نصّ الحوار الثقافي الذي أجراه معي الأستاذ حسن خليفة رئيس تحرير صحيفة (
الصائر) وصدر بها يوم الإثنين 23 /09/
2019، في العدد 978:
1ـ نبذة غير يسيرة عن حياتك ومسارك الأدبي والمهني..
ج 1 ـــ بشير خلف من مواليد 28 اجوان 1941 م بقمار..
ولاية الوادي، بالجنوب الشرقي الجزائري. نشأ في أسرة فلاحية فقيرة جدا كسائر سكان
المنطقة، في أوْج الحرب العالمية الثانية، حيث الثالوث الخطير الذي فتك بالجميع،
من فقرٍ مدقعٍ، وأمراضٍ وجهْلٍ، وتسلّط استعمار وحشيٍّ. رفض والده إدخاله المدرسة
الفرنسية خشية فرنسته روحًا وفكرًا، فتلقّى
تعليمه في الكُتّاب، فحفظ القرآن الكريم في سنّ اثنتي عشر سنة، وصلّى به
التراويح في ذلك السنّ في مسجد " الطُّلْبة" بقمار، لم يمكِّنْه والده
من الالتحاق بمدرسة النجاح التي فتحت أبوابها في أكتوبر سنة 1948؛ مدرسة النجاح في
ظاهرها مدرسة حُرّة أنشأها الأولياء تفاديَ غلقها من الاستعمار الفرنسي؛ إلّا أنها
سرًّا تابعةٌ لجمعية العلماء الجزائريين في اتجاهاتها، وبرامجها، وكتبها. أدارها
العلّامة المرحوم الفقيه، الشاعر، المصلح الشيخ محمد الطاهر تليلي حتى مرحلة
استقلال الجزائر.
بشير خلف لم يُمكِّنْه والده أيضا من الالتحاق
بهذه المدرسة ليس عدم رغبة في المعرفة خاصّة باللغة العربية؛ إنّما لمساعدته في
النشاط الفلاحي منذ كان عمره ثماني سنوات، نشاط فلاحي بسيط يُدرّ مدخولا بسيطا. في
سنة 1957 بعد وفاة الوالد، رحل إلى عنابة عاملا بسيطا عند أحد التجّار كي يُعيل
أمّه الأرملة، وأخويْن أقلّ منه سنًّا مقابل أجرة تافهة تساوي 30.000 سنتيم للعام.
في أول سنة 1959 استطاع أن يفتح متجرا صغيرا له بمدينة عنابة. وفي أواخر سنة هذه
السنة انضمّ إلى الثورة كفدائي داخل مدينة عنابة، وشارك مع شباب آخرين في القضاء
على عملاء خونة جزائريين. ألقت عليه القوات الاستعمارية الفرنسية القبض يوم 20 أوت
1960 رفقة عديد الفدائيين والفدائيات.
بعد محاكمة دامت ثلاثة أيام في المحكمة العسكرية
بعنابة، حُكِم عليه بــ 15 سنة سجنا، وعمره 19 سنة.. قضى منها سنتيْن في سجن
تازولت ( لامبيس) بباتنة، وأُفرج عنه بحكم اتفاقيات " إفيان " في شهر
ماي .1962
في السجن أخذ قسطا كبيرا من التعليم على
أيْدي أساتذة أجلاّء مسجونين أيضا، أغلبهم من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
في سجن " لامبيس " تازولت حاليا قُرْب باتنة ..حيث اكتشف حلاوة المعرفة
في كل مجالاتها، وخاصة اللغة العربية لدى الأساتذة، والكتب وما بها من معارف
مختلفة؛ ومنها الإبداع من نثْرٍ وشعْرٍ. بمجرّد
خروجه من سجن الاستعمار الفرنسي انضمّ إلى الجيش الوطني الشعبي في شهر اجوان 1962
لتكون محطته النهائية بهذه المؤسسة السيادية في الناحية العسكرية الثالثة ببشار،
أين شارك كجندي في الحرب الجزائرية المغربية سنة 1963 في سنة 64 وهو جندي شارك في
امتحان " الممرنين" للتعليم، فكان النجاح حليفه.. قرّر مغادرة الحياة
العسكرية. عُرِض عليه البقاء في الجيش، والتكوين كضابطٍ سامٍ بالاتحاد السوفياتي؛
فآثر التربية والتعليم بدلا من ذلك. معلمًا من سنة 64 حتى سنة 78 ثم مفتشا حتى
أكتوبر2001 سنة تقاعده.
2 ــ كمثقف وأديب جزائري ..كيف تقرأ الأوضاع العامة
في بلادنا خلال العقود القليلة الماضية ؟
2 ـــ ج :لقد قيّض الله لي والحمد لله أن أُعايش أوضاع بلادي الجزائر من
سنة 1964 حتى يوم الناس هذا، وأن أتأثر بكل الأحداث التي مرّت بها كغيري من جيلي؛
يمكن لي أن أقول بصدق وبدون مبالغة، وبدون تطاول: أننا منذ البداية لم نؤسس لبناء
دولة، متكاملة الأركان؛ بدلًا من ذلك كانت بداية منْ تولّوا الأمر التفرّغ إلى الصراع على السلطة، ونقْل
الخلاف في ذلك من مؤتمري الصّومام وطرابلس إلى أرض الواقع، وفرْض أولوية العسكري
على السياسي؛ ممّا انعكس على إبعاد المدني مهما كانت درجته الأكاديمية وتحصيله
المعرفي ليس في المستويات العليا فحسب؛ بل في كل القطاعات، تمّ تحييد المعرفة،
ونُصِّب مكانها الجهل الذي فُتحت له الأبواب في كل القطاعات ومفاصل المجتمع.
غاب الحوار الراقي المؤدي
إلى احترام الآخر والاستماع إليه، وتقبّل الاختلاف ممّا يساعد على تكوين مجتمع
مدني راقٍ يؤمن بالوطن الواحد للجميع، وبالتعاون في بنائه، واحترام الكل، وفتْح
المجال للجميع في توظيف القدرات، والحرص على تكوين مجتمع مدني منه تبرز الأحزاب،
والمنظمات، والجمعيات التي تؤسس لمواطنة واعية من خلالها تظهر الحقوق والواجبات،
فتبرز الروح الديمقراطية، وحرية التعبير، والوصول إلى الحكم في إطار شفّاف؛ ممّا
يساعد على مشروع مجتمع في كل القطاعات لا يزول بزوال الأشخاص، مشروع مجتمع، وليس
مشروع فلان أو فلتان، أو برنامج الرئيس...وما أزماتنا المتكرِّرة، ومنها أزمتنا
الحالية هذه السنة 2019 إلّا نتيجة انعدام
المشروع المجتمعي: مشروع الهُويّة، المشروع التربوي، الثقافي، الاجتماعي، الصحي،
الاقتصادي، البيئي،...
3ـ وما ذا تقول في الشأنين الثقافي والأدبي؟
3 ــ ج: ـــ إذا رجعنا إلى الوراء قبل سنة 1988 كان الشأنان الثقافي
والأدبي أحسن حالا؛ في تلك الفترة، ظهرت إلى الساحة الثقافية أسماء لها مكانتها في
الإعلام كما الثقافة، المجلات الثقافية، الفضاءات، اتحاد الكتاب وفروعه، الجامعة،
المسرح، السنما، الفنون التشكيلية، المتعاونون المشارقة المقيمون في إطار التعاون،
زيارات كتاب ومبدعين من القارات الأخرى، كان بالإمكان ترسيخ هذا الزُّخْم الثقافي
الذي أبرز أسماء في الساحة الثقافية من جيلٍ نذر نفسه للثقافة في كلّ مكوّناتها،
والإبداع في كل تجلياته؛ كان بالإمكان تجذيره، والمحافظة عليه، بعيدا عن اهتزازات
السياسة، وصراع العُصب في التكالب عليها. إلّا أنّ غياب المشروع الذي ينبثق من
فلسفة المجتمع بداية، ثم إن المجتمع وكل الهيئات المُشْرفة عليه والمتحرّكة فيه
تُؤْمن بهذا المشروع بدْءا وتخطّط له، وتعمل من أجل تجسيده عمليا بنفَسٍ طويلٍ
وباستمرارٍ، كيفما كانت الظروف ومهما تغيّر الرجال والطواقم المسؤولة.. المشروع
الثقافي بقدر ما تكون السلطات التنفيذية مسؤولة عنه وعن تنفيذه، فإن الجماعات
الفاعلة والضاغطة في المجتمع مسؤولة عنه كالأحزاب، والنقابات، والمجتمع المدني،
بما في ذلك الجمعيات وغيرها...لننظرْ إلى مشاريع
الأحزاب التي تهفو إلى الحكم، وقيادة المجتمع حتى في الاستحقاقات الانتخابية، هلْ نحن
واجدون فيها ولو نُتفا بسيطة عن مشروع ثقافي،! وانظرْ إلى النقابات بكل ألوانها،
هل أنت واجدٌ في أدبياتها ما يدلّ على تكوين المنتمين إليها ثقافيا ومعرفيا ؟
وهلمّ جرّا.
3 ــــ كيف تفسّر انحسار "الإبداع " في
ساحتنا الثقافية على النحو الذي نراه منذ سنوات ؟
3 ـــــ ج :في السبعينات والثمانينات، وكما أسلفتُ نشط المشهد الثقافي وفي
إطاره انتعش الإبداع الذي أوجده وساهم فيه، وواصل، ورسّخ مكانته اليوم في الساحة
الإبداعية العربية، جيل أُطلق عليه جيل" السبعينات"، بعد هذا الجيل
انحسر الإبداع، واختفى المشهد الثقافي إلّا في زوايا ضيّقة بفعل الزلزال السياسي
والأمني الذي هزّ البلاد؛ إلّا أنه وبداية من سنة 2007 سنة الجزائر عاصمة للثقافة
العربية عاد الإبداع إلى مكانته حيث طبعت وزارة الثقافة 1259 عملا إبداعيا،
ومعرفيا، وتواصلت الطباعة في كل سنة حتى 2011 أين خُصصت الإصدارات لتلمسان عاصمة
للثقافة الإسلامية، كما العديد من المبدعين طبعوا على حسابهم الخاص، ومنهم منْ طبعت
لهم بعض الجمعيات الثقافية، وكذا مديريات الثقافة، ودُور الثقافة، والمكتبات
الرئيسة الولائية للمطالعة العمومية...
ومن يزور معرض الكتاب
السنوي بالعاصمة يُفاجأ بعشرات العناوين الجديدة الصادرة خاصة في مجال السّرْد
الروائي. وما وصل إليّ أن معرض هذه السنة 2019 سيكون مميّزا من حيث الإصدارات
الإبداعية الجزائرية، وللتذكير أن دور النشر التي تكاثرت، وتواجدت في أغلب ولايات
الوطن ساهمت وتساهم في الإصدارات، والترويج لها.
4ـ خصصت كثيرا من المؤلفات للشأن الثقافي والفكري
الوطني ..حدثنا عن مؤلفاتك ..
4 ــــ ج : البداية كانت في أواخر سنة 1970م تفاعلتُ مع مجلة المجاهد
الأسبوعية، وخاصة مع "بريد القرّاء" ساهمت بمواضيع تخصّ منطقة وادي
سُوفْ: مشكلة المواصلات في الواحات، الصناعات التقليدية دور رجل الدين، شباب ضائع
وسلطة محلية نائمة، رأْيٌ في الشعر، افتقارنا الى المكتبات، وغيرها، نتيجة قراءاتي
لهذه المجلة من الصفحة الأولى إلى الصفحة الأخيرة، وتوقّفًا طويلًا مع القسم
الثقافي بها: شعر، قصص قصيرة، أخبار ثقافية؛ جذبني الأدب من قصص قصيرة، وشعْرٍ.
أولُ قصة قصيرة كتبتُها
كانت في سنة 1972، بعد أن حبرتُ عدة مواضيع اجتماعية أرسلتُها إلى صحيفة "
المجاهد الأسبوعي " التي كانت يومئذٍ هي وصحيفة " الشعب " تملآن
الساحة المعرّبة، وأيضًا صحيفة: النصر" بدرجة أقلّ، والتي عُرّبت سنة 1972؛
كانت صحيفة "المجاهد الأسبوعي" تنشر لي هذه المواضيع الاجتماعية، وبدأت
من خلالها أيضًا أتعرّف على القصة القصيرة المعاصرة، وأتتبع مسارها الموضوعاتي،
والاتجاهاتي، والفنّي مـمّا حرّك في نفسي نزعة الكتابة الإبداعية، وبالتحديد
القصصية، ووهج ثورة التحرير المباركة لا يزال حينذاك في أوْجـه، فساعدتني الذاكرة
التي أعادتني إلى تلك الأحداث، فجأة وجدتًني أكتب أول قصة مستوحاة من هذه الأحداث،
قصة بعنوان " النفس الأبيّة " قصة واقعية أحداثها وقعت في سجن"
لامبيس"، بطلها استُدعي من قبل الإدارة الفرنسية بالسجن، وعُرضتْ عليه مزايا،
وعطايا، مقابل أن يكون مُخبِرًا داخل السجن بين إخوانه، يبلّغ الإدارة الفرنسية عن
رفاقه في كلّ ما يقومون به من كبيرة، أو صغيرة، أو حديثٍ عن الثورة؛ وبإباء ونخوة
الجزائري رفض، فعُوقب بوضعه في زنزانة منفردة...هذه القصة الأولى لتتوالى بعدها
القصص، وتتـفتّـــق القريحة، وأدْخلَ هذا العالم الإبداعي الجميل.
مجلة آمال.. إضاءةُ
الإشراق: في فاتح جانفي 1977م اتّصل بي وزارة الثقافة تُخبرني بأنها قرّرت جمْع كل القصص التي صدرت لي بمجلة
آمال، وستصدرها في عدد خاص من المجلة، حيث
صدرت القصص في العدد 39 بتاريخ ماي ـ اجوان 1977م مجموعة قصصية تحمل عنوان"
أخاديد على شريط الزمن".. عدد به 19 قصة، وخمسُ قصص قصيرة جدا. الـمفارقة أني
لم أستلم هذا العدد الخاص من وزارة الثقافة مباشرة، أو عن طريق البريد، إنما
ابتعــتُه من مكـــتبة ابن باديس بمدينة الوادي كانت في كل شهر تصلها المجلات
الثقافية العربية من تونس(الفكر، الحياة الثقافية)، مـصر( الهلال، إقرأْ)، لبنان (
الآداب، الأديب)، العراق( الأقلام، الطليعة الأدبية)، ليبيا( الثقافة العربية)،
السعودية (الفيصل)،قطـر (الدوحة)، وكذا مجلة " الثقافة" و" الأصالة
"، ومجلة " آمال" من الجزائر العاصمة.. وكأنني غير مصدّق أن يصدر
لي عددٌ خاصٌّ بي.
ثم صدرت لي المجموعة القصصية
الثانية الموسومة بــ "القرص الأحمر" سنة 1986 المؤسسة الوطنية للكتاب. وغيرها
فيما بعد من الإصدارات لتوشّح مساري الفكري والإبداعي السّردي ، ففي إطار نشْرٍ
مشترك، وباقتراح من المرحوم الطاهر وطّار صدرت لي عن الجمعية الثقافية
الوطنية" الجاحظية" سنة 1999م مجموعتان قصصيتان: "الدِّفْء
المفقود"، "الشموخ". ثم في سنة 2007م صدرت لي المجموعة الخامسة
" ظلالٌ بلا أجساد"، عن وزارة الثقافة في إطار الجزائر عاصمة للثقافة
العربية. منذ 2007م بعد أن استهوتني الكتابة في مجالات أخرى غير القصة القصيرة؛ في
سنة 2017م، عدتُ إلى القصة القصيرة؛ تحديدا القصة القصيرة جدًّا، العصيّة الكتابة،
إذ أصدرتُ مجموعتيْن قصصيتيْن على حسابي الخاص: "ترانيم في حضرة
القبح"،" لا قليل من الفرح"، عدد المجموعات القصصية التي صدرت لي
سبعة.
مؤلفاتي حتى سبتمبر 2019
ــ في القصة القصيرة
1 ـ
أخاديد على شريط الزمن ( في عدد خاصٍّ عن
وزارة الثقافة سنة 1977 )، ثم في سنة 1982 عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع.
2 ـ القرص الأحمر ـ مجموعة قصصية ـ ( عن ش. و. ن.
ت 1986) .
3 ـ الشموخ
ـ مجموعة قصصية ـ (عن الجاحظية 1999.)
4 ـ
الدّفْء المفقود ـ مجموعة قصصية ـ ( عن الجاحظية سنة1999 .)
5 ـ ظلالٌ
بلا أجساد ـ مجموعة قصصية ـ (وزارة الثقافة 2007 )
6 ـ لا
قليل من الفرح ..قصصٌ قصيرة جدًّا. ( 2017)
7 ــ
ترانيم في حضرة القبح. ومضات قصصية ( 2017)
8 ـ
الأعمال غير الكاملة ..مجموعات قصصية خمسٌ ( دار الثقافة بالوادي 2015)
ــ في الجمال
والفـــــنون
9 ـ
الجمال فينا وحولنا ـ دراسةٌ ـ( وزارة الثقافة2007 )
10 ـ
الجمال رؤيةٌ أخرى للحياة ـ دراسة ـ ( وزارة الثقافة2007 )
11 ـ الفنون لغة الوجدان ـ دراسة ـ (وزارة الثقافة
2009 )
12 ـ
الفنون في حياتنا ـ دراسة ـ (وزارة الثقافة 2009)
ـــ في الفكر
والإبداع الأدبي والنقد ــ مقالات
13 ـ
وقفات فكرية.. حوارٌ مع الذات، ووخزٌ
للآخر. مقالات(وزارة الثقافة 2009)
14 ـ مرايا.. حديث في الثقافة والجمال والفنون .(
مديرية الثقافة بالوادي 2012 )
15 ـ
مؤانسات ثقافية ـ مقالات ـ (وزارة الثقافة 2013)
16 ـ على
أجنحة الخيال ـ مقالات ـ (وزارة الثقافة
2015 )
17 ـ
تغاريد قلم . حديث في الفكر والأدب ـ والفن.( 2017 )
ــ دراســــــات
18 ـ
الكتابة للطفل بين العلم والفن ـ دراسة ـ ( وزارة الثقافة2007)
19 ـ
المجتمع المدني وحقوق الإنسان .2018
20 ـ بحثا
عن ثقافة الحوار مع الذات ومع الآخر 2018
ــ حــــــوارات
21 ـ
حوارات في الفكر والثقافة والأدب والتربية (مديرية الثقافة بالوادي: 2015 ).
ــ السيرة
22 ــ حياتي
في دائرة الضوء ..سيرة ذاتية لبشير خلف ( جاهز للطبع).
كُتُبٌ أخرى، إعداد
وإشراف بشير خلف
23 ـ
" إضاءات ..نقد " للمرحوم شرادة الجيلاني( دار الثقافة بالوادي 2016)
24 ـ
" تواشيح .."حوارات ثقافية للإعلامية جميلة طلباوي ( رابطة الفكر
والإبداع2016)
25 ـ
" هذه حياتي "للمرحوم العلاّمة محمد الطاهر تليلي(دار الثقافة
بالوادي2017)
26 ـ
المُقتطَفات المنظومة مِن مؤلَّفاتي المعلومة للمرحوم العلامة الشيخ م. الطاهر
تليلي2019
5ـ كتبت القصة القصيرة والرواية والمقال الأدبي
والمقال الثقافي ان صحّ التعبير ...كيف يمكن توصيف "غياب" النقد في
ساحتنا الأدبية الوطنية ؟
5
ــ ج:أ ــــ يقول الدكتور إبراهيم رماني تعريفا للنقد الأدبي:« ..النقد الأدبي
إنما يسعى إلى "معرفة الصور الجمالية، للقطعة الأدبية، وتقدير الصفات
الأساسية التي يجب توفرها ليكون النص أثراً فنياً خالدا» ؛ إذا كان الإبداع الأدبي يحتاج إلى الإضاءة النقدية،
فإن النقد يحتاج لبيئة إبداعية خصبة تكفل له التفاعل والتواجد، والاستمرارية، كما
تحفز الناقد على الرصد والمتابعة للأعمال الإبداعية في الساحة الثقافية، أيضا تحفز
هذا الناقد على العطاء، والمثابرة، وإبراز قدراته الإبداعية كراصد، وموجه؛ فالأدب
كإبداع، والنقد كمقيّم لعملية الإبداع كلاهما يسيران جنبا إلى جنب في خطٍّ واحد
ليتمم كلاهما الآخر، ويدفع كلاهما الآخر نحو صناعة إبداع راقٍ يحفظ ذاكرة الأمة،
ويستفزّ قريحة المبدع، ويعبر عن طموح المتلقّي كــــطرفٍ آخر في عملية تغذية
أطرافها ثلاثة : مبدع، ناقد، متلقٍّ.
في بلادنا وفي السنوات الأخيرة وقد انحسرت
المقروئية رغم تواجد الإبداع، وحلّت محلّ المقروئية الوسائط الحديثة، وسيطرة مواقع
التواصل الاجتماعي، والعزوف عن حضور الفضاءات الثقافية، والمنابر الإبداعية،
والإعلام الثقافي، كما غياب الحصص الثقافية، واستضافة المبدعين أدّت بالنقد الأدبي
أن يغيب عن الساحة الثقافية، ويتواجد في الجامعات لا في المنابر، إنما في بحوث
ومقالات في مجلّات محكّمة هدف أصحابها الترقية بدل الكشف عن المواهب، ومساعدتها. في غمرة هذا الفراغ، خلا المجال لظهور لون جديد من النقد هو
(النقد الجامعي) الذي يستخفّ بالنقد خارج الجامعة دون أن يقدّم البديل المقبول،
لأنّ أصحابه باحثون وأساتذة جامعيون منزوعو الذّائقة الجمالية في كثير من
الأحوال... يلوكون أفكارا مجرّدة ونظريات مثالية، ويستجمعون ركاما من الأقوال
الشرقية والغربية وأثقالا من الهوامش والإحالات، وحين يبلغون النصوص الممتعة
الخلاّقة تغلق دونهم، لأن من سمات النّاقد إنْ لم يكن مبدعًا يكون ذوّاقًا
للإبداع، مهووسًا بالجمال، باحثًا عنه في ثنايا النصّ، مثمّنًا مبدعه الذي من
المفترض أن يتعرّف على المبدع شخصيا، لا على نصّه فحسبْ.
6ـ المنجز الإبداعي في الجزائر متعدد ومتنوع (سرديا
وشعريا ..) هل يمكن أن نعرف منك "تقييما" لهذا المنجز ..وبمً يعد في
تقديرك ؟
6 .ج :المنجز الإبداعي يدخل ضمن المنجز المعرفي الشامل في البلاد، وتأكيدا
فمن يرغب في معرفة هذا المنجز عليه بزيارة معرض الكتاب الدولي السنوي، ويطوف في
أجنحته، ويغوص في أغواره، ويتوقّف عند العناوين سيفاجأ بالإصدارات الجديدة في كل
المجالات الفكرية؛ إلّا أن الحديث عن المنجز الإبداعي طاغٍ منذ ما قبل المعرض في
الإشارة إلى العناوين الجديدة التي ستكون حاضرة. إن المتتبع للمنجز الإبداعي لا
يُفاجأ بسيطرة المنجز السردي الروائي في السنوات الأخيرة كما هو الحال في أغلب
بلدان العالم. قيل قديما:( الشعر ديوان العرب)، وحاليا " الرواية ديوان
العرب.. بل العالم"، هذا المنجز نافست فيه الأنثى الرجل، وتبوّأت فيه
مكانتها؛ أمّا الشعر فقد انحسر متلقّوه إلّا في مبدعيه، وأصدقائهم، وفقد مكانته،
ومنابره، ومواقعه، وحتى دور النشر تتحاشى إصداره.. ولمّا نتحدث عن المنجز السردي
الروائي في الجزائر الذي كانت بوادره الحديثة سنة 1973 برواية " ريح
الجنوب" للمرحوم عبد الحميد بن هدوقة، وما تلتها من روايات، وحتى شعْرٍ كانت
نصوصا مشبعة أيديولوجيا بالواقعية الاشتراكية، معبّرة عن الثورة، وواقع المجتمع
الجزائري بعدها، وما يطمح إليه أفراده؛ وأثناء الأزمة السياسية وما بعدها ظهر
الإبداع الاستعجالي الذي وثّق للمآسي اليومية دون النظر إلى الجانب الفني
والجمالي، وحتّى البناء اللغوي في عديد النصوص السّردية؛ بعدها ظهرت نصوص من حيث
العدد كثيرة، ومن حيث المضمون أغلبها ذاتية عاطفية مغلقة، الساحة أخيرا برزت فيها أسماء
شبابية من الجنسين أبدعت نصوصا إنسانية راقية أهّلتها للفوز بجوائز وطنية وعربية؛
دون الإشارة إلى الأسماء التي سبقتها والتي وصلت إلى الريادة ولا تزال.
7 ــــ نالت بعض الأقلام الجزائرية جوائز عربية
مقدورة في المجال الإبداعي (رواية ، شعر ، أبحاث أدبية ونقدية)...لكن في الوطن ليس
هناك ما يكافئ هذا النجاح ..إلام يعود ذلك في تقديرك ؟
7 ـــ ج: لا ننفي أنّ هناك جوائز سنوية في الرواية، المسرح، الإعلام،
الأبحاث ذات مستوى مادي معتبر ترصدها مؤسسة الرئاسة، ومؤسسات أخرى، ويُحتفى
بالفائزين بها؛ ومن المفارقات أنّ العديد من الشباب المبدع الجزائري لمّا يتألق،
ويتحصّل على الجوائز والمراتب المتقدمة خارج الجزائر؛ حينها يُحتفى به داخليا،
وينتهي كل شيء، ويُتناسى وكأنه ليس مكسبا جديدا يُثمّن ويرعى.
الاهتمام بالمواهب، والكشف
عنها، بل وتهيئة كل الظروف لوجودها، ومساعدتها، ووضعها مكانها اللائق الذي تبدع
فيه فتفيد نفسها ووطنها يأتي من ثمرات المشروع الثقافي الوطني الذي لا نقول ( معطّلًا)؛ بل معدوما لم يظهر إلى النور منذ
الاستقلال.
8 ـــ كان لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين دور
في النهضتين الثقافية والأدبية ، بشهادة دارسين ومؤرخين كعبد المالك مرتاض وغيره..
كيف تنظر اليوم إلى دور الأدب والثقافة في صناعة الغد المنشود للمجتمع الجزائري.. وكيف
تتصوّر إسهام الأدب في نهضة المجتمع ؟
8 ـــ ج :كل وطني نزيه غيور على هذا البلد يثمّن الدور الرائد التاريخي
الذي أدته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ولا تزال. إن الأدب والثقافة يدخلان
ضمن عوامل مكوّنات هوية الأمة، كما يشكلان الغذاء الروحي، والجمالي، والتوازن
النفسي، ممّا يساعد على السلوك السوي للفرد المنسجم مع نفسه، غيره، مجتمعه، ومن
هذا المجتمع المنسجم يكون الغد المنشود الذي يكون قوامه الاحترام، والعيش المشترك
في وطن واحد المجتمع تحتضنه " المواطنة".
9ـ لوحظ من الدارسين وجود "تجاوزات " إن
صحّ التعبير في مجال الكتابة الإبداعية خاصة، بالسخرية من المقدسات والعدوان على
القيم والمبادئ (لدى البعض حتى من كبار الكتاب ) كيف تقرأ ذلك ؟ وهل يرتبط الأدب
والابداع بالضرورة مع "الجرأة " على الدين والقيم ؟
9 . ج: ظلّ،
ويظلّ الأدب مستمَدًّا
من تجارب الإنسان، باعتباره كائنًا حيًّا مكوّنًا من الروح، والمادة، والعقل،
والوجدان، وهو يحتاج إلى ما يُشبع احتياجاته المتعددة التي تتعلق بمكوناته تلك إشباعًا
ماديًّا وروحيًّا متوازنًا في إطار القيم الإنسانية الرّاقية، وفي إطار احترام
كرامة الإنسان نفسه ومجتمعه؛ لأنّ الأدب
بما يعبر عنه من فنون الشعر، والنثر يعبر عن حقيقة شعور الإنسان الجمالي،
والذّوْقي، وطبيعة إحساسه تجاه غيره، وتجاه الطبيعة بمختلف مظاهرها؛ بحيث تحكمه رسالة
الأديب الذي يُسْكب أحلامه، وأفكاره، وآلامه، وآماله بلغة
ملك ناصيتها، وطوّعها ، وحمّلها من قيم الجمال، والحقّ، والخير ما يرفع من مستوى
المتلقّي، فالمجتمع. إنّ أيّ أدبٍ لا يصبّ في هذا المنْحى هو هدْمٌ للقيم، وخطرٌ
على المجتمع. بكلّ أسفٍ ظهرت في بلادنا كتابات شعرية وسردية ليس في هذا القرن
فحسب، بل بداية من القرن الماضي، وإنْ كانت قلّة لتتغوّل نفس الأسماء، وتنضاف إليها
أسماء جديدة من الجنسيْن كتبت، وتكتب نصوصًا سردية وشعرية، سيّما السردية ضمّنتها،
وتضمّنها دعوات للتحلّل من القيم الروحية، والدينية، ووصف المتمسكين، والمدافعين عنها
بالجهل، والتخلّف؛ بل والدّعوة إلى التحرّر الجنسي، والمثلية من خلال ما يُطلقُ
عليه بالأدب الإيروتيكي، وسعْيُ هؤلاء العمل على تفشّي هذا الأدب، ومن هؤلاء
أساتذة أكاديميون معروفون؛ إلّا أنه في تقديري من خلال رصْدي لتحرّكاتهم أنهم
فشلوا، وسيفشلون أمام تصدّي المجتمع الجزائري المسلم لدعاويهم.
10ـ الجوائز الأدبية ..هل هي فعلا معيار حقيقي للحكم
على قدرة وصدارة كاتب أو مثـــقف ما ؟
10 ـــ ج: إن انتشار
الجوائز الأدبية والثقافية في العالم العربي بما في ذلك الجزائر، بادرة تستحق الالتفات، إذْ هي مهمّة لتشجيع
الكاتب على مواصلة إبداعه، وانتشار الكتاب بشكل أوسع. وهذه المبادرات التشجيعية وُجدت
في أوروبا منذ قرون، وصاحبت الحركات النهضوية الفنية والأدبية. وفي العالم العربي
هناك جوائز تمنحها سلطات الدول، وأخرى تمنحها مؤسسات تجارية، وبعضها تقوم برعايتها
هيئات ثقافية مدعومة من جهات عديدة كما هو في دول الخليج. من حقّ أيّ مبدعٍ
التقدّم إلى هذه الجوائز لكن وفق شروطٍ مضبوطةٍ ، في رأيي ليست هذه الشروط دائمًا متوفّرة ممّا أدّى إلى بروز لهفة جديدة لدى كل من يكتب، ومنْ
يحاول أن يكتب، في الركض للحصول على الجائزة، ولذلك نجد عديدا من الأعمال المقدمة
للجوائز الأدبية، حتى من كتاب كبار، متسرّعة غير ناضجة، لتركض في سباق الجائزة. كما
العديد ممّن لم ينشرْ، أو تنشر نصًّا في حياته، أو حتّى مقالًا أدبيا، يطلب منك، أو
تطلب صداقة بمجرّد موافقتك ترسل، أو يرسل إليك نصًّا أسماه( رواية)، لا ليطلب منك
تقييمه، بل الاطلاع عليه، وتزكيته كي يشارك به في جائزة من جوائز "
البترودولار".
ـ كلمة اخيرة .
ــــــ أتقدّم لصحيفتكم بالشكر والتقدير، ولهيئة تحريرها التي منحتني هذه
المساحة كي أُدلي بآرائي الشخصية في قضايا بلادي.. آراء شخصية خاصّة بي، أرجو ممّن
يطّلع عليها أن يجد فيها ربّما ما يشغله فكريا، والله الموفّق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق