النصّ المُوازي في شعر
عثمان لوصيف
عرض وكتابة: بشير خلف
ضمن إصدارات وزارة الثقافة والفنون الجزائرية،
صدر عن صندوق الإبداع أواخر سنة 2024 للدكتور الأستاذ الشاعر، الناقد محمودي
الأزهر كتابٌ في شكل دراسة مُعمّقة، الكتاب من الحجم المتوسط في 107 صفحة بعـنوان (النصّ المُوازي في شعْــر
عثمان لوصيف).
دراسة معمّقة لشعر المرحوم عثمان
لوصيف من خلال قصائد دواوين ثلاثة: 1 ــ الكتابة بالنار 2 ــ براءة 3 ــ شبق
الياسمين.
متْنُ الكتاب
بعد المقدمة والتمهيد تناول المؤلف
الدواوين الثلاث تباعًا.
ممّا جاء في المقدّمة:
«النص الأدبي في حقيقته نصان: نصّ المركز، ونص الهامش، أو هو النص الأصلي،
والنص الموازي؛ أو ما يُـسمى بالعتبات النصية؛ فالنص الأدبي الشفوي نصه الموازي
يظهر في الأداء، ونبرة الصوت وحركات الجسد، بينما النص الأدبي المكتوب تدور في
فلكه نصوص أخرى كثيرة بصرية، ولغوية، منها: حجْم الكتاب وغلافه، وتشكيلاته وصوره
وألوانه، ومكان العنوان، واسم المؤلف باعتبارها علامات بصرية تساهم في تركيب النص،
وتوجيه القراءة بالإيحاءات الثقافية، والتاريخية، والاجتماعية المحيطة بالنص.
أمّا العلامات اللغوية فقد تقصر كالعـنوان،
والاهداء، والتجنيس، وتاريخ الإصدار، واسم دار النشر، أو تطول ككلمة المؤلف، أو
كلمة الناشر، وكل هذه العتبات تتضافر لتضع القارئ في جوّ النص.
وفي هذا الكتاب نحاول الإلمام
بالعتبات النصية في بعض من دواوين الشاعر الجزائري عثمان لوصيف باعتباره أحد
الشعراء الجزائريين المعاصرين، ومن خلاله نكتـشف عينة من ظاهرة العتبات النصية في
الشعـر الجزائري المعاصر، ومدى اهتمام الشاعر بها وحضورها في وعيه، وفي لا وعيه.
ورغم أن دواوين عثمان كثيرة إلا
أننا هنا اقتصرنا على ثلاثة دواوين فحسب، وهي: الكتابة بالنار، براءة، وشبق
الياسمين.»
ولد عام 1951 في طولقة ـ ولاية
بسكرة. تلقى تعليمه الابتدائي , وحفظ القرآن في الكتاتيب، ثم التحق بالمعهد
الإسلامي ببسكرة، وترك المعهد بعد أربع سنوات، وواصل دراسته معتمدًا على نفسه،
وبعد حصوله على شهادة البكالوريا التحق بمعهد الآداب واللغة العربية بجامعة باتنة،
وتخرّج 1984.
انخرط في سلك التعليم منذ وقت
مبكر. أحب منذ طفولته الموسيقى والرسم، وبدأ نظْم الشعر في سنٍّ مبكرة.
قرأ الأدب العربي قديمه، وحديثه؛
كما قرأ الآداب العالمية.
توفي الشاعر عثمان الوصيف بعد معاناة مريرة،
طويلة مع المرض يوم 27 اجوان سنة2018
بعد مشوار حافل بالعطاء، حيث أصدر الشاعرأكثرمن
عشرة دواوين شعرية، على مدار ثلاثة عقود، منها “الكتابة بالنّار” عام 1982، و”شبق
الياسمين” عام 1986، و”أعراس الملح” عام 1988، «الإرهاصات»، «نوش وهديل» 1994،
«التغابي» 1999، «كِتاب الإشارات»، «زنجبيل»، «غرداية»، “قراءة في ديوان الطبيعة1967”.
ذلك من خلال نظرة على العناوين
وقراءة النصوص:
نكتشف ملامح جيل السبعينات، ذلك
الجيل الذي تأثرت تجربته الشعرية بهزيمة السقوط المريع الذي ترك آثارا غائرة في
نفسية وتجارب ذلك الجيل، بل كان منعطفا ونقطة تحول هامة في مسيرة الشعر العربي
المعاصر بوجه عام، حيث كان للشعراء قيدا جديدا قوامه مرارة الهزيمة، والانكسار،
والشعور بالإحباط، ما حدا بالشعراء إلى مراجعة حساباتهم.
لقد ظل هذا الجيل يعاني من الضياع
والبحث عن سبيل الخلاص متأرجحا بين الاستسلام والقبول بالهزيمة، وبين التحريض على
الثورة ورفض الانهزام، وبالرغم من أن الهزيمة خلّفت ثلما غائرا في نفوس الشعراء
يُشعرهم بالمرارة، إلا أن الكثير منهم تخلى عن الذات وانشغالاتها من أجل الانخراط
في الهم الجماعي، مما أدى في حينها إلى انتعاش ما يُعرف بالشعر الملتزم، أو
الالتزام في الشعر والذي كان شعارا لتلك المرحلة تحاشيا لسقوط أكبر، لقد راج
الالتزام في الشعر ممارسة وتنظيرا، ذلك الشعر الذى يتبنى قضايا الجماعة، يصوّر آلامها،
وآمالها.
لقد انخرط أغلب شعراء هذا الجيل
في ملامسة الحس الجماعي – الوطني، والقومي - ورأى أن الكتابة هي طريق للمقاومة
فـــــــ ليس كفعل القلم اجتماعيا، وتاريخيا بكل ما تنطوي عليه كلمة اجتماعي من
شؤون الأمة، والشعب، والقوم والوطن، والإنسانية.
الشاعر الناقد رجل التربية
الدكتور محمودي الأزهر في كتابه هذا عن المرحوم عثمان لوصيف تألّق في توظيف ثقافته
العربية الواسعة، والإبداعية، الشعرية، ومعارفه النقدية الممنهجة وتوظيف لغة عربية
سلسة رقراقةـ توشّحت بالجمالية، الماتعة، الجاذبة للقارئ.
الكتاب في تقديري بقدْر ما هو
مفيد للباحث، والطالب، والأستاذ؛ فهو لعمري ماتعٌ للمتلقّي الباحث عن جواهر الأدب
العربي.