.. وتبقى معارض الكتاب مصْدرًا للفكر والتثاقف
بقلم: بشير خلف
في تقديري الشخصي، وقد يشاركني الكثيرون في هذا بأنّ معارض الكتاب تلعب دوراً ثقافيا، وفكريا مُهِمًّا، أصبحت بفضله بمثابة مهرجانات ثقافية ينتظرها المثقفون، والكُتّاب، والمبدعون، وكذا شريحة كبيرة من المجتمع بشغَـفٍ، إذ أنها تحتفي بالفكر ورُواده، وهي فرصة حقيقية لتلاقي الأفكار، وتبادلها.
وتحْفلُ أغلبُ دول العالم بما في ذلك الجزائر بمعارض الكتاب أكانت جهوية، أو وطنية، وعلى رأس هذه المعارض، الصالون الدولي للكتاب السنوي الذي نعيش فعالياته هذه الأيام 2023.
لا شكّ أن الجميع يستشعـر من خلال هذه المعارض أهمية الثقافة، والاطلاع على مستجداتها، وأهمية الكتاب، والقراءة، إذْ أن إقامة المعارض تحفظ للكتاب قيمته، وأهميته ودوره البارز في تطور الإنسان وتعلُّمُه.. والحفاظ على وهجه القديم من خلال الاقتناء والقراءة، خاصة وأنّ مكانة الكتاب اهتزّت كثيراً بعد التطور التكنولوجي، وظهور الأنترنيت والكتاب الإلكتروني، الأمر الذي أجبر كثيراً من القُـرّاء على هجْــر الكُتب ،والتوجه إلى تلك التقنية الإلكترونية.
وحفاظا على الكتاب كوسيلة معرفية، وكحامل للحضارة الإنسانية، وكنوز المعرفة؛ فإن معارض الكتب ستبقى مهمة بشكل كبير لنشر الكتاب، وتوزيعه، والتحسيس بأهمية المقروئية، وضرورة اقتناء الكتاب في شتّى مناحي الفكر، وهذا ما لاحظناه، ونلاحظه في معارض الكتب، سيّما المعرض الدولي للكتاب ببلادنا، فالإقبال كبير على الكتب العلمية والتقنية، والمدرسية من قِــبل الطلاب الجامعيين، وتلاميذ كل المراحل المدرسية؛ بل حتى الأولياء يرافقون أبناءهم للاطلاع على ما في المعارض، ومساعدتهم في اقتناء الكتب التي يحتاجونها، ولا تسلْ عن المثقفين، والكُتّاب، والمبدعين، والكُتّاب المبتدئين الشباب وأساتذة الجامعات، والطُّلّاب في هذه المعارض التي يعتبرونها فرحًا سنويا، فرصة للقاءات، وندوات فكرية، وحضور محاضرات قد يكون ضيوف شرفها قامات فكرية وطنية، أو عربية، أو عالمية.
يُعد معرض الكتاب مقياسًا مهمًّا لدور النشر وتوزيع الكتاب، ومعرفة كل دولة باهتمامها بالكتاب، الذي يساعدهم على التفكير بالخوض أو المشاركة فيه من عدمه.
إنّ الامّة التي تقرأ، وتهتم بالقراءة، نجدها تهتم بكل ما من شأنه المساعدة في ذلك، كالاهتمام بصناعة القراءة، وما تتطلبه هذه الصناعة من أدوات وعمليات وخدمات عرض وتسويق، ولا شك أن ذلك يساعد أفرادها في الانخراط في (مجتمع اقرأ لتتعلم)!
معارض الكتاب في فرصة ثمينة لتلاقي الأفكار وتبادلها، ويحفل العالم العربي، كما العالمي بالمعارض التي يشارك فيها أهمُّ الكُتّاب والمثقفين، بالإضافة إلى أهمّ دور النشر ومؤسسات الإنتاج الثقافي.
وكذلك المؤشر المساعد في قياس الحالة الثقافية والأدبية التي تعيشها و تمر بها أي أمة، وهو كذلك انعكاس لحركة التأليف والنشر والتوزيع. معرض الكتاب مقياسٌ مُهمٌّ لدُور النشر، وتوزيع الكتاب، ومعرفة كل دولة باهتمامها بالكتاب، الذي يساعدهم على التفكير بالخوض أو المشاركة فيه من عدمه.
معرض الكتاب الدولي بالجزائر، والذي يُقـــــرُّ أغلبُ الناشرين المشاركين به: أنه من أنجح المعارض في العالم العربي من حيث المبيعات، ومن حيث وعْي زوّاره، واقتنائهم لنوعية الكتاب، كما أنّ المثقفين والكُتّاب والمبدعين يرونه عيدا سنويا فريدا من نوعه، واعتراف العديد منهم أنهم في كل سنة يبتاعون عشرات العناوين من الكتب الفكرية والإبداعية الصادرة عن عدة دُور نشر عربية معروفة بعراقتها، بما فيها آخر ما صدر بالجزائر.
الرأي عندي، أن أهمّ هدف لمعارض الكتب يجب الالتفات إليه، هو السعي في صناعة المثقّف الواعي، والمتعلّم المُثابر، والحرص على استقطاب الجمهور الواسع من كل الشرائح، ليس للفرجة، والتسوّق البريستيجي، إنما لتوسيع الوعي بأهمية دوْر القراءة، وتوسيع مساحة المقروئية، والتثقف المستمرّ؛ ولن يتحقق هذا إلاّ بواسطة الكتاب الذي سيبقى دومًا أحسن، وأوفى صديق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق