السبت، 4 سبتمبر 2021

..من ذكرياتي

بشير خلف

     في منتصف شهر ديسمبر سنة 1960م حوّلتنا السلطات الاستعمارية الفرنسية من معتقل في ثكنة بعنابة إلى سجن " لامبيس"، " تازولت" ضواحي مدينة باتنة الرهيب بعد محاكمة عسكرية طوال ثلاثة أيام. كان عمُري حينذاك 19 سنة.

      أوّل صلاة جمعة حضرتُها مع ما يناهز 1900 سجين سياسي موزعين على عدة ساحات بالسجن؛ أمّنا يومذاك عالِمٌ جليلٌ ذو صوت جهوري، حماسي، ثوري.. تحت مرْأى السلطات الاستعمارية، وعشرات الحرّاس المدجّجين بالسلاح، تحدّث الإمام الجليل عن حقّ الإنسان في الحرية أينما تواجد، بغضّ النظر عن لونه، ومعتقده؛ وخاصة في بلده.

        بعد الصلاة، رأيتُ المساجين، المصلين يهرعون لملاقاة العالم، الإمام يحيّونه، ويشدّون على يديْه؛ وأنا القادم الجديد الحذر، المتهيّب، الملاحظ من بعيد، القليل الخبرة، كبّلني التردُّد؛ ثم سرعان ما تقدمتُ، واصطففْتُ مع إخواني لتحيته، ومصافحته..

      عرفتُ منهم لحظتها أنه العالِم الجليل، الذي كان في سجن" لامبيس" بمثابة الجدار القوي، المسلح يتكئون عليه أثناء ظلم إدارة السجن الاستعمارية، وتعنّتها...إنه العالم، الجليل، الفقيه، الموسوعي(أحمد حماني)، رحمه الله، وغفر له، وجزاه على ما قدّم لبلده الجزائر، وللدين الإسلامي، وللغة العربية.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الجمال.. وما أدراك ما الجمال؟؟ كتب: بشير خلف      كيف نُعرِّفُ الجمالَ؟ وكيف نُحدّدُ جَــوْهَره، وأسُسَه الموْضوعية؟ ما هي المعاييـرُ...