إنها مدينة القداسة والروحانيات
كتب: بشير خلف
تمتلك القدس– المدينة الأسيرة المحتلة - سحْرها النادر الخاص، وتمتلك جاذبيتها، وأسئلتها، وتحدياتها، مستـندة إلى رمزيتها المركبة، ووظيفتها الثقافية-الحضارية، وإلى " قدرها " المتكرر بوصفها مدينة الحرب، والسلام معا.
وبوصفها مطمحًا تَطلّع إليه المحتلون، وبنوا من أجله سردياتهم التي أسّست لاحتلالاتهم على مرّ التاريخ.
إنها مدينة كنعانية عريقة القدم، موغِــلة في التاريخ، كما هي أيضا مدينة دينية، جلّلتها القداسةُ، وارتبط بها الوجدانُ الإنسانيُّ كله.
مثّلت قِــبلةً أولى للمسلمين، كأنها الاتجاه المقدس الذي يتطلعون إليه لتجتمع فيه الأبصار، والقلوب، والنيّات، والآمال.
كما مثّـلت موقعًا مُؤثِّـرًا من خلال حضورها في حادثة "الإسراء والمعراج" بوصفها نقطة الرحيل إلى السماء، وباركها ربّنا في كتابه الكريم، القرآن، وما حولها في مُسْتهلّ سورة الإسراء "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" (الإسراء، الآية1).
ارتباطها بالخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وعُهْــدته العُــمرية فقد مثلت دخولها في الإسلام صُلحا، مع الاحتفاظ بطوابعها المسيحية، وبحرّية كنائسها، وعباداتها.
ومذْ ذاك مثلت رمزا صادقا للتسامح، والتآلف بين المسلمين والمسيحيين، وظل المسجد جارا للكنيسة يُحيّي كل منهما الآخر كل يوم.
إنها مدينة الزمان، والمكان، التاريخ، والجغرافيا، السماوي والأرضي، الحرية، والانعتاق، الواقعي، والمتخيل، الشعري والسردي، الممكن، والمستحيل، الواضح، والغامض.
إنها مجمع الثنائيات، وجوهر التقائها.. وهذا شيء من معنى القدس؛ إنها زمانٌ ومكانٌ معًا،.. إنها موضعٌ، وموقعٌ في آنٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق