الكتابة والسياسة
بشير خلف
يرى العديد من الكّتّاب والأدباء أن عدم التفاعل الحماسي مع الأحداث الآنية
والكتابة عنها ، أو المشاركة في حركيتها شخصيا سلوك يتوافق تمامًا مع قناعاتهم
المستندة إلى أن هذه الأحداث، وتلكم القضايا هي من اهتمامات السياسيين والإعلاميين
..فالكاتب هو مواطن عادي كسائر المواطنين الذين منهم من يتفاعل مع ما يجري، ومنهم
من يعيش يومياته ويرى أن أغلب هذه القضايا التي تتحول إلى صراعات بين أطراف
سياسية، وبين نخب سياسية همّها الوحيد الوصول إلى " السلطة " ولا فرْق
بين هذا الفريق أو ذاك..
من هؤلاء من يرى أن الكاتب يقول رأيه عندما تهدأ الأمور، وتتوقف الشحنات
الانفعالية يعلن موقفه كمفكر، والفكر المتميز لا يتأتّى من إملاءات خارجية لا
يقتنع بها الكاتب المفكر، كما أن الفكر الصائب لا يتأتى من نتيجة حماس لهذه الجهة
أو تلك ..فالأحداث والقضايا المعاصرة لمرحلة ما مهما طالت بمرور الأيام يخفت
أوارها ، ويبرز واقع جديد يزحزها إلى الخلف كي تحلّ قضايا أخرى ..
وبالتالي موقف الكاتب من الأحداث محسوبٌ عليه شخصيا ، فينبغي أن يكون مبنيا
على حقائق ثابتة دون الانحياز لهذا الطرف أو ذاك ..ومن الكُتّاب من يذهب إلى أبعد
من ذلك عندما يرجح " مواطنته " كفرْدٍ في المجتمع على غرار المواطنين
الآخرين، وليس ملزمًا أن تُثقل ظهره " بردعة الكاتب " فيحاسب من خلالها
على أنه كاتب ملتزم ، أو غير ملتزم .
نحن لا مع الفئة الأولى ولا مع الفئة الثانية ..الكاتب ذو رسالة سامية
مواقفه تنسجم مع حقوق الإنسان والدفاع عنها في حينها أينما انتهكت ..حقوق الإنسان
كثيرة والكاتب الصادق أينما ولّى وجهه يجد العديد من هذه الحقوق مسلوبة أصْلاً
..منتهكة إنْ وُجدت ...........
كما لا نتفق مع ما يقوله الأديب الألماني الحاصل على جائزة
نوبل للأدب عندما ينفي عن الكاتب أن يتفاعل مع ما يجري ككاتب ومثقف في بلده، وخارجه على أساس انه مواطن
قبل أن يكون كاتبا ...
« أنا أعيش السياسة
" كمواطن "، وموقفي " السياسي " تحدده علاقة المواطنة ، وليس كوني
كاتبا ..أي أنني مواطن مهنته الكتابة ؛ ورسالة أدبي لا تأتي على طريقة توقيع البيانات
و " المانيفستو "..فقد نزلت إلى وادي الحياة اليومية واشتغلت بيدي قبل أن
أكون كاتبا .»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق