إصداران جديدان في القصة القصيرة جدًّا لبشير خلف
صدر عن دار الكلمة لصاحبها
الكاتب القاص المبدع ينينة عبد الكريم بالجزائر، مجموعتان في (القصة القصيرة جدا) للكاتب
والقاص بشير خلف، الذي يُعدّ من ضمن الأوائل الذين كتبوا في هذا النوع الممتع من القص،
فمن 1987 في مجموعته " القرص الأحمر" إلى 2017 بعد 30 سنة من كتابتها يعود
بشير خلف بقوة من خلال مجموعتيه اللذيذتين : " ترانيم في حضرة القبح" و"
لا قليل من الفرح".
المجموعتان من الحجم
الصغير، 12 سم في 21 سم، تصميم وإخراج ينينة عبد الكريم.
المجموعة الأولى الموسومة بــ ( ترانيم في حضرة القبح)،فضْلاً عن المقدّمة،
تتكون من51 نصًا ومضيا قصصيا، مقسّمة
إلى" تغاريد قصصية، لوحات سردية، لقطات فيسبوكية" تضمّها ستة وتسعون صفحة. المجموعة الثانية ( لا
قليل من الفرح)، تتكون من 59 نصًّا مقسّمة إلى " شذرات سردية، منمنمات
قصصية".
ممّا جاء في المقدّمة:
« القصّةُ القصيرةُ جدّا ابنةُ هذا
العصرِ، خاصّة أنّ عالمَ يومياتِنا مليءٌ بالملاحظاتِ العابرةِ، باللّقطاتِ السّريعةِ،
برصْدِ الـمفارقاتِ والـمواقفِ؛ لذلك تكيّفتْ مع إيقاعِ العصرِ، فركبتْ لغةَ الاختزالِ،
على أنّ الإنسانَ نفسَه لم يعدْ قادرًا على الإنصاتِ لكلِّ تفاصيلِ الحياةِ اليوميّةِ،
ولـم يعدْ يـملكُ التّرفَ القِرائيَّ في ظلِّ التطوّرِ الرقميِّ، وانبثاقِ النّصِّ
الشّبكيِّ، وتزايدِ الأزماتِ العالـميّةِ الـمتعدّدةِ المـتسارعةِ، وميلِ الإنسانِ
المعاصرِ إلى تـجريبِ كتابةِ مـخالِفةٍ، تتلاءم مع التـحوّلاتِ الـمُعاصرة؛ لذلك كانتِ
القصّةُ القصيرةُ جدّا مُـحاولةً فنيّةً ذاتَ دلالةٍ احتجاجيّةٍ.
القصةُ القصيرةُ جدًّا مُصطلحٌ
اختزاليٌّ لنصٍّ روائيٍّ، أو حكايةٍ، أو قصّةٍ بشكلٍ مُــوجزٍ جدًّا وتكون مُكثَّـــفةً
وخاليةً من الزوائدِ، والحشْوِ الوصْفيِّ، والاستطراداتِ، وترتكز على الجملة
الفعلية أكثر..»
نصًّ أول بعنوان " كيدهنّ " من مجموعة " ترانيم في حضرة
القبح:
(استدرجه لونُ
البحرِ في عينيها.
شدّته مشيتُــها الــهيفاء..
أبـهره غنجُــها..
تـمايُلها..
هزّته
تضاريسُ الجسدِ الغضِّ..
ارتـجف..
تـــفطّنت
إلى احــتـــراقه..
أوهمته بقُربِ امتلاكها..
اقترب..
الـــتـصقتْ
بغــــيره مبتــــعدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نصٌّ ثانٍ من نفس المجموعة بعنوان: " الكبير كبير" :
قرأ في أحدِ الكُتُبِ أن بيكاسو
كان بعــيْنيْه لصًّاً كبيرا..
قال عنه الرسّام هنري ماتيس:
" إن الأسدَ هو مـجموعُ
الخرافِ التي الْـتهمَها..
غير أنهُ يظل في النهاية أسداً"
كان الفنّانون يُـخفون لوحاتهم الجديدة أثناء زيارة
بيكاسو لمراسمِهم..
خوفاً من سرقاته -غير المباشرة-
لـمـّا أقام معــرضَه في قاعةِ
ابن خلدون.. احتاط..
حظي بزيارة تلاميذ المدارس في نزهة ترفيهية..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نصٌّ أولٌ من المجموعة الثانية" لا قليل من الفرح"..نص بعنوان (
وهْــمٌ):
حلُم أنْ يكون شاعرًا مـُجدِّدًا.. كاتبا كبيرا
مشهورا. في بداية كل شهرٍ يُـمنّي نفسه أن يبدأ. مرّت الشهور.. السنوات.. ما خطّ جملة
واحدة.
ذات يوم وجد في وُريْــــــــقةِ يوميةٍ مقولةً
للجاحظ:
" لا يزال الـمرْء في
فُسْحةٍ من عقْله.. ما لــمْ يقلْ شعْــرًا.. أو يُــؤلِّــفْ كـــــتَابًا."
هــتـف:
ـــ رحِــمكَ اللهُ أبا عثمان ..أنْـــقذْتني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نصٌّ ثانٍ من المجموعة الثانية بعنوان ( رجولة ؟):
وقف في الصفّ الطويل في
الـمطار أمام مكتب مراقبة جوازات السفر. وصل دورُه. طلب منه الشرطي وضْع كلَّ ما
في جيوبهِ.. وسترته. في الصندوق. طلب منه وضْع الحذاء والجورب. حرقه الشرطي بنظرة
غضب . تـجمّد في مكانه. الصفّ وراءه
يتحرّك بنرفزة. تقدّم كي يـجتاز بوّابة الـمراقبة الإلكترونية:
ـــ انزعْ حزامَ السروالِ.. صرخ فيه الشرطي.
ـــ نزعته منذ عشرين سنة..