الجمعة، 20 مايو 2022

 

من كتابي الجديد، العدد27 :

     " إيقاعاتٌ على الرّمْل" الذي صدر منذ يوميْن:

علاقة الإنسان السوفي مع الرمال.. روحية تلازمية

بشير خلف

      رافــقت الرمالُ الذهبية الناعمة الإنسانَ السوفيَّ في مأواه الأسري، فكانت للرمال في المنزل التقليدي مساحتها المفضّلة وسط ساحة المنزل المُسمّى " الحوش".. المساحة المفروشة طبيعيا للعب الأطفال، ولتسهيل تنقُّـل أفراد العائلة حُــفّاة من غرفة إلى أخرى، ولتناول العشاء مجتمعين، متحلّقين حول القصعة، ثم قضاء السهرة معًـا متجاورين، فإذا عَــنّ لهذا، أو تلك النوم فلْيتمدّدْ في مكانه، والرمالُ فراشُه، والنسيمُ البحْري الليلي الآتي من خليج قابس شرْقًا يُهدهده.



     لا نـمرّ دون ذكْر غرفة الكبار المخصّصة عادة للجدّة، والأم عـنما تتقدّم في العمر، الغرفة التي تكون دون بابٍ مُواجِهة الجنوب لدخول أشعّة الشمس للتدفئة شتاء، مفروشة بطبقة سميكة من الرمال الذهبية الناعمة، هي غرفة للنوم، كما هي غرفة لتجمّع الكل: الكبار، والصغار.

       وحتّى عندما تطوّر البناء، وتخلّى سكّانُ المنطقة عن موادّ البناء التقليدي، وصنوف العمران التقليدي، وجنحوا إلى البناء العصري المُــنْشإ بالقوالب الإسمنتية، والطوب الطيني (الياجور) لبناء القصور، والفيلّات فإن الساحة الرملية لتجمّع الأسرة، وتناول العشاء معًا، والتمتع بالسهرات الصيفية، وكذا غرفة خارجية مفروشة بالرمال بقيت لها مكانتُها المفضّلةُ، واعتبارُها الروحيُّ التاريخيُّ.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الغزو الفكري وهْمٌ أم حقيقة كتب: بشير خلف       حينما أصدر المفكر الإسلامي، المصري، والمؤلف، والمحقق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأ...