كتب: بشير خلف
من الافتتاحية: المحتوى الاصطناعي
لِمنْ؟
« في زمن
تتسارع فيه التقنية حدّ الذهول، برز الذكاء الاصطناعي كقوة قادرة على تشكيل الخطاب
الثقافي والإعلامي، لا بوصفه أداة مساعدة فحسب، بل شريكاً خفيّاً في صياغة الوعي
الجمعي. فها نحن نشهد محتوى يُنتج بلا يد كاتبة، وأفكاراً تُنسج بلا تأمل بشري،
فتتداخل حدود الإبداع والتقليد، وينهار الخط الفاصل بين العقل والآلة.
هذه الطفرة الرقمية تطرح سؤالاً:
ـــ هل يمكن لما لا يمتلك وعياً أن يُنتج معرفة ذات روح؟ »
عدد
المجلة ثريٌّ، وماتع .. بعد الافتتاحية يجد القارئ ما يلي:
1ـــ
ملف العدد: المحتوى الاصطناعي لمن؟
تستكتب المجلة العربية الكُتّاب، المثقفين،
الإعلاميين في المساهمة في ملفّ وفق الأسئلة التالية:
في صناعة المحتوى الثقافي والفكري والإعلامي، وذلك من خلال جملة من المحاور، وهي:
•
كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تحسين جودة المحتوى؟
•
هل يُضعف الاعتماد على الذكاء الاصطناعي المهارات البحثية والكتابية للصحفيين
والكتاب؟
•
من يملك الحقوق الفكرية للمحتوى المُنتج عبر الذكاء الاصطناعي؟
•
الفرق بين المحتوى المُنتج بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي والمحتوى الذي يستخدم
الذكاء الاصطناعي أداةً مساعدة.
•
هل يمكن وضع معايير واضحة لتمييز المحتوى الأصلي عن المحتوى الاصطناعي؟
•
كيف يمكن أن يؤثر انتشار المحتوى الاصطناعي على المبدعين والكتاب؟
•
ما الضوابط الأخلاقية التي ينبغي وضعها عند استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج
المحتوى؟
•
كيف تتعامل التشريعات القانونية مع قضايا الانتحال والحقوق الفكرية في هذا المجال؟
•
هل سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تقليص دور الصحفيين والكتّاب، أم سيوفر لهم أدوات
جديدة لتعزيز عملهم؟
•
كيف يمكننا بناء نموذج تكاملي بين الإنسان والذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى؟
ـــ عبقرية المكان في قصص نجيب محفوظ
وفي قصص (نجيب محفوظ) يفرض المكان وجوده عبر
نماذج متعددة أثيرة تمددت في أعماله من الحارة إلى الشارع إلى الميدان، تمثل فضاء
واسعاً ورحباً وشاملاً، كما تتوغل في المكان المحدود المغلق على أسراره وعلى
إحداثيات وجوده، وعلى ظرفية حالة تتسق مع حقب زمنية مختلفة عاصرها وعايشها بحسه
الفلسفي المؤثر، ذلك التساوق المثير لجدل حكاية تتعدى معناها اللفظي والمحكي إلى
أغوار فلسفية ومعادلات قابلة للتأويل والتفسير لما لها من عمق ويسر، وذلك عبر
ثلاثة نماذج قصصية تنتمي بشكل كبير إلى النوع الثاني المغلق من المكان المتقوقع
على أسراره وسحريته، هي: (خمارة القط الأسود)، (تحت المظلة)، (الظلام) حيث تتصاعد
وتيرة سطوة المكان وترتقي حالة من التكامل تميز هذا الواقع الموازي ورؤيته
المغايرة إبداعياً.
أن يكون الترحال فلسفةً، أو العكس، بحيث
تكون الفلسفة هي ذاتها ترحالاً دائماً ومستمراً، وسفراً يبدأ كي لا ينتهي، ومساراً
خُطت انطلاقته لكن من غير أن يكون للحديث عن منتهاه جدوى؛ معناه فهم دلالات أن
يكون المرء فيلسوفاً وحكيماً وجوالاً، كما في حديث هايدغر عن (الطرق التي لا تؤدي
إلى أين)، ضمن إشارته إلى الفلسفة في شقائها النظري الذي يميزها عن غيرها، والتي
لا تصل لمرادها من خلال سلك الطرق الواضحة، وإنما هي تسافر في البدء دون أن تضع
عينها على وجهتها بوضوح، تيمناً بفكرة أن المرء يسافر لا لكي يصل، بل ليجرب
الترحال، أو كما في نصح (أمين معلوف)، بعدم التردد في الانطلاق والسفر بعيداً،
أكان هذا السفر عبر البحار أو الأفكار أو المعتقدات، في إشارة لهذه الروح الفلسفية
التي تتعانق مع فعل التجوال.
4 ـــ فنون: الأزمنة المفككة والاحتمالات العاطفية قراءة نقدية للفيلم الإيطالي (Four to Dinner)
فيلم (أربعة عُــزّاب على العشاء) (Four to Dinner) يُعـدُّ تجربة سردية تنتمي إلى تيار ما بعد الحداثة، حيث يتلاعب
بالزمن والأحداث لتفكيك مفهوم (توأم الروح). ويعرض الفيلم سلسلة من العلاقات
المحتملة بين أربعة أصدقاء، فيطرح تساؤلات جوهرية:
ـــ هل
يمكن أن يكون لكل شخص شريك مثالي؟ أم أن الحب تجربة احتمالية لا تخضع للثبات
المطلق؟
ـــ هل
الانجذاب والانسجام اللحظي من الممكن أن يتحول إلى حياة واقعية ومسؤولة؟
ـــ هل
الحب يخضع لقسوة التجارب ويتشكّل حسب معطياتها ومفاجآتها أم أنه يتنحى من خلال
المنعطفات الأكثر قسوة وواقعية؟
إن الكثير من الاحتمالات والمشاهد المتكررة
لحدث واحد تترك بعض الإجابات لهذه الأسئلة العميقة والوجودية.
القصة الإطار للفيلم، وبطولة الأحداث
تتجاوز القصة
الإطار في الفيلم مجرد كونها مقدمة سردية لتصبح نموذجاً فلسفياً يعكس أزمة الإنسان
المعاصر في البحث عن الحب وسط احتمالات لا نهائية،
5ـــ إبداع: العقل والزخم المعرفي
لقد مَرّت (بالعقل) وعبر العصور أمور
معرفية كثيرة تمثل زخماً معرفياً ضخماً، ومع ذلك لم تسبب له تشويشاً مثلما هو في
هذا العصر مع وسائل التواصل الحديثة، على أن هذه المرحلة الأخيرة قد سبقتها أمور
سببت له قلقاً، ولكنها أشعلته، ولم تُشغِــله، فقد جعلت التفكير أمامه منطلقاً من
خلال تقارب مدارس الأدب، وتعدد أدوات النقد، بحيث لم يعد متوقفاً عند تحليل وتفسير
وتقييم الأعمال الفكرية وفاقاً لمناهج محدّدة، فقد ظهرت أنواع جديدة من النقد
المتخصص، مثل: (النقد التاريخي)، والنفسي، والاجتماعي، والبنيوي، ونقد الأسلوب،
والنقد التفكيكي، والتأويلي، والنسوي، والجمالي، والواقعي، والرمزي، والأيدلوجي،
والثقافي، والإنساني، ونقد التلقي، والاستجابة، والمقارن، والبيئي، والأسطوري،
والأخلاقي، والسيميائي، والظاهراتي، ونقد ما بعد الحداثة، والنقد الفوضوي،
والإلكتروني، والتأريخي الجديد، والتداولي، إلخ ذلك. من الأنواع التي نقلتها
العقلية المتأثرة بالغرب والشرق، ومع تعدد أنواع النقد فقد تعددت أنواع الناقد
تبعاً لهذا التعدد، ناهيك عن تعدد المصطلحات التي ظهرت لقراءة النص، من مثل:
الانتشار، وتشظي النص، والمراوغة، واللعب الحر، ولا نهائية الدلالة، وتناسل
العبارة، والنزيف الدلالي، والتفجير الدائم للمعنى، والانزلاق الدلالي،
والانزياح.. إلخ ذلك، (أما النص)، فهناك النص الظاهر، والخفي، والمغلق، والمفتوح،
والمنفتح، والمتجدد، والمؤثر، والتراثي، والجامع.. إلخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق