قاموس الشهيد
لمنطقة سوف ..ولاية الوادي
بقلم: بشير خلف
صدر في هذه الأيام للكاتب، والباحث
في التاريخ الوطني الثوري المعاصر الأستاذ سعد بن البشير العمامرة كتابٌ متميّز في
شكله، وإخراجه، وتصميم غلافه، ومضمونه أطلق عليه " قاموس الشهيد لمنطقة سُوفْ
ولاية الوادي" ..الكتاب من طباعة دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع بالجزائر العاصمة..
يقع في 1070 صفحة.
توشّحت الصفحات الأولى من الكتاب
ببيان أول نوفمبر 1954 م ، النشيد الوطني الجزائري، أبيات من إلياذة الوادي للشاعر
السوفي السعيد المثردي، بعنوان " هم الشهداء
"، الإهداء ، ثم التقديم للدكتور حسان الجيلاني الذي قسّمه إلى موضوعين أساسيين
: الأول يعرّف بالكاتب الباحث سعد لعمامرة، والثاني يتناول موضوع الكتاب.. وممّا قاله
عنه أنه كان إضافة إلى عمله في التدريس الذي انضمّ إليه في سنة 1968 م إلى تاريخ تقاعده
في عام 1990 م أنه كان يناضل سياسيا، ويؤسس الجمعيات المدنية، ومنها الجمعية الثقافية
محمد الأمين العمودي التي كان من أبرز مؤسسيها، حيث انتُخب رئيسًا لها سنة 1990 م،
وحوّلها إلى جمعية ثقافية وطنية سنة 1994 م ، وهي الجمعية التي ومنذ ذلك التاريخ تنضم
ندوتها الفكرية السنوية ، كما كرّمت العديد من الوجوه التاريخية الثورية، والقامات
الفكرية، وتواصل رسالتها الفكرية إلى يوم الناس هذا، كما انخرط مع مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني حتى أصبح عضوًا
في محافظة الوادي، وفي تاريخ مبكّرٍ اهتمّ بالبحث، والتنقيب، والتدوين لكتابة تاريخ
وثقافة المجتمع السوفي؛ كما أنه الوحيد حتى يومنا هذا منْ تصدّى للبحث والتنقيب والتدوين
لتاريخ الثورة التحريرية المباركة بالمنطقة.
سعد العمامرة عرّف أيضا بشهداء
المنطقة، وكتب كتابا قيّمًا في ذلك، وأسهم في التعريف بمثقفي المنطقة وأعلامها، وألّف
كتابًا في ذلك، كما أنه ألّف كتابا عن معارك حرب التحرير بوادي سُوف ، طبع سنة
1988 م، وكتابًا عن الرئيس الراحل هواري بومدين ، وكتاب آخر حول شهداء الجزائر بعنوان:
شهداء من بلادي صدر سنة 2006 م ، وكتابا آخر حول الإنتاج الفكري السوفي من 1886 م إلى
2008 م تعرّض فيه إلى التعريف بـ 250 كاتبا، وباحثا من وادي سُوفْ في مختلف المجالات
الفكرية، صدر سنة 2010 م ...سعد العمامرة لم يكتف بنضاله السياسي الذي أهّله كي يكون
عضوا في البرلمان الجزائري سنة 1983 م لمدة خمس سنوات، بل هو من النخبة المثقفة الفاعلة
في ربوع سُوفْ.
في الجزء الثاني من التقديم نوّه
الدكتور حسّان الجيلاني بهذا الجهد الفكري المضني، وثمّن هذا القاموس ليس بسبب ذكره
للكثير من المعلومات، والإحصائيات، والمعارف فحسب، وإنما لأنه جمع كل تلك المعارف المشتة
والمبعثرة في ثنايا الوثائق، والمراجع، ومن ذاكرة المجاهدين الأحياء، ودوّنها، وأخرجها
في هذا العمل الأكاديمي الجميل كي تكون مصدرا هامًّا للأجيال الحاضرة، والقادمة.
في مقدمة الكتاب يؤكد الكاتب
والباحث سعد العمامرة على أنه باعتباره من عائلة ثورية، وابن شهيد ، ومرافقته للأسرة
في هروبها من الاستعمار الفرنسي سنة 1957 م إلى تونس بدأ اهتمامه بتدوين التاريخ الوطني
إذ كتب بعد هذه السنة كرّاسًا كاملاً بخطّ يده يتعلق بتاريخ الجزائر من بداية الاستعمار
الفرنسي إلى غاية الاستقلال سنة 1962 م.
ثم كان الكتاب الأول في سنة
1988 م يتعلق بالمعارك التي جرت بالمنطقة أثناء حرب التحرير، فالكتاب الثاني في سنة 1991 م يتعلق بالتعريف بعدد من شهداء منطقة
وادي سُوفْ ، يليه الكتاب الثالث الذي صدر في سنة 2006 م يُعرّف بعدد كبير من شهداء
الجزائر في عدة ولايات، يلي ذلك هذا القاموس .
هذا القاموس
يضمّ هذا القاموس الثمين ثلاثة
أجزاء :
الجزء الأوّل ، يتضمن :
1) وادي سوف: جغرافيا، إداريا، موقعا
وحدودا، مناخًا، نباتا، مياها، حيوانات، وادي سوف
عبر التاريخ. 2 ) الاحتلال الفرنسي للمنطقة. 3 ) الحركة الإصلاحية بسوف .4
) الحركة الوطنية بسوف. 5) الثورة التحريرية بمنطقة الحدود والصحراء في عهد المجاهد
الشهيد حم لخضر، في عهد المجاهد الشهيد ابن عمر الجيلاني ، في عهد المجاهد الشهيد قمودي
الطالب العربي .
6 ) التنظيم المدني بسوف ومجزرة رمضان 1957 م . 7 ) قيادة الثورة بتونس في عهد
الشهيد سعيد عبد الحي. 8) منطقة الحدود ووادي سوف بعد استشهاد الطالب العربي.
الجزء الثاني، يتضمن :
1 ) ـ معارك وحوادث حرب التحرير بمنطقة وادي سوف، والحدود والصحراء : المعارك
والحوادث القريبة من العمران ، معارك وحوادث الحدود الجزائرية التونسية الجنوبية ،
حوادث الحدود الجزائرية الليبية . 2 ) معارك الحدود الشرقية داخل العمران .
الجزء الثالث :
يشتمل هذا الجزء على الحصّة الكبيرة
من الكتاب، ويتعلق بقاموس الشهيد ؛ فهذا القاموس الذي يحمل في مجمله عنوان الكتاب يحتوي
على حيوات وسيرة 583 شهيدا من شهداء وادي سوف، حيث الباحث بذل جهودا مضنية في ضبط وتدوين
سيرهم وفق الإمكانات التي تحصّل عليها من المصالح الرسمية كالبلديات، وقسمات المجاهدين
بالبلديات، أو لدى العائلات المعنية، والمجاهدين الأحياء رفقاء السلاح، الوثائق، المراجع ..فالقارئ للكتاب سيجد نبذة تاريخية عن كل شهيد
من شهداء وادي سوف إن كان مدنيا، أو عسكريا ولو كان ميلاده خارجها.
وممّا يساعد القارئ والباحث أن
هؤلاء الشهداء مسجلون وفق الحروف الأبجدية العربية، إذ يتيسر البحث عن أي شهيد في هذا
الجزء الثالث من الكتاب الذي يتجاوز عدد صفحاته 650 صفحة من صفحات الكتاب الكلية
1070 صفحة.. كما أن تسجيلهم داخل الحرف الواحد خضع للتسلسل الزمني لتاريخ استشهادهم،
وكذا تثبيت كل شهداء أيّ بلدية على حدة في جدول شامل يتضمن اسم ولقب الشهيد، تاريخ
ومكان الازدياد، تاريخ الالتحاق بالثورة، صفة العضوية (جيش التحرير، المنظمة المدنية)،
تاريخ الاستشهاد.
في آخر الكتاب يجد القارئ مجموعة
من الملحقات منها مقتطفات من قانون المجاهد والشهيد الصادر سنة 1991 م والذي في مادته
الرابعة تعريف للمجاهد، الشهيد، أعضاء جيش التحرير، أعضاء المنظمة المدنية، الفدائي،
المسبّل، المعتقل أثناء الثورة، السجين. كما يجد القارئ في الملحق الموالي تعريفا للمجاهد،
المناضل، الفدائي ، عضو اتصال، المسبل، الحركي، اشتباك.
في الملحق الأخير من الكتاب نجد
الكتب التي صدرت للمؤلف؛ إضافة إلى العناوين التي ذكرناها آنفًا ..صدر له كتاب من اعلام
سُوف 2007 م ن كتاب معجم شعراء وادي سُوفْ سنة2007م ، كتاب الصحراء الغربية والمجتمع
الدولي سنة 2008 م،كتاب المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء 2009 م ،كتاب عائلة العمامرة
سنة 2011 م .كما له عدة أعمال أخرى جاهزة للطبع.
المؤلف في آخر الجزء الأول من الكتاب ثبّت عناوين الهوامش، وفي
آخر الجزء الثالث ثبّت المراجع لهذا الجزء : 39 مجاهدا، أو أسرة مجاهد أو شهيد، كتب،
مؤسسات رسمية، مؤسسات تربوية، بلديات، قسمات مجاهدين.
إن هذا العمل الفكري الثقافي
التاريخي ليس من السّهل إنجازه من طرف شخص واحد ..إنما الروح الوطنية المتأصّلة، والغيرة
على تاريخ المنطقة، وذاكرتها الثورية، وهي جزْء من الجزائر الحبيبة ألهمت الباحث والكاتب
ابن الشهيد سعد بن البشير لعمامرة كي ينجز هذا العمل الذي يعجز عن إنجازه الكثيرون..
إنه لعمري عملٌ فكري لا ريب أن كلّ منْ يقرأه سيستفيد منه أكبر استفادة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق