الأحد، 30 ديسمبر 2012

تنمية التذوق اللغوي لدى الأطفال


التذوّق اللغوي والفني تربية ورعاية
بقلم: بشير خلف
      إن هذا الكلام يفيدنا أيّما إفادة في تربية التذوّق اللغوي عند الطفل من جهة ، وينبّه مـنْ يكتبون للطفل كي تكون أعمالهم التثقيفية والإبداعية تتوفّر على ما يساعد هذا المتلقّي على التذوّق اللغوي. ثمّة عوامل تساعد على تربية التذوّق اللغوي عند الطفل منها :
1 ــ كثْرة المُمارسة : لكي يتذوّق الطفل ألوان الموسيقى ، يجب إسْماعه كثيرا من الألحان . ولكي يتذوّق ما في الأدب من جمالٍ ، يجب إمْدادُه بكثيرٍ من ألوان الأدب الجيّد عن طريق القصص والقصائد والنصوص الجميلة .
2 ــ الطريقة المتّبعة في تعليم اللغة : وتعدّ الطريقة التي تُعلّم بها اللغة عاملا من عوامل التحصيل والتذوّق، وبطبيعة الحال إذا ما توافرت فيها الشروط التالية :
ـ أن تتيح للطفل فُرص التدريب على الممارسة اللغوية في مختلف المواقف، وتُزِيل عنه دوافع التهيّب والخجل
ـ أن تكون الظروف التي يتمّ فيها تعلّم اللغة أقرب ما تكون إلى الظروف الطبيعية .
ـ أن تخلق الرغبة في الممارسة ، وأن تشجّع المحاولات التي يبديها الطفل .
ـ أن تعتمد الوسائل المُثيرة والمواقف الحيّة، والمساعدة على تشخيص الأحداث والأوضاع، والعلاقات التي تُتّخذ منطلقا للتدريب على استعمال اللغة .
ـ أن تراعي طبيعة النموّ اللغوي عند الطفل، بحيث تركّز على الفهم أوّلاً والاستعمال ثانيا، وعلى التكامل بين التدريب المباشر والاستعمال التلقائي.
 3 ــ كثرة القراءة : وتظلّ القراءةُ من أهمّ وسائل إتقان اللغة ، وعاملاً من عوامل التدريب على استعمال وفهْم عناصرها . ولا تكون كذلك إلاّ إذا استثمرها المعلمون والأساتذة ، واتّخذوها مصْدرا لتعليم اللغة وتنمية التفكير ، وتربية التذوّق والتدريب على تحليل الأفكار المكتوبة ونقّدها والبحث عن مواطن الجمال في الفقرة والنصّ وتقدير قيمتها وأثرها في النفس .
4 ــ جهود الأطفال الإبداعية : كثيرا ما يستطيع الأطفال بخبرتهم المحدودة، أن يكونوا مبدعين بدرجة لا تخطر على بال الكبار؛ فالتوجيه الهادئ والحميمي والتقدير الجادّ لجهودهم الإبداعية في محاولاتهم كتابة القصص ، والقصائد ، والتمثيليات القصيرة وغيرها من أجناس الأدب، يقدّم مساعدة قيّمة في عملية استثارة تذوّق الأطفال للأسلوب الأدبي الرّاقي .
          إذا كان التذوّق اللغوي والفنّي عملية مكتسبة، فإن الالتفات إلى تنميته عند الطفل أمْرٌ ضروريٌّ، لأن مرحلته العمرية تُعين على عملية الاكتساب .. والمعلّم والأستاذ هما منْ يتركان بصماتهما في هذا المجال .
      إن تربية ملكة التذوّق اللغوي لدى المتعلمين ليست مرتبطة بزخم كثرة المعارف والتحصيل، إنما تدخل في المجال التربوي السلوكي..حقٌّا أرضيتها القدرة على قراءة النصوص، وفهم معانيها، والتغلغل في حناياها، ولكن ما يساعد على تربية التذوق اللغوي هو قدرة المتعلم على تحليل النص، واستكناه خباياه وما ذهب إليه الكاتب، بل والقدرة على نقْد النصّ ومحاورة كاتبه كمتلقٍّ واعٍ ..حينما يبلغ المتعلم هذا المستوى يكون قد اكتسب ملكة التذوق اللغوي ..وفي اعتقادي ومن خلال التجربة الميدانية أحسبُ أن العناصر التالية وغيرها قد تساهم في ترسيخ ملكة التذوّق اللغوي..:
1- تنشئة الطفل على سماع الكلام الفصيح.
2- تجنب لغة الطفولة البسيطة، وكذا التحدث باللغة الدارجة.
3- قراءة النصوص الفصيحة وحفظها.
4- تعلّم مبادئ التجويد والتمرس به.
5- مزاولة الفصحى قراءة وكتابة وتحدثاً .
6 ـ الاستماع إلى حصص أسبوعية في الشعر الفصيح، والنصوص النثرية المفعمة بالتراكيب الجميلة، قد تدخل في حصص المطالعة،أو تُبرمج لها حصص خاصة، غايتها تربية التذوق اللغوي والفني.
7 ــ أن تكون هناك حصص أسبوعية في مسرح الطفل تُمارس فيها لغة عربية فصيحة تُدرج فيها أبيات شعرية جميلة.
       إن التذوق اللغوي والفني بمفهومه العام هو قدرة الشخص على الاستجابة للمؤثرات الجمالية في النصوص الأدبية والأعمال والأعمال الفنية، حيث يعرف أحد الكُتّاب التذوق الفني بأنه "القدرة على الاستجابة للمؤثرات الجمالية بحيث تجعل مشاعر الشخص تهتز لها، وتجعله يعيش معها ويستمتع بها، ويجعلها جزءاً من حياته، ورصيداً يزداد على مر الزمن."
        فالتذوق اللغوي والفني وسيلة للسمو بذوق المتلقين للأعمال الأدبية والفنية إلى المستوى الجمالي من أجل إدراك جزئيات الجمال في إطار كلي، وتقدير الآداب والفنون،والأدباء والفنانين وإبداعاتهم المتنوعة في مختلف العصور.
       إن تعليم الجوانب الوجدانية وتنميتها في مجال تعليم وتعلم اللغة في واقعنا التربوي والتعليمي في بلادنا الجزائري كما في غيرها من بعض البلدان العربية بُــعدٌ غائب، بل هو بعدٌ مهملٌ بامتياز في مجال التعليم والتعلم،  وهذا بطبيعة الحال انعكس على بناء مناهج الأدب والبلاغة، والنقد في مدارسنا،وجامعاتنا.
       ما نشاهده الآن من انحطاط لغوي ظاهر للعيان يتمثل في عدم الخجل أو الحرج من استخدام ألفاظ نابية، أو غير لائقة لا بطبيعة الموقف ولا بطبيعة الجمهور ولا السياق،كما العجز المخجل لدى تلاميذنا وطلابنا في الجامعات من التحدث والتحاور بلغة عربية فصيحة جميلة ذات مستوى أدبي جمالي راقٍ؛ لأنْ لا الأسرة، ولا المؤسسة التعليمية، ولا الجامعة هيئت البرامج والظروف، والإمكانات المساعدة على اكتساب اللغة العربية الراقية، وتذوق جمالياتها، حيث اللغة ليست أداة للتواصل فحسب – وإن كانت هذه الوظيفة غايتها الرئيسة - إلا أن لها وظيفة أخرى لا تقل أهمية عن وظيفتها التواصلية تتمثل في الإحساس بالجمال والشعور به، وحسن التعبير عنه .
 المراجع:
1 ــ د.ماهر شعبان عبد الباري.التذوّق الأدبي/ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.2009 عمّان.الأردن.
2 ــ أ.بشير خلف. الكتابة للطفل بين العلم والفن./ وزارة الثقافة الجزائرية.2007 .

        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...