الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018

الشعر إيقاع الحياة النابض..

الشعر إيقاع الحياة النابض..
بقلم: بشير خلف
الشِّعرُ ليس حماماتٍ نُطيِّرُها *** فوقَ السَّماءِ ولا نايًا وريحَ صبا
لكنَّهُ غضبٌ طالت أظافرُهُ *** ما أجبنَ الشِّعر إن لم يركبِ الغضبا
                           ( نزّار قبّاني) 
أكملتُ للتوّ قراءة ديوان شعري رائع روعة مبدعته، كما روعة مترجمه القدير ثقافةً موسوعيةً باللغتيْن العربية والفرنسية، وإجادةً للترجمة.
     ديوان شعري للمبدعة والإعلامية الراحلة صافية كتو( 15/11/1944 ــ 29/01/ 1989)، أصيلة مدينة عين الصفراء بالجنوب الغربي الجزائري. ترجمة الكاتب، المترجم القدير بوداوود عُمير، أصيل نفس المدينة، المقيم حاليا بها. الديوان من الحجم الصغير، تحتضن صفحاته 143 بعد مقدمة المترجم الرائعة ذات الإثني عشرة صفحة" صافية كتو: قيتارة الأحلام والخيبة"، أربعة وستين نصًّا شعريا، وينتهي الديوان بترجمة سيرية لها.
      اقتنيتُ الديوان من معرض الكتاب الدولي، وتحديدا من جناح " منشورات الوطن اليوم" لصاحبها الروائي كمال قرور، وشّح الصديق المترجم الديوان بخطّه الجميل، في لحظات البيع بالإهداء.
     نصوص شعرية بقدر ما تسحر المتلقّي من جمالية التخييل، والصور الشعرية المعبّقة بالنوازع الإنسانية الراقية؛ فإنها تصدمه بالخيبات المريرة التي عانتها الشاعرة في حياتها القصيرة، وبما اصطمت به من بشاعة الشرور والحروب في العالم حينذاك، ولو امتدّ بها العمر إلى أيامنا هذه وما قبلها لكانت خيباتها مضاعفة.
       يبدو لي أنّ نصوص الخيبة في ديوانها هذا أكثر من نصوص الآمال والأحلام، وكيف لا وهي الشاعرة المتمرّدة طلبا للحرية، ودفاعًا عنها. الكتابة بالنسبة لها كانت لحظة تنفيس جمعت بين الألم والفرح، الألم لأنها كانت تجسد صوت الأنثى الذي كان شبه مغيّب، فقد كان من العسر الشديد في ذلك الزمن أن تكتب المرأة معبرة عن أنوثتها وكينونتها، أما الفرح فكان معبرا عنه بلحظات الانتشاء والتفريغ أو في لحظات الكتابة بالمعنى الذي يؤسس تصالحا مع الذات، إنما هذا ما استمرّ لها؛ كانت حياتها بالجزائر العاصمة أغلبها خيبات، وهي الصارخة في نصها الشعري الموسوم بـ " العالم":
أنا جزْءٌ من العالَم
في كلّ مرّة تحترق قارّة
ستسقط جمرةٌ في ركْنٍ من وجداني
الحرقة ستعيش
تُحيلُ ضحكي لرمادٍ
إنسانة ابنة العالم
في كلّ مرّة يسقط قتيلٌ
سينشقُّ قبْرٌ جديد
وسيحمل معه بارقة لأملي

     جزيل الشكر والامتنان صديقي الرائع الأستاذ بوداوود عُمير، رحم الله الفقيدة صافية كتّو، وغفر لها.       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...