الأحد، 13 يناير 2013

جبران.. في عيد ميلاده ال 130


جبران.. في عيد ميلاده ال 130
كتب أحمد فاضل عن الراحل جبران خليل جبران الأديب اللبناني المهجري
   الذي كلمني بصمت ..
أنا حي مثلكم
وأنا الآن إلى جانبكم
أغمضوا عيونكم
أنظروا حولكم
وستروني ..
(جبران خليل جبران)
           مرت علينا الذكرىالثلاثون بعد المائة لوفاة عبقري الأدب المهجري " جبران خليل جبران " بصمت كما كان رحيله ، لكنني وكعاشق لصاحب الناي الذي تغلغلت كلماته أركان السهل والجبل ، وتسلقت اشجار الأرز لم تفتني زيارته وهو ممسك بكتابه " النبي " ويجلس في غرفة مفتوحة من الطابق الثاني لمتحف الشمع الذي يقع عند مفترق الطريق المؤدي الى مغارة جعيتا الشهيرة بعد حوالي 12 كيلومترا من العاصمة بيروت .
       في هذه الدارة القديمة والانيقة بنفس الوقت أقام الاخوة معلوف متحفهم الشمعي لكبار الشخصيات الادبية والفنية والسياسية ليس مقصورا على لبنان فقط بل استضاف على أرضه نخبا أخرى من أنحاء العالم ، لكنني وأنا أطأ بقدمي سلالم ذلك القصر بعد أن علمت من المرشدة السياحية أن جبران ينتظرني في غرفة مكتبه ، انتابتني رعشة خفيفة أحسست بعدها أن نداء جبران لي رفع عني رهبة لقياه فتقدمت بخطى وئيدة نحوه حتى إذا ما وقفت أمامه سقط عني خوفي فالتقت عيناي بعينيه وشعرت بشيئ يتحرك فيه وسمعت كلماته اقترب ايها المفتون بي ..
       حاولت ان أمد يدي اليه ، لكنه أومأ لي برأسه مكتفيا هكذا بتحيتي وعاد ثانية قائلا:
- متى عرفتني ؟
            قلت :
- بيني وبين معرفتك سنوات طويلة سبقت بياض شعري وانحناءة قامتي ، تعرفت عليك وأنا بعد صغير على القراءة ، ولما لامست كلمات شعرك شغاف قلبي أحببتك وحفظـــت منها :
عجـــبا أتوحشني وأنت إزائي
وضياء وجهك مالئي سودائي
لكنـه حـق وإن أبــــــت المنى
أنا تفرقــــــــــــــــنا لغير لقاء .
         طأطأ جبران رأسه برهة ثم ما لبث ان نظر الىّ ثانية وتمتم بكلمات لم يسمعها غيري :
- ايمكنك ان تقرأ عليّ المزيد فالشاعر يحب ان يسمع قصيده من غيره حتى يكتشف فيه مواطن الجمال .
ذاك الهوى أضحى لقلبي مالكا
ولكل جانحــــــة بجسمي مالئا
فبمهجتي نـوران بركان جوى
وبظاهـري شخص تراه هادئا
         وبعد ان انهيت قراءة هذه الابيات وجدته على حاله شاخصا بناظريه الى الارض ولمحت دمعة حيرى حاولت ان تختبئ لكنها سقطت اخيرا فلم اجد لها اثرا ، ثم نظر اليّ ثانية وقال :
       هذه الابيات واخرى كثيرة تذكرني برحلتي الى أمريكا ، فقد غادرنا بيروت اليها عام 1885 بعد ان اشتد علينا الفقر ولم يكن أمامنا الا الهجرة بعد أن سمعنا ما سمعنا عن أمريكا ، فحاولت ان اكون رساما بعد أن شجعتني والدتي لكن سحر الكلمة تغلب على الالوان وهكذا تنزلت على فمي آيات من النثر والقصيد زادها حب تملك الروح فكانت تلك الابيات ترجيع لصداه ولي ايضا :
على رغم النوى أبقى قريبا
وليس بضائري بعد المكان
إذا ما فات عيني أن تراكم
ففي قلبي أراكم كل آن
- اعرف انها قيلت ل......
وقبل ان أكمل كلامي صاح بي :
- أرجوك دع الاسماء فاني لم أحاول ان أذكرها في كل ما قلته ، وسيبقى طيفها الجميل يحوم في حلي وترحالي أنا حييت وأنا مت .
       علمت ان كلامي حول " مي زيادة " يؤلمه فأردت ان أغير الموضوع فانتقلت بالحديث الى مشواره الأدبي والفني وكيف كانت هي البداية ، اجاب :
- لا يخفى عليك أن بداياتي كانت مع " دمعة وابتسامة " عام 1814 لكنها لم تكن سوى جمع لمقالات بالعربية وعددها 58 مقالة ، نشرت في المهجر وقد ترددت في نشرها لأن اسلوبها كان غير معروفا في الادب العربي ، فقد اتخذت تلك المقالات شكل قصيدة النثر كما تطلقون عليها الآن ، وفيها نفحات انسانية وضمت كذلك تأملات في الحياة والمحبة واوضاع بلادي ، وفي تلك الفترة شعرت بالحاجة الى الكتابة بالانكليزية فقرأت شكسبير وأعدت قراءة الكتاب المقدس مرات عديدة بنسخة " كينغ جيمس " وعكفت على قراءة الوان مختلفة من الادب الانكليزي لأن لغتي كانت محدودة ولأجله فقد عملت طويلا حتى أتقن لغة شكسبير دون أن اتخلى عن لغتي الأم العربية .
         وفي هذه الاثناء شاركت في مجلة جديدة تدعى " الفن السابع " والتي كان ينشر فيها كُتاب مشهورون مثل " جون دوس باسوس " و " برتراند رسل " وقد اصبحت مشهورا في الاوساط النيويوركية ، حيث نشرت رسومي ونصوصي الاولى بالانكليزية فيها ، تلك كانت البداية .
- بعد ان عززت من مكانتك الادبية والفنية في أمريكا جاءك الروائي الفرنسي "بيير لوتي" وقدم لك نصيحة ؟
- نعم .. اذكرها .. عبر لي لوتي عن قرفه من صخب أمريكا وقال لي جملة لازالت عالقة في ذهني : أنقذ روحك وعد الى الشرق ، مكانك ليس هنا ..
- ولكن حسب معلوماتي ، لم تلتزم بكلامه وبقيت في ذلك الصخب حسب تعبير بيير لوتي .
- أجل، فقد كنت بحاجة الى الانطلاق اكثر هناك وكانت عودتي تلح علىّ إلا انني جابهتها بالرفض ، كانت ثمة قوى خفية تتصارعني بالبقاء أو الرحيل وعندما أصرت الافكار على البقاء سافرت روحي وحيدة الى أرض الاجداد وها أنت تراني في بيروت ولا تراني ..
           توقفنا تحن الاثنان برهة عن الكلام فقد كنت بحاجة الى تأمله اكثر حتى أراه قبل ان لا أراه ، كانت له ملامح أهل قريته ، وجه ملوح بالسمرة ، وأنف بارز ، وشارب اسود كثيف ، وحاجبان مقوسان ، وشعر معقوص قليلا ، وشفتان ممتلئتان، وجبين عريض مهيب ، وعينان يقظتان تنمان عن ذكاء ، قصير القامة ذي ابتسامة مشرقة موحية ببراءة الاطفال ، حرك لايتوقف كأنه شعلة من اللهب ، لكنه ومع كل ذاك التوصيف كنت أراه حزينا ، محب للعزلة كما قرأت عنه ، فالوحدة عنده تعني صمت تقتلع كل الاغصان الميتة ، لكنه يجد لذة في العمل ، أنوف ، وبالغ الحساسية ، ولا يتسامح مع أي نقد ، مستقل وثائر بطبيعته ، يأبى الظلم بأي شكل ، كان يدخن كثيرا فقد كتب الى " ميري " صديقته الحميمة وخازنة أسراره : ( دخنت اكثر من عشرين سيكارة ، التدخين بالنسبة لي هو متعة وليس عادة مستبدة ، وليلا ، كي ابقى متنبها واستمر في عملي ) ، كان يتناول القهوة بشراهة ، ويعشق الحمامات الباردة ، إلا أن اسلوب الحياة إياه بدأ ينهك جسمه ويضفي عليه ملامح الكبر .
          جبران أحس انه كلما امسك بالقلم أو الريشة يجد ان اصابعه لاتقوى على الامساك بهما فيتركهما برهة حتى اذا شعر بزوال ذلك الارتعاش عاد ثانية اليهما ، لأن مشروعه الذي بدأ به منذ سنوات طويلة لابد ان ينهيه .
         كتاب " النبي " موضوع واسع يحتاج منه الغوص في فلسفات الأمم وتجلياتها ولذا راح يترقب وصول رجالات الفكر والفلسفة الى أمريكا للإلتقاء بهم والتحاور معهم لإغناء ذلك الموضوع ، فمر به شاعر الهند الاكبر وفيلسوفها " رابندرات طاغور " عام 1916 ، عوضا عن " برتراند رسل " الذي تعرف عليه سابقا ، ومع اقتراب الحرب العظمى الأولى من نهايتها استطاع جبران من كتابة مقاطع جديدة من النبي تتوائم وتلك المعرفة التي اكتسبها من شخوص فكرية لكنه في نفس الوقت انجز كتابه " المجنون " وتلك هي سُمات عبقريته ، هنا حاولت أن أخرج من ارشيف الذكريات التي امتلئت بها خزانة افكاري بعد ان شاهدته يلتفت اليّ ليكلمني لكنني سبقته بالكلام :
- سيدي .. لماذا كتبت المجنون بالذات ؟
- هذا الكتاب شكل منعطفا في مسيرة أعمالي ، فقد تميز بالبساطة ، واللهجة الساخرة والمرارة احيانا ، وليس فقط لأنه أول كتاب لي بالانكليزية بل لما فيه من تأمل وسمو روحي .
- لكنك جعلت منه مدخلا لأعمال فلسفية اخرى تناولتها فيما بعد خاصة في عمل كالمواكب مثلا ؟
- أجل .. " المواكب " ، كانت قصيدة طويلة نشرتها عام 1919 تألفت من مائتين وثلاثة أبيات ، فيها دعوة للتأمل كتبتها على شكل حوار فلسفي بصوتين يسخر أحدهما من القيم المصطنعة للحضارة ، والآخر يبدو اكثر تفاؤلا لذا تجده يغني أناشيدا للطبيعة ووحدة الوجود ، هذا الكتاب تميز بتعابيره البسيطة ، الصافية ، والتلقائية 
- أعمالك هذه هل هي محاولة منك لإخراج الأدب العربي في المهجر من شكله القديم والراكد ، أم انها تقليد كما عرفناه على يد كثير من أدباء عصرك آنذاك ؟
- هذا السؤال يعيدنا الى عام 1920 حينما اجتمع حشد من الأدباء السوريون واللبنانيون في نيويورك لاخراج الأدب العربي من ركوده ، وفيه قررنا تأسيس تنظيم يتمحور حول الحداثة التي بدأت تنتشر ايضا في واقع الأدب الغربي ، ويكرس لجمع الكُتاب وتوحيد جهودهم لخدمة الأدب العربي ، وانبثقت منه رابطة اسميناها " الرابطة القلمية التي ضمت بين صفوفها " إيليا أبو ماضي " و " ميخائيل نعيمة " و " عبد المسيح حداد " وآخرون تعهدت الرابطة بنشر أعمال أعضائها وأعمال الكتاب العرب الآخرين ، وتشجيع تعريب أعمال الأدب العالمي ، وقد وصلت أصداء انبثاق هذه الرابطة الى عموم الوطن العربي ، فكانت هي اللبنة الأولى لأدب المهجر واستطاعت أن تقدم نماذج أدبية رائعة تلقفتها ذائقة القارئ العربي المتعطشة لهذا التجديد .
         هنا ودعت جبران الذي حدجني بنظرة فهمت منها أنه سيلقاني مرة ثانية فهو لا ينسى أحباؤه بسهولة 
        جبران الذي كان يكلمني وكتاب النبي مازال ممسك به ، فأحببت ان يقرأ لي منه ، إلا اني شعرت كمن يهمس في أذني قائلا :
- عذرا .. سيدي .. المتحف سيقفل أبوابه ولم يبق أمامك سوى أن تودع اديبنا الكبير ، وقد يكون هنالك موعد ثان للقياه في زمن قادم غير هذا ، فجبران الذي ودعنا بروحه موجود في ضمائرنا وفكرنا وغيومه لازالت تمطر علينا دررا من أدب رفيع وقصائد .  


رحيل الفنان التشكيلي العراقي عصام الجبوري
         بحزن بالغ الأسرة الثقافية العربية وبخاصة الأسرة التشكيلية خبر وفاة الفنان التشكيلي العراقي عصام الجبوري فجر اليوم الأحد 13 جانفي 2013، في مكان اقامته في مدينة "لاروشيل" في فرنسا.
        تخرج الراحل عصام الجبوري من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1969/1970 . وعمل رساماً في مجلة "مجلتي" للأطفال.
يقول عنه الفنان فيصل لعيبي الذي عمل معه آنذاك في هذه المجلة :
كان شاباً طموحاً ونشطاً في مجال الرسم، وقد جمعتنا معاً مجلة "مجلتي" للأطفال ، وكان من أنجح رسامي المجلة، وله شخصيتان كانتا تتصدران رسوم المجلة وأغلفتها، اسمهما (غسان ومفيد) على ما اذكر. لقد كان فناناً لم يعرف كيف يستثمر قدراته ، وكان إنساناً طيباً وخلوقاً ، قضيت معه أوقاتاً حلوة ، عندما زرته في مدينة "لاروشيل" ، وقد أكرمني وجهد على راحتي هناك
        ويقول عنه الفنان نعمان هادي :
لقد غادرنا بغداد عصام وأنا، في نفس اليوم وعلى نفس الطائرة بتاريخ 17/08/1971 باتجاه فرنسا، وواجهنا معاً محنة البقاء في باريس والتنقل فيها من مكان لآخر بحثاً عن سكن، وقد مارس عصام في حينها بعض الحِرَف اليدوية في سبيل توفير مصروفاته اليومية، منها عمل حقائب يدوية جلدية كانت موضة سائدة آنذاك في أأوساط الشباب ... واستمرت علاقتنا في باريس في المراحل الأولى إلى حين مغادرته باريس وتوجهه  إلى مدينة "لاروشيل" الفرنسية واستقراره فيها، بعدها اقتصر التواصل بيننا على المكالمات الهاتفية واللقاءات المتباعدة. 
        ويتحدث الكاتب فلاح الشكرجي عن أعمال الفنان الراحل:
تتنوع تجربة (عصام الجبوري) ما بين الرسم والنحت ورسوم الأطفال، وتصميم ديكورات العروض المسرحية،ورغم هذا التنوع يبقى الفنان ملتزماً برؤيته الخاصة في توظيف الأشكال الرمزية وإعادة إنتاجها رمزيا لتصبح قادرة على تحمل مسؤولية المضمون الفكري المراد التعبير عنه؛ ففي أعماله دوما ترتسم الرغبة في التعبير عن فكرة وهاجس نقل الشعور نحو الآخر والتواصل مع عديل الروح المنشود والمتخيل لردم الفجوة التي صنعتها سنين الغربة في داخله من ريعان الشباب وحتى الكهولة.

         وعلى الرغم من تماسه المتواصل مع المهيمن الثقافي المتمثل بالأوساط الفنية، ومناخات باريس المترعة بالإبداع والتجريب وقدرته على التواصل مع تحولات بنية العمل الفني التي تفرزها أساليب الحداثة وما بعدها أولا بأول نجده مازال وفيا لإشكالية عصرنة الموروث التي أطلقها الراحل الكبير أستاذه وأستاذ الفن العراقي المرحوم(جواد سليم) والتمسك بالهوية واختزان رموز التراث والأشكال النحتية الرافدينية، وكأنه يسعى للمحافظة على ذاته من براثن التوحد والغربة في زحمة أضواء المدينة التي لا تنام الليل، ولا تذكر أحدا في الصباح.    

الندوة الفكرية التاسعة: الإنسان والعمارة



                      الرابطة الولائية للفكر والإبداع بولاية الوادي
                      برنامج الندوة الفكرية التاسعة
            برنامج الندوة الفكرية  التاسعة " الإنسان والعمارة " المزمع تنظيمها بدار الثقافة ـ وسط المدينة ـ بالوادي أيام: 26. 27 . 28 جانفي 2013
   الإشكالية 
           تختزن فنونُ العمارة إرثًا اجتماعيًا،وثقافيا متعدّد الجوانب،والمؤشرات المادية والنفسية، ويصحّ اعتبارها أحد معالم هويّة كل أمّة وشعْبٍ.
       تـمسّ العمارة بشكل مباشر حياة الفرد،والمجتمع؛كما تجسّد الحيّزات الداخلية،والكُتل والتشكيلات الخارجية للعمران هُويّته،إضافة إلى التأثير البصري والنفسي في المادة والروح معًا.
          إن العلاقة الجدلية بين العمارة والإنسان تربط المفهوم العمراني بالأبعاد الاجتماعية والبيئية والثقافية والاقتصادية والنفسية لهذا الكائن الحي المفكر الذي أنتج الثقافة والعمارة معا.
          ومن المعروف عن المدن الصحراوية أنها كانت مرآة تعكس الوجه الحقيقي للمدينة العربية الإسلامية بما تحتويه من قيم روحية، واجتماعية، واقتصادية، وثقافية تستمد جذورها من تعاليم الدين، وما اقتضته الظروف المناخية وتلبية متطلبات وحاجيات المجتمع.
        الإنسان الصحراوي منذ القدم، ونظرا للظروف الطبيعية الصحراوية القاسية استطاع التأقلم مع هذه الأخيرة، وذلك من خلال إنشاء المدن، والبلدات  ذات الطابع الخاص والمميز،والذي يتمثل أساسا في القصور المنجزة بالطين والطوب،أو بالجبس،أو المساكن التقليدية المنجزة  بجريد وجذوع النخيل.
        منزل الإنسان الصحراوي به من الميزات الجمالية، والطبيعية، والتكييفية ما يجعله متوافقًا مع ساكنيه نفسيا وروحيا، ووجوديا.
         من هنا ينطلق التفكير في الإشكالية وفق المحاور التالية:
محاور الندوة
المحور الأول:
ـ العلاقة الجدلية بين العمارة والإنسان.
ـ أثر الفضاء العمراني في السلوك الإنساني.
ـ التطوّر العمراني في الجزائر، وما ترتب عن ذلك من تغريب للخصائص المحلية الوطنية، وتضييع للهُويّة.
المحور الثاني:
ـ العمارة الصحراوية وعلاقتها بالإنسان.
ـ العمارة الصحراوية في الجزائر: الخصائص، المميزات، التنوّع.
ـ تطوّر العمارة الصحراوية ومرافقتها لتطوّر الإنسان الصحراوي.
ـ الجوانب العمرانية التراثية ما لها وما عليها، وإمكانية التواصل مع التراث العمراني، والاستفادة منه.
المحور الثالث:
ـ  العمارة والإنسان في" وادي سُوفْ "
ـ خصائص العمارة السوفية كنموذج متفرّد.
ـ العلاقة الروحية والفيزيولوجية، والبيئية الجمالية بين الإنسان السوفي ومحيطه العمراني.
                       أسماء بعض الأساتذة المدعوين المشاركين
1 ـ الدكتور موفق طيب شريف/ جامعة أدرار
2 ـ الأستاذة دليلة مومي / المركز الجامعي خنشلة
3 ـ الأستاذ بوشلوش عبد الغني / معهد الهندسة المعمارية جامعة قسنطينة
4 ـ الأستاذ إبراهيم هياق /جامعة بسكرة
5 ـ الدكتور بن الدين بخولة/الثانوية الجديدة تيارت
6 ـ الأستاذة حاكم مليكة/ جامعة سعيدة
7 ـ الدكتور عاشور سرقمة/ جامعة غرداية
8 ـ الأستاذ بوبكر منصور/جامعة الوادي
9 ـ الأستاذ محمد حاجي/جامعة المسيلة
10 ـ الدكتور أحمد زغب / جامعة الوادي
                                                              رئيس الرابطـــة

                                                                  بشير خلف

الجمعة، 11 يناير 2013


شركة آبل تفرض رقابتها على كتاب عربي اعتبرته إباحيا
يبدو أن غلاف كتاب "برهان العسل" الشهير للسورية سلوى النعيمي لم يرق لشركة آبل التي حذفت النسخة الصادرة باللغة الإنكليزية في الولايات المتحدة من موقع مبيعات مكتبة "آي تونز ستور" للكتب الرقمية بتهمة أنه إباحي..
النسخة الفرنسية للكتاب
أعلنت دار النشر الأمريكية "أوروبا إيديسيون" على موقعها في شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك أن "آبل قررت حذف نسخة "برهان العسل" للكاتبة سلوى النعيمي، والتي صدرت ترجمتها الإنكليزية عام 2009، من مكتبة "آي تونز ستور" لبيع الكتب الرقمية بسبب "الغلاف غير المناسب" . وأضاف الناشر "أغلقوا عيونكم وآذانكم فالغلاف يظهر مؤخرة" امرأة وظهرها العاريين.
ومن الغريب في الأمر أن النسخة الفرنسية الصادرة عن دار "روبير لافون" للنشر في 2007 لا تزال متاحة للبيع. وكانت عدة مواقع إخبارية وصحف خاصة الناطقة بالإنكليزية أول من استنكر هذا الأمر على غرار "ذي هوفينتونغ بوست" و"ذي غارديان" التي ذكرت أنه سبق لآبل أن مارست هذا النوع من الرقابة فهي غطت بالنجوم جزء من عنوان رواية "فاجينا" أي "فرج" لناومي وولف ثم تراجعت ورفعت عنه النقاب تحت ضغط رواد الإنترنت. وأكدت "روبير لافون" أنها تعد بيانا في الغرض "نستغرب فيه كيف تمنع آبل أمريكا غلافا تتيحه آبل فرنسا... ونستغرب الرقابة الآلية العبثية التي تمارسها آبل على بعض العناوين والتي تطال حتى كتب الأطفال، فتحذف مثلا "نيك" من عنوان "بيك نيك"" وتعني "بيك نيك" بالفرنسية "رحلة في الطبيعة".
الكاتبة سلوى النعيمي

وعرفت شركة "آبل" بعفتها لمنعها بعض التطبيقات التي اعتبرتها خادشة للحياء من هواتفها الذكية. وتواترت ردود فعل القراء على موقع "أوروبا إيديسيون" حول القضية فأكد أحدهم أن "الأمر ليس مفاجأ فقد اعتادت الشركة هذا السلوك منذ إطلاقها أول "آي فون" وهو أحد الأسباب التي جعلت الأشخاص المهتمين بالتكنولوجيا الرقمية يكرهونها تدريجيا". وندد آخرون بما أسموه "عار آبل" و"سخافتها" فأضاف أحدهم "قرأت الكتاب قبل بضعة أشهر ولم أجد فيه أي شيء صادما... ماذا يجري اليوم؟ هل نحن نعيش حقا في القرن الـ 21 ؟" وأضافت ثالثة "دعوني أتثبت من الروزنامة، فهل هي "كذبة نيسان"؟"..
أول كتاب عربي يخضع لرقابة غربية
ولعل الجديد في الأمر أن "برهان العسل" هو أول كتاب عربي يخضع لرقابة "غربية". فتعود رواية سلوى النعيمي مرة أخرى إلى الواجهة لتفجر الجدل بعد أن هزت العالم العربي بعد صدورها في 2007 عن دار رياض الريس بلبنان ثم ذاع صيتها عبر العالم وترجمت إلى 19 لغة. واتصلنا بالكاتبة سلوى النعيمي فقالت إن "الأمر بالغ الخطورة" ثم أضافت مازحة "يبدو أن خطورة كتابي صارت عالمية".
النسخة العربية للكتاب - الطبعة الأولى

وأكدت لنا سلوى النعيمي أنها المرة الأولى التي تتعرض فيها للرقابة الغربية بعد أن منع كتابها في بعض البلدان العربية إثر صدوره ونفترض أن الأسباب كانت مخالفة لدوافع آبل وإن كانت لا تبعد عنها شكلا، فسلوى النعيمي أبرزت عبر كتابها مكانة الجسد والجنس في الثقافة العربية والإسلامية في حياة امرأة معاصرة عبر القرآن والأحاديث النبوية وكتب السيوطي والتيفاشي وغيرها من المخزون الجماعي الذي كان أكثر حرية في تناول موضوع الجنس من مجتمعاتنا اليوم المكبلة بالتابوهات. وكان لـ"برهان العسل" الفضل في إفادة العرب والمسلمين بما يجهلونه أو نسوه عن حضارتهم ومن جهة أخرى في إسقاط الأفكار المسبقة التي يملكها الغرب عنها والتي عادة ما يعتبر انغلاق المجتمعات ومحرماتها عائدة إلى الإسلام وطبيعة الثقافة العربية...
وأخبرتنا سلوى النعيمي بأنها لم تكن يوما تتوقع أنها ستتعرض يوما للرقابة في بلد غربي "ولا في بلد عربي" وأن "ردود فعل القراء والنقاد على جميع مستوياتها، سلبية كانت أو إيجابية، تتعلق بأهمية ما جاء في برهان العسل وأظن أنه لم يرد في أي عمل وهو الربط بين الحرية الجنسية والثقافة العربية الإسلامية. أنا حرة لأنني بنت هذه الثقافة".
ورأت سلوى النعيمي في الأمر "فضيحة" وقالت "تعودنا نحن الكتّاب العرب على عشوائية الرقابة فليس هناك أي قانون يضبطها، عندما منع كتابي في سوريا، كان هناك 40 كتابا ممنوعا في نفس الوقت ولأسباب متعددة ومختلفة". وسألناها إذا كانت ترجح أن لخطوة آبل علاقة بأصولها السورية أجابت أنها لا تعرف أبدا حقيقة دوافع الشركة وأن "الرقابة أيا كان البلد الذي يمارسها وإن كانت الولايات المتحدة تبقى غبية، فهي مجرد خوف من ردود فعل وشكاوى بعض القراء...". وأضافت سلوى النعيمي أن الرقابة غبية لأنها في كل مرة تمارس فيها ترتفع المبيعات لأنها تحفز الناس على الفضول.
النسخة العربية للكتاب - الطبعة الثالثة

       وقررت دار "أوروبا إيديسيون" كرد على عبثية الموقف إتاحة شركات أخرى غير آبل بيع الرواية بأسعار أرخص حتى يتمكن القراء بأنفسهم من التثبت إذا كان الغلاف يناسبهم أم لا"، ثم أعلنت دار النشر في وقت لاحق أن كل المكتبات الرقمية رفضت تسويق الكتاب معتبرة أن محتواه وأسلوبه إباحيان وأنهما فضيحة. وقالت دار "أوروبا" أن "العار اليوم لم يعد يقتصر على آبل وحدها". ونددت دار النشر "ببعض الباعة الذين يقبلون تسويق كتب أخرى أقل قيمة" من كتاب سلوى النعيمي "لأنها تستغل المادة الإباحية للاستفزاز في حين ترفض "برهان العسل" الريادي".
      وحول موقفها من الديمقراطية الغربية وهي متحدرة من بلاد تطالب بها اليوم بقوة اكتفت سلوى النعيمي بالإجابة "إن منطق ومقاييس المبيعات لا يطبق على المجتمعات". فماذا يكون مصير كتابها الجديد "شبه الجزيرة العربية" الذي صدر قبل بضعة أشهر عن رياض الريس والذي يصدر عن "روبير لافون" في نسخته الفرنسية في 17 يناير/كانون الثاني المقبل، مع "أي تيونز ستور" وهو يمزج بين المجال السياسي والمجال الحميمي... ؟
 وربما جاءت الإجابة في حديث استباقي بين شخصيات "برهان العسل" فتقول زميلة البطلة الروائية والراوية إن الرقابة قد تمنع نشر الكتاب. فتجيب أنها ستصبح مشهورة إذا كانت الرقابة على هذا المستوى من الغباء.
 فرب رواية تجاوز خيالها واقعنا...

اليونيسكو تحتفي باللغة العربية


منظمة اليونسكو للتربية والثقافة والعلوم تحتفل باليوم العالمي للغة العربية
          طبقا لقرار إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام في 19 شباط/فبراير عام 2010 القاضي بالاحتفال بالأيام الدولية للغات الرسمية الست في الأمم المتحدة، احتفلت منظمة اليونسكو للتربية والثقافة والعلوم الثلاثاء باللغة العربية لما لها من "دور وإسهام في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته".
        احتفلت منظمة اليونسكو للتربية والثقافة والعلوم التابعة للامم المتحدة الثلاثاء في مقرها بباريس باليوم العالمي للغة العربية الذي تم اعتماده ضمن برنامج احتفالات المنظمة السنوي، لما لهذه اللغة من "دور واسهام في حفظ ونشر حضارة الانسان وثقافته".
       وجاء في القرار الذي اقترحته كل من المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، أن المجلس التنفيذي "يدرك ما للغة العربية من دور وإسهام في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته" وأن هذه اللغة "هي لغة اثنين وعشرين عضوا من الدول الأعضاء في اليونسكو وهي لغة رسمية في المنظمة ويتحدث بها ما يزيد عن 422 مليون عربي ويحتاج إلى استعمالها أكثر من مليار ونصف من المسلمين".
       وكانت إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام اعتمدت قرارا في 19 شباط/فبراير عام 2010 يقضي بالاحتفال بالأيام الدولية للغات الرسمية الست في الأمم المتحدة، وحدد 18 كانون الأول/ديسمبر يوما عالميا للغة العربية. وهو اليوم الذي قررت فيه الجمعية العامة اعتماد العربية لغة رسمية ولغة عمل لها قبل 37 عاما.
      ويتم احياء فعاليات هذا اليوم في اليونسكو بالتعاون ما بين زهور العلوي رئيسة المجموعة العربية وسفيرة المغرب في منظمة اليونسكو والمديرة العامة للمنظمة ايرينا بوكوفا وزياد عبدالله الدريس نائب رئيس المجلس التنفيذي في المنظمة وسفير السعودية لدى اليونسكو.
        وقامت السعودية بتمويل الاحتفال بهذا اليوم بينما تم رفع شعار الاحتفال الذي هو عبارة عن لوحة تحمل شارة اليونسكو وتاريخ 18 كانون الاول/ديسمبر محاطا باحرف عربية.
       وذكرت اليونسكو بهذه المناسبة بضرورة التعاون على أوسع نطاق بين الشعوب من خلال التعدد اللغوي والتقارب الثقافي والحوار الحضاري بما ينسجم مع ما ورد في الميثاق التأسيسي للمنظمة وما يتواكب وتطلعاتها.
      اما مندوب السعودية لدى اليونسكو زياد عبدالله الدريس فاعتبر ان هذا اليوم "يركز على التنوع اللغوي والثقافي وعلى التوأمة القائمة بينهما" مشيدا "بالعمق الحضاري والجمالي للغة العربية".
        ولفت الدريس الى تنوع انشطة اليوم لتتراوح بين "النشاط الفكري المنبري والنشاط الفني".
       واثنى المسؤول السعودي على الحضور في اليونسكو والذي "لم يكن محصورا بالعرب وهذا ما كنا نخشاه لكن المشاركة كانت من العرب ومن غير العرب".
       وتضمنت فعاليات الاحتفال في جزئها الصباحي ندوتين تناولت اولاها "علاقة اللغة الغربية باللغات الاخرى"، تبعتها ندوة حول "آلية نشر ودعم اللغة العربية" بمشاركة عدد من المختصين، فيما خصصت فترة بعد الظهر للقراءات الشعرية والموسيقى والاغاني العربية.
       وتشجع اليونسكو وزارات الثقافة والتربية والتعليم والاعلام في البلدان العربية والاسلامية على القيام بانشطة خاصة باللغة العربية في مثل هذا اليوم.
         وستشرف المنظمة مستقبلا على متابعة الانشطة وتمويلها عن طريق المجموعة العربية لدى اليونسكو.
واوضح زياد الدريس ان توسيع انشطة هذا اليوم سيكون على جدول اعمال اجتماعات المجموعة العربية المقبل.

الأربعاء، 2 يناير 2013


بقلم : بشير خلف
           يُعتبر فنّ الزخرفة للعمارة بمثابة الروح للجسد، لذلك كانت العمارة الإسلامية منذ نشأتها غنية بالزخارف، وقد تنوّعت الزخرفة الإسلامية بين الزخارف الهندسية، والنباتية، والكتابية، وتم الاعتماد في إبراز الزخرفة على عمليتي التصوير، والنحت، والتشكيل، ما لم يتجاوز ذلك حدود المحضور الشرعي، فقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن التشبيه، أو مضاهاة الله في مقداره على التصوير، ويقصد بالمصورين الذين يصورون الكائنات الحيّة بالمحاكاة الحقيقية للواقع، لأن ذلك قد يفسّر مشاركة الله في ألوهيته. (1)     
         لهذا اتجه الفنان المسلم نحو التجريد، فتفوّق فيه، واستطاع أن يجعل من خسيس الأشياء مصنوعات ذات قيمة، وصار فنّ الزخرفة من أهمّ الفنون الإسلامية، وأرقاها.
      وما الزخرفة إلاّ صورة واقعة جُرّدت من طبيعتها الأصلية، وحُوّرت، وصُمّمت بشكل وحدات لتشكيل لوحات فنية بديعة، ونظرا لاهتمام الفنّان المسلم بفنّ الزخرفة، فقد وظّفه في معظم الفنون الأخرى، حيث زُخرفت بها الجدران،والمنابر، والأثاث، والأواني وغيرها.
                                فـنٌّ راقٍ.. يُضفي الجمال على العمارة
         فنّ النقش من الفنون القديمة، لكن بروزه أكثر كفنّ يهدف إلى التجميل، وإضفاء الجمال على العمارة،والصناعات الحرفية؛ تجلّى أكثر إلاّ من خلال الحضارة الإسلامية كفنٍّ راقٍ من فنون الفن الإسلاميّ ،وبالرغم من المستوى العالي الذي بلغته اليوم الصناعات، والتي كانت طوال عهود طويلة،وحتّى وقتٍ قريبٍ مصدرُها الحرف اليدوية،إلاّ أن النقش لا يزال يحتلّ مكانة رائدة في كل بلدان العالم كحرفة جمالية وفنّية راقية تدعّم السياحة بنتاجات تساهم في إبراز شخصية الأمة وهويتها ، والحفاظ على هذه الهوية من ناحية ، والمساهمة في الدخل الوطني من ناحية أخرى .
        ولئن كان الفنان المبدع الذي يتعامل مع فن النقش في العديد من الموادّ كالذهب والفضّة، والنحاس ،والزّجاج،وحتّى البيض والبذور؛إلاّ أن النقش على الجبس يبقى في الصدارة لارتباطه بالعمارة،وخاصة العمارة الإسلامية،فقد لازمها ورافقها ولا يزال؛ وقد أصبح الطلب عليه أكثر أخيرا حتّى من طرف الأفراد الأثرياء في إصباغ جماليات على قصورهم ، ودُورهم ، وفيلاتهم .

                                       
                                     فنٌّ صعْب التشكيل
        يؤكد البنّاؤون الذين يمارسون هذا الفن الزخرفي أن النقش على الجبس ليس بالأمر السّهل كما هو الحال في فنّ النّحت .. فإذا كان هذا الأخير يتطلّب القوّة العضلية، والصّبر، والثقافة المعرفية الواسعة، فإن فنّ النقش يتطلّب إضافة إلى ما سبق الكثير من قوّة الملاحظة،والتأمّل، والدقّة،والحكمة،والإلمام بقواعد الرياضيات والهندسة بصفة خاصّة، والإلمام أيضا بالزخرفة، وفنيات الحفْر على الجبس،ومعرفة خصائص هذه المادة من حيث الاستعمال ، والتشكيل،وتأثير الحرارة والبرودة عليها؛ لأن كما هو معروف أن الحرارة المرتفعة تُعيق استعمالها، وتُفقدها مرونتها التي بواسطتها يسهل التشكيل،ويتيسّر الحفّر..وبالتالي أنّ من يتعامل مع هذا الفنّ يُفترض أن يكون أخصّائيا فيه، فهو الوحيد الذي يملك القدرة على تنسيق الأشكال الهندسية الدائرية،والأشكال ذات الزوايا المنفرجة والحادّة ، والأشكال التي تجمع هذه أو تلك أو غيرها .
                                   فنٌّ من قديم تفرّدت به " سُــوفْ "
          لصعوبة ممارسة هذا الفنّ فقد قلّ محترفوه حتّى وقتٍ قريبٍ ببلادنا، غير أن فروعا له فُتحت في السنوات الأخيرة بمراكز التكوين المهني بولايات الجنوب الجزائري التي تُنتج بها مادّة الجبس،وتستعمل بكثرة في العمارة،سواء بالمساجد،أو البيوتات الخاصّة خاصة بولاية الوادي.
        يجب التذكير هنا أن مدينة قمار بولاية الوادي كانت رائدة في فنّ النقش على الجبس منذ الأربعينات من القرن الماضي،وأوّل بروز لفنّ زخرفة العمائر كان في الزاوية التجانية بقمار، وكان أول منْ أدخلها الشيخ محمد العيد حين بنى مسجدا بالزاوية ما بين ( 1869 – 1870م )حيث استقدم من عين ماضي الفنان، والبنّاء السيد أحمد بن الطاهر بن بلقاسم التجاني (2)الذي زيّن القبة الكبرى للمسجد، والمقر الاجتماعي للزاوية بأسلوب النقش على الجبس، كما استقدمه من بعده الشيخ محمد العروسي (1893- 1920م ) ليقوم بزخرفة المسجد الشرقي، ومدخل باب الجنان، ومركّب القبة الهرمية، وكان الفتى عمر قاقة القماري حينذاك مولى لدى الزاوية يسهر على خدمة البنّاء أحمد بن الطاهر، ويوفر له ما يحتاج إليه في البناء، والزخرفة، واستطاع بفطنته العالية، وذكائه الشديد أن يأخذ عنه تقنية رسْم الأشكال، وعملية تنفيذ النقش.

        ولمّا رجع البنّاء النقّاش أحمد التجاني إلى عين ماضي تكفّل عمر قاقة بإكمال النقش رغم صغر سنّه، فأبدع، وأجاد حتى صار نقّاش الزاوية التجانية الأول.
        كما استُدعي سنة 1912 م من قبل السلطات الاستعمارية للمشاركة في نقْش البريد المركزي بالعاصمة، وكذلك قبّة قصر الشعب.واستطاع عمر قاقة أن يُورث موهبة الزخرفة والنقش لولده التجاني قاقة.
                                عُمر قاقه القماري ..الرائد الأول
         المرحوم عمر قاقــه كان الرائد الأول في هذا الفن ،ونتيجة لذلك ذاعت شهرته، وكما سلف استعانت به السلطات الاستعمارية في نقْش القبّة الكبيرة لقاعة البريد المركزي بالجزائر العاصمة ، وقاعات قصر الشعب،ولا يزال هذا الأثر الفنّي إلى يومنا هذا صامدا، وشاهدا على عبقرية هذا الرجل،الذي أبهر أشهر المهندسين المعماريين الفرنسيين آنذاك لعبقريته،وبساطة الوسائل التي كان يستعملها،والتي لا تزيد عن توظيف أجزاء من برنوسه الذي يلبسه ليحدّد مقاسات الأقواس،وأجزاء القبّة،وتشكيلات النقش الهندسية .
         عبقريّة جلبت له الاحترام والتقدير والتكريمات التي نـالها كالتالي :
1 ـ ميدالية الشرف (MEDAILLE D;HONNEUR) من طرف وزير التجارة والصناعة الفرنسي باسم الجمهورية الفرنسية بباريس يوم :31 /08/ 1919 .
2 ـ يُعيّن عضوا في أكاديمية البناء والفنون الجميلة بباريس بتاريخ 12/02/1920 من طرف وزير البناء والفنون الجميلة باسم الجمهورية الفرنسية .
3 ـ يُمنح بتاريخ 29/12/1930 نيشان الافتخار المطرّز من الصنف الرابع من باي تونس أحمد باشا باي صاحب المملكة التونسية ، بناء على اقتراح وزير خارجية المملكة حينذاك .
        وعن عمر قاقة وابنه التجاني أخذ جيل من البنائين الشباب في قمار اليوم حرفة النقش على الجبس، وذاع صيتهم في كل ربوع سوف، وصارت لهم شهرة وطنية حيث قاموا بنقش العديد من المرافق كمطار قمار، ومطار الجزائر الدولي، ومسجد محمد بالكبير بأدرار، وغيرها من المؤسسات، وكذا قصور وفيلات الخواص في العديد من الولايات.

                                         النقش على الجبس
       إن الجبس من أكثر المواد الزخرفية استعمالاً في الفترة الإسلامية في مختلف مراحلها، حيث استخدم الجبس لتعبير الفنان عن أشجانه، فكان استعماله منتشرا بالمشرق الإسلامي منذ العهود المبكرة للإسلام، ومن الأدلة على ذلك القصر الأموي خربة المفجر في بادية الشام،وسامرّاء العبّاسية، ومسجد ابن طولون، وغيره، كما عُرف النقش بالمغرب الإسلامي منذ عهد مبكر، وأقدم النماذج اللوحات الجبسية المحفوظة بمتحف الآثار القديمة والفن الإسلامي بالجزائر، والتي استُخرجت من منطقة سدراته غرب وارجلان والتي تعود إلى القرن الرابع الهجري. (3)
       وربّما يكون السرّ في كثرة استعماله إلى كثرة تواجد مادة الجبس في أكثر من مكان، وسهولة النقش عليه، وقد أشار ابن خلدون إلى استعمال مادة الجبس، وتقنية زخرفها بقوله:
 «...ومن صناعة البناء ما يرجع إلى التنميق، والتزيين، كما يصنع من فوق الحيطان الأشكال المجسّمة من جصٍّ يُخمّر بالماء، ثم يرجع جسدا وفيه بقية البلل فيشكل على التناسب تخريمًا بمثاقب الحديد إلى أن يبقى له رونقٌ، ورؤاء...» (4)
         أمّا في ربوع سوف فقد ساعد على ازدهار هذا الفن انتشار صناعة الجبس، وتوفّر مادته الأولية، ولِما يتميز به من سهولة في التشكيل، ولبياض لونه رغم أن أغلب الزخارف الموجودة نُفّذت بأسلوب الحفر الغائر.
                         تصدّرت مدينة " قمار" الريّادة في هذا الفن
         وللتدليل على مكانة هذا الفن في مدينة قمار نُورد هذا النصّ من موقع " واد سوف " الإلكتروني:
( ظهر هذا الفن بمدينة قمار بوادي سوف على يد بنّاء من المغرب الأقصى استدعاه الشيخ محمد العيد شيخ الطريقة التيجانية بعد استلامه المشيخة بزاوية تماسين عام (1260هـ1844م)، وذلك لبناء المسجد المجاور للزاوية. وقد قام هذا البناء المغربي بتعليم نخبة من أهل قمار فن النقش على الجبس، وقد برع منهم عمر قاقة الذي أصبح آية إعجاب فيما بعد حتى ذاع صيته في كامل أرجاء البلاد، وقد ساهم في نقش البريد المركزي في الجزائر العاصمة، كما قام بتعليم هذا الفن لبعض مساعديه، فبرز من تلامذته تيجاني قاقة الذي ساهم في نقش وزخرفة جلّ مساجد وادي سوف. ) (5)
       يمثل هذا الفن مجموعة من الزخارف المحفورة على الجبس، وتُستعمل فيها نماذج تختلف من حيث الوصف والمعنى، فنجد النقوش الهندسية،والتي أساسها الأشكال الهندسية المنتظمة المتداخلة والمتشابكة مع بعضها البعض.والنقوش النباتية والتي هي عناصر زخرفية مستمدة من الأوراق، والفروع، والأزهار ..وأخيرا النقوش الكتابية والتي تتألف من الخط الكوفي، أو النسخي، ويُستعمل النقش على الجبس لنقش مساحات السطوح، والجدران، والسقوف والقباب والأعمدة.)
                    

                  فنٌّ يستمدّ قواعده من الطبيعة ومن علم الرياضيات
        ولهذا الفن قواعد مستمدة من الطبيعة،والأعمال الزخرفية القديمة،ومنها التوازن،والتناظر، والتشعب من نقطة أو من خط، والتكرار،وكلها قواعد أساسية يقوم عليها التكوين الزخرفي.
القبّة والدّمْسة : كانت الوحدة الأساسية في المسكن السوفي هي الحُجْرة الصغيرة التي تدعى" الدار"، وكان أهل سوف عندما يريدون بناء الدار،يتمددون أرضا فيكون ذلك هو مقياسها عرضا وبأطوال مختلفة، أما ارتفاعها فيكون حسب طول قامة الشخص الواقف فلا يتجاوز أربعة أذرع في الغالب، أما سقفها فأُعد من جريد النخلة وأخشابها، ثم انتشرت القباب بشكل واسع خاصة في منتصف القرن التاسع عشر حتى سُميت وادي سوف بمدينة الألف قبة وقبة لاعتماد الناس في بناء بيوتهم على القبة التي أصبحت تشكل الطابع المعماري الخاص بوادي سوف.
        ولهذا النوع من القباب مزايا مقصودة فرضته طبيعة المنطق،وذلك لأن شكل القبة يساعد على تبعثر أشعة الشمس المسلطة عليها، وتخفيف حدتها وعلى منع تراكم ما تأتي به الرياح من تراب فوقها. كما أن تجويف القبة داخل البيت يوفر مزيدا من الهواء ويُلطف درجة الحرارة فيها.
        ولتوسيع الحجرات الصغيرة المشيدة من قبة واحدة، استُحدثت أقواس لإضافة قباب جديدة لغرض زيادة مساحة الدار، كما نُقلت إلى سوف طريقة جديدة لبناء الأسقف وهي"الأدماس" المستطيلة وقد ساهم الضباط الفرنسيون الذين حكموا سوف منذ 1883 في تطوير الهندسة المعمارية باعتمادهم طرقا تقنية متطوّرة ، واستعمالهم الخيوط، والمسامير لتدوير القباب ، والأقواس بدقّة.)
        وإنصافا لهؤلاء لا تزال العديد من البناءات التي أنجزها هؤلاء صامدة وتؤدي وظائفها حاليا منها الشقق،والبناءات الإدارية والمدرسية ..من هذه الأخيرة مساكن لا تزال كما هيّ وحجرات مدرسية بمدارس أنشئت في بداية القرن العشرين، وفي أواخر القرن العشرين منها مدارس: أميهي بالحاج بمدينة الوادي ، ومدرسة كوينين المركزية، ومدرسة الذكور بقمار وغيرها.ومقرّات إدارية كالمقرّ القديم لولاية الوادي،ومقرّ البلدية القديم وغيرها ...
          ظل فن النقش مقتصرا لفترة طويلة على عمائر الزاوية التجانية، وأخذ يعرف طريقه نحو العمائر الدينية الأخرى خلال القرن العشرين، فصارت تؤطر به الأقواس التي تعلو كوّة المحراب في المساجد، كما زُيّنت أبدان المآذن التي زاد ارتفاعها، وحتى المعبد اليهودي قام عمر قاقه بزخرفة حائط القبلة فيه بطلب من أصحاب المعبد. (6)
                           فنٌّ راقٍ ..عاد إليه المُوسرون
         في أيّامنا هذه عاد الكثير من الناس المُوسرين،وحتّى متوسّطي الحال الذين يُنجزون مساكنهم الخاصّة في البلاد الجزائرية إلى استعمال مادة الجبس كمادّة تلبيس للجدران الداخلية للقصور والمنازل، لخصائصها التكييفية للمناخ أصلا،كونها مادة شُبْه عازلة في الشتاء، حيث تُبْقي على الدّفء الداخلي داخل المنزل ، وتمنع تسرّب الحرارة في فصْل الصيف ..وكمادة للديكور تُغطّي عيوب وأخطاء إنجاز البناء ، وتُضْفي عليه جماليات؛إذْ لا يكاد يخلو بيتٌ الآن قــيْد الإنجاز من وجود ديكورات جبسية في مختلف الغرف، والممرّات،والزوايا وغيرها،لأن الجماليات التي تُكسبها لأرجاء المنزل لا تُـقاوم من الكثيرين .
وأنواع الجبس المستخدمة في ديكورات المنازل نوعان :
ـ أوّلها.. قوالب مصبوبة جاهزة بتصاميم ثابتة متنوعة تُباع مثل الكلاسيكي، والهندسي،والمشجر وهي أقلُّ تكلفة،وينتشر استخدامها في الوحدات السكنية الصغيرة كالشقق السكنية،والفيلاّت الصغيرة،أو المتوسّطة..منها ما يكون في سقوف البيوت، ومنها ما يكون في الردهات والممرّات والمداخل .
ـ ثانيها.. هو الزخرفة (النقش) على الجبس وهذا أجملها على الإطلاق، ويكثر استخدامه في القصور، والفيلاّت السكنية الراقية،والمساجد.
هوامش
(1)ـ أبو صالح الألفي.الفن الإسلامي..أصوله وفلسفة مدارسه.ط2.ص83 1974 مطابع دار المعارف مصر.
 (2)ـ تذكر المصادر أنه مغربي الأصل رافق الشيخ أحمد التجاني مؤسس الطريقة حين عودته من مدينة فاس المغربية إلى عين ماضي سنة 1224 هـ، حيث أقام مناك ونسب نفسه للزاوية، وظل خادمًا لها.
 (3)ـ أ.حسونة عبد العزيز.النسيج العمراني لمدينة قمار.ص131 رسالة ماجستير.2009/2010 جامعة الجزائر.
 (4)ـ ابن خلدون عبد الرحمن.المقدمة.ص512 .
 (5) ـ فن النقش.موقع واد سوف الإلكتروني.
 (6) ـ أ.حسونة عبد العزيز .ص 130 مرجع سابق.






  غزلُ النساء في الأدب العربي       لا يجادل أحدٌ في وفرة الأبيات، والقصائد التي يتغزل فيها الرجل بالمرأة عبر العصور، وفي مختلف الأمكنة، و...