائري قدّم لها لحنا جميلا، غير أن الوقت كان ضيّقا ولم تتمكن من أدائه، لهذا فقد غنّت أنا لولية.

الثلاثاء، 12 أبريل 2016

"رسالة لكل معلم ومربي"


"رسالة لكل معلم ومربي"
     روى رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو" خلال كلمته التي ألقاها في اجتماع "تهئية المعلمين المرشَحين" قصته المؤثرة مع معلمة له من المرحلة الابتدائية تدعى "موزيّن"، صاحبة الأثر الأكبر في نفسه، والتي قامت بتوزيع أدوار من مسرحية أداها داود أوغلو مع أصدقائه في الصف، وكأنها حادثة استشراف منها نحو المستقبل.
      وبدأ داود أوغلو كلمته بقوله: "إن معلمي المرحلة الابتدائية والمتوسطة هم أصحاب المهنة الأشرف على الإطلاق، إن معلمتي "فتنت" في المرحلة الابتدائية لا يمكنني أن أنساها أبدا".
   
وتابع داود أوغلو كلامه بروايته لقصته المؤثرة مع معلمته "موزيّن" التي وكأنها استشرفت المستقبل في توزيعها لأدوار مسرحية كتبها آنذاك داود أوغلو، إذ قال: "قمت بكتابة نصوص عن مواضيع متعددة، وفي الموضوع الخاص عن الديمقراطية قامت المعلمة "موزيّن" باختياري لتأدية دور رئيس مجلس الوزراء، يومها لأول مرة في حياتي قمت بتأدية مهام رئاسة الوزراء، صعدت حينها فوق الكرسي، وأدليت بخطابي الأول كرئيس للوزراء إن صح التعبير، يبدو أن المعلمة "موزيّن" دعت حينها لي كثيرا حتى أصبحت بالفعل رئيسا للوزراء".
      
 وأفاد داود أوغلو أنه قام بالبحث المضني عنها، إلى أن تمكن من إيجاد عنوانها، فقال: "لم نقطع التواصل مع بعضنا البعض أبدا، سألت المخاتير كلهم عنها إلى أن حصلت على عنوانها الجديد، في كل عيد كنت أذهب مع أحفادي إلى زيارتها، وبقيت إلى جانبها حتى آخر لحظة، وكانت قد قالت لمن هم حولها: "في حال حصل شيء لي، اتصلوا بابني أحمد وأعلموه بذلك".
     
وتابع داود أوغلو: "قمت بالمهمة الأشرف في حياتي على الإطلاق عندما حملت نعشها على كتفي، وعملي هذا لم يكن لمزية بي أو لفضل عندي، إنما دليل على ما يمكن لمعلمة من المرحلة الابتدائية أن تترك من أثر في نفس طالبها، لا تتعاملوا مع الطالب على أساس أنكم ستعطونه الدرس ومن ثم ستنقطع صلته بكم".
   
وأوضح داود أوغلو أن مهمة المدرس لا تكمن في إعطائه للدرس فقط، ذاكرا قصة حصلت معه عندما كان مدرسا في ماليزيا، فقال: "إن التعليم لا يبقى محصورا بإعطاء الدروس فقط، التعليم هو أن يشعر الطالب باستمرار أن معلمه إلى جانبه، عندما كنت عضو هيئة تدريسية في ماليزيا، جاءني 50 طالبا، قمت بتوزيعهم فردا فردا آنذاك، أذكرهم كلهم، سأخبركم عن واحد من هؤلاء، في حادثة وقعت عام 1993، أيام حرب البوسنة والهرسك، إذ كان لدي طالب اسمه "أدهم، وكان يحدثني عن محبته الكبيرة لأخت له، ذات يوم استشهدت أخت أدهم عندما كانت واقفة على الشرفة بسبب الحرب الدائرة، ولم يتمكن أصدقاؤه من إخباره لفرط محبته بها، قمت بدعوته إلى منزلي لتناول الفطور معي، ولكي أخبره بالخبر الموجع، تناولنا الفطور، لم أتمكن من إخباره، قلت له لنذهب إلى تأدية صلاة التراويح، انتهينا من الصلاة لم أتمكن من إخباره، وفي النهاية سألني أدهم: هل أصيب أحد أفراد عائلتي بمكروه، فأخبرته، أذكر يومها بكينا سوية حتى الصباح".
 
     وأكمل داود أوغلو قائلا: "بعد أن تعيشوا مثل هذه المواقف مع طلابكم، وبعد أن تهتموا به، لا يمكن للطالب أن ينساكم أبدا، تعلمت هذا الأمر من معلمتي موزيّن".

الاثنين، 11 أبريل 2016

الوزير الأول الفرنسي في بلده الثاني ( الجزائر)


الوزير الأول الفرنسي في بلده الثاني ( الجزائر)
بقلم: بشير خلف
        الوزير الأول الفرنسي في القاعة الشرفية بعد نزوله بمطار هواري بومدين يوم السبت 09 أفريل 2016 خاطب الجزائريين ، كما خاطبهم يوم الإثنين 10 من نفس الشهر بعد نهاية زيارته الرسمية..خاطبهم باللغة الفرنسية ــ وهذا من حقّه ـــ تصريحاه لم تشأ القناة الثالثة الجزائرية قناة كل الجزائريين ، إرفاقهما بترجمة عربية يفهمها كل الجزائريين ، بفعلها هذا المُشين، والمناقض تمامًا لهُويّة الأمة الجزائرية، وكذا المادّة الثالثة من الدستور؛ وكأنها تقولها صراحة للجزائريين : عليكم أن تفهموا ما يقوله هذا المسؤول ، كما عليكم أن تتعايشوا مع اللغة الفرنسية أحببتم، أم كرهتم، وأنّ فرنسا بلدٌ صديقٌ؛ بل أننا بلد واحدٌ ما دامت لغة فرنسا، والجزائر لغة واحدة.
      عكس القناة الثالثة قناة كل الجزائريين الحريصة على فرنسة الجزائر، الإذاعة الجزائرية  القناة الأولى حرصت على إرفاق التصريحين بترجمة راقية.

السبت، 9 أبريل 2016

التنمية الثقافية.. البعـد الباهت في حياتنا !!


               التنمية الثقافية.. البعـد الباهت في حياتنا !!
بقلم : بشير خلف
       يَعـــتبِرُ العديد من المفكرين، والمختصين بالشأن الثقافي أن تغيير البُنية الثقافية للمجتمعات هو المدخل الصحيح إلى التنمية؛ كما أن مفهوم التنمية ليس مرتبطا بالعوامل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية وحدها، بل بثقافة المجتمع كله. ذلك أن كل الدول في العالم المتقدم، والبعض ممّا يُسمّى بدول العالم الثالث أدركت أن الثقافة، هي المفتاح السحري، والدواء الناجع والحل الأمثل لكل أمراض التخلف،  وعوائق التنمية؛ حيث أن  هناك ثقافتين تؤثران في التنمية: الأولى ثقافة التقدم التي تدفع بعجلة التنمية، والأخرى ثقافة التخلف التي تُــحيل أحلام التنمية إلى كوابيس.
        إن الثقافة الأولى ـ ثقافة التقدم ـ هي ثقافة الاستنارة التي تُعطي الأولية للعقل وتنحاز إلى الابتداع على حساب التقليد، وتُــشيع مفهوما مُوجبا عن الإنسان القادر على صُنع العالم الذي يحلم به بإرادته الخلاقة مختارا، فاعلا، مُــريدا دون قيد مفروض عليه. إن ثقافة التقدم في نظر جابر عصفور المفكر المصري، إنْ كانت ثقافةً للتنوع الخلاق من منظور إنساني واسع، فهي ثقافة الحرية، والعدل، وحق الاختيار، والاختلاف،  وحرية التعبير، والتفكير.
      إن دور الثــقافة في التنمية يجب ألا يُــفهم على أنه يؤلف جزءا من التنمية وأهدافها الرئيسة ، أو أنه دور ثانوي، أو مساعد على انجاز التنمية بنجاح فحسب ؛ وإنما يجب أن ينظر إليه على انه جوهر العملية التنموية التي هي عملية إنسانية تتعلق بكيان، ووجود، وكرامة الكائن البشري الذي هو مصدر التنمية وغايته. إن التنمية البشرية الشاملة في كل مناحيها وصيغها  تتضمن عنصرا أخلاقيا " لأنها تمس حياة البشر في المحل الأول؛ فالإنسان هو مصدر التنمية وغايتها " كما  أن قرار التنمية هو " قرار اجتماعي أخلاقي، وليس قرارا اقتصاديا خالصا ".
         إن العلاقة بين الثقافة والتنمية هي علاقة عضوية، وأن دور الثقافة في التنمية الشاملة هو أساسي ، فتحسين ظروف العيش الإنساني لم يعد يُـترجم فقط بزيادة المداخيل، بل يفرض تحسيناً مستمراً لنوعية الحياة نفسها، كما يفترض تطلّعاً إلى قيم جديدة. هذا البحث الدؤوب عن القيم هو بالنتيجة مسار ثقافي يعبّر الفرد من خلاله عن كرامته الأساسية، وتساويه مع الآخرين عبر الاتصال، والخلق، وإعطاء معنى للحياة.
       إنّ الإنسان هو محور وهدف التنمية في آن معاً. فمن جهة، تهدف التنمية إلى بناء الإنسان بناء معنويًا، وعن هذا الهدف تتفرّع بقية الأهداف الثانوية الأخرى من اقتصادية واجتماعية. ومن جهة أخرى، فإنّ الإنسان هو الذي يسير ويشارك وينفّذ التنمية. وهو بالتالي “جسداً وفكراً" مليءٌ بالمشاعر، والأحاسيس، والأفكار، والمعتقدات ، والمواقف، والاجتهادات والتطلّعات ،والرغبات. وهذا كلّه يشكّل عوامل حاسمة في عملية تسيير التنمية وتوجّهها في هذا الاتجاه.

  الغزو الفكري وهْمٌ أم حقيقة كتب: بشير خلف       حينما أصدر المفكر الإسلامي، المصري، والمؤلف، والمحقق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأ...