متى يـحصل الكاتب على
حقوقه المادية ؟
بشير خلف
للذي يطمح أن يستمر كاتبا، وأن يكون له
اسمٌ بجانب الكُتّاب، والمبدعين عليه ألّا يطمع في الاسترزاق من الكتابة. عليه أن
يتمسّك بمهنته، أو وظيفته التي يعيش منها حتى لو كانت مهنة بسيطة، وتأتي بعائد
بسيط، إنها في النهاية هي الحقوق التي سيحصل عليها آخر كل شهر. إنها النصف الممتلئ
من الكوب المنظور، وهو أفضل من الذي يدفع من جيبه لنشْر كتاب لا يستردّ من بيعه
ثمن تكاليف طباعته.
لي صديقٌ في الثمانينات من القرن الماضي
باع سيّارته الشخصية من أجل طباعة أوّل ديوان شعريٍّ له..يا ليت الديوان بيع،
واستردّ صاحبنا بعضًا ممّا دفعه لصاحب المطبعة؛ بل أغلب نسخه تخلّص منها بالإهداء.
يقول الطبيب الروائي السوداني المعروف تاج السر:
ــــ سألني أحد الشباب: متى
يحصل الكاتب على حقوقه المادية من جراء نشر كتبه؟ وهل هي حقوق مجزية؟
يقول ممّا أجبتُ به الشاب ما يلي
ـــــ "دُرتُ
بمخطوط روايتي الأولى" كرمكول" على أولئك الناشرين المعدودين في مصر
آنذاك، دخلت مكاتبهم، وحدثتهم عن الرواية، وكنت في ذلك الوقت صغيرا وطموحا، وعندي
يقين بأنني قد أكون أنجزت شيئا مختلفا. في الحقيقة لم أجد تفاعلا جيدا مع من
حاورتهم من أصحاب دور النشر، وطبيعي جدا أن الناشر كائنٌ ربحيٌّ في النهاية، ويسعى
للحصوص على عائد من نشره للكتب، وأعود لأكرر أن العائد هذا خاص بالناشر وحده،
بعيدا عن الكاتب، معروف كان أو غير معروف."
ويقول في موضع آخر لمّا كان طالبًا في
القاهرة عن روايته هذه الأولى:
ــــ " فالوالد
بدخولي الطبّ أهداني ساعة "رولكس"، وهي ساعة ثمينة جدًّا، وأنا لم أكن
أعرِف قيمتها طبعاً، أهدانيها، ثم سافرت إلى القاهرة لأدرس الطب، واستمرّت هذه
الساعة معي ولم يكن أحد يعرِف قيمتها أبداً. فعندما ذهبت لأنشُر روايتي الأولى
التي كان اسمها "كرمكول" بعدما كتبتها ذهبت لأبحث عن الناشرين ودرت من
ناشر إلى آخر، وكان أي واحد يقول لي "آسف، أنت مَنْ لكي أنشرها لك؟"،
وأنا كنت معروفاً كشاعر، فلم أجد. لكن أحد الناشرين قال لي، يا أخ ممكن أن تُريني
هذه الساعة؟ فأعطيته الساعة وقال لي، يا أخي هذه ساعة "رولكس" وقيمتها
كبيرة جداً، أنت تعرِف ذلك أم لا ؟ فقلت له، والله لم أكن أعرِف. فأخذني وذهبنا
ورهنتها وأعطتني مبلغاً ضخماً جداً، فأعطيت الناشر المبلغ ونشْر الرواية، وكنت
أحمِل حقيبة فيها نُسخٌ وأدور على المُحافظات في (مصر) وأوزِّع الرواية على الطلاب
إلى أن استرددت قيمة الرهن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق